دعم مبادرة السينما.. العراق يطوى صفحة الإرهاب والمذهبية ويبنى القوى الناعمة.. جبار جودى: معاناتنا بدأت منذ حصار التسعينيات.. مهدى عباس: نحن بحاجة إلى تمويل مستدام.. وطارق الشناوى: التمويل الحكومى سيحفز الخاص

الثلاثاء، 22 أكتوبر 2024 01:30 م
دعم مبادرة السينما.. العراق يطوى صفحة الإرهاب والمذهبية ويبنى القوى الناعمة.. جبار جودى: معاناتنا بدأت منذ حصار التسعينيات.. مهدى عباس: نحن بحاجة إلى تمويل مستدام.. وطارق الشناوى: التمويل الحكومى سيحفز الخاص جبار جودى ومهدى عباس وماجدة خير الله وطارق الشناوى
لميس محمد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان المشهد فى بغداد سينمائيا ومصنوعا بعناية، فمع صباح التاسع من أبريل 2003 كان العراقيون والعالم على موعد مع إسقاط تمثال الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، الذى تم تشييده قبل الغزو بقرابة عام، وأجرت القوات الأمريكية اتصالاتها بالصحفيين الذين تولوا مهمة تغطية الحرب الأنجلوـ أمريكية على العراق، وفى أقل من ساعة كانت العدسات حاضرة، والبث المباشر قائما للحظة إسقاط الرمز البرونزى فى ساحة الفردوس.

كان العراق قبل ذلك الحين دولة ومؤسسات وقوى ناعمة تنشط حينا وتخفت حينا، إلا أن رحلة "عراق ما بعد صدام" توالت خلالها الأحداث والحوادث، عرف العراقيون الحروب الأهلية وتوارت مفاهيم الدولة خلف المذهبية، وتسلل إلى بلاد الرافدين ومن أبواب عدة إرهاب متعدد الرايات والتمويلات، قبل أن تنجح بغداد بقوة السلاح فى حسم الحرب ضد جماعات الدم والنار بحلول عام 2017.

الآن وبعد 7 سنوات من دحر الإرهاب فى العراق، يدرك العراقيون أن الحلول الأمنية لا تكفى، وإن كانت ضرورية، وأن إعادة بناء القوى الناعمة واجبة، وإن كانت مؤجلة، فلا سبيل لبناء جيل واع محصن ضد مخاطر الفتن والمذهبية وآمن من احتمالات الانجراف وراء دعاة التطرف، دون أن يكون لبغداد إعلام واع وفن شامل وإنتاج درامى وسينمائى يفتح العراق معه صفحة جديدة، أقدم عليها قبل أيام رئيس الوزراء محمد شياع السودانى، من خلال طرح مبادرة لدعم السينما العراقية بميزانية تقدر بـ5 مليارات و170 مليون دينار، على أن تتولى وزارة الثقافة العراقية تمويل 43 مشروعا، فى أولى مراحلها، بين فيلم روائى طويل، ووثائقى، وأفلام قصيرة، وأنيميشن ورسوم متحركة.

سألنا نقاد عراقيين وعرب عن المبادرة وأهدافها، وعما يحتاجه العراق فى الوقت الحالى لإعادة بناء إنتاج سينمائى قوى قادر على أن يقدم رسالة هادفة للعراقيين، وأن ينافس فى المستقبل القريب على الصعيد العربى والإقليمى، فأجمعوا على ضرورة أن يكون هناك تمويل مستدام من جهة، وأن يتم تقديم محفزات ملائمة للقطاع الخاص لدخول المجال، سواء من خلال الإنتاج السينمائى، أو من خلال إعادة بناء دور العرض فى بغداد ومختلف المدن العراقية.

وفى تصريحات لـ"اليوم السابع"، قال نقيب الفنانين العراقيين جبار جودى فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": خطوة المبادرة ممتازة جدا، وتعد حكومة العراق من أولى الحكومات التى تقدم على هذه الخطوة، التى كان رد فعل السينمائيين عليها ممتازًا جدًا، وبانتظار أن تنطلق رسميًا فى القريب العاجل".

واستطرد جودى: "التمويل كبداية ممتاز جدا، حيث يمكنه الدفع بعجلة الإنتاج للأمام، خاصة أن دور العرض الكبيرة انحصرت فى العراق بعد 2003، للأسف لأن القطاع الخاص السينمائى تضرر كثيرا بسبب الحصار الجائر على العراق من 1990 لـ2003".

جبار جودى
جبار جودى

وتابع جودى: "لكن وبالرغم من هذه الخسائر كانت هناك البدائل المهمة والمحترمة، وهى السينمات التى تم افتتاحها فى المولات التجارية، والتى وصل عددها ما بين 5 إلى 7 دور عرض فى بغداد والمحافظات".

وذكر جودى: "حاليا التعاون مع المهرجانات العربية قائم على قدم وساق، خاصة أننا وقعنا برتوكول مع مهرجان قازان الدولى للسينما، من أجل تبادل ثقافى وإقامة أسبوع للسينما التتارستانية فى العراق، وفى مقابله أسبوع للسينما العراقية فى تتارستان، كذلك نعد لتفعيل الإنتاج المشترك والتعاون مع مهرجانات أخرى".

واستكمل جودى: "نركز فى الوقت الحالى على الجانب الاجتماعى فى اختيارنا لمواضع الأفلام، مع جذب العائلة العراقية للسينما، من خلال تجسيد البطولات العراقية فى الملاحم والانتصارات التى حدثت مع داعش، بالإضافة إلى العديد من الموضوعات التى يحتاجها الشارع العراقى، خاصة أن السينما وسيط تعبيرى محترم من خلال نبذه للإرهاب والمذهبية، ودائما السينما تعمل لصالح الإنسانية، وتعمل ضد التطرف، وهذا شىء مهم جدا".

وأنهى جودى تصريحاته: "نتائج السيناريوهات المقدمة للجنة المبادرة سيتم الإعلان عنها بعد تدشين الموقع الإلكترونى الذى سيطلق خلال شهر.

بدوره، طالب الناقد العراقى مهدى عباس بضرورة توفير تمويل مستدام لدعم السينما العراقية، لافتا فى تصريحات لـ"اليوم السابع" إلى أن المبادرة ليست جديدة، وإنما طرح مثيل لها قبل قرابة عام دون أن تحرك ساكنا.

وقال "عباس": نعانى بعض الروتين، لكن الآن وبسبب المنحة التى تم تخصيصها، فإن هناك حالة من التفاؤل فى أوساط كتاب السيناريو، ونطمح فى أن يرقى الدعم إلى تأسيس صندوق دائم لدعم السينما، كما هو الحال فى المغرب ودول عربية أخرى.

مهدى عباس
مهدى عباس

وعما يحتاجه المشاهد العراقى فى الفترة الحالية من أعمال وموضوعات، ذكر "عباس": "إن توثيق فترة الحرب على الإرهاب ستكون أولوية، خاصة الحرب ضد داعش ودور العشائر فى عمليات تحرير تراب العراق من الإرهاب".

واستطرد "عباس": "العراق عانى كثيرا من الإرهاب والمذهبية، ونحتاج محتوى دراميا وسينمائيا واعيا يحصن العراقيين من تلك الآفات التى عانوا منها منذ 2006، مثل الفتن بين السنة والشيعة، وغير ذلك بسبب الأحزاب الدينية ومصالحها الضيقة، نحن شعب يضم المسلمين والمسيحيين والإيزيديين والعرب والأكراد والتركمان والسنة والشيعة منذ الأزل ولا نزال، لذا نحتاج محتوى سينمائيا يحارب التعصب وضد التطرف وضد الإرهاب".

لا تعد محاولات إعادة بناء السينما شأنا عراقيا محدودا، فوجود عراق قوى قادر على مجابهة التحديات والتصدى لمخاطر الإرهاب والتطرف بقواه الناعمة ومن بينها السينما، شأنا يهم كل مصرى وعربى، فالسطور لا تتسع للحديث عن التعاون بين السينما العراقية والمصرية، فربما يخطئ البعض ويعتقد أن البدايات تعود إلى حقبة الثمانينيات من خلال فيلم القادسية، الذى شاركت فى بطولته النجمة الراحلة سعاد حسنى والقدير عزت العلايلى، فعلاقة البلدين فى هذا المجال تمتد جذورها إلى الأربعينيات من خلال فيلم «ابن الشرق»، الذى أنتجته شركة «أفلام الرشيد» العراقية المصرية عام 1946 بمشاركة الراحلة مديحة يسرى وإخراج المصرى إبراهيم حلمى.

سألنا الناقدة المصرية ماجدة خير الله عن محاولات العراق فى هذا الشأن، فقالت: هذه المبادرة جيدة جدا من قبل الدولة العراقية، لأنها بذلك تشعر بأهمية الفن والسينما، فمن خلال الأفلام يمكن أن يكون التأثير متجاوزا للنطاق المحلى والإقليمى، ومن خلال إعادة بناء السينما العراقية، سيكون العراق حاضرا فى المهرجانات العالمية ويكون له صوت مسموع بشكل أقوى».

ماجدة خير الله
ماجدة خير الله

وتابعت "خير الله": "فكرة تقديم الأفلام بدعم من الدولة لمناقشة قضية محددة حتى لو بشكل ترفيهى يدل على فهم الدولة الكبير لدور السينما فى مواجهة الأزمات، وهذه نتيجة جيدة، لأن العراق حاله كـحال الدول جميعها به الكثير من الموهوبين الذين يستحقون الحصول على فرصة للظهور".

فى المقابل قال الناقد طارق الشناوى فى تصريحاته لـ"اليوم السابع": إن صناعة السينما بمثابة "أمن قومى" أعرف السينما العراقية جيدا، خاصة أننى كنت أذهب لبغداد فى الاحتفالات الفنية، والعراق من الدول التى كانت تهتم بالثقافة والفن بشكل كبير، وكانت له مكانة مميزة، وعلى الحكومة العراقية العمل على استعادتها ودعمها.

طارق الشناوى
طارق الشناوى

واستطرد الشناوى: "كانت السينما العراقية تفتح الباب للسينمائيين المصريين، فعلى سبيل المثال المخرج الكبير صلاح أبو سيف أخرج فيلم القادسية، وأيضا المخرج توفيق صالح قدم "الليالى الطويلة"، وغيرها من السينمائيين المصريين الذى تعاونوا مع العراق فى هذا المجال".










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة