تحتفل سيناء، في مثل هذا اليوم 31 أكتوبر، بالذكرى الـ56 لمؤتمر الصمود والتحدي، الذي انعقد عام 1968 في مدينة الحسنة بوسط سيناء. جاء هذا المؤتمر ليشكل نقطة فاصلة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، إذ وقف مشايخ قبائل سيناء قاطبة متحدين لمخطط إسرائيلي يرمي إلى تدويل سيناء، وأكدوا أمام وزير الدفاع الإسرائيلي موشي ديان أن "سيناء مصرية وستظل مصرية" بقرار لا يقبل التفاوض .
كانت إسرائيل وضعت خطة دقيقة لتحقيق هدفها في تدويل سيناء، وجاء اختيار منطقة الحسنة في وسط سيناء كأرض قاحلة لتكون موقع انعقاد المؤتمر، بحضور عدد من مشايخ القبائل تحت مظلة أنه سيسمح لهم بتقرير مصيرهم بعيداً عن مصر.
سعت إسرائيل حينها لاستغلال الحدث إعلاميًا، إذ حضر المؤتمر عدد من ممثلي وكالات الأنباء العالمية بهدف نقل رسالة "مطالب مشايخ سيناء بتدويل أراضيهم" في سبيل إقناع العالم بأن سيناء ترغب في الانفصال عن مصر، وأن سكانها يسعون للاستقلال الذاتي، مما يجعل إسرائيل طرفاً محايدًا داعمًا لهذا التوجه.
لم يكن لمشايخ سيناء أن يرضخوا لهذه الخطة الإسرائيلية، إذ كانوا يدركون خلفياتها وأبعادها، فقرروا المشاركة في المؤتمر بذكاء منقطع النظير لتحويل مسار الحدث.. ووافق المشايخ على الدعوة، وأبدوا استعدادهم لاستقبال الضيوف، بل وشاركوا في التحضير له، حيث قاموا بدعوة ممثلي القبائل والعائلات من شمال سيناء وجنوبها، من غربها وشرقها، ليكون الحضور كبيراً. وتم التعاون مع الشيخ عيد مصلح بن عامر، أحد قادة قبيلة التياها بوسط سيناء، لتجهيز المكان ونصب خيام للمشايخ.
يعد بلال سويلم بلال، أحد الشهود العيان وآخر من تبقى من الأحياء الذين شاركوا في المؤتمر، حيث كان شاباً مكلفاً بالتنظيم واستقبال الضيوف. بلال، من أبناء قبيلة الترابين بمركز الحسنة، يروي شهادته عن هذا اليوم.
يحكي أن المؤتمر الذي انعقد قبل 56 عاماً كان بمثابة شهادة صمود وتحدٍّ من أبناء سيناء بكافة قبائلهم. ويقول: "اجتمع شيوخ سيناء من كل الجهات، شمالها وجنوبها، ليقفوا أمام موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي ورئيسة وزراء إسرائيل جولدا مائير، ويعلنوا بوضوح وصراحة أن سيناء مصرية". ويضيف بلال أن هذا الموقف سجله التاريخ كعلامة على التحدي في مواجهة الطغيان والاحتلال.
وأوضح أن للمؤتمر شخصيات هم قادة لا ينساهم التاريخ كممثلين في ذاك الوقت لجميع سيناء لكي ليقولو للاحتلال أننا نحن ابناء مصر وسيناء مصرية وستبقي مصريه إلى الابد ابد الابدين ومن أراد ان يتحدث عن هذه الارض عليه ان يتوجه للرئيس جمال عبد الناصر صاحب هذه الأرض ومفجر ثورتها العربية، والشخصيات هم : الشيخ عيد مصلح بن عامر من قبيلة التياها بوسط سيناء، الذي نسق واستقبل المشاركين، والشيخ سالم الهرش الذي كلف ان يكون متحدثا رسميا، والمستشار سعيد لطفي المحامي من ابناء مدينة العريش.
وبحسب شهادة الشيخ بلال "في صباح يوم 31 أكتوبر 1968، توافد ممثلو وكالات الأنباء العالمية على منطقة الحسنة، حيث أعدت السلطات الإسرائيلية منصة لممثليها، بينما جلس شيوخ القبائل في مواجهة هذه المنصة، كانت كل مظاهر الضيافة جاهزة، وجلس المشايخ في خيامهم المعدّة لاستقبال الضيوف، وسط إجراءات أمنية مشددة. وبدأت فعاليات المؤتمر في مشهد مهيب،، حيث استقبل الشيخ عيد بن عامر الحضور من المشايخ وتحدث الشيخ سالم الهرش، المكلف أن يكون متحدثا رسميا ووجّه رسالة مباشرة للحاضرين، وتبثها وسائل الاعلام قائلاً: "ان سيناء مصريه والأرض أكرم لنا أن نعيش في بطنها عن أي تفاوض بشأن مصيرها، لانها مصريه ونحن حراس على هذه الأرض ومن اراد أن يتحدث عن سيناء يتحدث مع رئيس مصر الرئيس جمال عبد الناصر"
وما إن أنهى الشيخ سالم الهرش كلمته حتى ساد الذهول أرجاء المكان.. امتعض موشي ديان، وظهر عليه الغضب، فوقف وأمر بالمغادرة فوراً مع الوفد الإسرائيلي من القادة، و تبعه عدد من ممثلي وكالات الأنباء الذين غادروا المكان على عجل، وبهذا فشل المؤتمر الذي خططت له إسرائيل لتدويل سيناء، وفي رد انتقامي، فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي حصارًا على الموقع، وأصدرت تعليمات بتقييد حرية الشيوخ وإبقاء المكان تحت الحراسة المشددة حتي نهاية اليوم وبعدها سمح للمشاركين بالمغادرة.
وتابع أنه بعد انتهاء المؤتمر معظم المشاركين واجهوا مضايقات كبيرة من قبل سلطات الاحتلال. بعضهم فرّ عبر مسالك صحراوية إلى خارج المنطقة، حيث لجأ البعض إلى الأردن للوصول إلى مصر، بينما فضّل آخرون الاحتماء في جبال سيناء. لكن عدداً من الشيوخ ألقي القبض عليهم وتعرضوا للتنكيل لافتا انه ممن لاذوا بالجبال حتى تم اعتقاله في عام 1974، وتعرض للتعذيب كأحد المشاركين في المقاومة للاحتلال.
يختتم بلال سويلم بلال رسالته بكلمات موجهة للشباب، قائلاً: "علينا أن نترك هذا الإرث لأبنائنا؛ كما وقف أجدادنا أمام الانتداب البريطاني في 1906 وواجهوا الاحتلال الإسرائيلي بملاحم بطولية، فالأمانة اليوم في أعناق الجيل الجديد". ويوجه بلال دعوته إلى الشباب من ابناء سيناء، مؤكداً أن سيناء ليست مجرد قطعة أرض، بل هي أمانة غالية، أرض مباركة شهدت مناجاة نبي الله موسى عليه السلام مع ربه،ويضيف: "عليكم أن تحفظوا الأمانة وتبقوا حراساً لها، كما كان أجدادنا في الماضي، وأن تعلموا أبناءكم من بعدكم حب سيناء والدفاع عنها".
يذكر أن محافظة شمال سيناء احتفلت بالذكرى الـ56 لمؤتمر الحسنة الشهير، الذي يعد رمزًا للصمود والتحدي في وجه محاولات الاحتلال الإسرائيلي تدويل سيناء، ونظم احتفال رسمي بدار المناسبات في قرية الجفجافة بمركز الحسنة بوسط سيناء تحت شعار “الولاء والانتماء للوطن”.
وشهد الحفل اللواء دكتور خالد مجاور محافظ شمال سيناء، واللواء عاصم سعدون نائب محافظ شمال سيناء، و بحضور واللواء أحمد العوضي رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب والنائب الأول لرئيس حزب حماة الوطن،، واللواء وائل مصطفى رئيس منطقة التعمير بسيناء، والشيخ عبد الله جهامة رئيس جمعية مجاهدي سيناء، إلى جانب القيادات التنفيذية والشعبية وشيوخ القبائل وأبناء المنطقة والنواب.
أكد اللواء دكتور خالد مجاور محمد، محافظ شمال سيناء، خلال كلمته في الحفل، على أن سيناء لها مكانة خاصة في قلب الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يوليها اهتمامًا كبيرًا ضمن خططه التنموية.
وأوضح أن الدولة أنفقت أكثر من مليار ونصف جنيه على مشروعات التنمية في سيناء في عهد الرئيس، مما يعكس اهتمام القيادة السياسية بتحقيق التنمية الشاملة في المنطقة.
وأشار المحافظ إلى أن شهر أكتوبر يمثل ذكرى انتصارات عظيمة، حيث سجل مؤتمر الحسنة التاريخي موقفًا وطنيًا أسهم في إفشال المخطط الإسرائيلي بتدويل سيناء، فضلًا عن انتصارات حرب أكتوبر المجيدة.
وأضاف المحافظ أن مؤتمر الحسنة يعد درسًا في الوطنية، تعلمته الأجيال الحالية من آبائهم وأجدادهم الذين صمدوا أمام المحتل.
ووجه التحية لقبائل سيناء على دورهم الوطني الكبير الذي أسهم في الحفاظ على هوية سيناء المصرية.
وفي كلمته، أوضح جازي سعد، عضو مجلس النواب، أن القبائل كان لها دور محوري في التصدي للمخطط الإسرائيلي في مؤتمر الحسنة، والتأكيد على هوية سيناء المصرية أمام العالم. وأكد أن أبناء القبائل في سيناء لا يزالون يقفون صفًا واحدًا خلف القيادة السياسية، ويدعمون جهود التنمية والتعمير التي تشهدها المنطقة.
من جانبه، أشار اللواء أحمد العوضي، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب والنائب الأول لرئيس حزب حماة الوطن، إلى أن مؤتمر الحسنة سجل موقفًا مشرفًا من أبناء القبائل تجاه وطنهم، وأكد على أن سيناء ستظل خط الدفاع الأول لمصر. وأعرب عن دعمه لأبناء سيناء، مشددًا على ضرورة الحفاظ على مكتسبات التنمية التي تتحقق على أرضها.
واستعرض الشيخ عبد الله جهامة، رئيس جمعية مجاهدي سيناء، بطولات أبناء سيناء في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وفي محاربة الإرهاب. وطالب الدولة بتسهيل إجراءات إقامة 5 ملايين مواطن من مختلف المحافظات في سيناء، بهدف المشاركة في عمليات التنمية وسد الفراغ السكاني في المنطقة.
وعلى هامش الحفل، كرم المحافظ عددًا من أعضاء جمعية مجاهدي سيناء وشخصيات من القبائل تقديرًا لدورهم الوطني ومساهمتهم الكبيرة في دعم مسيرة التنمية، كما قدم الشيخ عبدالله جهامة رئيس جمعية مجاهدي سيناء شهادات تقدير بأسماء عددا من المجاهدين الراحلين.
اخر-شهود-العيان-علي-مؤتمر-الحسنة
الشيخ-بلال-سويلم
لاينسي-ذكرياته
يتحدث--اخد-شهود-العيان
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة