ارتباك واضح شهدته دوائر صنع القرار في الدول الأوروبية والغربية حيال اللاجئين السوريين منذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، فما بين متابعة لتطورات المشهد السوري والدعوة لمراجعة آليات منح الوافدين السوريين حق الإقامة، أو الشروع في دعوة السوريين المتواجدين بالفعل للعودة إلى بلدهم ، وما بين استغلال أحزاب اليمين الأوروبي لهذا الملف لجني مكاسب سياسية ، مقابل التحذير من نقص حاد في الأيدى العاملة حال خروج السوريين ، تزايدت تعقيدات المشهد في الداخل السوري ، وفى عواصم الدول الأوروبية ، بل وفى أوساط اللاجئين السوريين أنفسهم.
قلق أوروبي من نقص الأيدى العاملة
وفي وقت يحتفل فيه العالم باليوم الدولي للمهاجرين، تتوقع الأمم المتحدة، عودة مليون لاجئ سوري إلى بلدهم خلال الأشهر الستة المقبلة، بعد أن هربوا منها خلال فترة حكم بشار الأسد، في وقت سارعت دول أوروبية إلى تعليق دراسة طلبات لجوء السوريين، ودعت أحزاب مناهضة للهجرة لإعادتهم إلى بلدهم، مقابل تحذيرات من نقص في اليد العاملة داخل تلك الدول.
وفي ألمانيا، حقق السوريون بين عامي 2013 و2019 معدل توظيف بلغ 61% بعد سبع سنوات من وصولهم، ومنذ سبتمبر 2024، كان نحو 287 ألف سوري يعملون في ألمانيا، وفقا لتقرير صادر عن معهد أبحاث التوظيف قبل أيام الذي أشار إلى أن عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم ستزيد حدة النقص في اليد العاملة ضمن قطاعات حيوية، مثل الصحة والنقل والخدمات اللوجستية.
وتعمل نحو 30% من اللاجئات السوريات في قطاعات الخدمات الاجتماعية والثقافية، بما في ذلك التعليم ورعاية الأطفال، بينما تعمل واحدة من كل عشر نساء في قطاع التجزئة.
وبحسب وسائل إعلام ألمانية ، قال فرانك فيرنكه رئيس نقابة فيردي العمالية في ألمانيا: "الكثير من السوريين اندمجوا وأصبحوا جزءا من سوق العمل هنا، وهم مهمون بالنسبة لنا.. الآن يفكرون في العودة إلى بلدهم، وهذا يحتاج لدراسة مستفيضة"
وبحسب تقرير لقناة الحرة، ففي تركيا ، يقدر عدد السوريين المسجلين تحت وضع الحماية المؤقتة في تركيا نحو 3.1 مليون شخص حتى 29 أغسطس 2024.
ومن بين 2.16 مليون سوري في سن العمل في تركيا، يُقدّر أن مليون شخص يشاركون في سوق العمل، ومعظمهم يعملون بشكل غير رسمي في وظائف منخفضة المهارة والأجر، وفق تقرير لمنظمة العمل الدولية الذي أشار إلى أن متوسط أجور الرجال السوريين 1,337 ليرة تركية - أي أقل بنسبة 5% من الحد الأدنى للأجور المعمول بها في عام 2017 - بينما بلغ متوسط أجور النساء السوريات 1,083 ليرة تركية.
وفي المتوسط، كانت أجور النساء السوريات أقل بنسبة 25% تقريبا من الحد الأدنى للأجور. علاوة على ذلك، عمل 75% من العمال السوريين لأكثر من 45 ساعة أسبوعيا في عام 2017، بينما كان لدى 9.8% منهم أسابيع عمل قاسية تجاوزت 70 ساعة.
منذ بداية الحرب في سوريا سنة 2011، ترك أكثر من نصف السوريين ديارهم، أي 13 مليون شخص، بحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين. وقصد الجزء الأكبر من اللاجئين السوريين المقدّر عددهم بنحو 6 ملايين، بلدانا مجاورة، مثل لبنان وتركيا والأردن ومصر والعراق، في حين فرّ آخرون إلى أوروبا.
اليمين يرفع كارت أحمر في وجه اللاجئين السوريين
التحذيرات الغربية من نقص العمالة ، قابلتها حملات واسعة قادتها أحزاب اليمين وممثليهم داخل الحكومات الغربية تدعو إلى ضرورة خروج السوريين ، ففي ألمانيا ، اقترح النائب المحافظ ينس سبان، استئجار طائرات وتخصيص مبلغ قدره 1000 يورو لكل من يريد العودة إلى سوريا.
فيما قالت أليس فايدل زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا إن "أي شخص يحتفل بسوريا الحرة في ألمانيا لم يعد لديه سبب للبقاء، وعليه العودة إلى سوريا فورا.
وفي النمسا ، وقبل أسبوع أعلنت وزارة الداخلية النمساوية، أن المستشار المحافظ كارل نيهامر أصدر تعليماته، للوزارة "بتعليق كل طلبات اللجوء السورية المفتوحة ومراجعة" كل الحالات التي منحت حق اللجوء.
وقال وزير الداخلية جيرهارد كارنر إنه أصدر تعليمات للوزارة بإعداد برنامج ترحيل منظم إلى سوريا.
وأشارت الوزارة إلى أن الوضع السياسي في سوريا تغير جذريا، مع تسارع مفاجئ للأحداث في الأيام الأخيرة، مضيفة أنها تتابع الوضع الجديد حاليا.
وفي لندن ، أعلنت وزارة الداخلية البريطانية أن لندن علقت مؤقتا درس طلبات اللجوء للسوريين إلى أن يتسنى تقييم الوضع الحالي بعد سقوط الرئيس السوري، فيما قالت وزارة الداخلية الفرنسية إنها تعمل على تعليق طلبات السوريين للجوء بعد سقوط الأسد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة