صراعات البشر ومعاناة الكوكب (2).. ترليون و250 مليون دولارخسائر بسبب الحرب الشاملة في المنطقة.. التغيرات المناخية الناتجة عن الحروب تقلص الناتج المحلي الإجمالي العالمي في 2050 بـ 38 تريليون دولار

الأربعاء، 02 أكتوبر 2024 11:00 م
صراعات البشر ومعاناة الكوكب (2).. ترليون و250 مليون دولارخسائر بسبب الحرب الشاملة في المنطقة.. التغيرات المناخية الناتجة عن الحروب تقلص الناتج المحلي الإجمالي العالمي في 2050 بـ 38 تريليون دولار
كتب أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

<< إيقاف كبرى شركات شحن الحاويات رحلاتها عبر البحر الأحمر

<< ارتفاع أسعار الغاز الأوروبية إلى أعلى مستوياتها عام 2024

<< أستاذ بجامعة هانوفر بألمانيا: زيادة تكلفة إنتاج الكهرباء ببرلين بسبب النزاع الروسي الأوكراني

<< مناطق عربية قد تصبح غير صالحة للعيش بسبب تصعيد الحروب في المنطقة أغلبها بالخليج

<< الاقتصاد الإسرائيلي يتكبد خسائر يومية تقدر بحوالي 80 مليون دولار

<< بلوغ الأضرار المباشرة عن الحرب في أوكرانيا 152 مليار دولار

<< توقف 90% من طاقة الرياح في أوكرانيا و50% من قدرة الطاقة الشمسية

<< نزوح نحو 950 ألف شخص في غرب أفريقيا بسبب الفيضانات الناتجة عن التغيرات المناخية

 

 

ترتبط الخسائر الاقتصادية بالتغيرات المناخية بشكل مباشر، خاصة عندما نعلم أن هناك توقعات بانخفاض الناتج المحلى الإجمالى العالمي بنسبة 20 % خلال السنوات المقبلة، نتيجة التغير المناخي، هذه الظاهرة التي تتسبب الحروب والنزعات في زيادة حدتها بشكل رئيسي، ففي في أبريل الماضي، نشرت مجلة "نيتشر" العلمية، أن التغيرات المناخية ستؤدي إلى تقليص الناتج المحلي الإجمالي العالمي في 2050 بحوالي 38 تريليون دولار وهو ما يصل نسبه لـ 20 %، كما أن الاستثمارات السنوية اللازمة للحد من زيادة درجة حرارة الأرض إلى أقل من درجتين مئويتين تمثل جزءا صغيرا من الأضرار التي يمكن تجنبها.

 

تكلفة الدمار الذي تلحقه الحروب والنزاعات المسلحة العالم تشكل خطورة كبيرة سواء اقتصاديا أو بيئيا، وما يشهده العالم اليوم من حربين سواء الحرب الروسية الأوكرانية، والحرب على غزة يمثل تحديا كبيرا للمجتمع الدولى، نظرا لما أسفرت عنه تلك النزاعات المسلحة من مخاطر كبرى نتيجة الاستخدام المفرط للأسلحة والمتفجرات في تدمير الطبيعة و وتلويق الهواء وخروج انبعاثات مكافئ أكسيد الكربون، بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية الكبيرة جراء تلك الحروب.

 

وتعيش المنطقة العربية في الوقت الراهن حالة قلق وترقب من إمكانية حدوث حرب شاملة في ظل تصاعد التورات بشكل ملحوظ، وهو ما سيكون له آثر بالغ الخطورة على الشرق الأوسط بشكل خاص والعالم بشكل عام، خاصة أن المنطقة تعد مكان حيوى للتجارة العالمية عبر البحر الأحمر، الذي يمر من خلاله 12% من حجم التجارة العالمية كل عام، بمبلغ يقدر بـ 790 مليار يورو.

 

ترليون و250 مليون دولار خسائر بسبب الحرب الشاملة في المنطقة
 

الدكتور غازي فيصل المحلل السياسي العراقي، يؤكد في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنه إذا اندلعت حرب شاملة في الشرق الأوسط ستكون كلفتها التقديرية طبقا للمصادر الأمريكية ترليون و250 مليون دولار عدا كلفة دمار غزة التي تتجاوز  20 مليار دولار.

ويضيف المحلل السياسي العراقي، أن تكلفة دمار جنوب لبنان بسبب الحرب القائمة حاليا في المنطقة تقترب من 8 مليار دولار، بالإضافة إلى الخسائر غير المنظورة الآن وستظهر لاحقا".

 

وبشأن تأثير تلك الحرب على العراق، يقول غازي فيصل، إن العراق لن يدخل كدولة أو حكومة في هذه الحرب القائمة، لأن قرار الحرب لابد أن يتخذ في مجلس النواب العراقي وما تقوم به الفصائل العراقية المسلحة في لبنان أو اليمن أو العراق أو سوريا ضد الوجود الأمريكي وحلفاء أمريكا هو جزء من تحالفها مع الحرس الثوري الإيراني في إطار استراتيجية إيران وليست استراتيجية الحكومة العراقية التي تدعو إلى وقف الحرب وبناء الأمن والسلام بناء على الشرعية الدولية.

 

وبحسب دراسة نشرها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بعنوان " تداعيات حرب غزة على أمن البحر الأحمر" نشرت في 13 مارس 2024، أكدت فيه أن زيادة التوتر العسكري في منطقة البحر الأحمر نتيجة التصعيد الذي يشهده قطاع غزة، يظهر بشكل واضح في عدم قدرة صناعة الشحن البحري في تجنب التورط في التوترات الجيوسياسية الناجمة عن الحرب، وخاصة مع تعهد الحوثيين بمواصلة الضربات ضد إسرائيل والسفن المتجهة إليها حتى تتوقف الحرب في قطاع غزة، مما تسبب في إعلان الولايات المتحدة الأمريكية تشكيل قوة متعددة الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر .

 

تقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار
تقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار

 

وتؤكد الدراسة أن الحرب لها تكلفة اقتصادية بشكل مباشر على مصر ولبنان والأردن، والتي قد ترتفع إلى ما لا يقل عن عشرة مليارات دولار هذا العام، كما أن تكلفة الحرب بالنسبة للدول الثلاث من حيث الخسائر في الناتج المحلي الإجمالي قد تصل إلى 10.3 مليارات دولار، أو 2.3% من الناتج المحلي، ويمكن أن تزيد إلى الضعفين إذا استمرت الحرب.

 

تأثير تلك الحرب اقتصاديا لم يتوقف عند هذا الحد، بل أيضا تسبب في إيقاف كبرى شركات شحن الحاويات رحلاتها عبر البحر الأحمر، نظرا للهجمات الصاروخية الأخيرة التي شنها الحوثيون، وكان من أهم تلك القرار قرار شركتا الشحن ميرسك وهاباج لويد وقف رحلاتهما في البحر الأحمر في 15 ديسمبر 2023؛ خوفا على سفنهما من تلك الصواريخ، تبعها تحويل مسارات بعض السفن حول طريق رأس الرجاء الصالح في إفريقيا، وانضمام شركات الشحن الكبرى الأخرى في اليوم التالي، ومن بينها شركة الشحن الفرنسية CMA GGM  وشركة البحر الأبيض المتوسط للشحن وغيرها من شركات الشحن لنفس المسار، خاصة أن الشركات الأربع الكبرى المذكورة تسيطر بشكل جماعي على نحو نصف سوق شحن الحاويات العالمية.


الخسائر الاقتصادية بسبب الحرب على غزة
 

الخسائر الاقتصادية بسبب الحرب على غزة
 

الحرب تسببت في خسائر اقتصادية أخرى تمثل في زيادة شركات الشحن لرسوم التأمين، بعدما تضاعفت رسوم التأمين لشركات الشحن التي تمر عبر البحر الأحمر، مما أضاف أعباء مالية لتكاليف رحلات السفن، ارتفاع أسعار التأمين على السفن الإسرائيلية بدرجة كبيرة لتصل إلى نسبة 250%، وذلك وسط توقعات أن تعاني الدول المستوردة للطاقة، خاصة البلدان منخفضة الدخل وأوروبا التي تقف على حافة الركود، والتأثير أكبر سيكون على شحنات الطاقة إلى أوروبا، خاصة أن معظم إمدادات الطاقة الأوروبية، بما فيها النفط ووقود الديزل، تمر عبر مضيق باب المندب، وهو ما يجعل عدم الاستقرار في المنطقة يمثل تهديد إمدادات الطاقة الأوروبية، وبالتالي ارتفاع أسعار النفط والغاز.

 

الحرب لها تأثير مباشر على سلاسل الغذاء حول العالم، حيث حسبما تؤكد الدراسة، أن الحرب في المنطقة تهدد  استقرار سلاسل التوريد، نظرا لعدم استقرار الأوضاع في البحر الأحمر، ومع امتلاك شركات الشحن البحري أكبر أساطيل سفن الحاويات في العالم، فإن ذلك سوف يؤثر بالتبعية على سلاسل الإمداد الغذائية في العالم، بما في ذلك زيت النخيل والحبوب، التي يتم نقلها على متن سفن الحاويات، مثل معظم المنتجات المصنعة في العالم.

 

أضرار الصراعات والحروب على البيئة والتنمية المستدامة.. خسائر اقتصادية تنتظر العالم
 

رغم الجهود التي تتخذها دول العالم لمواجهة التغيرات المناخية، إلا أن تلك الحروب تأتى لهدم كل الجهود العالمية لتحقيق التنمية المستدامة وتخفيض معدلات الاحتباس الحراري التي تتسبب في التغيرات المناخية، وتأتى الحرب الروسية الأوكرانية والحرب على غزة لتزيد من أزمة تلك التغيرات المناخية.

 

هنا يؤكد الدكتور حسين أباظة مدير برنامج الاقتصاد والتجارة الدولية بمنظمة الأمم المتحدة للبيئة سابقا، أن المثبت علميا أن الحروب تتسبب في زيادة معدلات استخدامات الطاقة الأحفورية سواء لإنتاج الأسلحة والمركبات الحربية والطائرات والسفن الحربية وفي تسيرها والتي تستهلك معدلات عالية من الطاقة الأحفورية مما يتسبب في معدلات عالية من الانبعاثات.

ويوضح حسين أباظة، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن استخدامات الأسلحة الكيميائية والمحرمة دوليا لها آثار سلبية على الإنسان والنبات وكافة الكائنات الحية والتربة والمياه والغلاف الجوي، بالإضافة أيضا لتدمير البنية التحتية من شبكات الكهرباء والصرف الصحي والطرق والمواصلات ومحطات الإنذار المبكر للتغيرات المناخية المتطرفة والكوارث والتي تشمل التغيرات المناخية والعواصف والفيضانات والزلازل.

وبشأن ما إذا كانت هذه الحرب تتسبب في خسائر اقتصادية وبيئية للعالم في المستقبل خلال جهود لمواجهة التغيرات المناخية، قال مدير برنامج الاقتصاد والتجارة الدولية بمنظمة الأمم المتحدة للبيئة سابقا، إن الأوضاع الجيوسياسية الحالية من الأسباب الرئيسية لتري وتراجع تحقيق أغلب اهداف التنمية المستدامة مما له تكلفة عالية على الصحة والبيئة والاقتصاد بصفة عامة.

 

ارتفاع أسعار الغاز الأوروبية إلى أعلى مستوياتها هذا العام بسبب الحرب الروسية الأوكرانية
 

وعند الانتقال للحرب الروسية الأوكرانية، سنجد أيضا أن هناك تكلفة اقتصادية كبرى تتكبدها دول العالم التي عملت على تخصيص نفقات لمواجهة التغيرات المناخية، إلا أن تلك الحروب جاءت لتتسبب في انهيار كافة الجهود المتعلقة بالتنمية المستدامة، ومواجهة التغيرات المناخية، ولعل هذا ما جعل صندوق النقد الدولي يخفض توقعات مستوى النمو العالمي إلى 2.6% مقارنة بالتوقعات السابقة 3.3%

 

وعلى سبيل المثال وليس الحصر، فإن الحرب الروسية الأوكرانية كان لها أثرا كبيرا مؤخرا على أسعار الغاز في أوروبا، فبحسب تقرير لوكالة بلومبرج في 7 أغسطس الماضي، ارتفعت أسعار الغاز الأوروبية إلى أعلى مستوياتها هذا العام بعد تقرير يفيد بأن القوات الأوكرانية استولت على نقطة عبور الغاز الرئيسية في سودجا، كما قفز العقد القياسي 5.7% ليصل إلى 38.78 يورو لكل ميجا وات/ساعة، متجاوزاً قمته السابقة والتي سجلها في أوائل يونيو، حيث ساد التجار حالة التأهب تحسبا لأي اضطرابات في محطة العبور، وهي الرابط الوحيد المتبقي لشحنات الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا، وقبلها وبالتحديد في 24 يوليو انخفضت صادرات روسيا الأسبوعية من الخام في الأسبوع الأول من يوليو بأكبر قدر منذ ما قبل الحرب على  أوكرانيا في عام 2022، مع تراجع متوسط الأسابيع الأربعة الأقل تذبذبا إلى أدنى مستوى منذ فبراير.

وبحسب دراسة لمركز الإمارات للسياسات، فإن التداعيات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية كان لها أثرا كبيرا على تباطؤ اقتصاديات بعض دول أوروبا، حيث أكدت الدراسة أن الأزمات المركبة كان لها أثر على بنية الاقتصاد العالمي؛ نتيجة التداعيات السلبية الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، بالإضافة للتباطؤ في بعض الاقتصاديات الأوروبية، وتأثُر الاقتصاديات الناشئة والنامية بالتداعيات السلبية لارتفاع الأسعار العالمية وتزايد أزمات الديون.

 

تقرير مركز الإمارات للسياسات
تقرير مركز الإمارات للسياسات

 

زيادة التلوث البيئي بدرجات مرتفعة وارتفاع تكاليف إنتاج الكهرباء
 

هنا يتحدث الدكتور خالد عبد الرحمن، نائب رئيس معهد الهندسة الجيوتقنية بجامعة هانوفر بألمانيا، عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والحرب في غزة على الطاقة العالمية، موضحا أن الحرب الروسية الأوكرانية كان لها تداعيات مختلفة على رأسها زيادة إنتاج ومبيعات الأسلحة بشكل كبير للغاية خاصة في ألمانيا حيث تمد أوكرانيا بمختلف أنواع الأسلحة عن طريق أكبر شركة منتجة ألمانية وهى شركة راينميتال.

 

ويضيف نائب رئيس معهد الهندسة الجيوتقنية بجامعة هانوفر بألمانيا، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن من أبرز تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية هي زيادة غير طبيعة في أعداد طالبي اللجوء من أوكرانيا بسبب ويلات الحرب وكان لهذا تأثير كبير على الميزانية الألمانية وعلى الناخب الألماني مما قد يؤدي مع الوقت إلى انخفاض نسبة التأييد للائتلاف الحاكم، بجانب وقف استيراد الغاز الروسي بدرجة كبيرة بعد قطع إمدادات الغاز عن طريق خط نوردستروم 1 و2 .

 

"وقف استيراد الغاز الروسي دفع الحكومات الأوروبية وخاصة ألمانيا إلى تعويض الفاقد عن طريق الطاقة المتجددة"، هنا يشرح تأثير وقف استيراد الغاز الروسي على أوروبا، متابعا :"بالتالي زاد الطلب وتم تشجيع الشركات و الجامعات والهيئات البحثية على العمل سويا لزيادة الطاقة المتجددة وخاصة عن طريق طاقة الرياح مما له تأثير إيجابي على التغير المناخي".

 

ويوضح نائب رئيس معهد الهندسة الجيوتقنية بجامعة هانوفر بألمانيا، أن من بين تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية زيادة تكلفة إنتاج الكهرباء بشكل كبير مما اضطر الحكومة الألمانية إلى وضع سقف لسعر الكهرباء وكذلك دفع معونة للعائلات الألمانية في تحمل أسعار الكهرباء الجديدة.

 

بخصوص الحرب التى تشهدها غزة خلال الأشهر الماضية، يقول خالد عبد الرحمن، إن تداعيات تلك الحرب واضحة للجميع، حيث إن التداعيات الإنسانية والخسائر البشرية لا تحصى ولا تعد، مؤكدا أن الحروب تؤثر بشكل سلبي للغاية على جهود الحد من تغير المناخ وتلوث البيئة حيث إن الحروب تولد دمارا في مختلف المجالات، بجانب مخالفات الحروب من تدمير البنية التحتية بمختلف أنواعها من أكبر مصادر الأضرار بالبيئة وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة التلوث البيئي بدرجات مرتفعة للغاية.

 

الحروب تقوض جهود مكافحة التغير المناخي.. مناطق عربية قد تصبح غير صالحة للعيش
 

الدكتور عامر الشوبكي، مستشار الطاقة الدولي، والخبير الاقتصادي الأردني، يسلط الضوء على إمكانية أن تصبح دول في العالم غير صالحة للعيش نتيجة تلك الحروب المشتعلة في العالم،  وتأثير الحرب الروسية الأوكرانية والحرب الإسرائيلية على غزة، اقتصاديا وبيئيا على العالم وتقويضها جهود مكافحة التغير المناخي، لافتا إلى أن الحروب والتورات الجيوسياسية واستخدام الأسلحة الثقيلة والمتفجرات بأنواعها قد يقوض السياسات العالمية في مكافحة التغير المناخي.

 

ويؤكد "الشوبكي" في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن أطنان المتفجرات التي تلقى سواء في الحرب الروسية على أوكرانيا أو الحرب الإسرائيلية على غزة ينتج عنها كم هائل من الغازات الدفيئة التي تؤدى إلى زيادة حرارة سطح الأرض ومواجهة التغيرات المخيفة التي ستجرى على سطح الكرة الأرضية من ظواهر مناخية متطرفة.

 

"هذه الخسائر سينتج عنها خسائر اقتصادية لأن التغيرات المناخية ستحدث تغيير كامل في التركيبة السكانية والتركيبة الاقتصادية"، هنا يوضح حجم ارتباط الخسائر الاقتصادية بالأضرار البيئة التي تتسبب فيها الحروب، موضحا أن هناك مدن شاطئية لن تكون صالحة للسكن، لافتا إلى أن درجة حرارة دول الخليج سترتفع وبالتالي ترتفع تكلفة توليد الكهرباء وقدرة توليد الكهرباء والحاجة إلى الكهرباء وربما تصل درجة الحرارة إلى مستويات قد تجعل بعض المدن في الخليج غير قابلة للعيش.

 

ويشير إلى أن العراق الذي يعاني من شح في المياه ستزداد عمق هذه الأزمة فيه، بحيث تصبح طاردة للسكان نتيجة شح المياه الصالحة للشرب، وكذلك في المغرب والجزائر وتونس الذين يعانون من الجفاف مما يجعل هذه البلدان أقرب إلى أرض غير صالحة للسكن، والأردن يعد من أفقر دول العالم ومثل هذه التغيرات المناخية تؤثر عليه، مؤكدا أن هذه الحروب من صنع البشر والتغير المناخي والانبعاثات الكربونية من صنع البشر، ويجب أن تتضمن المؤتمرات المناخية توجيهات وإلزامات وتشاورات للحد من هذه الحروب للمساعدة في مكافحة التغيرات المناخي.

 

ويؤكد "الشوبكي" أن هناك تقويض سياسي منتظر حال فاز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو ما سيكون ضربة لمكافحة التغير المناخي حيث يعتمد ترامب سياسة مغاير تماما لسياسة جو بايدن المناخية، وهذا يقوض الثقة في المشروعات الدولية الأمريكية على المدى الطويل  ويقوض المشروعات الدولية على المدى الطويل في مجال مكافحة التغيرات المناخية.

 

ويوضح مستشار الطاقة الدولي، أن هناك المتفجرات قد تحدث آثر بيئي وتلوث كبير، حيث نتحدث عن غزة التي لديها حجم الأنقاض يحتاج لعشرات السنوات لإزالته وهناك تلوث بيئي خطير نتيجة انتشار الجثث وتحللها والباكتيريا والفيروسات في الجو والأمراض الخطيرة وهذا يهدد العالم بشكل كامل من عودة أمراض تم معالجتها والانتهاء منها مثل الكوليرا وبعض الأمراض الجلدية الخطيرة الأخرى .

 

وحول طبيعة الخسائر الاقتصادية والبيئية التي تتسبب فيها تلك الحروب، يشير إلى أن الخسائر الاقتصادية تتنوع ما بين مباشرة وغير مباشرة تنتظر العالم الآن، من الخسائر عير المباشرة تخفيض الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة والذي كان من المقرر له في مارس الماضي، وهذا تغير كبد العالم خسائر بالمليارات نتيجة تأخر خفض الفائدة والمقترضين في العالم وأخر عجلة الاقتصاد العالمي، وأدت  الحروب أيضا إلى ارتفاع أسعار الطاقة مما أدى إلى ارتفاع التضخم والنتيجة تأخير خفض أسعار الفائدة.

 

ويوضح أن الخسائر الأخرى التي يعاني منها العالم نتيجة الحروب هو عرقلة المرور في مضيق باب المندب والبحر الأحمر وهذا كبد التجارة العالمية مبالغ طائلة ومليارات وهذا يقع على عاتق الدول الفقيرة التي لن تستطيع دفع أسعار طاقة أو سلع مرتفعة الأسعار نتيجة الإضافة في أسعار السلع والخدمات، مشيرا إلى أنه مع الحرب الروسية الأوكرانية انقطع الغاز الطبيعي عبر الأنابيب إلى القارة الأوروبية وأصبح الضغط على أسعار الغاز العالمية والضغط على أوروبا وفواتير مرتفعة.

 

ويؤكد عامر الشوبكي، أن نتائج الحروب الاقتصادية تؤدى إلى اضطرابات اجتماعية واحتجاجات شعبية قد تقوض السلم والأمن العالمي وربما يؤدى إلى توسيع رقعة الرحب نتيجة التأثيرات الضخمة للمناطق المحيطة للتورات الجيوسياسية سواء في أوروبا أو الشرق الأوسط.

 

الحرب سبب أساسي في نشاط الزلازل والبراكين والأمطار الحامضية المدمرة للزراعة
 

وبغض النظر عن الخسائر الاقتصادية، فإن الآثار البيئية لتلك الحروب في غاية الخطورة، وكما أسلفنا ذكرا في السابق بأن هذه الآثار البيئية تعد سببا مهما في الخسائر الاقتصادية التي يتكبدها العالم، حيث يؤكد الدكتور تحسين شعلة رئيس قسم التكنولوجيا الحيوية والبيئة بجامعة مصر، أن الحرب سواء الروسية الأوكرانية أو الحرب على غزة تؤدى إلى رفع التلوث بمقدار يفوق خمس أضعاف وفقا للفترة الزمنية، إضافة إلى تدمير التنوع البيولوجي والقضاء على الكثير من الكائنات الحية فى منطقة الحرب بالإضافة إلى هجرة الكثير منها.

تحسين شعلة
تحسين شعلة

 

ويقول رئيس قسم التكنولوجيا الحيوية والبيئة بجامعة مصر، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن الحرب فى أى منطقة سبب مباشر إلى نشاط الزلازل والبراكين، وارتفاع درجات الحرارة فى المناطق المحيطة بها وفى البحار او المحيطات القريبة منها، لافتا إلى أن الحرب تتسبب في زيادة الأمطار الحامضية التى تدمر الأراضى الصالحة للزراعة وتؤدى إلى هجرة سكانها، بجانب الأمراض الناجمة عن التلوث الناجم عن استخدام المتفجرات والتى قد تؤدى إلى جعل البيئة عرضه لانتشار الأمراض بصورة وبائية.

 

بلوغ الأضرار المباشرة عن الحرب في أوكرانيا 152 مليار دولار
 

ويؤكد الدكتور تحسين شعلة رئيس قسم التكنولوجيا الحيوية والبيئة، أن تداعيات الحروب تتسع لتشمل مختلف القطاعات في مناطق النزاع، حيث تهيمن آثارها الاقتصادية والسياسية على اهتمامات الجميع، وتحتل مكانة بارزة في أولويات الحكومات المحلية والدولية.

 

"تأثير الحرب على البيئة وتغير المناخ لا يزال يُعتبر من القضايا المهمشة، رغم خطورته وأضراره الجسيمة"، هنا يشرح "شعلة"، الآثار البيئية الخطيرة للحروب على العالم، موضحا أن النزاعات المسلحة تؤدى إلى تعطيل الجهود المتعلقة بالمناخ، مما يزيد من نقص الموارد اللازمة لمواجهة تحدياته، ويعوق القدرة على تطوير مشاريع استراتيجية تهدف إلى حماية البيئة وتلبية احتياجات السكان المتنوعة، خاصة في ظل تفاقم آثار تغير المناخ.

 

هنا يتحدث تحسين شعلة عن الآثار الاقتصادية المدمرة للحرب الروسية الأوكرانية والحرب في غزة، مؤكدا أن الحرب تستهلك موارد هائلة وغالبًا ما تؤدي إلى أضرار بيئية جسيمة. تشمل التكاليف البيئية للعمليات العسكرية تدمير البنية التحتية والاضطرابات التي تحدثها في مشاريع وسياسات الطاقة الخضراء، وهي جوانب لا يمكن إغفالها عند تقييم التأثير الشامل للحروب حيث إن الاقتصاد الإسرائيلي يتكبد خسائر يومية تقدر بحوالي 80 مليون دولار نتيجة النزاع في غزة، فيما بلغت الأضرار المباشرة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا ما يقرب من 152 مليار دولار حتى الأن وتُشير التقديرات إلى أنّ تعطيل الناتج الاقتصادي والتجارة، بالإضافة إلى تكاليف إزالة الأنقاض، ستُضيف 499 مليار دولار أخرى إلى إجمالي الخسائر، بينما بلغت الخسائر الروسية أربعة وثلاثين مليار دولار.

العمليات العسكرية تساهم في انبعاث شديد للغازات المتسببة في ظاهرة الاحتباس الحراري المتسببة في التغيرات المناخية، حيث يوضح أن الجيوش والحروب والصراعات في العالم تسهم بنسبة 5.5٪ من انبعاثات غازات الدفيئة، كما أن الأشهر السبعة الأولى من الحرب الروسية الأوكرانية وحدها تسببت في انبعاث ما لا يقل عن 100 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، موضحا أنه عند دراسة الممارسات العسكرية التي تؤدي إلى انبعاثات كربونية مرتفعة في مناطق النزاع والأزمات، يتضح أنها تتسبب في تدمير المخازن الطبيعية للكربون، مثل الغابات والأشجار، بالإضافة إلى تدمير مستودعات الكربون التي أنشأها الإنسان، مثل البنية التحتية للطاقة وآبار النفط، كما تلحق الأضرار بأنظمة الطاقة المتجددة في تلك البلدان.

 

ووفقا لتحليل بمؤسسة باور تكنولوجي، أكدت فيه توقف 90% من طاقة الرياح في أوكرانيا خلال الحرب و50% من قدرة الطاقة الشمسية منذ بداية الحرب، حيث تؤدي الحروب إلى تدمير التنوع البيولوجي وزيادة التلوث، مما يسهم بشكل كبير في تدهور البيئة. في حالة أوكرانيا، وثق الصحفيون والنشطاء العديد من الجرائم البيئية والإبادة التي لحقت بالطبيعة، بدءًا من الهجمات على المنشآت الصناعية التي تلوث مصادر المياه الجوفية، وصولًا إلى القصف المتعمد لملاجئ الحياة البرية وغيرها من النظم البيئية الحيوية، كما يمكن أن تؤدي الأضرار الجانبية للنزاع إلى قتل ما يصل إلى 90% من الحيوانات الكبيرة في مناطق الحرب.

 

ويقول تحسين شعلة، إن منطقتي شمال أفريقيا والشرق الأوسط يعتبران من أكبر المناطق في العالم من حيث عدد المهاجرين داخليًا، حيث تشكل نسبتهم 23% من إجمالي المهاجرين على مستوى العالم، بحلول نهاية عام 2023، بلغ عدد المهاجرين داخليًا 16.2 مليون شخص في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع تصدر اليمن وسوريا قائمة الدول الأكثر تأثرًا بالهجرة الداخلية في هذه المنطقة، كما أصبح المناخ عاملًا شائعًا يدفع للهجرة، مما زاد من تفاقم الأوضاع الناتجة عن الهجرة الداخلية التي نشأت أساسًا بسبب الصراعات والحروب الأهلية في اليمن وسوريا.

 

تأثير الفيضانات على دول غرب أفريقيا
 

وفي 7 سبتمبر الماضي، أصدرت منظمة "أنقذوا الأطفال"، بيانا تكشف فيه تأثير الفيضانات الشديدة التي ضربت غرب أفريقيا الناتجة عن التغيرات المناخية على شعوب القارة السمراء، كاشفة أن تلك الفيضانات تسببت في نزوح نحو 950 ألف شخص، وتعطيل التعليم مع بداية العام الدراسي الجديد، كما أن مئات الآلاف من الأطفال النازحين يواجهون خطر المرض والجوع، بسبب دمار المحاصيل وتعطل التعليم، حيث أصبحت المدارس مكتظة بالعائلات النازحة أو المتضررة بفعل الفيضانات، وأكثر من 649 ألف شخص نزحوا في النيجر، و225 ألفا في نيجيريا، و73 ألفا في مالي.

عدد النازحين بسبب الفيضانات في أفريقيا
عدد النازحين بسبب الفيضانات في أفريقيا

 

كما أعلنت حكومة النيجر، وهي إحدى الدول التي ضربتها الفيضانات، أن أكثر من 700 ألف شخص شُردوا، بينما توفى 273 شخصا ، منذ بدء الموسم الماطر، بينما في نيجيريا، تأثرت 29 ولاية من أصل 36 بارتفاع منسوب مياه نهر النيجر وروافده، ما أسفر عن مقتل 200 شخص، وتضرر أكثر من 115 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، كما ازدادت نسبة الجوع في نيجيريا.

 

 التغيرات المناخية لها انعكاس كبير على مشكلة النزوح والهجرة بسبب جعل الكثير من الأماكن غير قابلة للعيش، مما يضطر سكانها للنزوح لأماكن أخرى، وهنا يؤكد "شعلة"، أن التغيرات والفوضى المناخية تؤدى إلى زيادة المخاطر في المناطق الريفية، حيث تفتقر الحلول المستدامة للأزمة، مما يدفع السكان إلى الانتقال إلى المدن، وقد زاد تأثير تغير المناخ على الوضع المتدهور للهجرة الداخلية في سوريا واليمن، حيث تعاني الدولتان من تغيرات مناخية حادة تشمل ارتفاع درجات الحرارة، التصحر، ندرة المياه، وتدهور النظم البيئية البحرية والساحلية، بالإضافة إلى مستويات مرتفعة من تلوث الهواء.

 

أعداد النازحين حول العالم خلال 10 سنوات وأعداد النازحين في عام 2023

أعداد النازحين حول العالم خلال 10 سنوات وأعداد النازحين في عام 2023

كما يؤكد رئيس قسم التكنولوجيا الحيوية والبيئة، أن الفيضانات تُعتبر من أبرز المخاطر المناخية في اليمن، حيث إنها تؤدى تدمير المساكن والبنية التحتية الإنتاجية، بالإضافة إلى إصابة أو وفاة أو الأفراد حيث أدت إلى نزوح حوالي 174 ألف شخص في عام 2023، وقبل عشر سنوات، في عام 2013، لم يتجاوز عدد النازحين بسبب الفيضانات 10 آلاف شخص، مما يُظهر الزيادة الملحوظة في حالات الهجرة نتيجة التغيرات والفوضى المناخية، ولكن خلال الفترة من يناير إلى مايو 2024، شهدت اليمن أكبر موجات هجرة، حيث تجاوز عدد النازحين 1000 شخص بسبب الفوضى المناخية، بينما كانت حالات الهجرة الناتجة عن النزاعات تؤثر على مئات الأفراد في كل حالة، وفي عام 2023، كانت حالات الهجرة الناتجة عن التغيرات المناخية والفوضى تفوق تلك الناتجة عن الصراعات، ومن بين المخاطر المناخية الرئيسية التي يواجهها السكان، تبرز حرائق الغابات، والأعاصير، والفيضانات، والجفاف، وبين 17 و22 أبريل 2024، تم تسجيل هجرة 2875 شخصًا إلى المخيمات في عدة محافظات يمنية، وكانت معظم حالات الهجرة الداخلية نتيجة الفيضانات.

 

عدد النازحين في اليمن قبل حرب غزة وبعدها
عدد النازحين في اليمن قبل حرب غزة وبعدها

 

ويشير إلى أن منطقة النزاع بين روسيا وأوكرانيا واحدة تعد من أبرد وأقسى المناطق النائية على وجه الأرض، وطالما كان مناخها القاسي ودرجات الحرارة المنخفضة عائقًا طبيعيًا أمام التنمية والاستغلال، لكن يبدو أن هذا الوضع بدأ يتغير بشكل سري، حيث إن اليوم، لم تعد هذه البرية النائية في القطب الشمالي كما كانت قبل عقود، وأدت التأثيرات الكارثية للاحتباس الحراري إلى ذوبان القمم الجليدية القطبية، مما جعل الوصول إلى الموارد التي تقدر قيمتها بعشرات التريليونات من الدولارات أكثر سهولة للروس مقارنة بالآخرين.

ويؤكد "شعلة"، أن روسيا تعد رابع أكبر مصدر لانبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري على مستوى العالم، حيث تمثل 4.6% من إجمالي الانبعاثات العالمية، كما أن نصيب الفرد من الانبعاثات في روسيا يعد من بين الأعلى عالميًا، إذ يتجاوز بنسبة 53% ما هو موجود في الصين، وبنسبة 79% ما هو في الاتحاد الأوروبي، وعلى الرغم من أن روسيا تمتلك إمكانيات هائلة في مجال الطاقة المتجددة، إلا أن حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الروسي تظل ضئيلة وهي أقل من 0.1% من طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية، ولا توجد خطط واضحة للاستثمار بشكل كبير في تطويرها، موضحا أن الحروب تؤثر سلبا على كل الملفات المتعلقة بالتغيرات المناخية مما يعطل حركة التحول الى الاقتصاد الأخضر ويزيد من النتائج السلبية الناجمة عن الفوضى المناخية وتبعاتها.

 

كما يوضح أن غزة تواجه تداعيات خطيرة لتغير المناخ تتطلب استجابة عاجلة، لكن الحرب والحصار يعيقان تنفيذ مشاريع التخفيف والتكيف مع الفوضى المناخية، كما تتعرض البيئة في غزة لتأثيرات سلبية نتيجة استخدام أسلحة كيميائية محظورة، مثل الفسفور الأبيض، مما يؤثر على التربة والمياه والكائنات البحرية، كما أن السلطات الإسرائيلية تمنع دخول مواد ضرورية لحماية السواحل من التآكل، مما يزيد من خطر الفيضانات، وتعاني غزة من بنية تحتية متهالكة ونظام كهربائي ضعيف، مما يصعب مواجهة موجات الحر الناتجة عن تغير المناخ ويؤثر سلبًا على الحياة اليومية والاقتصاد.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة