- الأمين العام لـ«أوابك»: الدول العربية تتحمل قدرا بسيطا من المسؤولية تجاه ظاهرة تغير المناخ لكنها تساند الجهود الدولية للحد من الظاهرة
- 4 مشروعات كبرى لاحتجاز وتخزين الكربون فى الجزائر والإمارات والسعودية وقطر
- مشروعات تخزين الكربون واسترجاع «غاز الشعلة» تؤكد الدور القيادى لمصر والدول العربية المنتجة للنفط فى التصدى للتغيرات المناخية
يراهن العالم على النجاح فى خفض الانبعاثات الضارة بالبيئة للحفاظ على الأرض من التغيرات المناخية التى يشهدها العالم، وتقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن إنتاج البترول، ما يلقى العبء الكبير على الدول المنتجة للنفط وأغلبها فى المنطقة العربية التى تقوم دولها، وعلى رأسها مصر، بتنفيذ مبادرات لخفض الانبعاثات، ومنها الاستفادة من غاز الشعلة الذى كان ينتج عنه ملوثات بيئة، عبر التقاط الكربون من الهواء واحتجازه خلال عملية إنتاج البترول وتخزينه فى باطن الأرض فى الحقول الناضبة.
احتجاز وتخزين الكربون فى آبار النفط والغاز الناضبة والطبقات الجوفية المالحة.. المصدر: (أوابك)
1- الحقن: ضخ CO2 المضغوط إلي الطبقات الجوفية عبر البئر.
2-الاحتواء: القبة الصخرية الكتيمة تمنع تسرب CO2 إلى الجو.
3- الانحباس: يتحرك CO2 داخل الطبقات الخازنة وينحل في المياه المالحة، أو يمتص في المسامات الصخرية الدقيقة.
4- السدادة: بعد انتهاء عملية الحقن يتم سد فوهة البئر بسدادة أسمنتية لمنع التسرب.
وبحسب تقرير منظمة الطاقة الدولية «IEA» بعنوان «صافى الصفر بحلول عام 2050 خارطة طريق لقطاع الطاقة العالمى»، يساهم احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه CCUS فى الانتقال إلى صافى الصفر بطرق متعددة.
يشمل ذلك معالجة الانبعاثات من مصادر الطاقة الحالية، وتوفير الحلول فى بعض القطاعات، حيث يصعب خفض الانبعاثات مثل الأسمنت، ودعم التوسع السريع فى إنتاج الهيدروجين منخفض الانبعاثات، وتمكين إزالة بعض ثانى أكسيد الكربون من الغلاف الجوى.
وفى حين بلغ إجمالى ثانى أكسيد الكربون المحتجز 45 طن مترى فى عام 2022، فإنه من المتوقع أن يبلغ 1024 طن مترى فى 2030، و2421 طنا فى 2035، ويصل إلى 6040 طن مترى بحلول 2050، وفقا لنسخة منقحة من التقرير صدرت فى سبتمبر 2023.
يقول المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية: إن خفض الانبعاثات وتعزيز التحول إلى أنظمة الطاقة المستدامة ومنخفضة الكربون من العناصر الرئيسية فى رؤية واستراتيجية قطاع البترول فى مصر، تماشيا مع الاستيراتيجية الوطنية «2030»، حيث يعمل القطاع على عدد من المحاور الرئيسية لتحقيق خفض الانبعاثات والتحول الطاقى، مؤكدا أنه جار العمل على الانتهاء من إعداد استراتيجية قطاع البترول للتحول الطاقى وخفض الانبعاثات، مؤكدا أن قطاع البترول يعطى أهمية لمشروعات استرجاع غاز الشعلة، سواء بيئيا من خلال خفض الانبعاثات الكربونية الناجمة عن حرق الغاز، أو اقتصاديا من خلال توفير كميات من الغاز الطبيعى وإعادة استخدامها فى مجالات وأنشطة أخرى.
المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية
يضيف «الملا»، فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»، أنه فى إطار تعزبز سبل التعاون مع المؤسسات العالمية فى مجالات خفض الكربون، انضمت مصر عام 2017 إلى مبادرة «ZeroRoutine Flaring by 2030» الخاصة بوقف الحرق الروتينى للغازات البترولية المصاحبة بحلول عام 2030، كاشفا نجاح شركات قطاع البترول فى تنفيذ 29 مشروعا لاسترجاع غازات الشعلة بمواقع الإنتاج المختلفة لقطاع البترول، مما ساهم فى استرجاع ما يقرب من 65 مليون قدم مكعب غاز يوميا، وتحقيق وفر بلغ 165 مليون دولار سنويا وخفض فى الانبعاثات يقدر بـ1.4 مليون طن/ سنويا.
وتابع وزير البترول: إن المساهمات المحددة وطنيا لمصر NDC، التى تم إصدار التحديث الثانى لها فى 26 يونيو 2023، فقد شملت مساهمة وزارة البترول والثروة المعدنية فى خفض الانبعاثات من خلال تنفيذ مشروعات لاسترجاع الغازات البترولية المصاحبة، وذلك لتحقيق خفض فى الانبعاثات بقيمة 1.68 مليون طن ثانى أكسيد كربون مكافئ بحلول عام 2030.
وفى ضوء جهود قطاع البترول لخفض انبعاثات غاز الميثان، وانضمام مصر للتعهد العالمى للميثان فى المسار المعنى بالبترول والغاز، وإعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى عن الانضمام لهذا التعهد على هامش المشاركة فى منتدى الاقتصاديات الكبرى فى 2022، تم تنظيم حملتين لقياس انبعاثات غاز الميثان فى 35 موقعا يتضمن سلسلة القيمة الكاملة للغاز، ووفقا لنتائج حملات القياس، فإن متوسط نسبة التسريبات فى شركات الغاز بقطاع البترول فى مصر أقل من المتوسط العالمى، حيث تقوم شركات الغاز فى قطاع البترول بتنفيذ برنامج دورى لقياس وإصلاح الانبعاثات.
يشير الملا إلى إعداد «نموذج لإطار خارطة طريق خفض انبعاثات الميثان» بالتعاون مع المركز العالمى للميثانGlobal Methane Hub والاستشارى العالمى «S&P Global» والإعلان عنه فى مؤتمر المناخ COP27 بشرم الشيخ كنموذج يمكن لكل دول العالم تنفيذه، لتحقيق خفض فى انبعاثات الميثان، فى الوقت إلى يؤكد على أهمية البدء فى دراسة الأطر اللازمة من تشريعات وضوابط وبناء القدرات، لدعم وتمكين تطبيق تكنولوجيا ومشروعات التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه فى مصر، مع التركيز على تحقيق الاستفادة الاقتصادية المثلى من غاز ثانى أكسيد الكربون، الذى سيتم التقاطه للإنتاج المعزز من الزيت الخام، حيث تم - بحسب الملا - إعداد عدة دراسات خاصة بتقييم سعات التخزين فى الآبار الناضبة بالتعاون مع الشركاء العالميين لقطاع البترول من مؤسسات دولية كالبنك الدولى وكبرى الشركات العالمية المتخصصة.
يعكف قطاع البترول حاليا على البناء على مخرجات تلك الدراسات لبلورة الأطر الحاكمة، وسياسات ولوائح وقوانين تنظيم مشروعات التقاط الكربون ونقله واستخدامه وتخزينه، والدراسات اللازمة لتقييم أماكن التخزين التحت سطحية ودراسات الأثر البيئى، والقياسات المطلوبة أثناء عمليات النقل والتخزين وفى مرحلة انتهاء عمليات التخزين، وطرق إصدار التصاريح والامتيازات لتخزين غاز ثانى أكسيد الكربون، وذلك بالتعاون مع الجهات العالمية صاحبة الخبرات فى هذا المجال، ووفقا لأفضل الممارسات العالمية والتجارب الدولية الناجحة.
ساهمت مشروعات خفض الانبعاثات والتحول الطاقى، التى ينفذها قطاع البترول كما يقول الوزير المختص فى تحقيق إجمالى خفض بنحو 6 ملايين طن ثانى أكسيد كربون مكافئ سنويا، ويشير الوزير إلى أن قطاع البترول سيستمر فى تنفيذ استراتيجية وخطة عمل القطاع المعنية بخفض الكربون، مؤكدا أنه من المخطط أن يتم تنفيذ مشروعات إضافية لاستغلال غاز الشعلة بما سيحقق وسيزيد من الهدف الكمى، الذى تم إدراجه لقطاع البترول والمساهمات المحددة وطنيا لمصر بما سيحقق وفرا بأكثر من 300 ألف طن ثانى أكسيد كربون مكافئ.
وبحسب المهندس طارق الملا، يعكف قطاع البترول أيضا على دراسة استخدام التكنولوجيات المتقدمة فى تنفيذ مشروع لإنتاج الوقود الحيوى المستدام للطائرات، الذى سيساهم فى دعم تحقيق أهداف إزالة الكربون من قطاع الطيران العالمى الذى يعد من أهم القطاعات على مستوى العالم التى يصعب تخفيف الانبعاثات بها، وذلك لتحقيق الالتزامات الدولية المتعلقة، ومن المتوقع أن يساهم هذا المشروع فى تحقيق خفض 200 ألف طن ثانى أكسيد كربون مكافئ سنويا.
يعمل قطاع البترول بالتعاون مع الشركاء من الشركات العالمية على دعم تنفيذ مشروعات لإنتاج الوقود الحيوى، ضمن مشروعات المسؤولية المجتمعية للقطاع، لكن «الملا» يعود ليؤكد أنه على الرغم من التسارع فى الجهود العالمية للتحول إلى مصادر الطاقة الخالية من الانبعاثات، فإن مصادر الوقود الأحفورى ستظل موجودة ضمن مزيج الطاقة العالمى، خاصة الغاز الطبيعى الذى يعد الوقود الأحفورى الأقل كثافة للانبعاثات.
مشروعات عربية
تلعب منظمة الدول العربية المصدرة للبترول «أوابك» دورا مهما فى التنسيق بين الدول الأعضاء فى خفض الانبعاثات الكربونية، وتشارك فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ بصفة مراقب، وهى عضو رئيسى فى الفريق العربى التفاوضى، وذلك بهدف توحيد الرؤى للدول الأعضاء، وبما يضمن تحقيق التنمية المستدامة بركائزها الثلاث «الجدوى الاقتصادية، وحماية البيئة، والعدالة الاجتماعية»، وكذلك المصالح المشتركة حسب إمكانيات كل دولة عضو.
يقول المهندس جمال عيسى اللوغانى، الأمين العام للمنظمة، فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»: لا يوجد مسار واحد فقط يناسب جميع الدول الأعضاء للحفاظ على البيئة وخفض الانبعاثات الكربونية، بل هناك عدة مسارات تتبعها كل دولة عضو حسب إمكاناتها، ومصالحها، من خلال الاعتماد على التكنولوجيات الحديثة وتطويعها للوصول إلى أهداف خفض الانبعاثات الكربونية، وتشكل مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه استراتيجية بالغة الأهمية فى أغلب مسارات التخفيف وإزالة الكربون، مؤكدا أن المنظمة تقوم بإعداد الدراسات الفنية والمشاركة فى الفعاليات الخاصة بمناقشة تقنيات خفض الانبعاثات الكربونية، حيث قامت مؤخرا بإعداد دراسات فنية حول تقنيات التقاط واستخدام وتخزين الكربون، ودورها فى خفض الانبعاثات فى قطاعى التكرير والبتروكيماويات، وهى دراسات متاحة للمختصين والمهتمين، وتخطط المنظمة لعقد ورشة عمل فى هذا الشأن خلال النصف الأول من هذا العام.
المهندس-جمال-عيسى-اللوغاني-الأمين-العام-لمنظمة-الأقطار-العربية-المصدرة-للبترول-أوابك
المهندس جمال عيسى اللوغاني الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول أوابك
المهندس جمال عيسى اللوغاني الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول أوابك
يضيف «اللوغانى»، أنه إدراكا من الأمانة العامة للمنظمة بأهمية هذه المشاريع، فقد خصصت مجال بحث جائزة أوابك العلمية لعام 2022، لموضوع احتجاز واستخدام وتخزين الكربون.
كما شاركت الأمانة العامة فى مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخى COP27 الذى استضافته جمهورية مصر العربية، ومؤتمر COP 28 بدولة الإمارات العربية المتحدة، ما شكل فرصة جيدة لتسليط الضوء على جهود الدول الأعضاء فى مجال استعراض مسارات خفض الانبعاثات الكربونية، حسب استراتيجية كل دولة وإمكاناتها المتاحة، موضحا أن المنظمة تتابع جهود الدول الأعضاء فى مشاريع وخطط خفض الانبعاثات.
ورغم أن الدول العربية لا تتحمل إلا قدر بسيط من المسؤولية التاريخية تجاه ظاهرة تغير المناخ بحسب اللوغانى، فإنها لا تدخر جهدا لبذل ما يمكنها من أجل مساندة الجهود الدولية الرامية إلى الحد من هذه الظاهرة، حيث تمتلك الدول الأعضاء فى أوابك مخزونا كبيرا من احتياطيات النفط والغاز العالمية، وللحفاظ على مكانتها عملت الدول على الإعلان عن الاستثمار فى خيارات تكنولوجيا الطاقة النظيفة، وإزلة الكربون، وقامت عدة دول مثل السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر، والعراق، والجزائر، والكويت بإدراج تقنية احتجاز الكربون بشكل واضح فى استراتيجياتها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، وأطلقت المملكة العربية السعودية المبادرات الخضراء فى المملكة، والشرق الأوسط، فضلا عن سعى الدول الأعضاء على تطوير خطط الإنتاج المستقبلية مع التركيز على الصناعات النظيفة والمستدامة، إضافة إلى توفر التكوينات الجيولوجية المطلوبة والخبرات لإدارة حقن الكربون تحت سطح الأرض.
يعدد «اللوغانى» المشروعات العربية الحالية مشيرا إلى وجود 4 مشروعات لاحتجاز وتخزين الكربون فى الجزائر، والإمارات، والسعودية، وقطر، منها مشروع عين صالح لاحتجاز وتخزين الكربون فى وسط الجزائر، الذى يعتبر مشروعا عالميا مهما لاحتجاز وتخزين الكربون، حيث بدأت عمليات الحقن الأولية فى عام 2004، ومن المتوقع تخزين نحو 17 مليون طن من غاز ثانى أكسيد الكربون خلال فترة عمر المشروع، بمعدل مليون طن سنويا، وتعتمد آلية التخزين على ضخ غاز ثانى أكسيد الكربون عبر خطوط أنابيب أرضية إلى 3 آبار غاز طبيعى، أسفلها طبقات من المياه المالحة.
وفى دولة الإمارات العربية المتحدة، يتم احتجاز 0.8 مليون طن سنويا من غاز ثانى أكسيد الكربون فى مصنع «حديد الإمارات» فى أبوظبى، ومن ثم حقنه فى حقلى «الرميثة» و«باب» النفطيين التابعين لشركة أدنوك، وذلك ضمن المرحلة الأولى من مشروع الريادة للشركة، وتخطط الشركة لتنفيذ المرحلة الثانية والثالثة بحلول عام 2030، لاحتجاز نحو 2.3 مليون طن سنويا من انبعاثات الكربون من محطة «شاة للغاز الحامض»، ونحو 1.9 مليون طن سنويا من مصنع حبشان وباب لمعالجة الغاز.
وفى مملكة البحرين يبلغ إجمالى كميات غاز ثانى أكسيد الكربون، الذى يقوم قطاع النفط والغاز باحتجازه بواسطة شركة الخليج لصناعة الكيماويات «جيبيك» نحو 0.68 مليون طن سنويا، حيث قامت الشركة بإنشاء أول مصنع فى المملكة فى عام 2010، لاحتجاز غاز ثانى أكسيد الكربون بطاقة 0.64 مليون طن سنويا وهو ما يمثل أكثر من 40% من انبعاثاتها، واستخدامه فى إنتاج الكيماويات.
تستخدم الشركة نحو 0.52 مليون طن سنويا من إجمالى الكمية فى إنتاج الأمونيا، واليوريا، وهو ما ساهم فى زيادة إنتاج اليوريا بنسبة 50%، بينما تستخدم نحو 0.12 مليون طن/ سنة لإنتاج الميثانول، وهو ما ساهم فى تعزيز الإنتاج بكميات بلغت نحو 26 ألف طن سنويا.
وفى المملكة العربية السعودية، تحتجز شركة «أرامكو السعودية» نحو 0.8 مليون طن سنويا من غاز الكربون فى معمل «الحوية»، ويستخدم لإثبات جدوى الاستخلاص المعزز فى حقل نفط العثمانية، كما تحتجز «الشركة السعودية للصناعات الأساسية» نحو 0.5 مليون طن سنويا فى مصنع الإيثيلين بالجبيل واستخدامه فى تعزيز إنتاج الميثانول واليوريا.
بينما تحتجز دولة قطر 2.2 مليون طن سنويا من غاز ثانى أكسيد الكربون من محطة تسييل الغاز فى راس لفان، كما تعمل شركة «قطر غاز» على زيادة معدل احتجاز الكربون إلى 5 ملايين طن سنويا بحلول عام 2025، ومن المتوقع تسريع هذه المرحلة الجديدة لاحتجاز الكربون بعد الإعلان عن توسع حقل الشمال، ليصبح أكبر مشروع فى العالم للغاز الطبيعى المسال، كما تحتجز «شركة قطر للوقود» نحو 0.2 مليون طن سنويا من الكربون لتعزيز إنتاج الميثانول.
أما على نطاق السياسات - كما يقول اللوغانى - فقد أعلنت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية عن إطلاق مبادرات طوعية لسوق الكربون وخطط تنظيمية لتبادل وتداول الكربون، حيث من المتوقع أن يؤدى إنشاء هذه المنصات إلى دفع عجلة سوق الكربون فى المنطقة إلى الأمام، بما يعود بالفائدة على كل تقنيات إزالة الكربون، بما فيها احتجاز وتخزين الكربون.
يؤكد الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول «أوابك»، على أهمية مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين 28 COP فى دبى، لأنه المرة الأولى التى يتم فيها التوصل إلى اتفاق منذ 28 عاما، حيث تم تضمين الالتزام بأول تقييم عالمى لكيفية قيام الدول بتسريع العمل، لتحقيق أهداف اتفاق باريس التاريخى 2015، وخلال الأسبوعين التفاوضيين تمثلت أولى فعاليات المؤتمر بالقمة العالمية للعمل المناخى، التى ضمت 154 رئيسا من رؤساء الدول والحكومات، موضحا أن الدول الأطراف من خلال تلك الجولة التفاوضية الصعبة، إلى اتفاق الإمارات التاريخى إلى مجموعة من القضايا، أهمها الاستجابة لنتائج الحصيلة العالمية، ودعوة الدول الأطراف إلى الخفض التدريجى لاستخدام الوقود الأحفورى بأسلوب منظم وعادل ومسؤول وزيادة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة ثلاث مرات، ومضاعفة كفاءة الطاقة على مستوى العالم بحلول عام 2030، وعليه فإن الاعتراف الدولى بإمكانية استعمال البترول منخفض الانبعاثات هو فرصة يجب انتهازها من الدول الأعضاء فى أوابك.
يضيف «اللوغانى»: إن المداولات فى COP28 توصلت إلى ضرورة وضع هدف جماعى جديد بشأن تمويل المناخ فى عام 2024، وسيمثل هذا الهدف حجر الأساس فى خطط المناخ الوطنية اللازم تقديمها بحلول عام 2025 علما بأن الحد الأدنى لهذا الهدف يبلغ 100 مليار دولار أمريكى فى السنة.
استغلال غاز الشعلة
من جهته، يقول على الجروان، رئيس إحدى الشركات البترولية الإماراتية: إن الشركة تعمل لخفض الانبعاثات واستغلال غاز الشعلة والوصول إلى صفر انبعاثات فى كل مشروعاتها على مستوى العالم، للحفاظ على البيئة من التغيرات المناخية، مضيفا فى تصريحات لـ«اليوم السابع»: وصلنا إلى صفر انبعاثات من خلال استغلال غاز الشعلة فى مشروعات شركة جابكو بخليج السويس، وسنصل إلى صفر انبعاثات فى مشروعاتنا بالعراق، وفى تركمستان بنهاية 2026.على الجروان رئيس إحدى شركات البترول الإماراتيه
يوضح فاروق الزنكى، الرئيس التنفيذى الأسبق لمؤسسة البترول الكويتية، أنه يوجد حاليا توجه فى دولة الكويت لتنفيذ مشروعات التقاط الكربون وتخزينه أو إعادة استخدامه فى الإنتاج الثانوى بضخه فى الحقول لزيادة الإنتاج، مؤكدا أن الاتجاه سيكون بتخزين الكربون فى باطن الأرض بالحقول الناضبة، مضيفا كذلك فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع» أن حرق الغاز خلال إنتاج البترول انخفض بصورة كبيرة، وحاليا يتم استغلاله والاستفادة منه فى عملية الإنتاج، وأن استراتيجية الكويت الاتجاه من النفط الأحفورى إلى طاقة صديقة للبيئة، مشيرا إلى أن الطلب العالمى للنفط سيكون لسنوات طويلة.
دور قيادى.
يقول هيثم الغيص، الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»: إن الدول الأعضاء فى المنظمة برزت فى قضية تحول أنظمة الطاقة عبر دورهم القيادى المهم، لإيجاد حلول مسؤولة وشاملة، فعلى سبيل المثال، أعلنت دولتا المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، عن التوصل لميثاق يهدف إلى خفض انبعاثات الكربون من النفط والغاز خلال الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغير المناخى، التى عقدت فى مدينة دبى، مضيفا فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع» أن 50 شركة تمثل ما يقارب من 40% من الإنتاج العالمى للنفط انضمت إلى هذا الميثاق، مؤكدين التزامهم بأهدافه الرئيسية وهى خفض الانبعاثات الكربونية إلى الصفر بحلول عام 2050 على أبعد تقدير، إضافة إلى وقف العمليات الروتينية لحرق الغاز المصاحب بحلول عام 2030 وخفض انبعاثات غاز الميثان الناتجة من عمليات قطاع التنقيب والاستخراج للنفط إلى قرابة الصفر بحلول عام 2030.
ويتابع «الغيص»: من بين الشركات الموقعة على هذا الميثاق خمس شركات نفط وطنية تتبع الدول الأعضاء فى المنظمة، مضيفا أنه وبفضل ما تمتلكه الدول الأعضاء فى منظمة أوبك من موارد طبيعية هائلة ومتنوعة، بالإضافة إلى قدرات التخزين الجيولوجية والخبرات المتراكمة عبر عقود من الزمن فى قطاع الطاقة، فإن الدول الأعضاء تتمتع بمكانة فريدة من نوعها تسهل من الاستفادة من قدراتها فى تطوير حلول مبتكرة تهدف إلى خفض الانبعاثات، حيث تقوم الدول الأعضاء وبشكل ملحوظ بالاستثمار فى كل التقنيات الحديثة من أجل الاستفادة منها، مثل التقاط وتخزين واستخدام الكربون، والاستخراج المعزز للنفط عبر استخدام ثانى أكسيد الكربون، والالتقاط المباشر للكربون من الهواء، وخطط خفض الانبعاثات عبر تخفيف تركيز الكربون فى جميع قطاعات الصناعة النفطية من التنقيب والاستخراج والنقل والتسويق والتكرير والتصنيع.
تلعب جميع هذه التقنيات دورا مهما فى إنشاء قطاع طاقة مستدام بحسب «الغيض»، لذا ينظر إلى مستقبل الطاقة كاقتصاد كربونى دائرى يهدف إلى خفض الانبعاثات الناجمة من استخدام النفط والغاز، وضمان توفر طاقة نظيفة بأسعار مناسبة، ويعدد الأمثلة، حيث تهدف دولة الإمارات العربية المتحدة، وهى إحدى الدول الرائدة فى هذا المجال، إلى التقاط أكثر من 10 ملايين طن من ثانى أكسيد الكربون سنويا بحلول عام 2030، فهى تدير حاليا أول منشأة لاتقاط وتخزين واستخدام الكربون على نطاق تجار فى العالم فى صناعة الصلب بقدرة تشغيلية لاتقاط الكربون تبلغ 800 ألف طن من ثانى أكسيد الكربون بشكل سنوى.
كما تخطط المملكة العربية السعودية، وهى أيضا من الدول الرائدة فى هذا المجال، لإنشاء أحد أكبر مراكز التقاط وتخزين ثانى أكسيد الكربون فى العالم، ويهدف هذا المشروع إلى التقاط وتخزين ما يقارب 9 ملايين طن من ثانى أكسيد الكربون سنويا بحلول عام 2027 بنحو 44 مليون طن سنويا بحلول عام 2035 بعد أن تتم توسعة المشروع، كما تعمل العديد من الدول الأعضاء فى منظمة أوبك على تطوير منشآت خاصة لالتقاط وتخزين واستخدام ثانى أكسيد الكربون.
تعد منظمة أوبك من أوائل المنظمات الدولية الحكومية، التى حصلت على صفة مراقب فى مؤتمر الأطراف، وكان هذا فى عام 1994 عندما بدأت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخى، وشاركت المنظمة وأعضاؤها بتعمق وحرص كبير فى المفاوضات المتعلقة بالتغيير المناخى، نتيجة لإيمان الدول الأعضاء بمبدأ المسؤولية المشتركة والتأثير الكبير لهذه القضية خاصة على الدول النامية.
يشير «الغيص» إلى أن منظمة أوبك تدعم أعضاءها بتسهيل عملية تبادل المعلومات، خاصة فيما يخص أفضل الممارسات، وهذا الدور الداعم يساهم فى تطوير وتنفيذ استراتيجيات فعالة لخفض الانبعاثات وتنمية صناعة الطاقة بشكل مستدام، مؤكدا أنه على الرغم من أن مجموع انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى فى الدول الأعضاء لمنظمة أوبك أقل من%6.8 من المجموع الكلى للعالم، فإن هذه الدول قدمت مساهمات طموحة للغاية فيما يخص الأهداف الوطنية NDCs بموجب اتفاقية باريس للتغير المناخى، وشملت هذه الأهداف عدة مبادرات ومن ضمنها توليد نصف متطلبات الكهرباء من مصادر متجددة للطاقة بحلول عام 2030 وإنتاج نصف متطلبات الطاقة من مصادر نظيفة بحلول عام 2050.
يوضح هيثم الغيص، أن التقديرات تشير إلى أن المستويات العالمية السنوية لانبعاثات ثانى أكسيد الكربون المرتبطة بقطاع الطاقة ستصل إلى أقل من 38% تقريبا فى عام 2050، إذا تحققت الأهداف الوطنية المحدثة لأطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخى، مقارنة بالسيناريو الأساسى التى استخدمته منظمة أوبك فى تقريرها السنوى «آفاق الطاقة العالمية»، وهذا يعنى أن انبعاثات ثانى أكسيد الكربون لدول أعضاء منظمة أوبك المرتبطة بالطاقة سوف تنخفض أيضا بنحو 25%، مضيفا: وإذا افترضنا أنه تم أيضا استيفاء الاستراتيجيات طويلة المدى لأطراف اتفاقية باريس للتغير المناخى، فإن الانبعاثات العالمية السنوية لثانى أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة ستصبح أقل بنسبة%62 تقريبا مما كانت عليه فى ظل السيناريو الأساسى، لتقرير «آفاق الطاقة العالمية» بحلول عام 2050، وفى هذه الحالة، يتوقع أن تكون انبعاثات دول أعضاء منظمة أوبك أقل بنسبة 45% عما كانت عليه فى السيناريو الأساسى بحلول عام 2050.
هيثم الغيص الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط أوبك
يؤكد «الغيص»، أن منظمة أوبك وأعضاءها يؤيدون مبادئ اتفاقية باريس للتغير المناخى، ومن أبرزها المساواة والمسؤولية المشتركة المتباينة التى تراعى القدرات المختلفة للدول، وأن هذه المبادئ هى أساس إنشاء وتنفيذ اتفاقية باريس للتغير المناخى، وبناء على هذه المبادئ، فإن العديد من أهداف الدول الأعضاء فى منظمة أوبك المتعلقة بالمناخ تتوقف على جهود الدول المتقدمة للإيفاء بتعهداتها بشأن بناء القدرات والمعرفة وتقديم التكنولوجيا والدعم المالى للدول النامية، وهو شرط أساسى لنجاح هذه الجهود العالمية والمرتبطة بتقاسم المسؤولية المشتركة.
مشاريع الطاقة النظيفة
يقول خالد سالم، رئيس إحدى شركات تكنولوجيا وحلول قطاع الطاقة العالمى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: إن تحقيق صافى انبعاثات الكربون يتطلب تحولا جذريا، بينما تتواصل جهود دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو تسريع لمكافحة تغير المناخ واستجابتها للطلب المتزايد على الطاقة فى آن واحد، تحظى مشاريع الطاقة النظيفة بالتالى باهتمام متنام من طرف القطاعين العام والخاص، مضيفا أن بعض التقنيات تصدرت الواجهة، لما لها من دور بارز فى تعزيز قدرات قطاع الطاقة المستدامة، ومن بينها، التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه، وإنتاج الهيدروجين، ومحطات الطاقة ذاتية التشغيل.
يشير «سالم» إلى أن الشركة تعمل على تعزيز التحول الطاقى بحلول تتسم بالموثوقية والفعالية والتطور، وتتبنى استراتيجيات متقدمة لتسريع عملية الحد من الكربون فى قطاع الطاقة، مؤكدة التزامها بضمان مستقبل موثوق ومستدام للطاقة من خلال نهج يجمع بين الابتكار الدائم والخبرة العميقة، وتكرس الشركة جهودها - بحسب سالم - لتزويد عملائها فى المنطقة بحلول طاقة متطورة ونظيفة مبنية علن خبراتها الممتدة لأكثر من قرن من تطبيق العلوم الهندسية والابتكارات، وتوفير بنية تحتية قوية وموثوقة ومرنة للطاقة، بما يدعم جهودهم نحو بناء اقتصاد خالٍ من الكربون.
يوضح «سالم»، أن الشركة تنفذ مشروعا رئيسيا فى مصر لتسريع خفض الانبعاثات، بالتعاون مع شركة دمياط لإسالة الغاز الطبيعى يهدف إلى الارتقاء بمستويات الكفاءة التشغيلية لمحطة الإسالة «DLNG» بميناء دمياط من خلال ضمان توافر إمدادات الطاقة المطلوبة لعمليات إنتاج الغاز الطبيعى المسال فى المحطة، مضيفا أن شركة ميتسوبيشى للصناعات الثقيلة، أعلنت وفى خطوة استباقية رؤيتها لتحقيق الحياد الكربونى بحلول عام 2040 على مستوى جميع عملياتها.
بينما يقول الدكتور عطية عطية، عميد هندسة الطاقة والبيئة بالجامعة البريطانية: إن مصادر الكربون طبيعية وصناعية، والطبيعى ينتج تنفس الكائنات الحية والبراكين، والصناعى ناتج عن حرق البترول والغاز فى النقل والكهرباء وصناعة الأسمنت وغيرها، وتتطلب معالجة الانبعاثات الكربونية استخدام التكنولوجيا المتقدمة لاتقاط الكربون من الجو وتخزينه ودفنه فى باطن الأرض، ولكى نقلل من تأثير ذلك يمكن استخدام ثانى أكسيد الكربون فى إعادة حقنه لتحسين إنتاج البترول والغاز.
ويوضح «عطية»، ضرورة الاهتمام باستخدام الطاقات الجديدة والمتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين فى توليد الكهرباء ووسائل النقل، وتشجيع بناء المدن صديقة البيئة التى تعتمد على الطاقات المتجددة من أجل تقليل الغازات الدفينة، مشيرا إلى أن التحدى الأكبر فى تحقيق انتقال آمن للطاقة مع تخفيض الانبعاثات الكربونية، مع سير العالم حاليا بإتجاه التحول فى الطاقة باستخدام مزيج الطاقة وتشمل الوقود الأحفورى والطاقات المتجددة والوقود الحيوى.
ويرى «عطية»، أن الغازات المنبعثة من الشعلة التى تكون نتيجة حرق الغازات المصاحبة للبترول، هى مصدر كبير من مصادر التلوث، لما تحتويه من غاز ثانى أكسيد الكربون وغيره من الغازات الدفيئة، لذا اتجه العالم إلى معالجة هذه الغازات التى تصدر من الشعلة وإعادة استخدامها فى توليد الكهرباء أو صناعة البتروكيماويات، مؤكدا أن مصر بدأت فى العمل على معالجة هذه الانبعاثات، وتتطلع إلى تكثيف العمل لنرى انبعاثات صفرية.
احتجاز وتخزين الكربون فى آبار النفط والغاز الناضبة والطبقات الجوفية المالحة.. المصدر: (أوابك)
1- الحقن: ضخ CO2 المضغوط إلي الطبقات الجوفية عبر البئر.
2-الاحتواء: القبة الصخرية الكتيمة تمنع تسرب CO2 إلى الجو.
3- الانحباس: يتحرك CO2 داخل الطبقات الخازنة وينحل في المياه المالحة، أو يمتص في المسامات الصخرية الدقيقة.
4- السدادة: بعد انتهاء عملية الحقن يتم سد فوهة البئر بسدادة أسمنتية لمنع التسرب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة