في أعماق خليج أبو قير، حيث تتداخل مياه البحر مع أسرار الماضي، كانت هناك كنوز تنام بين الرمال منذ العصرين اليوناني والروماني، شاهدة على حضارة مجدها الزمن وطمع فيها البشر.
ولكن اليوم، جاءت الحقيقة لتطفو إلى السطح، حيث تمكنت وزارة الداخلية من إحباط محاولة تهريب 448 قطعة أثرية نادرة، ليُسجل انتصارا جديدا للعدالة على جشع المهربين.
جانب من المضبوطات
لا صوت يعلو فوق صوت الجريمة إلا صوت العدالة، فبين زوايا التحقيقات الدقيقة، رصدت أجهزة الأمن بالتنسيق بين قطاعي الأمن العام والسياحة والآثار نشاطًا مشبوهًا لشخصين من الإسكندرية، أحدهما بسجل جنائي حافل، يتلاعبان بثروات الوطن وكأنها بضاعة معروضة للبيع، كانا يخبئان في جعبتهما إرثًا تاريخيًا لا يقدر بثمن، جمعاه بوسائل غير مشروعة من قاع البحر.
خطوات القانون تحسم المعركة
بعد تأكيد المعلومات وتقنين الإجراءات، شنت أجهزة الأمن حملة محكمة للإيقاع بالمشتبه فيهما، وفي عملية نوعية، جرى ضبطهما في الإسكندرية، ومعهما 448 قطعة أثرية تعود لعصور ازدهرت ثم اختفت، لكنها بقيت لتحكي قصة البشر والحضارة.
الكنوز المضبوطة.. لغة النقوش تتحدث
كأن الزمن أرسل رسائله عبر القطع المضبوطة، حيث تضمنت المضبوطات: 53 تمثالًا عليها نقوش متنوعة و3 رؤوس تماثيل تجسد هيبة الماضي، و12 حربة برؤوس آدمية كأنها تحرس الزمن. و14 كأسًا من البرونز، ربما ارتوت منها عظماء الحضارات. و41 بلطة مزينة بالنقوش وكأنها أدوات للحرب والسلام و20 قطعة برونزية أخرى تحمل في طياتها أسرارًا لا تزال غامضة و305 عملات معدنية نقشت عليها ذاكرة اليونان والرومان.
أحد المتهمين والمضبوطات
حين أُحكمت الحلقة حولهما، لم يكن أمام المتهمين سوى الاعتراف، أقرّا بحيازتهما للقطع الأثرية بقصد الإتجار، وكشفا عن الطريقة التي حصلا بها على تلك الكنوز.
كانا يغوصان في أعماق خليج أبو قير، يبحثان عن بريق الثروة في قاع البحر، دون اكتراث لما يحمله ذلك من اعتداء على تاريخ الوطن.
بعد عرض القطع المضبوطة على الجهات الأثرية المختصة، جاء التأكيد الذي لا يدع مجالًا للريبة، جميع القطع أثرية تنتمي إلى الآثار الغارقة في خليج أبو قير، وتعود إلى العصرين اليوناني والروماني، حيث كانت مصر جسرًا للحضارات ومصدر إلهام للعالم.
بين أمواج البحر التي حملت أسرار الماضي وسطور القانون التي تحمي ثروات الحاضر، تنتصر مصر مرة أخرى في معركتها ضد لصوص الحضارة.
هذه القضية ليست مجرد نجاح أمني، بل هي تأكيد على أن تاريخ مصر ليس للبيع، وأن القانون سيبقى دائمًا الحارس الأمين على إرثها، مهما تعالت أصوات الجشع.
وهكذا تعيد وزارة الداخلية صياغة الحكايات؛ حين يغفو الجشعون في غياهب السجون، وتعود الكنوز إلى حيث تنتمي إلى الوطن.
المضبوطات
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة