العمة فوق الرأس ستر للفلاح، هكذا قال أهالى المنيا، عن العمة أو العمامة والطاقية التى يتم وضعها فوق الرأس، خاصة فى محافظات الصعيد، حيث تحولت هذه العمة من مجرد غطاء للرأس، إلى عنوان للفلاح لا يمكن أن يخرج من منزله بدون الطاقية والعمة والجلباب الواسع، وهذا يتميز به من لم يحالفه الحظ فى المراحل التعليمية، أو المتسربين من التعليم.
ويختلف شكل العمة على الرأس من محافظة إلى أخرى، لكنها متشابهة فى مراكز المحافظة الواحدة، وهى عبارة عن شال أبيض يغطى طاقية، إما بيضاء أو مصنوعة من الصوف، كما كان يحدث فى الماضى، لكن غازل الطاقية، ومهنته قد انقرضت مع مرور الايام.
قال عم محمد عبد النعيم ابوالمكارم من قرية البرجاية بمركز المنيا، أن الرجل عندما يبلغ 60عاما وهو مزارع أو فلاح، لا يستطيع أن يخرج من منزله بدون وضع الطاقية والعمامه على رأسه، لان تلك العمامة، تتحول إلى عنوان للمزارع أو الفلاح، الذى لم يستطع استكمال دراسته أو لم يلتحق بالتعليم، وهذه العمامة متوارثة عن الأجيال الماضية لكن بأشكال مختلفة.
وأضاف عم محمد قائلا، أن العمامة فى الماضى كان الرجل يهتم بها بشكل كبير وكانت عبارة عن طربوش أحمر بزر وفوقه شال، ويقوم الرجل بلفها على قدمه أولا ثم يضعها على رأسه حتى يتأكد أنه مضبوطة، لكن اليوم تم استبدال الطاربوش بالطاقية، التى كانت منتشرة أيضا فى الماضى وكانت تصنع من صوف الأغنام، وكان يوجد فى كثير من القرى من يصنعونها، لكن اختفت اليوم تلك المهنة ولم يبق منها سوى بعض الأشخاص فى مراكز مختلفة، كما أن صناعة الطاقية من صوف الأغنام انقرض تماما.
وأشار عم محمد قائلا: العمامة مهمة جدا لنا، لأننا نتعرض للشمس لفترات طويلة، حتى فى فصل الشتاء تدفئ الرأس من البرد، لذلك فإن أغلب المزارعين يرتدونها بشكل دائم ولا يخلعونها إلا فى المنزل، لكن عندما يخرج لابد أن يضعها على رأسه لأنها عنوانه.
أما أحمد على محمود أحد المزارعين قال: وضعت العمامة على رأسى وعمرى 14عاما، فقد خرجت ورأيت والدى يرتديها، لذلك وضعتها مبكرا، فأنا لم التحق بالمدرسة وكل وقتى أقضية فى الزراعات، فهى تحمى رأسى من أشعة الشمس، وهى عبارة عن شال وطاقية، نشتريهما من التجار، بعد أن اختفت تلك الصنعة من القرى، فقد كان يوجد فى كل قرية غازل الطاقية، التى كانت تعتد على مهارة اليد، عن طريق صوف الأغنام.
وأضاف أن ربط العمامة وشكلها يختلف من مكان لمكان، ولم تطور كثيرا، فهى كما كانت عليه فى الزمن الماضى، وأغلب العمامات الكبيرة توجد فى الجنوب من اسيوط إلى قنا فهم متميزون جدا فى ربط تلك العمامة، وتميزهم عن محافظات كثيرة فى مصر.
أما منصور شكرالله جوارجى، قال أن العمامة فى الماضى كانت مرتبطة بشكل الرجل خاصة فى الصعيد، والذى يتميز بالجلباب الواسع والعمه الكبيرة، ذات اللفة المميزة جدا، فاذا رايتها تستطيع أن تعرف هذا الشخص من أى محافظة بالصعيد، والعمامة فى أسيوط وقنا وسوهاج متشابه، لكنها تختلف فى محافظة المنيا، فلا توجد بها ربطة مميزة بل توضع الطاقية وفوقها الشال، ويترك دون لفه، لكن تلك العمامة هامة جدا بالنسبة لنا، ويعد تطورها بسيط جدا، ويختلف فى نوعية الطاقية وليس فى الشال الأبيض، حيث أن الشال لم يتغير فيه شيء، بينما ما تغير هى الطاقية أسفل الشال.
وقال أن الطاقية فى الماضى كنا نشتريها بقرشين، وكانت مصنوعة على يد غازل الطواقى، من صوف الأغنام، وكانت مدببة، أو كما يطلق عليها "مقرنة"، وهذا النوع من الطواقى كان يرتديه أشخاص بأعينهم، ومداحين الأفراح، الذين كانوا يجوبون القرى.
أما أحمد رشاد أحد المزارعين قال أن كل أقليم له ما يميزه، فاقليم جنوب الصعيد يتميز بالجلباب الواسع، والعمامة، وهذه الأشياء من الموروثات القديمة، التى وصلت إلينا فى العصر الحاضر، ومازال الأبناء يحافظون عليها بل هى عنوان لأهالى تلك المناطق فى مصر، وهذا النوع من الملبس لا يفرض على أحد لكنه يعد فرض على من لا يحالفه الحظ فى التعليم، فهو لا يستطيع الخروج من منزله بدونها، لانها تميزه عن الشخص المتعلم، مع أن الكثير الآن وخاصة الشباب تخلى عن تلك العادة ورفضها حتى لا يكون هناك تمييز بين أهالى المكان الواحد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة