انطلقت فعاليات القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية في العاصمة السعودية الرياض، برئاسة ولى العهد السعودى رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان وبمشاركة عدد من قادة وزعماء الدول العربية والإسلامية ورؤساء المنظمات الدولية والإقليمية، وفى مقدمة الحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى وصل الرياض صباح اليوم، حيث سيلقي كلمة مصر أمام القمة، التي تتضمن ثوابت الموقف المصري والجهود المكثفة التي تبذلها مصر للتوصل لوقف إطلاق النار بغزة ولبنان، ومنع انجراف المنطقة لصراع إقليمي واسع النطاق، فضلاً عن الحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة على خطوط عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وقد بدأ وصول الوفود الرسمية ورؤساء وممثلي الدول المشاركة في القمة منذ أمس الأحد، ولا يزال متواصلا .
تعقد القمة في ظل أوضاع متوترة تشهدها المنطقة، لبحث سبل وقف إطلاق النار في غزة ولبنان والخروج ببيان مشترك يدعم موقفاً عربياً إسلامياً موحداً في مواجهة التداعيات المستمرة للتصعيد الإسرائيلي بالمنطقة.
وتهدف أيضا متابعة نتائج وتوصيات القمة السابقة، ومواصلة جهود وقف إطلاق النار، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة، بالاضافة إلى مناقشة استمرار تصعيد العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية ولبنان.
وتأتي القمة العربية الاسلامية أو قمة المتابعة، امتداداً للقمة التي استضافتها الرياض في 11 نوفمبر 2023، والتي شهدت حضور قادة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية.
وفى سياق متصل، استضافت الرياض، أمس الأحد، اجتماع وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية، برئاسة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان؛ وبمشاركة كل من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه والأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكى، لبحث استمرار العدوان الإسرائيلى على الأراضي الفلسطينية ولبنان وتطورات الأوضاع الراهنة فى المنطقة.
ومن جانبه، أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه أهمية انعقاد القمة العربية والإسلامية غير العادية في ظل التصعيد الخطير في الأراضي الفلسطينية المحتلة واستمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي الذي يشمل الحصار والتدمير والتهجير؛ محذراً من العواقب الوخيمة لإجراءات الاحتلال الإسرائيلي ضد وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، مشددًا على دورها الحيوي في توفير الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين وكونها شاهدًا على التزام المجتمع الدولي ومسؤوليته تجاه قضيتهم.
وأكد أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي في انتهاكاته يشكل تهديدًا للسلم والاستقرار الإقليمي، داعيًا إلى ضرورة مضاعفة الجهود الدولية والفردية لإيقاف الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني ومنع الاحتلال من توسيع دائرة الحرب وزعزعة استقرار المنطقة.
وطالب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي بدعم تنفيذ فتوى محكمة العدل الدولية حول عدم شرعية الاحتلال وتسريع تحقيق حل الدولتين.
دور مصرى بارز
وبالنسبة لأهداف انعقاد القمة فى هذا التوقيت، أكد المحلل السياسي الدكتور على العنزى أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود، أن هناك عدة أهداف لانعقاد القمة العربية الإسلامية فى الرياض أو قمة المتابعة العربية الإسلامية التى تعقد، اليوم الاثنين، فى مقدمتها حشد وتنسيق المواقف العربية والإسلامية تجاه الاعتدادءات الإسرائيلية في فلسطين ولبنان، والتشديد على رفض التهجير القسري للفلسطينيين والالتزام بحل الدولتين.
ويستكمل العنزى قائلاً، إن هذه القمة تأتى استكمالا لقرارات القمة العربية الاسلامية التي عقدت العام الماضي في الرياض، وانبثق عنها تشكيل لجنة من وزراء الخارجية برئاسة السعودية لمتابعة جهود إيقاف الحرب وإدخال المساعدات وحل القضية الفلسطينية حلا عادلا من خلال التزام إسرائيل بحل الدولتين وقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
وأشار العنزى ـ فى حديث لـ"اليوم السابع" ـ إلى أهمية التوقيت الذى تأتى القمة فى سياقه؛ حيث تواجه المنطقة برمتها تحديات غير مسبوقة، ووقت مفصلى على الأصعدة كافة؛ فهناك حرب إبادة تشنها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، متحدياً كل القوانين والأعراف الدولية وغير آبهة بالقرارات الدولية، بالتزامن مع حرب أخرى فى لبنان.
إضافة إلى كونها تنعقد فى ظل إدارة أمريكية جديدة؛ فهذا يمثل عامل ضغط على الدول الغربية للدفع باتجاه وقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات للشعب الفلسطينى؛ خاصةً أن هناك رأي عام شعبي عالمي مساند وضاغط لوقف الحرب في غزة ولبنان.
وأشار العنزى، إلى المواقف القوية التى تتخذها مصر مدعومة من أشقائها العرب وعلى رأسهم السعودية، تجاه ما يحصل في غزة ولبنان سواء بالدفع تجاه وقف إطلاق النار أورفض التهجير القسري للشعب الفلسطيني من أرضه، ولمصر صوت مسموع فى هذا الصدد، مضيفاً أن السعودية وأشقاءها العرب والمسلمين وعلى رأسهم مصر جهود كبيرة وحثيثة لإنهاء الحرب في فلسطين ولبنان، وكان من نتائج هذه الجهود عقد اجتماع دولي لتنفيذ حل الدولتين في الرياض، بعد تشكيله من قبل السعودية والاتحاد الأوروبي والنرويج، ومن المتوقع أن تتمخض هذه القمة عن قرارات قوية وحازمة تجاه ما يحصل في غزة ولبنان ومواقف موحدة شعبية ورسمية، فتوحيد المواقف العربية والإسلامية في هذه الأزمة وهذا الوقت بالذات عملية مصيرية ولها تأثير على مستقبل المنطقة والعالم.
وأكد الكاتب الصحفى السعودى إبراهيم العقيلى، أن القمة تسعى إلى الخروج بموقف عربي إسلامي موحد في مواجهة استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وعلى دولة لبنان، وهى بمثابة استكمال الجهود التي يبذلها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن بالتنسيق مع قادة الدول العربية والإسلامية.
الشرعية الدولية
قال الدكتور عايد المناع الأكاديمى والباحث السياسى الكويتى، لـ"اليوم السابع"، يقع على كاهل هذه القمة الخروج بموقف لفرض الإرادة العربية على الهمجية الإسرائيلية، ووقف الجرائم الإسرائيلية فى غزة والضفة الغربية، ووقف مخططات تهويد القدس، ومحاولة الدولة الصهوينة استخدام اليمين الإسرائيلى، لتحقيق مآربها.
وأكد المناع، أنه يقع على عاتق القمة الضغط على الإدارة الأمريكية الجديدة والدول الغربية لإجبار إسرائيل على احترام قرارات الشرعية الدولية ومنها القرار 242 و338 التى تنص على ضرورة انسحاب إسرائيل إلى حدود الرابع من يونيو 1967، وإقامة دولة فلسطينية معترف بها إسرائيليا ودوليا ولا يمكن القبول بعدم وجود دولة، وغير مطروح الخضوع للبطلجة الإسرائيلية .
وفى السياق نفسه، أضاف الكاتب والمحلل السياسى البحرينى الدكتور عبدالله جنيد، لليوم السابع، إن القمة العربية الإسلامية تنعقد للمرة الثانية على خلفية أزمة غزة، إلا أنها تنعقد اليوم دعما لمبادة التحالف الدولي لدعم حل الدولتين أولًا، ولتحقيق إجماع عربي إسلامى على خلفية نتائج الانتخابات الأمريكية وعودة الرئيس دونالد ترامب الذى وعد بتوسيع قاعدة الدولة المنضوية تحت مظلة المواثيق الإبراهيمية، وتلك فرضية لا يمكن البناء عليها كسياسة خارجية تجاه الشرق الأوسط أو العالم الإسلامي، وستفشل أى مقاربة أمريكية حال تجاهلت مبادرة السلام العربي أو حل عادل للقضية الفلسطينية.
إعلان موحد بوجه الوحشية
ومن جانبه، قال المحلل السياسى السعودى الدكتور مبارك آل عاتى لـ"اليوم السابع"، إن انعقاد القمة العربية الإسلامية ، يأتى لخلق موقف عربى إسلامى موحد لدعم القضية الفلسطينية ، وتأتى فى ظرف سياسى خطير بالتزامن مع الاعتداءات على الجمهورية اللبنانية .
وأكد آل عاتى، أن القمة لن تغفل الملف السودانى وتهديد الممرات المائية فى جنوب البحر الأحمر، والملف اليمنى أيضا، كما ستناقش القمة أوجه دعم التعاون الإسلامى والعربى على الأصعدة كافة السياسى والاقتصادى والتجارى .
ونتوقع الخروج برؤية شاملة موحدة حيال القضايا المختلفة يلخصها البيان الختامى للقمة ، الذى يعد بمثابة إعلان عربى موحد للعالم بوجه الوحشية الإسرائيلية.
فيما أكد الكاتب السياسى بسلطنة عمان أحمد باتامير، لـ"اليوم السابع"، إن القمة تأتى في وقت مهم ومنعطف خطير تمر به الأمة العربية والإسلامية، فى ظل الاعتداءات الإسرائيلية، بدعم أمريكى وغربى لا محدود، لذا الأمتان تنتظران من هذه القمة قرارات قوية وفاعلة لوقف هذه الإبادة والتطهير فى غزة وفرض عقوبات على إسرائيل وقاداتها؛ لتحجيم طغيانها، وهذا لن يتحقق إلا بوحدة المواقف العربية وتطبيق القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الدولية وتطبيق اتفاق أوسلو بحذافيره وإعادة إعمار المناطق التى دمرتها إسرائيل وحلفاؤها.
واستطرد باتامير، قائلاً: إن هذه القرارات سوف تعيد للعرب مكانتهم ودورهم ومحاكمة المجرمين وخلق إجماع على الاعتراف بدولة فلسطين، وأيضا دعم الشعب اللبنانى سياسيا وماديا وإنسانياً، عبر تشكيل فريق سياسي لنقل جميع القرارات والتوصيات للإدارة الأمريكية الحالية.
وأكد، أن العرب بحاجة إلى تفعيل قرارات وتوصيات الجامعة العربية أيضا، فالسابع من أكتوبر وطوفان الأقصى عرى العالم وأسقط الأقنعة وتلاشت أشياء كثيرة وظهرت دول يعتمد عليها لمواجهة الغطرسة الصهيونية فالعالم العالم أصبح يعرف من هم أعداء السلام والإسلام وماهي أهداف إسرائبل وأمريكا وحلفائها من هذه الحرب والإبادة الجماعية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة