تراقب الولايات المتحدة تطورات الأوضاع فى سوريا، فى الوقت الذى يواجه فيه أقرب حليف لواشنطن هناك خسائر.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن اثنين من كبار مستشارى الرئيس الأمريكى جو بايدن قد توجه إلى الشرق الأوسط بعد سقوط نظام الرئيس السورى بشار الأسد.
وتوجه وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن إلى الأردن وتركيا، بينما يزور مستشار الأمن القومى للبيت الأبيض جيك سوليفان إسرائيل، بحسب مسئولون أمريكيون. وذكرت الصحيفة أن جزءً أساسيا من المناقشات سيدور حول مستقبل الحكم فى سوريا.
ويخطط سوليفان للبقاء فى إسرائيل عدة أيام بدءا من اليوم الخميس، بحسب ما قال شون سافيت، المتحدث باسم مجلس الأمن القومى. وأضاف أنه سيلتقى مع المسئولين الإسرائيليين كجزء من المنافشات الوثيقة حول سلسلة من القضايا الهامة بما فى ذلك جهود التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى ووقف إطلاق النار فى غزة والتطورات الأخيرة فى سوريا، ولإجراء مناقشات حول لبنان وإسران، وبعد ذلك يخطط للسفر إلى مصر وقطر.
وأعلنت الخارجية الأمريكية أن بلينكن سيتوجه أولا إلى الأردن قبل السفر إلى تركيا، حيث سييناقش مع المسئولين المساعدة فى ضمان انتقال السلطة لحكومة سورية جديدة يمكن محاسبتها وتمثل الجميع وتحترم حقوق الأقليات ويمكن أن تمنع استخدام سوريا كقاعدة للإرهاب أو أن تمثل تهديدا لجيرانها، وضمان أن يتم تأمين مخزون الأسلحة الكيماوية وتدميره بشكل أمن.
وأوضحت الصحيفة أن الولايات المتحدة لا تتواصل بشكل مباشر بعد مع جماعة هيئة تحرير الشام. وقال ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية، إن القانون الأمريكي لا يمنع الحكومة من التحدث مباشرة إلى الجماعة، لكنه أشار ضمنا إلى أن الاتصالات كانت غير مباشرة وأضاف: "لدينا القدرة على إيصال الرسائل إلى كل مجموعة من الجماعات ذات الصلة داخل سوريا وإخبارهم بأولوياتنا".
ومضت الصحيفة تقول إن بلينكن على اتصال هاتفي مستمر مع المسؤولين في المنطقة منذ التقدم السريع الذي أحرزته الفصائل المعراض المسلحة السورية نحو دمشق.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية أمس الأربعاء إنه بالإضافة إلى الضغط من أجل وقف إطلاق النار في غزة، يخطط بلينكن للإصرار على أن تسمح إسرائيل بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى المنطقة.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤولة مكافحة الإرهاب العليا في وزارة الخارجية إليزابيث ريتشاد اعترافها أمس الأربعاء بأن الولايات المتحدة فوجئت بالانهيار المفاجئ لحكومة الأسد.
كما قالت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون إن الوزير لويد أوستن؛ أبلغ نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس خلال اتصال هاتفي بينها، بأنه من المهم أن تكون الولايات المتحدة وإسرائيل على تشاور وثيق بشأن الأحداث الجارية في سوريا.
أوستن أبلغ كاتس بأن واشنطن تراقب التطورات في سوريا، وأنها تدعم انتقالا سياسيا سلميا يشمل الجميع، وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر قال في وقت سابق إنه في النهاية، هذه عملية يجب أن يقودها السوريون وليس الولايات المتحدة ولا أي دولة أخرى في المنطقة.
من ناحية أخرى، قالت وكالة أسوشيتدبرس إن الحليف الأقرب للولايات المتحدة فى سوريا يخسر فى الوقت الذى يتشكل فيه نظام جديد بعد سقوط حكومة بشار الأسد.
وذكرت الوكالة أن الجماعات المسلحة التى أطاحت بالأسد قالت إنها تريد أن تبنى بلد موحدا يشمل الجميع، لكن بعد 14 عاما من الحرب الأهلية، فإن تطبيق هذا الأمر لن يكون سهلا. وبالنسبة للأقلية الكردية فى سوريا، أقرب حليف لأمريكا فى البلاد، فإن الصراع من أجل النظام الجديد يدخل مرحلة ربما تكون أكثر صعوبة.
فعلى مدار الحرب الأهلية فى سوريا، صدت الميليشيات الكردية العديد من الفصائل المسلحة، وتشاركوا مع الولايات المتحدة لمواجهة داعش، وسيطروا على منطقة شبه مستقلة ذاتيا فى شرق البلاد الغنى بالنفط.
إلا أن مكاسب الأكراد، وهم ليسوا من العرب، فى خطر الآن، فصعود الجماعات (العربية السنية) التى أطاحت بالأسد، بمساعد حيوية من تركيا، العدو اللدود للأكراد، سيجعل من الصعب عليهم إيجاد مكان فى سوريا الجديدة وربما يطيل أمد الصراع.
ورغم أن جماعات المتمردين التى سارت نحو دمشق هذا الأسبوع قدمت بوادر سلمية للأكراد، إلا أنهم طردوا مقاتليهم من مدينة در الزور شرق البلاد بعد أيام من تخلى القوات الحومية عنها.
وفى الشمال، استولت جماعة معارضة منفصلة مدعومة من تركيا، والتى كانت تقاتل الأكراد لسنوات، على مدينة منبيج. ونفذت تركيا ضربات جوية على قافلة كردية قالت إنها كانت تحمل أسلحة ثقيلة تم نهبها من الترسانات الحكومية.
وتشير أسوشيتدبرس إلى أن الأكراد طالما اعتمدوا على المساعدات الامريكية فى مواجهة مثل هذه التحديات. وهناك نحو 900 من القوات الأمريكية شرقى سوريا، حيث يتشاركون مع الميليشيات الكردية لمنع ظهور داعش مجددا. لكن الشكوك ستحيط بمستقبل هذه القوات مع تولى دونالد ترامب الرئاسة، حيث كان دائما متشككا إزاء تدخل أمريكا فى سوريا.
فى سياق آخر، اتهم البعض الولايات المتحدة وإسرائيل بتدمير سوريا باسم السلام. ففى مقال بموقع Common Dreams التقدمى الأمريكى، قال جيفرى ساكس، الاستاذ بجامعة كولومبيا والخبير بالامم المتحدة، إن "سقوط سوريا" هذا الأسبوع هو تتويج للحملة الإسرائيلية الأمريكية ضد البلاد، والتي تعود إلى عام 1996 مع وصول نتنياهو إلى منصبه كرئيس للوزراء.
وتصاعدت الحرب الإسرائيلية الأمريكية على سوريا في عامي 2011 و2012، عندما كلف باراك أوباما سراً وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بالإطاحة بالحكومة السورية في عملية "خشب الجميز"، بحسب ما نشرته صحيفة واشنطن بوست عام 2015. وأخيرًا، أتت هذه الجهود ثمارها هذا الأسبوع، بعد أكثر من 300 ألف قتيل في الحرب السورية منذ عام 2011.
وأضاف أن سقوط سوريا كان سريعًا بسبب أكثر من عقد من العقوبات الاقتصادية الساحقة، وأعباء الحرب، واستيلاء الولايات المتحدة على النفط السوري، وأولويات روسيا فيما يتعلق بالصراع في أوكرانيا، والأهم من ذلك، هجمات إسرائيل على حزب الله، الذي كان بمثابة الدعم العسكري الرئيسي للحكومة السورية. لا شك أن الأسد أخطأ في كثير من الأحيان في لعب أوراقه وواجه استياءً داخلياً شديداً، ولكن نظامه ظل مستهدفاً بالانهيار لعقود من الزمن من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة