بابتسامة تشبع الروح سعادة كأنفاس الصباح، وروح تتوهج بالفن والإبداع والعطاء، وأيادٍ ماهرة تعمل بنشاط وهمة، تجلس سيدة سبعينية في جراج صغير لا يتعدى بضع أمتار في منزلها بمدينة البدرشين، تمارس هواية الطفولة ببراعة واحتراف، تتأمل بشغف وحب عشرات الفوانيس التي صنعتها أناملها بإبداع يبهرك من سحر جماله.
فرحة محاسن بتصنيع الفوانيس
محاسن محمود تصنع الفوانيس في الجيزة
ستون عامًا وأكثر شاهدة على رحلة محاسن محمود صاحبة الـ72 عامًا مع الخياطة والتفصيل، تلك الهواية التي أحبتها منذ الطفولة وارتبطت بها وعكفت بإخلاص وتفانٍ على التمسك بها والحفاظ عليها لسنوات طوال دون كلل أو ملل، معتمدة على خبرتها ومهارتها وموهبتها التي لم تعرف طريقًا سوى طريق الفن والإبداع.
محاسن محمود تصنع الفوانيس
محاسن محمود فنانة سبعينية تبدع في صناعة الفوانيس
وبينما كانت تضع لمساتها الأخيرة على فانوس صنعته من قماش الخيامية يتجلى منه تباشير شهر رمضان، ومن حولها فوانيس "سمير غانم وفؤاد المهندس وبوجي وطمطم والمسحراتي وبتاع الفول"، حكت "محاسن" حكايتها مع صناعة الفوانيس وغيرها من المشغولات اليدوية، قائلة: "بدأت رحلتي مع الخياطة هواية من وانا عندي 14 سنة، بقالي أكتر من 60 سنة فيها، عرفت المهنة من زوجة عمي، كانت بتخيط وكنت بقعد جمبها أتابعها واشوف شغلها واجيب الهدوم القديمة اللي عندنا في البيت واحاول أقص واعمل نفس التفصيلة اللي عملتها، لحد ما اتعلمت الخياطة.. ماكملتش 6 شهور وبقيت أنا الخياطة البريمو في البلد بحالها، وبقى يجيلي عرايس من كل البلاد اللي حوالينا".
محاسن محمود فنانة تبعد في صناعة الفوانيس
محاسن محمود فنانة سبعينية تبدع في صناعة فوانيس الخيامية
وعن بدايتها مع صناعة الفوانيس وإتقانها الحرفة، قالت "محاسن": "شغل الفوانيس اخدته هواية، كنت بشوف الفوانيس في التليفزيون وأقوم أشوف الخامات الموجودة عندي في البيت وأقيس وأقطع واركب، وطلعت معايا أحلى من اللي شوفتها في التليفزيون، ومع الوقت بقيت أغير في الرسومات وأجدد من الموديلات لحد ما ربنا كرمني وعملت أحسن شغل، وكله على إيدي باستخدام مسطرة وقلم وشمع".
الفوانيس
محاسن محمود تصنع الفوانيس بمنزلها في البدرشين
الحرفة بالنسبة لـ"محاسن" ليست مهنة، بل حالة عشق، ذكريات طفولتها وشبابها: "بعمل كل حاجة، بصنع ركن وستاير العرايس ومفارش وبيجامات وفساتين وجواكت وفوانيس وزينة رمضان، أنا بحب المهنة دي، كل حاجة ليا فيها، باشتغلها بمزاج، لو ما عنديش شغل وعندي وقت فراغ بدور على أي قصاقيص وبواقي قماش في البيت واحاول اعمل منه أي حاجة، فاظة ورد، خددية، طقم سرير، وكل ما الشغل يطلع حلو بيديني دافع أكبر إني أكمل واطور من نفسي واتفنن وابدع أكتر، عمري ما حسيت بملل أو تعب وانا شغالة، كل حاجة بيطلع مقاسها مظبوط بالمللي لأني باعملها بحب".
تصنيع فوانيس الخيامية
محاسن محمود تصنع فوانيس الخيامية
ساعات طويلة تقضيها "محاسن" يوميًا في تصنيع الفوانيس وتنفيذ ما يطلب منها من أعمال خياطة وتفصيل: "يومي بيبدأ يوميًا قبل الفجر بساعة، اقرأ قرآن واصلي واشرب قهوتي وابدأ شغل، لو محل طالب مني طلبية بنفذها في يومين، أجهز الخامات في يوم، وأقيس وأقطع، وأغلف وألحم وأجمع ثاني يوم علطول، ممكن أصنع في اليوم 7 فوانيس، وشغلي بتطلبه المحلات في الشوبك والبدرشين والحوامدية، وفي ناس من أكتوبر والفيوم وحلوان واسكندرية عرفني من زمان وعارفين شغلي وبييجوا يخيطوا عندي علطول".
تصنع "محاسن" فوانيس الخيامية دون غيرها من الأنواع وتبدع في تشكيلها والتطوير من تصميماتها لتواكب تغيرات السواق وأذواق الزبائن: "الفوانيس الصاج ضعيفة ومش بتتحمل، عشان كدة باشتغل شغل رمضان كله بالخيامية، بيعيش ويتحمل وشكله وتصميماته أحلى".
محاسن محمود فنانة سبعينية تبدع في صناعة فوانيس الخيامية
موهبة محاسن محمود في تصنيع الفوانيس
خامات عديدة ومختلفة تستخدم في تصنيع الفوانيس حتى تخرج في صورتها النهائية وتكون جاهزة للعرض، وبها يحدد سعر البيع: "الفوانيس أسعارها بتتراوح ما بين 150 و 550 جنيه، حسب الحجم والمقاس والرسومات المطلوبة، الفانوس الكبير سعره 550 جنيه، تصنيعه بيحتاج 14 شمعة ومتر ونصف قماش وفرعين نور، أما الفانوس الصغير أقل شوية، بيبدأ من 8 شمعات ومتر قماش وفرع نور".
تصميمات مختلفة من فوانيس الخيامية
محاسن محمود ومنتجاتها من الفوانيس
تعتمد "محاسن" في صناعة الفوانيس على خبرتها ومهارتها وحبها للمهنة الذي يمنحها صبرًا وقوة تحمل وشغفًا للعمل: "الفانوس عبارة عن كرتون صلب تقيل وقماش خيامية وشمع وفرع نور، بجيب الكرتون وارسم عليه بالقلم وأقيس بالمازورة وأقطع مقاسات مختلفة من الفوانيس واركن جمبي وبعدين أجيب القماش وأقطع على مقاسات الفوانيس وأجمع وفي الآخر أركب فرع النور.. وقت التصنيع بيختلف على حسب حجم الفانوس، في فانوس ياخد نصف ساعة وفي فانوس ياخد ساعة ونصف تصنيع".
منتجات محاسن محمود من الفوانيس
فرحة الأطفال بالفوانيس
للفوانيس التي تصنعها "محاسن" رونق خاص يجذب زبائنها ويحقق غايتها في إسعاد الأطفال: "أكتر حاجة بتفرحني لما طفل يزورني ويطلع من عندي فرحان ومبسوط ووالدته تدعيلي.. بيطلع من شغلي بواقي كرتون وقماش باستغلها وأجمعها واعمل منها فوانيس صغيرة للأطفال، لما ييجي طفل عايز فانوس ومش معاه فلوس بديهوله وافرحه في رمضان، وكل اللي بييجي من الحبايب لازم ياخد فانوس".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة