نفق الأحايوة بأخميم سوهاج تحفة هندسية مصرية.. عمره 96 سنة وطوله 1200 متر وارتفاعه 10 أمتار.. نفذته أيادٍ مصرية فى عهد الملك فؤاد.. وشُق فى الجبل ليحمل الماء للصحراء وتحويلها لأراضٍ خصبة.. صور

السبت، 19 أكتوبر 2024 06:00 ص
نفق الأحايوة بأخميم سوهاج تحفة هندسية مصرية.. عمره 96 سنة وطوله 1200 متر وارتفاعه 10 أمتار.. نفذته أيادٍ مصرية فى عهد الملك فؤاد.. وشُق فى الجبل ليحمل الماء للصحراء وتحويلها لأراضٍ خصبة.. صور نفق الأحايوة بأخميم سوهاج
سوهاج محمود مقبول

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى قلب محافظة سوهاج، حيث تتناغم الأرض مع التراث، تتوارى قصة لا يعرفها إلا القليلون عن أحد أعظم الإنجازات الهندسية التى نفذها أبناء القرية المصرية بجهدهم وكفاحهم. إنها قصة نفق الأحايوة شرق، الذى شُق فى عهد الملك فؤاد الأول، ليكون بمثابة شريان حياة يغذى آلاف الأفدنة خلف الجبل، بعد أن كانت محرومة من مياه الرى هذه التحفة الهندسية، التى تم العمل عليها بين عامى 1928 و1932، لا تزال شاهدة على عبقرية التصميم، وروح المثابرة التى لطالما كانت جزءاً لا يتجزأ من إرادة الشعب المصرى.

القرية التى احتضنت هذا المشروع العظيم هى قرية الأحايوة شرق، التابعة لمركز أخميم، وهى واحدة من القرى التى تعيش تحت ظلال التاريخ وتختزن بين طياتها حكايات من المجد والكفاح فى تلك السنوات البعيدة، لم تكن فكرة حفر نفق فى عمق جبل من الصخور فكرة متاحة بسهولة أو متوقعة ولكن مع تصاعد الحاجة الماسة إلى مياه الرى لمساحات زراعية شاسعة كانت محرومة من تدفق المياه خلف هذا الجبل، برزت الضرورة الملحة لتنفيذ مشروع لم يكن أحد يتصور أنه سيتحقق بهذه العظمة.

البداية جاءت عندما فكرت وزارة الأشغال فى عهد الملك فؤاد فى إنشاء قناطر نجع حمادى لتوفير المياه لمساحات كبيرة من أراضى الوجه القبلى إلا أن المشروع واجه عقبات هائلة، حيث لم يكن إنشاء القناطر وحده كافياً لتلبية احتياجات تلك الأراضى البعيدة. فكان لابد من مد ترعتين تستمدان المياه من القناطر، إحداهما سُميت بالترعة الفؤادية وتمتد غرب النيل، والأخرى الترعة الفاروقية وتمر شرق النيل.

هنا، بدأت القصة الحقيقية للنفق أثناء شق الترعة الفاروقية، اصطدم العمال بتحديات طبيعية لم تكن فى الحسبان؛ طبقات من الصخور الصلبة تمتد لأكثر من ثلاثة كيلومترات، وجبل الأحايوة الذى وقف حاجزاً طبيعياً ضخماً أمام استكمال المشروع فى ذلك الوقت، كانت هناك اقتراحات عدة للتعامل مع المشكلة، إلا أن الرأى استقر على الحل الأكثر جرأة: شق نفق داخل الجبل نفسه.

كانت هذه الفكرة تبدو مستحيلة بالنسبة للكثيرين فى ذلك الوقت، ولكنها أصبحت حقيقة بفضل التزام وتفانى الشركة الألمانية التى تم تكليفها بالإشراف على المشروع بدأت الأعمال بشق فتحتين من جانبى الجبل، وكانت فرق العمل تعمل بشكل متواصل حتى التقت الفتحتان فى منتصف الجبل، فى مشهد كان بمثابة لحظة انتصار للهندسة والإرادة البشرية بعد ذلك، تم توسيع النفق ليبلغ طوله الفعلى حوالى 940 متراً، وعرضه فى الأسفل 8.60 متر، وفى الأعلى 10 أمتار، مع ارتفاع يصل إلى 6.60 متر.

تكلفة المشروع آنذاك بلغت ربع مليون جنيه، وهو مبلغ كبير جداً بالنسبة لتلك الفترة، إلا أن ما تم تحقيقه كان يستحق كل تلك التكاليف اليوم، يعد النفق بمثابة معجزة هندسية، ولكن فى تلك الفترة، كان يشكل رمزاً لصمود الشعب المصرى وقدرته على التغلب على التحديات الطبيعية بأقل الإمكانيات الممكنة.

خلال العمل فى النفق، كانت هناك عدة مفارقات مهمة من بينها، إسناد المهام الفنية الأساسية للمهندسين المصريين بعد أن أثبتوا جدارتهم الكبيرة فى البداية، تم تعيين مهندس إنجليزى للإشراف على العمل، ولكن خلال إحدى إجازاته، تم تكليف المهندس المصرى فريد أفندى سيف بمواصلة العمل أثبت سيف كفاءة عالية فى الإشراف على المشروع، مما دفع وزارة الأشغال للإبقاء عليه فى موقعه، وتقديراً لذلك، تم إحلال المصريين محل العمالة الأجنبية فى الجوانب الفنية، وهو ما شكل دافعاً كبيراً للفخر والاعتزاز الوطنى.

اليوم، وبعد مرور أكثر من 96 عاماً على افتتاح النفق، يبدو وكأنه واحد من الأسرار المحفوظة فى قلب سوهاج لم يسبق لأحد دخوله منذ سنوات طويلة جداً، ويظل النفق محتفظاً بأجوائه الغامضة، حيث تسكن خيوط العنكبوت سقفه، وتتراكم الطحالب على جوانبه، وتعيش فيه كائنات لا تجدها فى أماكن أخرى. من بين تلك الكائنات أسماك الزمار والبلطى، بالإضافة إلى حيوان "الورن" الذى يشبه التمساح ولكنه غير مفترس كل هذه التفاصيل الصغيرة تجعل من النفق أكثر من مجرد مشروع هندسي؛ إنه جزء من الطبيعة والتاريخ الذى يختزن فى داخله الكثير من القصص.

على الرغم من أن النفق يمتلئ بالمياه طوال العام، إلا أن منسوب المياه ينخفض فى فترة السدة الشتوية، مما يسهل دخول النفق واستكشافه ومع ذلك، لا يدخل النفق سوى عدد قليل جداً من الأشخاص، أبرزهم ثلاثة صيادين يقيمون بشكل دائم فى المنطقة المحيطة بالنفق هؤلاء الصيادون يعرفون النفق وتاريخه وأسراره بشكل أفضل من أى شخص آخر، حيث أنهم اعتادوا الدخول والخروج منه لصيد الأسماك. ورغم غموضه وإغلاقه لسنوات طويلة، إلا أن النفق لا يزال يفتح أبوابه لأولئك الذين يرغبون فى استكشافه.

من ناحية أخرى، لا يمكن تجاهل الأثر الاجتماعى والاقتصادى الذى أحدثه النفق على حياة المزارعين فى تلك المنطقة فبفضل هذا المشروع الضخم، تم استصلاح آلاف الأفدنة من الأراضى الزراعية التى كانت محرومة من المياه لم يكن الأمر يتعلق فقط بحفر نفق، بل كان يتعلق بتغيير حياة مجتمعات بأكملها كانت تعتمد على الزراعة كمصدر رئيسى للدخل ومع تدفق المياه من الترعة الفاروقية عبر النفق، تحولت تلك الأراضى إلى مساحات خضراء تنتج محاصيل متنوعة، مما ساهم فى تحسين الأوضاع الاقتصادية للمزارعين فى المنطقة.

وفى النهاية، يمثل نفق الأحايوة شرق أكثر من مجرد إنجاز هندسي؛ إنه رمز لصمود الشعب المصرى وتفانيه فى العمل، وإصراره على التغلب على التحديات مهما كانت صعوبتها على الرغم من أن هذا المشروع نُفذ قبل أكثر من 96 عاماً، إلا أن ذكراه لا تزال حية فى قلوب أبناء سوهاج، وتظل حكاية النفق شاهدة على عظمة الإرادة المصرية التى لا تعرف المستحيل.

 

 

لوحة مدون عليها اسم النفق فى عهد الملك
لوحة مدون عليها اسم النفق فى عهد الملك

 

معلومات تاريخية عن النفق
معلومات تاريخية عن النفق

 

 

نفق الأحايوة بأخميم سوهاج تحفة هندسية مصرية
نفق الأحايوة بأخميم سوهاج تحفة هندسية مصرية

 

 

نفق الأحايوة بأخميم سوهاج تحفة هندسية
نفق الأحايوة بأخميم سوهاج تحفة هندسية

 

 

نفق الأحايوة بأخميم سوهاج
نفق الأحايوة بأخميم سوهاج

 

 

نفق الأحايوة بسوهاج تحفة هندسية
نفق الأحايوة بسوهاج تحفة هندسية

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة