غيب الموت عن عالمنا الفنان الكبير نبيل الحلفاوي، الذي أضاء شاشة الفن بموهبته الفذة وجديته في تقديم أدواره، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا من الأعمال التي خلدت اسمه في ذاكرة الأجيال.
رحيل هذا الفنان الذي ولد في حي السيدة زينب في 22 إبريل 1947، جاء ليغلق فصلًا من تاريخ الفن الذي كانت له بصمات كبيرة في مجال التمثيل والمسرح والتلفزيون والسينما.
كانت آخر مشاركاته الفنية في فيلم "تسليم أهالي" الذي عرض في عام 2022، حيث ظهر كضيف شرف في أحداث العمل، الذي قامت ببطولته النجمة دنيا سمير غانم والنجم هشام ماجد، في مشهد أثبت أنه حتى في أواخر أيامه، كان الحلفاوي قادرًا على ترك بصمة قوية في أي عمل يشارك فيه، فقد قدم الراحل العديد من الأعمال الفنية التي أصبحت علامات فارقة في تاريخ الفن، وكان دائمًا صاحب حضور قوي لا ينسى.
بداية الفنان الراحل لم تكن مجرد اختيار مهني، بل كانت انعكاسًا لشغف عميق بالفن، فقد تخرج من كلية التجارة إلا أن شغفه بالتمثيل دفعه إلى الالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، حيث تخرج عام 1970، ليبدأ مشواره الفني من على خشبة المسرح قبل أن يخطفه التلفزيون والسينما.
قدّم أعمالًا تلامس القلوب والعقول، وكان له دور بارز في العديد من الأفلام والمسلسلات التي تميزت بقدرته الفائقة على تجسيد شخصيات متنوعة، كل منها يترك أثراً خاصاً في الذاكرة الجماعية للمشاهدين.
من أفلامه البارزة التي أضحت خالدة في تاريخ السينما المصرية: "وقيدت ضد مجهول"، "الاواباش"، "ثمن الغربة"، و"الطريق إلى إيلات"، وهو الفيلم الذي قدم فيه واحدة من أروع مشاهده، عندما قام بتوسيع فوهة اللغم في مشهد أبقى أنفاس الجمهور محبوسة في مشهد من أروع مشاهد التوتر والإثارة، كما لا ينسى له دوره في "رأفت الهجان" الذي نقلنا من خلاله إلى عالم الجاسوسية والتضحية، ليجسد دورًا يعكس معاني الفداء والوطنية في أنبل صورها.
في التلفزيون، كان الحلفاوي حاضرًا بقوة في أعمال مثل "غوايش"، و"دموع صاحبة الجلالة"، و"زيزينيا"، حيث تجسد في "غوايش" شخصية الأخ الصعيدي الصارم التي بقيت في أذهان محبيه لسنوات طويلة.
وعلى الرغم من تنوع أدواره بين الجاد والكوميدي، كان دائمًا ما يُعرف بقدرته على فرض احترامه على الشاشة بفضل جديته، وهو ما جعله واحدًا من أعمدة الفن المصري.
وكان الحلفاوي لا يكتفي بالتألق على الشاشة فقط، بل استطاع أن يظل قريبًا من قلوب محبيه حتى في أواخر أيامه، فقد كان يعبر عن أفكاره وآرائه على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كانت كتاباته تلقى رواجًا كبيرًا بين متابعيه، فتجمع بين خفة الظل والحكمة التي عُرف بها.
ومع كل هذا العطاء الفني العظيم، جاء رحيله ليشكل صدمة كبيرة لجميع محبيه الذين وجدوا في أدواره مصدر إلهام، وتذكيرًا بأهمية المثابرة والجدية في الحياة، لقد ترك نبيل الحلفاوي في رحيله فراغًا كبيرًا، لكن أعماله ستظل تخلد اسمه في قلوبنا، وتظل شخصياته تعيش معنا في كل مرة نعيد مشاهدة أفلامه ومسلسلاته. كان بحق رمزًا للفن الراقي، الذي يبقى مع الزمن ولا يتلاشى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة