في مشهد يعيد إلى الأذهان أحداث فيلم "الجزيرة" الشهير، الذي أسس لدراما حقيقية مستوحاة من قصة عزت حنفي، تروي أحداث الواقع في محافظة أسيوط فصولًا جديدة من معركة الدولة ضد الإجرام، فقد تحولت جزيرة نيلية في قلب الصعيد إلى بؤرة زراعة المخدرات، حيث أصبحت الأرض الخصبة ملاذًا لعدد من العناصر الإجرامية الذين حولوا هذه الجزيرة إلى معمل زراعة للأفيون والبانجو، في خطوة تتجاوز فيها خيوط الجريمة حدودًا جديدة.
كما في فيلم "الجزيرة"، الذي أبدع فيه أحمد السقا في دور عزت حنفي، حيث حول جزيرته إلى مركز لزراعة الأفيون وتجارة المخدرات، جاء الواقع ليكون أكثر قسوة، فقد وردت معلومات دقيقة إلى الأجهزة الأمنية في مديرية أمن أسيوط عن نشاط مجموعة من المجرمين الذين يزرعون المخدرات على جزيرة نيلية بعينها، فكانت الاستجابة سريعة، حيث تكاتف رجال الأمن بمختلف قطاعاتهم استعدادًا لإخماد هذا الخطر المحدق.
وبدأت القصة الواقعية عندما أرسلت الأجهزة الأمنية قواتها إلى الجزيرة، ليبدأ سيناريو من المواجهة العنيفة، كانت عناصر الجريمة في الجزيرة مستعدة للدفاع عن مصدر رزقهم المسموم، فبادرت بإطلاق الأعيرة النارية على القوات، لكن الإرادة الأمنية كانت أقوى من نيرانهم، وأسفرت المواجهة عن مصرع عنصرين من الجناة، بينما تم ضبط كميات ضخمة من المخدرات، مثل الحشيش والبانجو والشابو، إضافة إلى بذور البانجو وأسلحة نارية وذخائر غير مرخصة، كما تم تدمير 6000 شجرة من نبات الأفيون والبانجو، لتعود الأرض إلى طبيعتها الخالية من سموم الجريمة.
يقول اللواء دكتور علاء الدين عبد المجيد، الخبير الأمني، إن القضاء على "جزيرة الأفيون" في أسيوط لم يكن مجرد انتصار للشرطة، بل هو إعلان عن انتصار للعدالة والقانون، فقد سقطت جزيرة الإجرام، التي كانت مصدرًا للتدمير المجتمعي، تحت وطأة الإجراءات الحاسمة، ليتم استئصال خلايا الجريمة التي كانت تنخر في جسد المجتمع.
ومن اللافت أن هذا الحدث يعيد إلى الأذهان مشهدًا من فيلم "الجزيرة"، الذي قدم فيه أحمد السقا شخصية عزت حنفي، الرجل الذي تحول إلى تاجر مخدرات وأسلحة ، بينما تظل الحقيقة أقسى من أي دراما، حيث تنشأ أحيانًا تلك الجزر المشؤومة فيتم مواجهتها بكل قوة وحسم.
يقول اللواء رأفت الشرقاوي مساعد وزير الداخلية الأسبق، أثبتت هذه العملية الأمنية الأخيرة، أن يد الدولة طويلة، وأن القانون سيظل هو الكلمة العليا، مهما حاولت عناصر الجريمة التسلل إلى الأرض والسماء، وعلى الرغم من المخاطر والصعوبات التي تواجهها الأجهزة الأمنية، فإن هذه العملية تبين بوضوح أن مصر ماضية في حربها ضد المخدرات والجريمة، التي تهدد حياة الأفراد وتدمّر المجتمعات.
وها هي أسيوط، التي طالما شهدت صراعًا بين الحق والباطل، تشهد الآن فجرًا جديدًا، حيث تختفي فيها جزيرة الأفيون، وتنقشع سمومها تحت عيون رجال الأمن، لتظل الأرض النيلية مزروعة بالأمل بدلاً من المخدرات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة