سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 سبتمبر 1260.. «قطز» يطلق صيحته: «وا إسلاماه» وينتصر على المغول فى موقعة «عين جالوت» وينقذ العالم الإسلامى من خطر فادح

الأحد، 03 سبتمبر 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 سبتمبر 1260.. «قطز» يطلق صيحته: «وا إسلاماه» وينتصر على المغول فى موقعة «عين جالوت» وينقذ العالم الإسلامى من خطر فادح سيف الدين قطز

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دقت الطبول لتجميع قوات جيش المماليك بقيادة سيف الدين قطز فى الوادى، واتخذ جيش المغول موقعه صوب الجبل، استعدادا للمعركة الفاصلة بينهما بعد طلوع شمس 3 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1260، فى بلدة «عين جالوت» التى تقع بين بيسان ونابلس بالريف الفلسطينى، وأسماها الفرنج بعد احتلالهم فلسطين «طوبانيا»، حسبما يذكر الدكتور قاسم عبده قاسم فى كتابه «عصر سلاطين المماليك - التاريخ السياسى والاجتماعى».
 
يوضح قاسم، أن الزحف المغولى بدأ يطوى العالم الإسلامى منذ عام 1219 عندما أغاروا على بلاد السلطان «علاء الدين محمد بن خوارزم شاه»، ووصلت قوات جنكيز خان إلى بخارى فى فبراير سنة 1220 ثم دخلوها بعد ثلاثة أيام من الحصار، وأجبر أهالى المدينة على مغادرتها دون أن يحملوا معهم شيئا من متاعهم، وفى عام 1258 قصد هولاكو الأراضى الإسلامية لتدمير الخلافة العباسية فى بغداد، وتواصل الزحف التتارى حتى وصل إلى أطراف بلاد الشام، وفى هذه الأثناء كان السلطان قطز يواصل تصفياته لمعارضيه بعد أن اعتلى عرش السلطنة فى مصر، ووصلت رسل هولاكو إلى القاهرة.
 
يذكر قاسم، أن رسل هولاكو كانوا أربعة يحملون خطابا يفيض غطرسة ويطالب بالاستسلام قائلا: «كثيركم عندنا قليل، وعزيزكم لدينا ذليل، وبغير المذلة ما لدنياكم علينا من سبيل، فلا تطلبوا الخطاب، وأسرعوا رد الجواب قبل أن تضرم الحرب نارها، وتورى شرارها، فلا تجدون منا جاها ولا عزا، ولا كتابا ولا حرزا، إذ أذتكم رماحنا أذا، وتدهون منا بأعظم داهية، وتصبح بلادكم منا خالية، وعلى عروشها خاوية».
 
جمع «قطز» الأمراء وشاورهم فى الأمر، فاتفقوا على قتل الرسل، وعلقوا رؤوس القتلى على باب زويلة، وأبقى «قطز» على صبى من الرسل وجعله من جملة مماليكه، ويذكر قاسم، أن هذا التصرف كان بمثابة «إعلان حرب»، وبالفعل نودى فى القاهرة وسائر إقليم مصر بالخروج إلى الجهاد فى سبيل الله ونصرة لدين رسول الله.
 
يؤكد «قاسم» أن الخوف من المغول كان بمثابة القيد الذى أقعد أمراء وجنود عن الخروج لملاقاة العدو، ويستشهد بنص أورده تقى الدين المقريزى يؤكد هذا الاحتمال تقول كلماته: «تقدم الملك المظفر لسائر الولاة بإزعاج الأجناد للخروج للسفر، ومن وجد منهم قد اختفى يضرب بالمقارع، وسار حتى نزل الصالحية، وتكامل عنده العسكر، فطلب الأمراء وتكلم معهم فى الرحيل، فأبوا كلهم عليه وامتنعوا من الرحيل، فقال لهم: يا أمراء المسلمين، لكم زمان تأكلون أموال بيت المال، وأنتم للغزاة كارهون، وأنا متوجه، فمن اختار الجهاد يصحبنى، ومن لم يختر ذلك يرجع إلى بيته، فإن الله مطلع عليه، وخطيئة حريم المسلمين فى رقاب المتأخرين».
 
يضيف «المقريزى»: «تكلم الأمراء الذين تخيرهم وحلَفهم فى موافقته على السير، فلم يسع البقية إلا الموافقة وانفض الجميع»، وفى الليل ركب السلطان وحرك كوساته، وقال: أنا ألقى التتار بنفسى، فلما رأى الأمراء مسير السلطان وعزمه على الحرب خرجوا وهم فى حال من التردد، وخرج قظز بجيشه فى أغسطس 1260.
 
جرت المعركة وهناك الكثير فى تفاصيلها، أهمها كفاءة قطز العسكرية فى إدارتها، ومنها وحسب قاسم، أنه جهز قراره القتالى قبل بدء المعركة بأن يزحف بجيوشه بواسطة مقدمات الجيش، وليس كالمعتاد بواسطة جواسيس أو طلائع محددة، حيث أرسل «بيبرس» على رأس مقدمة الجيش لاستطلاع قوات التتار ودراسة مواقعهم وقواتهم وأسلحتهم وقيادتهم وخططهم، وكان هذا هو الشىء الجديد فى ذلك الزمن الذى لم تعرفه الحروب العربية السابقة، ولو وضعنا هذه الكفاءة العسكرية إلى جانب الكفاءة المعنوية التى أطلق فيها قطز صيحته الشهيرة «وا إسلاماه»، سيكون الحاصل أننا أمام قائد فذ استطاع إنزال الهزيمة بقوة بالغة البطش فى معركة قتل فيها قائدها المغولى «كتبغا نوين» وأسر ابنه. 
 
يصف «قاسم» هذه المعركة بأنها «واحدة من أكثر المعارك حسما فى التاريخ»، ويرى: «أن انتصار عين جالوت أنقذ العالم الإسلامى من خطر فادح لم يواجه مثله من قبل، ذلك أن المغول إذا استولوا على مصر لم تكن هناك دولة إسلامية كبيرة أخرى يمكن أن تواجههم، وكانت «عين جالوت» بمثابة المسمار الأخير فى نعش الوجود المغولى ببلاد الشام من ناحية، كما كان نذير شؤم بالنسبة للوجود الصليبى فى هذه البلاد من ناحية أخرى. يذكر «قاسم»، أن خبر هزيمة المغول وصل إلى دمشق يوم 27 رمضان سنة 658 هجرية، وفى آخر الشهر وصل إلى ضواحى دمشق وعسكر هناك حتى دخلها فى الثانى من شوال، وقام بترتيب الحكم فيها، وفى 26 من شوال توجه بجيشه الظافر صوب مصر، وبينما كانت القاهرة تتزين لاستقبال القائد المنتصر كان القدر يخبئ له مصيرا مأساويا بقتله على يد أبرز قادة جيشه وغريمه الأمير بيبرس.    









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة