يلعب تنظيم الإخوان دائمًا على عقل المتلقي، إذ صرفوا جُلّ نشاطهم في تغيير الانطباع عن أفعالهم، وتحاول الجماعة من سنوات طوال تزوير التاريخ تبدو على غير صورتها الحقيقية، وصرف أذهان النّاس عن العنف، الذي مارسوه قديمًا وحديثًا، والتبرؤ مما سلكه بعض المنتمين إليه، لكن التاريخ لا يرحم والواقع لم ينس والمستقبل لن يسامح، والوثائق والحقائق التاريخية تثبت بما لا يجعل مجالا للشك أننا أكبر جماعة إرهابية عرفتها مصر عبر تاريخها العريق، وأن أعضاء الجماعة الإرهابية أكثر العناصر خطورة على مستقبل تلك البلاد.
الإخوان حاولوا تزوير التاريخ، ومحو الماضي حتى لو كانوا هم كتبوه، فإذا كان أعضاء الجماعة قاموا بكاتبة أدبيات موسعة بأنهم استخدموا العنف وأنه من أدواتهم الرئيسية المنصوص عليها في "شرعيتهم"، لكنهم بعدما كشفوا عن حقيقتهم أمام الجميع، حاولوا مسح هذه الأدبيات وإخفاءها عبر كتابة جديدة للتاريخ أو تزوير جديد له لمحو صورتهم الموحشة في عيون وعقول الناس، ومن هنا فأن الاهتمام بالنشر وكتابة التاريخ أبلغ رد لتفكيك مقولات الإخوان، لأن محاولات الجماعة مستمرة ودأبهم في كتابة تاريخ مزور يوافق أهواءهم لم ينتهِ ولن ينتهي.
الإسلام هو الحل.. تضليل وتلفيق
"الإسلام هو الحل"، هو الشعار التي اختارته الجماعة لنفسها، واستماتت الجماعة في الدفاع عنه بضراوة، وظلت تروج نفسها على أنها حاملة لمشروع الإسلام الصحيح، والحقيقة إن هذا الشعار، وهذا الادعاء هو أكبر تزوير تاريخى قامت به الجماعة الإرهابية، حيث يصور الإخوان دائمًا كل من ينتقدهم على أنه "صاحب موقف ضد الإسلام"، وهذه في حد ذاتها جريمة اغتالوا من خلالها كل من خالفهم، هذا الشعار الذي لا أصل له في القرآن أو سنة النبي محمد صلي الله عليه وسلم، لفقته الجماعة لنفسها من أجل تضليل الناس، وأساءت به للدين الصحيح، بعدما ظهرت على حقيقتها وكشفت تناقضها في مواقفها وحديثها وأن كل ما يهمها هو السلطة، وطبقت "المكيافيلية" السياسية.
وبحسب دراسة صادرة عن المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، أحداث مسلسل تحت عنوان "الاختيار 3.. ضرورة تاريخية وصناعة فنية تفضح خبيئة الإخوان"، فأن جماعة الإخوان حاولت عبر تاريخها إيجاد سرديات تلفيقية مختلفة لكل المشكلات التاريخية التي عرجوا عليها، ليتملصوا من المسؤولية، إلا أن هذه المرة تباغتهم عدة أمور تقف في مواجهة صناعتهم الدعائية الانتهازية وتمنع قدراتهم في المناورة؛ إذ إن تسجيل الحوادث وتوثيقها بوفرة مع اتساع دور التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، فضلًا عن دور أطراف وجهات رسمية وغير رسمية في إدارة ذلك الأمر، يجعل مهمتهم شاقة، بينما تبدو مثل سلاح فاسد يتوجه ضدهم.
الإخوان وتشويه الثورة وعبد الناصر
التنظيم الذى فشل فى استغلال تلك الثورة لتحقيق أهدافه فى الاستحواذ على مصر والسيطرة على جميع المناصب، وكانت الفترة التى تلت الثورة، بداية لفضح الإخوان ومشروعهم، خاصة بعد محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فى حادث المنشية، عام 1954، وكانت هذه بداية المعركة بين عبد الناصر من جهة والإخوان من جهة أخرى، بعد تورط عدد كبير من قياداتها فى هذا العمل الإرهابى.
وعن الأسلوب الذى اتخذته الجماعة فى تشويه "عبد الناصر".. يوضح أحمد بان الخبير فى الحركات الإسلاميةأن الإخوان استخدمت اسلوب تزيف الحقائق التاريخية والترويج بأن عبد الناصر عدو للدين الإسلامى، وهو السبب الرئيسى فى إنهاء الثورة الإسلامية، والدفع بمصر نحو الدولة العلمانية، وتصويره بأنه يحابى أهل الفن ويراعيهم ويضطهد أهل الدين".
وسعت الجماعة على لسان عدد كبير من قياداتها لترويج أسطورة انضمام جمال عبد الناصر للجماعة خلال فترة شبابه، بل إن الدكتور كمال الهلباوى، أكد أن عبد الناصر تولى قيادة التنظيم الخاص للجماعة، إلا أن هناك شهادات عديدة تنفى ادعاءات الجماعة، فشهادة سامى شرف وزير شؤون رئاسة الجمهورية فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، تؤكد أن الرئيس الراحل لم يكن يوما إخوانيا، حيث يقول سامى شرف: «عندما راجعت مذكرات البغدادى الجزء الأول الصادرة عن المكتب المصرى الحديث، وجدت أن البغدادى لم يذكر مطلقًا انتماء عبدالناصر للإخوان المسلمين، بل ذكر أن عبد المنعم عبد الرؤوف خرج من تنظيم الضباط الأحرار لإصراره على دمج التنظيم بجماعة الإخوان، وهو ما رفضه عبدالناصر ورفاقه الأحرار، وعندما بحثت عن مذكرات للراحل كمال الدين حسين، وجدت أنه لم يصدر أى مذكرات، ولكنه فى حوار صحفى له مع الكاتب الراحل عبدالله إمام فى كتاب «عبد الناصر والإخوان المسلمين» الصادر عن دار الخيال سنة 1997، قال رغم تعاطفه مع الإخوان المسلمين إلا أنه لم يكن أبدًا عضوًا بالجماعة، كما أكد أن جمال عبدالناصر لم ينضم للإخوان أبدًا.
أسطورة سيد قطب
الإخوان صدروا عدة صورا عن سيد قطب غير حقيقية وبها مغالاة كبيرة مثلها مثل أفكار قطب نفسه، ومن تلك الصور التي تروج لها ماكينة الدعاية الإخوانية هي أن أن قطب كان اول من كتب عن نجيب محفوظ، وبعض الكتابات قالت إن سيد قطب كان أول من كتب عن نجيب محفوظ وتنبأ بحصوله على جائزة نوبل، لكن أيضا هذا الكلام يحمل أكاذيب وغير دقيق، لأن كتابات سيد قطب عن أديب نوبل كانت كلها من النصف الثاني من عقد الأربعينينات بينما نجيب محفوظ نشر أول أعماله عبث الأقدار في 1939.
ويري حلمي النمنم أن كثير من الأساطير التي صيغت عن سيد قطب يقف خلفها شقيقه محمد قطب، وقال الكثير من القصص والروايات المغلوطة والتي لا أساس لها من الصحة، مثل: إن سيد كان المعلم والموجه للضباط الأحرار، وأن عبدالناصر وصحبه جلسوا أمامه يتعلمون منه ويتلقون تعليماته وتوجيهاته، وأن كتاب سيد "العدالة الاجتماعية" كان الإنجيل الخاص بالضباط الأحرار، منه تشربوا أفكارهم ورؤاهم الإصلاحية، لكنهم طبقوها بعيدًا عنه، فلم يفلحوا، وأنه عرض الضباط الأحرار على سيد سنة 1954 منصب وزير التربية والتعليم، لاسترضائه، لكنه أبى، لأن الضباط لم يلتزموا منهجه، وأنه تم تعذيب سيد قطب فى السجن وأدخل عليه عدد من الكلاب البوليسية الجائعة لتنهشه ليلًا فوجدته ساجدًا لله تعالى، فهدأت الكلاب وراحت تحميه طوال صلاته.
ويؤكد النمنم أن الدفاع وراء ذلك هو حاجة الجماعة إلى خلق أسطورة.. فالتنظيم الذي أخرجه السادات من الكهوف والظلمات بحاجة إلى غسيل اسم وسمعة، وتقديم نفسه بطريقة ونماذج أسطورية أمام الأجيال الجديدة، لا تسمح لهم بأى موقف أو رؤية تجاه أفكار التنظيم وسلوكه وهكذا جرى منح حسن البنا لقب "الإمام الشهيد" وهو لم يكن إمامًا ولم يكن شهيدًا، ومنح اسم سيد قطب، لقب الشهيد أيضًا، ولا تنطبق عليه الشهادة، وسوف نعود إلى هذه النقطة مرة ثانية.
محاولة قلب الحقائق بعد ثورة 30 يونيو
وبعد ثورة 30 يونيو، الذي خرج فيها الملايين من المصريين على حكم الجماعة الإرهابية، بعد عام كان واحدا من أسوأ الأعوام في مصر عبر تاريخها، ركزت جماعة الإخوان في شائعاتها على القضايا الاقتصادية والسياسية، وروّجت لأخبار عن "تدهور الأوضاع الاقتصادية" في مصر بشكل مبالغ فيه، واختلقت شائعات عن انهيار المؤسسات الاقتصادية وهروب الاستثمارات الأجنبية. شائعة أخرى طالت مصر مؤخراً تتعلق بزيادة أسعار المواد الأساسية ونقص السلع، ممّا سبب بعض المخاوف في أوساط المواطنين، وارتكزت الجماعة في هذا النوع من الأخبار على بثّ معلومات غير دقيقة عن الأزمات الاقتصادية العالمية وإسقاطها بشكل مبالغ فيه على الحالة المصرية، ممّا يجعل المواطنين يشعرون بحدة الأزمة أكثر ممّا هي عليه، بحسب صحف محلية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة