أثارت الضربات العسكرية التى وجهتها الولايات المتحدة وبريطانيا ضد الحوثيين فى اليمن فى الساعات الأولى من صباح الجمعة، اهتماما واسعا فى الصحف الغربية، وقالت صحيفة واشنطن بوست إن هذه الضربات ستزيد بشكل مؤكد التوترات فى الشرق الأوسط، والتى كانت قد اتسعت بالفعل منذ عملية السابع من أكتوبر.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحرب المستعرة على غزة قد أصابت إدارة بايدن بقلق عميق من أن اى رد عسكرى على الحوثيين قد يستعدى تصعيدا أكبر من قبل إيران.
وقال مسئولون أمريكيون إن حادث يوم الثلاثاء الماضى كان نقطة تحول. حيث أسقطت القوات الأمريكية والبريطانية 18 طائرة هجومية أحادية الاتجاه وصاروخين كروز وصاروخا باليستيا تم إطلاقها أثناء تحرك عشرات السفن التجارية عبر البحر الأحمر، وفقا للقيادة المركزية الأمريكية، التى تنسق النشاط العسكرى الأمريكى فى جميع انحاء الشرق الأوسط، وتم صد الهجوم بواسطة مجموعة من السفن الحربية والطائرات القتالية.
وقال مسئول رفيع المستوى بالإدارة الأمريكية إنه فى حين أن الضربات الأخيرة ستحد من قدرة الحوثيين على شن هجمات مستقبلية، إلا أن المسئولين لن يفاجأوا لو استمر العنف.
وفى الوقت الذى أدى فيه دعم إدارة بايدن لحرب إسرائيل على غزة إلى وضع الولايات المتحدة فى حالة خلاف مع العديد من شركائها حول العالم، فإن الإدارة حاولت جذب الدول الحليفة لتكثيف الضغط على الحوثيين، ووضع هذه الجهود فى إطار "حملة دولية". وكان بيان بايدن بعد الضربات يعكس هذا الأمر، حيث أشار إلى أن أكثر من 40 دولة أدانت هجمات الحوثيين.
وعن رد الفعل داخل أمريكا، قالت واشنطن بوست إن النائبة إليسا سلوتكين،نائب رئيس لجنة الاستخبارات والعمليات الخاصة الفرعية بمجلس النواب، كانت من بين الديمقراطيين الذين أشادوا بقرار الإدارة الرد على الحوثيين. وقالت إن حجم وتعقيد نشاط الحوثيين أوضح لها الحاجة إلى إعادة تأسيس الردع.
فى حين تساءل أغلب الجمهوريين لماذا لم يوافق بايدن على الإجراء العسكرى فى وقت مبكر. وقال السينتاور روجر ويكر، أرفع جمهورى بلجنة الخدمات المسلجة بمجلس الشيوخ، إن الضربات قد تأخرت شهرين، لكنها خطوة أولى جيدة نحو استعادة الردع فى البحر الأحمر.
إلا أن بعض المحللين يشككون فى أن العملية ستحقق الأثر المنشود بردع هجمات البحر الأحمر.
وقال مايكل نايتس، الخبير فى معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إن الحوثيين يفوزون بتلقى ضربة أمريكية، مهما كانت شدتها، وإثبات أن بإمكانهم مواصلة مهاجمة السفن، مشيرا إلى أن ردعهم لن يكون سهلا. بينما قال آخرون إن الرد القوى كان ضروريا. وأوضح الجنرال المتقاعد كينيث ماكينزى فى وقت سابق أنه من المهم إلحاق الألم بالمسلحين المسئولين.
قالت صحيفة الجارديان البريطانية إن الضربات الأمريكية والبريطانية ضد الحوثيين فى اليمن قد تجلب الرئيس الأمريكى جو بايدن بدرجة أكبر إلى حرب إقليمية سعى إلى تجنبها.
وكان بايدن قد أعلن أن الولايات المتحدة وبريطانيا وجهتا "بنجاح" ضربات للحوثيين ردا على هجمات الجماعة المدعومة من إيران على سفن في البحر الأحمر. وقال بايدن في بيان "بتوجيه مني، نفذت القوات العسكرية الأمريكية بالتعاون مع بريطانيا وبدعم من أستراليا والبحرين وكندا وهولندا ضربات ناجحة ضد عدد من الأهداف في اليمن التي يستخدمها الحوثيون لتعريض حرية الملاحة للخطر فى أحد الممرات المائية الأكثر حيوية في العالم".
ووصف الرئيس الأمريكى الضربات بأنها "رد مباشر" على هجمات "غير مسبوقة" شنها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر شملت "استخدام صواريخ بالستية مضادة للسفن".
ونقلت الجارديان عن مسئولين أمريكيين قولهم، إنه لو لم يتم ردع الحوثيين، فإن قدراتهم يمكن أن تتدهور على الأقل، ويمكن تفجير مواقع الصواريخ وتدمير مراكز القيادة.
وأشارت الجارديان إلى أن بعض المحللين يجادلون بأن الضربات الأمريكية والبريطانية يمكن أن تقوى الحوثيين، وترفع شأنهم فيما يسمى بـ "محور المقاومة" الذى تقوده إيران ضد إسرائيل والغرب، ويجعلهم طرفا عالميا.
لكن الصحيفة رأت أن أكثر ما يثيير الخوف أنه بعد هذه الضربات، أصبحت الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاؤهما أقرب خطوة من المواجهة المباشرة مع إيران. ونقلت الجارديان عن مسئول رفيع المستوى بالإدارة الأمريكية قوله إن إيران مشاركة من الناحية العملية فى إجراء هذه الهجمات، وتوفر المعلومات والاستخبارات للحوثيين، وقدت لهم نفس القدرات التى استخدموها فى شن هجماتهم.
وأوضح المسئول أن سياسة الإدارة الأمريكية فى الرد ستكون الالتزام بحملة من الضغط الاقتصادى والعزلة التى قادتها الولايات المتحدة ضد طهران على مدار سنوات، إلا أن أى جهود لتخفيف تهديد الحوثيين للسفن من المرجح أن يتطلب المزيد، بما فى ذلك إجراءات قوية لمنع الحوثيين من تجديد إمدادا أسلحتهم، وهو ما يعنى بدوره إيقاف السفن القادمة من إيران.
وحتى الآن، تخطط الولايات المتحدة لمزيد من الهجمات لو واصل الحوثيون مضايقة التجارة البحرية، املا فى أن يغيروا فى مرحلة ما حساباتهم الخسارة والمكسب.
وقال المسئول الذى لم تذكر الصحيفة اسمه، إن هذا قد يكون أو لا يكون الكلمة الأخيرة فى الأمر، وعندما يكون لدى واشنطن المزيد لقوله أو فعله ، فإنها ستكشف عنه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة