عبر غالب بن الشيخ، رئيس مؤسسة إسلام فرنسا، عن رغبته في تعزيز التعاون مع مؤسسة الأزهر الشريف، ومد جسور التواصل لإرساء مرحلة جديدة للتعاون، خاصة بعد زيارته اليوم الأزهر الشريف، معلنًا عن تنظيم ندوة دولية في باريس بحضور فضيلة شيخ الأزهر أحمد الطيب، ومفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام، خلال العام المقبل، وستكون عن الحريات وخاصة حرية التعبير.
وأشاد الدكتور غالب بن الشيخ حسين، بدور الأزهر العلمي والدعوي ونشر قيم الحوار والسلام في كل أنحاء العالم، مؤكدًا أن أهم مايميز مؤسسة الأزهر عن غيرها من المؤسسات أنها تهتم بالمجال الدعوي والمجال الإنساني دون إهمال أحدهما، كما ترسخ قيما إيجابية للمجتمعات بل للعالم كله.
وأكد بن الشيخ في مؤتمر صحفى في إطار فعاليات سفارة فرنسا الثقافية والتي تأتى تحت عنوان " طرق السلام"، علي ضرورة عدم اختزال الحضارة الإسلامية حول العالم في العنف والحجاب، مشيرا إلي أن أفضل رد علي التطرف هو التربية والتكوين والقيم الجمالية.
وينظم المعهد الفرنسي في مصر وسفارة فرنسا وشركاؤها المصريون، من السبت 27 إلى الثلاثاء 30 مايو، فعالية ثقافية بعنوان "طرق السلام" وهي عبارة عن سلسلة من البرامج الثقافية التي تدور حول التراث الديني في المدينة تشمل نقاشات وحفلات موسيقية وعروض وأنشطة مفتوحة للجمهور ومنها زيارات مواقع دينية فريدة.
وأكد غالب بن شيخ، عدم وجود قانون في فرنسا يمنع التزام المرأة المسلمة، وعدم أحقيتها في ارتداء الحجاب في الشوارع أو ارتداء البوركيني علي الشواطئ، ولكن ما يحدث بين الحين و الآخر ليس اكثر من "بروباجندا" إعلامية غير مقبولة مشيرًا إلى أن الحديث عن هذا الأمر غير موجود حاليًا بسبب انهماك الجميع في قانون إصلاح التقاعد.
وقال بن الشيخ، إن الوزن الديموغرافي للمسلمين في فرنسا لا يتماشى مع دورهم السياسي، حيث يمثلون عشر السكان، وبالتالي لا نستطيع أن نقول أنهم قد يؤثروا في العملية الانتخابية ، مشيرا إلي علمانية الدولة وبالتالي التصويت غير مرتبط بالدين، حيث لا توجد أقليات هناك، بل هناك مواطنة فعليًا قائمة على الحقوق و الواجبات.
ولفت بن الشيخ إلي أن التعامل مع الإسلام في فرنسا يختلف عن أوروبا عامة وألمانيا خاصة، ويعود مصطلح الاسلاموفوبيا إلي الخوف من بعض المحسوبين علي الاسلام لكن أعمالهم ترقي في بعض الأحيان إلي الأعمال الإرهابية، كما أن السبب قد يعود إلي مزاعم اليمين المتطرف التي تخشي أسلمة فرنسا، بالإضافة إلي تنامي أعمال عنف وإرهاب ترتبط بالإسلام وتولد الكراهية والبغضاء والشحناء كلها ضد المسلمين.
وأشار بن الشيخ إلى وجود مجموعة من الشباب المسلمين، يتحدثون عن رمضان والحج والصلاة فقط، لإثبات الهوية أكثر من إظهار الالتزام، بما يؤدى إلى التصادم في النهاية وزيادة المخاوف والكراهية ضد المسلمين، ناهيك عن الحملات الإرهابية التي لا يمر أسبوعين وتقع واحدة في باريس، التي بدأت منذ 2012 بالفرنسي من أصل جزائري محمد مراح، مرتكب عمليات قتل تلاميذ مدرسة يهودية بتولوز جنوب فرنسا، بالإضافة إلى الشيشاني الذى ذبح أحد المدرسين، ليزيد الطين بله، خطباء المساجد الذين بدلًا من تنظيم حملات توعوية يكتفون بالتبرؤ من هذه الأعمال و أنها لا تمت للإسلام بصلة.
من جانبه أعرب سفير فرنسا بالقاهرة مارك باريتى عن سعادته للمشاركة فى هذه المحاضرة حول الاسلام فى فرنسا باعتبارها حدثًا ثقافيًا هامًا، مشيرًا الى العلاقات المتميزة بين فرنسا ومصر.
وأوضح السفير أن مشروع طريق السلام يمثل تراث وموروث مجتمعي هام للغاية، وثراء لمعالم وحضارة موجودة هنا في مصر، تمثل حرية الاعتقاد، وفي فرنسا أيضا تضمن التعايش السلمي بين الجميع جنبا إلى جنب.
وقال ان الدكتور غالب بن شيخ يسهم فى نشر الوعى عن معرفة الاسلام فى فرنسا منذ اعوام لاسيما من خلال برامج بالاذاعة والتلفزيون.
وفى نفس السياق قال دافيد سالوديه، مستشار التعاون والنشاط الثقافي ومدير المعهد الفرنسي بمصر ، إلى وجود تعاون وثيق بين مؤسسة الأزهر الشريف والسفارة الفرنسية، والمعهد الفرنسي بالقاهرة، حيث يتم تقديم برامج باللغة الفرنسية، والعديد من المنح والبعثات الطلابية.
وأوضح سالوديه أن المعهد الفرنسي بمصر يمد جسور التواصل بين مصر وفرنسا، من خلال إتاحة الحوار المتبادل والتفاهم بين الثقافتين والشعبين، وتنظيم العديد من الأنشطة مشيرًا إلى أنه ومن خلال برنامج "طرق السلام"، يطلق المعهد الفرنسي حواراً غير مسبوق حول التراث الديني في المدينة، سواء من الناحية المادية حيث يتعلق بالتصميمات المعمارية أو الأماكن التاريخية أومن الناحية الروحانية كالموسيقى والثقافة الشعبية، ويتناول برنامج هذه الفاعلية من العديد من المبادلات تبدأ بندوة افتتاحية غالب بن شيخ، حول الأفق المعاصرة للإسلام في فرنسا وحوارات حول التراث وحول التصوير الفني الذي يمثل كل ما هو ديني وشخصية النبي إبراهيم.
وأكد دافيد أن شركاء المعهد الفرنسي يطرحون زيارات مصحوبة بمرشدين للأماكن التاريخية بالمدينة من مسجد الإمام الشافعي، الذي تم بنائه حول مقبرة هذا الفقيه المؤسس لإحدى المدارس الفقهية الأربعة الكبرى، إلى كنسية سان سيمون، وهي زيارة يقودها النحات ماريو، وأيضا زيارة عدد من المعابد اليهودية، المغلقة تقليديا، ومنها المعبد اليهودي بمصر الجديدة الذي سيستضيف عرض الفيلم الوثائقي "يهود مصر"، بحضور مخرج الفيلم، أمير رمسيس.
يذكر أن الدكتور غالب بن الشيخ، عالم إسلامي جزائري-فرنسي، وهو رئيس مؤسسة الإسلام في فرنسا (FIF) منذ عام ٢٠١٨، وفي نفس العام، أصبح عضوًا في "مجلس حكماء العلمانية"، الهيئة الحديثة التي تم إنشاؤها في وزارة التربية الوطنية.
و حصل بن الشيخ على درجة الدكتوراه في الفيزياء من جامعة بيير وماري كوري في عام ١٩٩٠، وكان بن شيخ ، نائبًا لمدة خمس سنوات لجمعية إبراهيم، وأيضًا للفرع الفرنسي للمؤتمر العالمي للأديان من أجل السلام، وهو مؤلف عشرة كتب تتناول الإسلام والقرآن وعلاقتهما بالأديان الأخرى والعلمانية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة