اختتمت وزارة الثقافة فعاليات أسبوع مميز من قلب محافظة الأقصر لدعم 200 طفل من 6 محافظات حدودية عبر الجولات التثقيفية ضمن الأسبوع الثقافي الرابع والثلاثين بمشروع "أهل مصر" بمحافظة الأقصر، برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، والذى تنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة، وبإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، تحت شعار "يهمنا الإنسان"، والذي بدأ في مطلع شهر نوفمبر الجارى ضمن برامج العدالة الثقافية لوزارة الثقافة المعنية بأبناء المحافظات الحدودية.
وضمن آخر 48 ساعة في أسبوع دعم أطفال مشروع أهل مصر في الأقصر، تم تنظيم جولات تثقيفية للأطفال في المعالم الأثرية، حيث شارك الأطفال في جولة داخل معبد الأقصر برفقة نجم مصطفى كبير مفتشي المعبد، تعرف الأطفال خلالها على تاريخ أحد أهم المعابد التي بناها المصري القديم، والمعروف بدُرة المعابد لتواجده في قلب المحافظة، حيث أن المعبد كان مكرسا للمعبود آمون رع، وتم بناؤه من البازلت والجرانيت والحجارة الرملية التي نقلت من منطقة كلابشة بأسوان، ليجمع بين التصميم الهندسي الفريد وجمال النقوش والأعمدة الضخمة.
وعن أهم الآثار التي يضمها المعبد قال كبير مفتشى المعبد، إنه يعتبر بمثابة مجمع للأديان، ففيه توجد مجموعة كبيرة من الآثار المصرية القديمة، بالإضافة إلى الآثار الإسلامية والإسلامية والرومانية التي تعكس تطور الفن المصري القديم، مضيفاً أن بداية المعبد تضم ما يعرف بطريق الكباش، أو طريق الاحتفالات، وهو من أطول وأقدم الطرق الاحتفالية حيث يمتد لمسافة تصل إلى حوالي 3 كيلو مترات، ويربط بين معبدي الكرنك والأقصر، كما تحدث عن مراحل ترميمه والتماثيل الموجودة به والتي تزيد عن 800 تمثال على الجانبين ترجع لعصري الأسرتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة، وأضيفت إليها لمسة مبهرة بإضاءة ليلية في العصر الحديث ليحظى العالم بمشاهدة هذا التراث الذي يدل على مدى عبقرية المصري القديم.
كما تعرف الأطفال خلال جولتهم على معلومات قيمة بشأن واجهة المعبد التي تتزين بتماثيل للملك رمسيس الثاني، أثناء جلوسه على العرش وأخرى يبدو فيها واقفا وقفته العسكرية، بالإضافة إلى مسلتين مصنوعتين من الجرانيت، يبلغ ارتفاع الأولى 22.5 مترا، أما الأخرى فيبلغ ارتفاعها 24.5 مترا، وموجودة حاليا بميدان الكونكورد بباريس، وتواصلت الجولة بالتعرف على تاريخ مسجد أبو الحجاج، رمز الحضارة الإسلامية، وكذلك ما تبقى من الكنائس التي بُنيت من الطوب اللبن في بداية انتشار المسيحية في مصر، كما تفقد الأطفال الصرح الشرقي للمعبد حيث النقوش التي تصور معركة "قادش" الشهيرة التي خاضها رمسيس الثاني ضد الحيثيين، وانتهت بمعاهدة تعد أقدم معاهدة سلام مكتوبة في التاريخ، وضمت عدة بنود أهمها إنهاء الحرب، وإنشاء تحالف دفاعي ضد الأعداء، واختتمت الجولة بالاطلاع على تاريخ قاعة الملك أمنحتب الثالث المعروفة بقاعة الاحتفالات، والتي اكتُشف فيها خبيئة عام 1989، وتحتوي على 26 تمثالا نادرا.
كما تم تنظيم جولات آخرى داخل متحف التحنيط لتوعية الأطفال، حيث تم عمل جولة استمع خلالها الأطفال إلى شروح زينب أبو حجاج كامل مفتش آثار بالمتحف، وأوضحت أن عملية التحنيط عند المصريين القدماء كان نابعا من العقيدة ويمارس بدقة للحفاظ على الجسد وضمان استمراره في الحياة الآخرة، وقد تناول المتحف التحنيط بشكل حصري، حيث يعرض في قاعاته اللوحات الجدارية التي توضح خطوات التحنيط ومراسم الدفن.
وأضافت زين أبو الحجاج، أنه يتم تطهير جسد المتوفى باستخدام الماء المقدس المستخلص من البحيرة المقدسة في معبد الكرنك، وبعد ذلك تزال كافة الأعضاء القابلة للتحلل مثل الأحشاء، حيث يتم فتح الجانب الأيسر من بطن المتوفى لاستئصالها. أما الدماغ، فيستخرج بطريقة خاصة عبر فتحتي الأنف، كما أشارت أن الجسد كان يجفف بعد ذلك باستخدام ملح النطرون لمدة ثلاثين يوما، بما يضمن خلوه من الرطوبة وبالتالي الحفاظ على الأنسجة من التحلل. وبعد انتهاء فترة التجفيف، توضع الأحشاء المعقمة في أوان يطلق عليها الكانوبية، ويحشى تجويف البطن بملح النطرون والأوراق العطرية والنشارة لمنع نمو البكتيريا.
وفيما يخص مكان الدماغ، أوضحت أنه يتم ملؤه بلفائف كتانية مغموسة في مواد حافظة، وأن هذه العملية المتقنة تهدف للحفاظ على الجسد في أفضل حالة ممكنة، لتظل مهيأة لرحلة الخلود وفقا لمعتقدات المصريين القدماء، وحفظها في الأواني الكانوبية بعد تنظيفها وتعقيمها. ويتم وضع المومياء على سرير خاص، وتنقل بعد ذلك عبر مركب إلى البر الغربي، حيث تقع مقبرته، وفي متحف التحنيط، تعرض لوحات جدارية تصور بدقة عملية التحنيط ومراسم الدفن كما كانت تمارس في العصور القديمة، وخاصة ضمن مدرسة التحنيط المرتبطة بالنصوص الدينية القديمة.
وعن محتويات المتحف قالت أبو زينب الحجاج، إنه يحتوي على مجموعة مميزة من التوابيت المزينة بأغطية تحمل رسومات ونقوش دينية، وتمائم كانت توضع مع المتوفى لتقديم الحماية في الحياة الآخرة، بالإضافة إلى الأدوات الطبية المستخدمة في عملية التحنيط، مثل الأدوات التي كانت تستخدم لإزالة الأحشاء وتجفيف الجسد، والمواد المستخدمة في التحنيط كالزيوت والعطور وملح النطرون، ويضم المتحف أيضا حيوانات محنطة، حيث كان المصريون القدماء يقومون بتحنيط بعض الحيوانات التي كانوا يعتبرونها مقدسة، مثل القطط والصقور، إيمانا منهم بدورها المقدس وارتباطها بالمعبودات، وعن إحدى الجداريات قالت إنها توضح حماية المقبرة من السرقة والتدنيس، يظهر تمثال برأس"ابن أوى" وجسد إنسان يراقب عملية التحنيط، حيث كان يعتبر رمزا لحماية المتوفى وممتلكاته، وأن المصريين القدماء كانوا يؤمنون بالحياة بعد الموت، ولذلك كان المتوفى يدفن مع كافة مقتنياته وأساسيات حياته، اعتقادًا منهم بأنه سيحتاجها في العالم الآخر.
وأضافت مسئولة متحف التحنيط، أن القدماء كانوا يهتمون بوضع رموز للحماية، مثل تمثال "ابن آوى" الذي يرمز لحماية المقابر من النفوس الشريرة واللصوص. وفي تصميم المقابر الملكية، كان يستخدم تمثال يجمع بين شكل الذئاب والكلاب، ليخيف اللصوص ويبعدهم عن المقبرة.
وعلى جانب الورش التعليمية للأطفال استضاف قصر ثقافة الأقصر بمنطقة العوامية، فعاليات الورش الفنية والحرفية للأطفال، حيث استهلت مع ورشة التصميم الفني، قدم خلالها الفنان وائل عوض شرحا مفصلا الأطفال حول أسس التصميم كالتكوين والمزج اللوني وكيفية التعامل مع أنواع الخطوط اللينة والهندسية، مضيفاً أنه من خلال التدريبات المكثفة بتلك الورشة يمكن للطالب أن يصقل مهاراته وخبراته الفنية لتقديم عمل فني احترافي، يؤهله فيما بعد للالتحاق بإحدى الكليات المتخصصة، آملا أن يقدم الأطفال أعمالا مميزة بالمعرض الفني المقام في حفل ختام الأسبوع.
وفي ورشة الموسيقى، ناقش الفنان ماهر كمال مع الأطفال أساسيات الموسيقى، موضحا أنواع الآلات المختلفة وكيفية التعامل معها، أعقب ذلك تدريبات على عزف بعض النغمات البسيطة، لتنمية الحس الإيقاعي لديهم، ومن ناحيته أشار المخرج محمد فؤاد، خلال ورشة "الأداء المسرحي" أن الهدف منها إكساب الأطفال مهارة تعزيز الثقة بالنفس، والقدرة على التعبير والتواصل مع الآخرين وتحسين النطق والإلقاء، فالمسرح يعد أداة فاعلة في بناء الشخصية، وأضاف أن الورشة تشتمل على جزء نظري للتعريف بتاريخ المسرح، وأهم عناصره ومراحل تطوره، بجانب تقديم نبذة عن أساسيات التمثيل ودور الممثل، مما يضفي على الورشة بعدا ثقافيا وتعليميا مميزا.
وخلال ورشة "الشعر" تناول الشاعر مدحت العيسوي، تاريخ شعر العامية ومراحل تطوره بدءا القرن العشرين وحتى العصر الحالي، مسلطا الضوء على بعض أعمال الشعراء من أبرزهم بيرم التونسي، فؤاد حداد، وصلاح چاهين، وتواصلت الفعاليات مع الورشة الحرفية والتراثية، وقام المدرب ناصر عبد التواب، خلال ورشة الأراجوز كيفية تصميم الجلباب الخاص بالدمية، بجانب عدة تدريبات على استخدام "الأمانة" الخاصة بإصدار الصوت، وفي ورشة "تحريك العرائس" قام المدرب جمال الشرنوبي، بتعليم الأطفال كيفية تصميم عروسة بخامات معاد تدويرها بطريقة بسيطة وبأقل التكاليف.
وخلال ورشة الخيامية عرّف المدرب عماد عاشور الأطفال كيفية نقل التصميم الفني على القماش، وقاموا خلالها برسم زهرة اللوتس تمهيدا لتنفيذ حقائب وخداديات، بالغرزة السحرية بأحجام مختلفة، وقامت المدربة منى عبد الوهاب بتدريب المشاركين على كيفية تصميم جوانب حقيبة بالخرز، وشرحت المدربة نجلاء شحاتة طريقة تركيب البطانة وذلك خلال ورشة تصميم حقائب بالشبك مع التعريف بطرق تسويق المنتج، وواصل المدرب حسنى إبراهيم تدريب الأطفال على التصميمات المختلفة كالطائرات والدبابات وغيرها، وقامت المدربة يارا محمد بتدريبهم على تصميم مشغولات يدوية بالخرز تنوعت بين الأساور والعقود بألوان وأشكال متنوعة، فيما قدمت المدربة نجوى عبد العزيز شرحا وافيا خلال ورشة "إعادة التدوير"، لتوضيح كيفية الاستفادة من الأقمشة المستعملة، وتحويلها إلى منتجات مفيدة مثل كالحقائب والمفارش، وذلك عقب التعريف ببعض تقنيات الخياطة، واختتم اليوم مع فعاليات الدوري الرياضي الذي شهد منافسة قوية بين الأطفال.
جدير بالذكر أن الأسبوع الرابع والثلاثين لأطفال المحافظات الحدودية تنظمه هيئة قصور الثقافة وينفذ بإشراف لاميس الشرنوبي، رئيس إقليم القاهرة وشمال الصعيد الثقافي، والمدير التنفيذي لمشروع أهل مصر (أطفال)، ويقام ضمن برنامج الإدارة المركزية للدراسات والبحوث برئاسة د. حنان موسی رئیس اللجنة التنفيذية لمشروع أهل مصر، بالتعاون مع إقليم جنوب الصعيد الثقافي، برئاسة عماد فتحي، وفرع ثقافة الأقصر برئاسة حسين النوبي.
ويتضمن الأسبوع 12 ورشة فنية وحرفية، هذا بالإضافة إلى زيارات ميدانية لأشهر الأماكن السياحية والأثرية منها متحف التحنيط، معبد الكرنك، ومعبد الدير البحري، وتختتم بجولة حرة بأسواق وكورنيش المحافظة، حيث أن مشروع "أهل مصر" أحد أهم مشروعات وزارة الثقافة المقدمة لأبناء المحافظات الحدودية "المرأة والشباب والأطفال" وينفذ ضمن البرنامج الرئاسي، الذي يهدف لتشكيل الوعي، وتعزيز قيم الانتماء والولاء للوطن، ورعاية الموهوبين، وتحقيق العدالة الثقافية.
استمتاع أطفال أهل مصر فى معبد الأقصر
استمتاع الأطفال داخل متحف التحنيط بالأقصر
جانب من رحلة أطفال مشروع أهل مصر بمتحف التحنيط
جانب من رحلة الأطفال داخل معبد الأقصر
جولات أطفال مشروع أهل مصر فى المناطق الأثرية
جولة الأطفال داخل متحف التحنيط
رحلة أطفال مشروع أهل مصر فى متحف التحنيط
سعادة الأطفال فى جولتهم داخل متحف التحنيط
سعادة كبيرة لأطفال مشروع أهل مصر فى الأقصر
شرح تاريخ متحف التحنيط لأطفال مشروع أهل مصر
فرحة الأطفال فى جولة داخل معبد الأقصر
فعاليات ورش التصميم لدعم أطفال أهل مصر
فعاليات ورش موسيقية لدعم أطفال أهل مصر
فعاليات وورش مميزة لدعم أطفال أهل مصر
ورش تحريك العرائس بالأقصر لدعم أطفال أهل مصر
ورش تعليم الخيامية والتصميم لدعم أطفال أهل مصر
ورش تعليمية متنوعة لدعم أطفال أهل مصر
ورش متنوعة لدعم أطفال أهل مصر فى الأقصر
ورش مسرح وفنون لدعم أطفال أهل مصر بالأقصر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة