يعتبر التصحر من أهم الكوارث التى تهدد مظاهر الحياة المختلفة، فهو عبارة عن اختلال فى توازن العناصر المختلفة المكونة للنظم الإيكولوجية وتدهور خصائصها الحيوية وانخفاضها بدرجة كبيرة حتى لا تفى بالاحتياجات الضرورية للإنسان والحيوان خاصة الغذاء.
وعادة يكون التصحر نتيجة مباشرة لسوء استغلال الإنسان للعناصر البيئية والتي ينتج عنها سلسلة من التغيرات التدهورية في الغطاء النباتي وتغير في المناخ، مما ينتج عنه ظروف جديدة هشة وأكثر حساسية، الأمر الذي يهيئ مضاعفة وزيادة تولد الظروف البيئية غير الملائمة ومضاعفة تأثيرها سلبا، وغالبا ما تحدث ظروف التصحر في المناطق الحرجة والقابلة للتصحر"المناطق الجافة وشبة الجافة".
وكشف تقرير لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى أسباب التصحر ومن أهمها التغيرات المناخية من أسباب مشكلة التصحر، حيث تتسم النظم البيئية الجافة، وشبه الجافة باحتمالية تعرضها لكميات متفاوتة، أو ضئيلة من الأمطار، وبالتالي فإن مثل هذه التغيرات المناخية قد تؤدي لحدوث الجفاف لفترات طويلة، الأمر الذي سيقلل الإنتاجية البيولوجية لتلك النظم البيئية بشكل سريع، وقد تستمر هذه التغييرات لفترات مؤقتة، كموسم واحد فقط، أو قد تستمر على مدى سنوات وعقود، علمًا أن النباتات والحيوانات تستفيد من الفترات المطيرة بسرعة، ويمكن أن تزداد إنتاجيتها بسرعة خلال هذه الأوقات.
وأوضح التقرير أن تراجع الغطاء النباتى، أيضًا من أهم الأسباب و يحدث التصحر عند تدهور الغطاء النباتي، واستبدال الأراضي العشبية الممتدة بالشجيرات المتباعدة، والنباتات الشائكة، الأمر الذي يؤدي إلى ترك مساحات كبيرة من التربة المكشوفة، لذا تتركز موارد التربة حول النباتات الكبيرة بشكل كبير، وتصبح الظروف البيئية لمعظم الكائنات الحية في المناطق العارية أكثر صعوبة، علمًا أن هذه الأسطح المكشوفة تصبح معرضة لمزيد من التدهور من خلال التآكل، وارتفاع درجات الحرارة، والتبخر.
كما يمكن أن يحدث التصحر عندما تترك المناطق المزروعة، وتتغير حالة التربة، بحيث تحول دون إصلاح النظم الإيكولوجية الطبيعية، وتشمل هذه التغيرات التآكل، وزيادة الملوحة من الري، وفقدان الكائنات الحية في التربة.
ومن أهم الأسباب إجهاد التربة الذى يعد السبب الرئيسي للتصحر حيث يسبب فقدان التربة للعناصر الضرورية فيها ولفترات طويلة، الأمر الذي يؤدي إلى تدهور التربة، إذ إن التربة الصحية والمنتجة هي تلك التي تكون غنية بالمواد العضوية، والتي يطلق عليها اسم "الدبال"، حيث يتشكل الدبال عندما تقوم الكائنات الحية الدقيقة، والفطريات بتحليل المواد العضوية كالنباتات، والحيوانات الميتة، لتتحول بعدها إلى تربة غنية بالعناصر الغذائية الأساسية: كالكربون، والنيتروجين، والفوسفور، والكبريت كما يرجع إجهاد التربة أيضًا إلى عدم تنوع المحاصيل "منظمة الأغذية والزراعة 2018".
كما أن طرق الزراعة غير المستدامة من الأسباب حيث يساعد الاستخدام السليم للأسمدة الكيميائية، وتناوب زراعة المحاصيل على تزويد التربة بكمية كافية من المواد العضوية الضرورية، لتعزيز حياة الكائنات الحية الدقيقة فيها، ولكن في حال تم استخدام الأسمدة الكيميائية بكثرة، ولم يتم عمل دورات زراعة بشكل صحيح، أو عند اتباع أساليب رى غير سليمة، فإن ذلك كله سيساهم فى إزالة العناصر الضرورية من التربة، وفي حال قلت كمية الدبال في التربة السطحية، فستصبح التربة حينها إما مضغوطة، أو مفككة بشكل كبير، ويمكن لكلا الأمرين أن يؤديان إلى حدوث تأكل مدمر للتربة، فلا تستطيع النباتات النمو عندما تتحلل التربة، مما يعني عدم وجود محاصيل غذائية للإنسان، ولا محاصيل لرعي الحيوانات.
أوضح التقرير أن الزيادة المضطردة لعدد سكان العالم تعتبر من أهم الأسباب وراء حدوث التصحر، وخصوصا في البلدان النامية، حيث شهدت مناطق الأراضي الجافة في فترة التسعينيات نموا سكانيا بنسبة 18.5%، حيث كان معظمها في الدول الفقيرة جدا، والدول النامية، ومع صراعهم اليومي من أجل البقاء على قيد الحياة، أصبح هؤلاء السكان الذين يزدادون في العدد عبئا مميتا على بيئتهم.
و أشار التقرير إلى أن الرعى الجائر يؤثر الحيوانات التي تعتمد على الرعي تأثيراً سيئا على البيئة، حيث تعتبر الأعشاب ضرورية لتثبيت التربة السطحية في مناطق الأراضي الجافة، وعندما يسمح للحيوانات بالرعي غير السليم، فإنها ستأكل جميع أعشاب المنطقة، وتعرض التربة السطحية إلى قوى تأكل مدمرة، مثل الرياح، والعواصف الرعدية المفاجئة.
أضاف التقرير أن إزالة الغابات تساهم إسهاماً مباشراً في حدوث التصخر، فدون وجود النباتات، والأشجار ، سيكون هناك فرصا ضئيلة، أو معدومة للكائنات الحية للتكاثر، أو حتى للبقاء على قيد الحياة، وعادة ما تحدث هذه المشكلة عندما ينتقل الناس إلى مناطق جديدة غير مأهولة، فيتم قطع الأشجار فيها، لأغراض البناء والضروريات الأخرى.
كما أن التمدن من أسباب مشكلة التصحر حيث يساهم في اختفاء الغطاء النباتي، فالتحضر يؤدى إلى إلحاق الضرر بالتربة، بفعل المواد الكيميائية، والعوامل السامة الأخرى التي يستخدمها الأشخاص، كما أن النباتات لا تمتلك مساحة كافية للنمو في المناطق الحضرية، مما سيؤدي إلى حدوث مستويات مختلفة من التصحر.
كما أن سوء استثمار واستغلال العناصر البيئية الطبيعية تساهم في حدة التصحر والتزايد المستمر خاصة مع التزايد السكاني الكبير الذى شهده العالم وكذلك ارتفاع المستوى المعيشي والاقتصادي والاجتماعي النسبى وما ترتب عليه من ازدياد في الاستهلاك ، وزيادة الطلب على الموارد البيئية الطبيعية بشكل عام والمنتجات الزراعية بشكل خاص، و ذلك أدى إلى توسيع رقعة استغلاله للعناصر البيئية ولاستغلال مناطق هشه وحساسة وغير مستقرة تمتاز بعدم تحمل النظم البيئية بها لهذا الاستغلال المكثف له عناصرها الطبيعية مما أدى إلى اختلال اتزانها الطبيعى مما كان سببا في تزايد سرعة عمليات التصحر وازدياد حدوثها.
وتؤدى حركة الآلات بشكل كبير في المناطق الصحراوية حيث تتسبب في تدمير الغطاء النباتي وتدهور التربة.
و يؤدى الرى المفرط فى ظل المناخ الجاف خاصة إلى ترسب الأملاح على سطح التربة. كما أن تدني كفاءة قنوات الري: يعمل الماء المهدر على تملح التربة المروية وزيادة مشاكلها "التقرير الإقتصادى العربى الموحد : 2015".
و تسبب الزراعة الحدية أيضاً التصحر و هذا النوع من الزراعة منتشر على أطراف المناطق الجافة، وتعتمد تلك الزراعة على الأمطار التي تتساقط بشكل متذبذب مما يؤدي فى بعض الأحيان إلى فشل الزراعة وزيادة سطح التربة تفككا وتعريض الأرض لعناصر المناخ المختلفة وتطاير المادة العضوية الموجودة به.
ويتسبب استغلال المناطق الصحراوية فى الأغراض الترفيهية، إلى التأثير في الغطاء النباتى، ووجود خلل فى التوازن البيئى مما يعرض تلك الأرض للتصحر.
كما أن التلوث من أسباب مشكلة التصحر يشمل تلوث الماء والهواء والتربة، بالإضافة إلى زحف الكثبان الرملية التي تغطى الحرث والزرع بفعل الرياح.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة