الفريق محمد حجازى: تطور التسليح فى العالم يتطلب منظومة دفاع جوى متكاملة مزودة بأنظمة متنوعة من دول مختلفة سواء شرقية أو غربية
عام 1968 صدر القرار الجمهورى رقم 199 بإنشاء قوات الدفاع الجوى لتمثل القوة الرابعة فى قواتنا المسلحة الباسلة، وتحت ضغط هجمات العدو الجوى المتواصل بأحدث الطائرات (فانتوم، سكاى هوك) ذات الإمكانيات العالية مقارنة بوسائل الدفاع الجوى المتيسرة فى ذلك الوقت تم إنشاء حائط الصواريخ ومن خلال التدريب الواقعى فى ظروف المعارك الحقيقية خلال حرب الاستنزاف تمكنت تجميعات الدفاع الجوى صباح يوم 30 يونيو عام 1970 من إسقاط عدد (2) طائرة فانتوم، عدد (2) طائرة سكاى هوك وتم أسر ثلاث طيارين إسرائيليين وكانت هذه أول مرة تسقط فيها طائرة فانتوم وتوالى بعد ذلك سقوط الطائرات حتى وصل إلى عدد (12) طائرة بنهاية الأسبوع وهو ما أطلق عليه أسبوع تساقط الفانتوم واتخذت قوات الدفاع الجوى يوم الثلاثين من يونيو عام 1970 عيد ًا لها.
وفى ذكرى الاحتفال السنوى لقوات الدفاع الجوى من كل عام، حرصت " اليوم السابع" على لقاء الفريق محمد حجازى، قائد قوات الدفاع الجوى، الذى أكد أن يوم 30 يونيو 1970 هو البداية الحقيقية لاسترداد الكرامة ومنع طائرات العدو من الاقتراب من سماء الجبهة المصرية، والذى أكد أن الحائط تم بناؤه فى ظروف بالغة الصعوبة، فى ظل التلاحم بين الشعب المصرى وأبنائه من قوات الدفاع الجوى أثناء الإعداد والتجهيز للحرب، حيث كان الصراع بين الذراع الطولى لإسرائيل المتمثل فى قواتها الجوية لمنع إنشاء هذه التحصينات وبين رجال الدفاع الجوى ومن خلفهم أبطال الشركات المدنية للإنشاءات أثناء تجهيز الدشم المحصنة وكذلك توفير الوقاية المباشرة عن هذه المواقع بالمدفعية المضادة للطائرات.
"جولدا مائير" رئيسة وزراء اسرائيل: كتائب الصواريخ المصرية كعش الغراب كلما دمرنا أحدها نبتت أخرى
وعن بطولات الدفاع الجوى فى حرب أكتوبر يؤكد الفريق محمد حجازى، أن رجال الدفاع الجوى بدأوا الإعداد والتجهيز لحرب التحرير واستعادة الأرض والكرامة فى أكتوبر 1973 من خلال استكمال التسليح لأنظمة جديدة لرفع مستوى الاستعداد القتالى واكتساب الخبرات القتالية العالية خلال فترة وقف إطلاق النار، وتم وصول عدد من وحدات الصواريخ الحديثة سام - 3 (البتشورا) وانضمامها لمنظومات الدفاع الجوى بنهاية عام 1970، وإدخال منظومات حديثة من الصواريخ ( سام -6) فى عام 1973، وخلال فترة وقف إطلاق النار نجحت قوات الدفاع الجوى فى حرمان العدو الجوى من استطلاع قواتنا غرب القناة بإسقاط طائرة الاستطلاع الإلكترونى ( الإستراتوكروزار ) صباح يوم 17 سبتمبر 1971.
وأضاف أن مهمة قوات الدفاع الجوى كانت بالغة الصعوبة لأن مسرح العمليات لا يقتصر فقط على جبهة قناة السويس بل يشمل مساحة مصر كلها بما فيها من أهداف حيوية سياسية واقتصادية وقواعد جوية ومطارات وقواعد بحرية وموانئ استراتيجية، وفى اليوم الأول للقتال يوم السادس من أكتوبر 1973 هاجم العدو الإسرائيلى القوات المصرية القائمة بالعبور حتى أخر ضوء بعدد من الطائرات كرد فعل فورى توالت بعدها الهجمات الجوية بإعداد صغيرة من الطائرات خلال ليلة 6/7 أكتوبر وتصدت لها وحدات الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات حتى نجحت فى إسقاط أكثر من (25) طائرة بالإضافة إلى إصابة إعداد أخرى وأسر عدد من الطيارين، وعلى ضوء ذلك أصدر قائد القوات الجوية الإسرائيلية أوامره للطيارين بعدم الاقتراب من قناة السويس لمسافة لا تقل عن 15 كم، وفى صباح يوم 7 أكتوبر 1973 قام العدو بتنفيذ هجمات جوية على القواعد الجوية والمطارات المتقدمة وكتائب الرادار ولكنها لم تجنى سوى الفشل ومزيد من الخسائر فى الطائرات والطيارين، وخلال الثلاثة أيام الأولى من الحرب فقد العدو الجوى الإسرائيلى أكثر من ثلث طائراته وأكفأ طياريه الذى كان يتباهى بهم ، وكانت الملحمة الكبرى لقوات الدفاع الجوى خلال حرب أكتوبر مما جعل (موشى ديان) يعلن فى رابع أيام القتال عن أنه عاجز عن اختراق شبكة الصواريخ المصرية وذكر فى أحد الأحاديث التلفزيونية يوم 14 أكتوبر 73 (أن القوات الجوية الإسرائيلية تخوض معارك ثقيلة بأيامها، ثقيلة بدمائها).
وكشف قائد قوات الدفاع الجوى أن هناك صراع دائم ومستمر بين منظومات الدفاع الجوى وأسلحة الجو المتمثلة فى العدائيات الجوية الحديثة التى أصبحت لا تقتصر على الطائرات المقاتلة بل شملت أسلحة الهجوم الجوى الحديثة المسلحة بها الطائرات وبرز حالياَ التحدى الأكبر وهى الطائرات الموجهة بدون طيار بتعدد استخداماتها وأساليبها وإمكانياتها وأضيف عليها الصواريخ البالستية والطوافة وكافة أنواع الأسلحة الذكية ذات الأبعاد المتعددة والمزودة بإمكانيات تكنولوجية وفضائية والتطور فى العدائيات مستمرًا بظهور الصواريخ الفرط صوتية، مما يستوجب تواجد منظومة دفاع جوى متكاملة مزودة بأنظمة من مصادر تسليح متنوعة من دول مختلفة سواء الشرقية أو الغربية بتقنيات حديثة وتكنولوجيا معقدة يجعلها من أعقد المنظومات فى العالم.
وأشار الفريق حجازى، إلى أن هذا يتطلب جهد كبير ليتوافق عمل هذه الأنظمة مع بعضها للتكامل وتكون قادرة على التعامل مع تلك العدائيات ويتم بناء المنظومة من عناصر استطلاع وإنذار باستخدام أجهزة رادار ذات مدايات مختلفة تقوم بأعمال الكشف والإنذار وعناصر مراقبة جوية بالنظر بالإضافة إلى عناصر إيجابية من المقاتلات والصواريخ والصواريخ المحمولة على الكتف لتوفير الدفاع الجوى عن الأهداف الحيوية للدولة وعن التشكيلات التعبوية على كافة الاتجاهات الاستراتيجية، ووصولًا إلى مستوى الحماية الذاتية تتم السيطرة على المنظومة بواسطة نظام متكامل للقيادة والسيطرة على مختلف المستويات تعمل فى تعاون وثيق مع القوات الجوية، والحرب الإلكترونية بهدف الضغط المستمر على العدو الجوى ومنعه من تنفيذ مهامه وإفشال هدفه وتكبيده أكبر خسائر ممكنة.
وأوضح الفريق محمد حجازى أنه نتيجة المتغيرات الحادة التى تشهدها الساحة الدولية اليوم والتطور السريع والحاد فى تكنولوجيا التسليح، فإن امتلاك قوة الردع وأساليب مجابهتها أصبح أكثر طلبا وأشد إلحاحا وأصبحت القوة العسكرية لأى دولة من المتطلبات الأساسية، للدفاع عن الحقوق ولحماية المصالح ولدرء المعتدين صونًا لأمنها القومى وأصبحت الحروب وتطورها مبنية على العلم والتكنولوجيا، وتظهر أهمية دور الدفاع الجوى والتركيز على تحييده دائمًا فى بداية العمليات العسكرية من خلال طبيعة المهمة الملقاة على عاتقه، من تأمين المجال الجوى وتأمين التجميعات الرئيسية للقوات المسلحة والأهداف الحيوية الهامة على كافة الاتجاهات الاستراتيجية، لأنه عند تحييد الدفاع الجوى يصبح لدى العدو الفرصة للحصول على السيطرة الجوية وامتلاك مسرح العمليات وتحقيق التأثير على كافة الأهداف وخاصة فى ظل التوسع فى استخدام الهجمات السيبرانية والعدائيات الجوية الحديثة من أسلحة ذكية وصواريخ طوافة وطائرات بأنظمة غير مأهولة وأنظمة حرب إلكترونية بصورها ومداياتها المختلفة كل ذلك لتحييد عناصر الدفاع الجوى، وذلك يتطلب استعداد قتالى وكفاءة قتالية عالية فى السلم والحرب لاستيعاب التكنولوجيا المتقدمة.
وشدد قائد قوات الدفاع الجوى، أن هناك تطوير وتحديث الأسلحة والمعدات بما يحقق تنمية القدرات القتالية للقوات والمحافظة على حالة الاستعداد القتالى لمنظومة الدفاع الجوى طبقًا لعقيدة القتال المصرية، بالإضافة إلى أعمال العمرات وإطالة أعمار المعدات الموجودة بالخدمة حاليًا، وتقديم الدعم الفنى فى إطار التعاون مع الدول الصديقة والشقيقة من خلال خطة محددة ومستمرة والاشتراك بالمعارض الدولية للاطلاع على أحدث ما وصلت إليه ترسانة التسليح العالمية كما نشترك بمعرض EDEX والذى يعتبر لبنة أساسية فى المنافسة والتطوير لأنظمة التسليح.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة