أندهش بشدة من الأشخاص الذين يتهكمون على مَنْ يوجه لهم سؤالاً بهدف العلم والمعرفة، فهنا لا يكتفون بالإجابة على السؤال، ولكنهم لابد أن يُزيّلوها بعبارة تُوحي بجهل السائل، وقلة اطلاعه ومعرفته، وكأنهم يُريدون أن يُظهروا له أنهم أكثر علمًا وثقافة، وأنه شخص قليل المعلومات، فتبدأ العبارات السخيفة من نوعية "لابد أن تُكثر من القراءة والاطلاع"، "يبدو أن معلوماتك محدودة"، "معقول أنت لا تعرف هذه المعلومة التي يعرفها كل الناس حتى الأطفال".
وهكذا يبدأ التهكم الذي لا نهاية له، وكأن مَنْ فكر في السؤال ارتكب ذنبًا لابد أن يُكفِّر عنه طيلة الوقت، فيتناسون أنهم بذلك يتسببون في كشف طبيعة مَنْ أمامهم وإحراجه وجرحه، علاوة على ترسيخ حالة نفسية بداخله بأنه سيتعرض لهذا التنمر كلما فكر في السؤال عن معلومة يجهلها.
والأهم من ذلك هل هؤلاء مَنْ يستعرضون بعضلاتهم الفكرية، على دراية بكل شيء في الحياة، ولا يتعرضون للجهل بأحد الأمور، فيضطرون إلى السؤال والاستفسار، ثم ما هذا الفكر الذي يتم ترسيخه في وجدان الناس بأن كل إجابة على سؤال سيكون معها عرض مجاني عبارة عن سيل من عبارات التهكم والتنمر، وغيرها من صور التوبيخ المُقنع بشكل النصيحة، فهؤلاء يُؤْثرون الاستعراض في شكل النصيحة، في حين أنه في واقع الأمر لا يخرج عن كونه استعراض أجوف للمعلومات، وفكرة النصح بالاطلاع ما هي إلا وسيلة للتهكم على الآخرين، والتقليل من شأنهم، وإظهارهم بمظهر الجُهلاء قليلي المعرفة والاطلاع.
وأخيرًا، نصيحتي لكل إنسان حباه الله ببعض العلم، أن يُفيد غيره بالإجابة عن سؤاله، دون مُحاولة للتجويد، باستعراض النصح الزائف الذي لا يمت بما في قلب هذا الشخص بشيء، فهو نُصح مُقنّع مغموس بالتهكم لا يستسيغه العقل، وينال من الكرامة لأبعد حد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة