دائما تحمل الأعمال التي يتم إعادة تقديمها مرة أخرى بالكثير من المقارنات من قبل الجمهور، ويواجه صناع هذه الأعمال تحديا كبيرا بداية من الكتابة ثم الإخراج ثم الممثلين، وهم في رأيي الأكثر مواجهة مع الجمهور بطبيعة الحال.
الفنان خالد النبوي يقدم البطولة لرواية الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس "إمبراطورية ميم"، وهي الرواية التي تم تحويلها لفيلم سينمائي قدمته الفنانة فاتن حمامة في عام 1927، وخالد النبوي سيواجه تحديا ومقارنات لكنه من وجهة نظري المتواضعة قادر عليها بل سينجح فيها ويتفوق وسيقدم الشخصية حسب رؤية المؤلف والمخرج وحسب رؤيته العصرية لطبيعة العلاقة بين أب في عام 2024، وما سيواجهه من تحديات في التعامل مع هذا الجيل وهذا العصر الذي تتلاحق فيه التكنولوجيا كل دقيقة وكل ثانية.
تحدى خالد النبوي في العمل ليس في المقارنة بينه وبين فاتن حمامة، لأن المقارنة لمن سيعقدها ليس لها محل من الإعراب، وليست في مكانها، خاصة أن الشخصية الأساسية في الرواية الأصلية لإحسان عبد القدوس لرجل وليس لسيدة وهذا في صالح خالد النبوي لمن يبحث عن المقارنة.
خالد النبوي ممثل يعرف جيدا كيف يصنع من الشخصية التي يقدمها تفاصيلها وتاريخها ويجعلها من لحم ودم، لدرجة أنك تصدق أنها شخصية حقيقة وهنا عبقرية الممثل في صناعة شخصية من الورق على الشاشة، سنراه في شخصية "مختار أبو المجد"، ذلك الأب والرجل الناجح الذي بدأ حياته موظفا صغيرا ثم تدرج ليصبح بعدها مديرا، فتدور قصة إمبراطورية ميم التي كتبها إحسان عبد القدوس وليس المسلسل لأننا لم نشاهده بعد، حول رجل يفنى العمر من أجل أبنائه الستة، ويدعى هذا الأب محمد مرسي، وأسماء أبنائه تبدأ كلها بحرف الميم ليكون إمبراطورية بأسرته التي تعد جزءًا من كيانه، ويفاجأ بعد 25 عامًا من تربيتهم أنهم يريدون الخروج عن ثوب القيود الذي يضعهم فيه، إذ يواجهون عدم توافق الرغبات بسبب الحلقة المفقودة بين الجيلين، وتستمر الأحداث حتى يدعو الكاتب إلى تأسيس علاقة أسرية قائمة على الحب والحرية.
جدير بالذكر أنه في عام 1972، أعد القصة للسينما الكاتب الكبير "نجيب محفوظ" وقدمها المخرج "حسين كمال" في فيلم يحمل نفس الاسم ويعد من كلاسيكيات السينما المصرية، بعد أن تم تغيير البطلة لتصبح سيدة لعبت دورها الفنانة القديرة "فاتن حمامة"، وبعد أن أضيفت أيضا بعض الإسقاطات السياسية، عن معنى السلطة، والعلاقة مع الآخر، وفي كل الأحوال، فقد كان "إحسان" بقصته تلك يرغب في أن يشير إلى وجود حلقة مفقودة بين جيل الستينيات، والجيل السابق له، ويدعو إلى تأسيس كل العلاقات على الحب والحرية، وهو محور مشروع "إحسان عبد القدوس" في كل رواياته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة