ينتظر العالم موعد قدوم السنة الجديدة 2025 لممارسة العديد من الاحتفالات، وأيضًا الحديث مع خبراء الفلك لمعرفة توقعات الأبراج خلال العام كنوع من أنواع التفاؤل بالمستقبل، ومثلما نفعل الآن قد سبقنا المصريون القدماء منذ آلاف السنين فى ممارسة احتفالاتهم الخاصة المتشابهة معنا أيضًا، وأيضًا إيمانهم بالحظ والتشاؤم، ومن هنا تواصلنا مع الدكتور حسين عبدالبصير لمعرفة كل ما يتعلق بالسنة الجديدة فى حياة المصرى القديم.
قال حسين عبدالبصير عالم المصريات: إن رأس السنة فى مصر القديمة كان يعد من أهم الأعياد الدينية والاجتماعية، التى تعكس الارتباط العميق بين الحياة اليومية والنظام الكونى، كان المصريون القدماء يحتفلون برأس السنة فى يوم «وابت رنبت»، الذى يعنى «افتتاح العام»، والذى كان يتزامن مع الفيضان السنوى لنهر النيل، وهو حدث محورى فى حياتهم الزراعية والدينية، فالاحتفال برأس السنة يعكس عمق الارتباط بين الطبيعة والديانة والحياة اليومية، وكان يرمز إلى التجدد والحياة.. ومن جانبنا توصلنا إلى مظاهر احتفالات المصرى القديم التى تضم الآتى:
عيد الفيضان
رأس السنة مرتبط عند المصرى القديم بفيضان النيل الذى يجدد الأرض ويضمن الخصوبة والنماء، كان يعتبر الفيضان هبة إلهية من الإله حابى، إله النيل، وكان المصريون يقيمون احتفالات تكرّم النيل، تشمل تقديم القرابين والأدعية لضمان فيضان معتدل يجلب الخير.
عيد الفيضان عند الفراعنة
الاحتفال بالإلهة إيزيس
كان يعتقد أن إيزيس تبكى على زوجها أوزوريس، ودموعها هى التى تؤدى إلى فيضان النيل، لذلك كانت الاحتفالات تركز على تقديسها وإقامة الطقوس لها.
المواكب الدينية
تنظم مواكب تحمل تماثيل الآلهة، مثل آمون ورع، ويتم نقلها على قوارب ذهبية فى النيل أو فى المعابد.
ولائم وموسيقى
تقام الولائم التى تشمل الخبز والنبيذ والفواكه، وكانت الموسيقى والرقص جزءا أساسيا من الاحتفال، يعبر فيها الناس عن فرحتهم واستبشارهم بالعام الجديد.
الموسيقى والرقص
التقويم النجمى
المصريون كانوا يربطون الاحتفال برؤية نجم الشعرى اليمانية «سيريوس»، الذى يظهر قبل الفيضان مباشرة، وهو ما كان يعتبر علامة على بداية السنة الجديدة.
وأوضح حسين عبدالبصير أن الاحتفالات كانت تعكس اعتقاد المصريين بالتوازن بين الإنسان والآلهة والطبيعة، هذا العيد كان مناسبة لتوحيد الشعب والاحتفاء بروح الجماعة، عزز الشعور بالشكر للآلهة والحفاظ على النظام الميتافيزيقى.
وأشار حسين عبدالبصير إلى أنه فى مصر القديمة كانت مفاهيم الحظ والقدر والمصير مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمعتقدات الدينية والفلسفية، حيث كان ينظر إلى الحياة على أنها جزء من نظام كونى دقيق يعكس إرادة الآلهة وتوازن الكون، وهذه المفاهيم لم تكن منفصلة عن الدين، بل شكلت جزءا أساسيا من رؤية المصريين للحياة والموت وما بعدهما.
الإله شاى «Shai»
الإله يعبر عن القدر أو الحظ، وكان مسؤولا عن تحديد مصير الإنسان عند ولادته، كان شاى يمثل القوة التى ترسم مسار حياة الفرد، سواء كان مليئا بالسعادة أو الشقاء، ويعتقد أن شاى يعمل بالتنسيق مع الآلهة الأخرى لضمان العدالة الكونية.
اله الشاى
الإله حكا «Heka»
يعبر عن القوى الغامضة، ويعتبر إله السحر، وكانت القوى السحرية جزءا من مفهوم الحظ، وكان المصريون يرون أن السحر يمكن أن يؤثر على الحظ والمصير، سواء بتعزيز الجوانب الإيجابية أو تجنب السيئة، الحظ لم يكن يعتبر صدفة عشوائية، بل كان يعتقد أنه يتأثر بسلوك الفرد وتعامله مع النظام الإلهى والكونى، فالخير والطاعة للآلهة والعيش وفق ماعت كان يعزز الحظ الجيد.
الإلهة رينينيت «Renenutet»
وهى مرتبطة بالرخاء والخصوبة وبتوفير الرزق والنجاح فى الحياة، وكانت تعتبر راعية الأطفال فى سنواتهم الأولى، حيث يعتقد أنها تمنحهم الحظ السعيد.
الميزان وأوزوريس ومصير الفرد بعد الموت
يحدد المصير النهائى للفرد فى محكمة أوزوريس، يوزن قلب الميت مقابل ريشة ماعت، إذا كان القلب نقيا وخاليا من الخطايا، يمنح الفرد حياة أبدية سعيدة فى حقول الآيار و«الجنة المصرية»، إذا كان مليئا بالخطايا، يلتهم القلب من قبل وحش آممت، ويحكم على الفرد بالفناء.
النصوص الجنائزية لمصير إيجابى بعد الموت
المصريون اعتمدوا على نصوص مثل كتاب الموتى لضمان مصير إيجابى بعد الموت، كانت هذه النصوص تحتوى على تعاويذ وإرشادات لمواجهة الاختبارات فى العالم الآخر.
القرابين والطقوس لتجنب سوء المصير
المصريون كانوا يقدمون القرابين للآلهة لضمان حظ جيد وتجنب سوء المصير، وجاءت إقامة الطقوس بشكل دقيق لتعكس احترام الإنسان للآلهة وتقديره للنظام الكونى.
الأحلام والنبوءات رسائل من الآلهة
تشير إلى ما ينتظر الإنسان فى مستقبله، والكهنة كانوا يفسرون هذه الأحلام لتوجيه الناس وتحذيرهم من المصير السيئ.
وتابع حسين عبدالبصير: إن المصريين القدماء لم يروا الحظ والقدر كشيئين متعارضين، بل كعناصر تكمل بعضها ضمن النظام الإلهى، القدر كان يعتبر محددا من قبل الآلهة عند الولادة، بينما الحظ كان مرهونا بسلوك الفرد والتزامه بالأخلاق والقوانين الإلهية.
الأبراج الفلكية وتوافقها مع صفات الشخصية
الأبراج والزودياك فى مصر القديمة تعتبر من أبرز جوانب الثقافة والعلوم الفلكية، التى اهتم بها المصريون القدماء، ففى سقف معبد دندرة الفلكى، المعروف بلوح الزودياك، الذى يعد تحفة فنية وعلمية تعكس مدى التقدم فى علم الفلك فى تلك الفترة. أكد حسين عبدالبصير أن المصريين كانوا يعتمدون على تقسيم السنة إلى 36 مجموعة نجمية «دكات» بدلا من 12 برجا فقط، الأبراج فى سقف دندرة ليست مجرد رموز فلكية، بل تحمل معانى دينية مرتبطة بآلهة مصرية، و «الدكات » يمثل تقسيم السنة إلى 36 مجموعة نجمية، كل مجموعة تمثل 10 أيام، نظام الدكات كان يستخدم لتحديد التقويم الزراعى والدينى، وهو نظام دقيق للغاية مبنى على مراقبة النجوم. وتابع حسين عبدالبصير: تشمل لوحة الأبراج التقليدية المعروفة اليوم، مثل:
برج الحمل
يرمز لبداية السنة الفلكية، ويشير إلى ظهور نجم الشعرى اليمانية «سيريوس » الذى كان علامة على فيضان النيل.
برج الأسد
يمثل ذروة قوة الفيضان، وهو رمز للخصوبة والحياة المرتبطة بالإله رع.
برج العذراء
يعتقد أنه مرتبط بالإلهة إيزيس، رمز الأمومة والحياة.
برج الجدى والثور والجوزاء
تظهر هذه الأبراج بتمثيلات فنية تمزج بين الأساطير المصرية والتقاليد الإغريقية، مرتبطة بالإله حاب.
p
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة