- النخبة لم تقدرها بالشكل المطلوب لأنها مشغولة بأمور أخرى.. و«هيكل» قال كلمته فى الكتاب: «من لم يقرأ عصر إسماعيل فى مذكرات نوبار كأنه لم يقرأ تاريخ مصر»
- الأرمن «مالهمش فى السياسة».. أضاعوا قضيتهم ونوبار كان «فلتة».. ولا أفتخر بالأعمال الفنية لـ نيللى وفيروز.
- نحتاج لإعادة قراءة التاريخ المصرى بشكل جديد وبالأخص فيما يخص الأسر العلوية.. والصراع كان على أشده بين محمد على وابنه إبراهيم باشا
- صدقت شخصية نوبار جدا لأنه «أرمينى» والأرمن لا يكذبون.. شبحه كان يطاردنى خلال رحلة الترجمة وعقدنا عدة جلسات معا والأعمال الدرامية التى تناولت الأسرة العلوية «تأليف» ولا تستند إلى نص تاريخى
«جارو روبير طبقيان».. هو اسم لم يأخذ حظه من الشهرة وغير معلوم للكثيرين مقارنة بالعمل الذى عكف على تنفيذه، وهو ترجمة كتاب «مذكرات نوبار باشا» ونقلها من الفرنسية إلى العربية، والتى تأتى أهميتها بحكم الموقع الوظيفى لمؤلفها، حيث تولى رئاسة وزراء مصر ثلاث مرات خلال الفترة التى امتدت من عهد الخديو إسماعيل إلى عباس حلمى الثانى، يعيش روبير بعيدا عن دائرة الضوء فلا هو ضيف على المنتديات ولا الصحافة تعرف طريقه، ولعبت الصدفة دورها معنا فى التعرف عليه، وكانت البداية عندما فوجئنا بعامل المقهى الذى اعتدنا الجلوس عليه بشارع محمد محمود، القريب من ميدان التحرير يطلب منا مرافقته لمقابلة أحد الأشخاص من رواد المقهى القدامى، مشيرا إلى رجل ستينى العمر، وهو الطلب الذى قوبل بالرفض من جانبنا بسبب عدم معرفتنا المسبقة به، لنفاجأ بهذا الرجل الستينى يلقى التحية علينا بابتسامة عريضة على وجهه، وهو يتفحص وجوهنا من خلف نظارته البيضاء مشيرا إلى الكتاب، قائلا: «أنا جارو روبير طبقيان مترجم هذه المذكرات»، مبديا تحفظه الشديد على إجراء أى حوار بخصوص الكتاب أو الجلوس معنا، مكتفيا فقط بتوقيع إهداء على هذه المذكرات، مع انصرافه السريع من المقهى وكأنه فى عجلة من أمره .
وبسؤال العاملين بالمقهى عن ذلك الرجل، أكدوا عدم معرفتهم بطبيعة عمله أو محل سكنه برغم حرصه على الحضور المنتظم إليهم على مدار سنوات، لتبدأ رحلة التحقق من هويته عبر المواقع الإلكترونية المختلفة، والتى لم نعثر من خلالها سوى على خبر وحيد لا يحمل صورا على موقع مكتبة الإسكندرية تم نشره فى يونيو عام 2010 يشير إلى احتفالية «مركز دراسات الإسكندرية وحضارة البحر المتوسط بمكتبة الإسكندرية» بإصدار كتاب «مذكرات نوبار باشا»، مع ذكر اسمه فى متن الخبر، «جارو روبير طبقيان» كمترجم لهذه المذكرات، لنقرر بعدها الذهاب فى اليوم التالى إلى هذه المقهى بهدف العثور عليه وعندما لم نجده قررنا ترك أرقامنا مع العاملين بالمقهى، لتسليمها إليه فور حضوره، وفى اليوم التالى مباشرة تلقينا مكالمة منه واستطعنا من خلالها تحديد موعد للقائه.
على نفس المقهى وفى محاولة أخيرة للتأكد من شخصيته قررنا الاستعانة بالدكتور أرمين مظلوميان، رئيس الهيئة الوطنية الأرمينية فى مصر، لسؤاله عبر الهاتف عن مترجم كتاب مذكرات «نوبار باشا»، وأجاب على الفور «روبير طبقيان» واصفا شكله وهيئته وهى الملامح التى تطابقت مع الشخص الذى شاهدناه فى نفس المقهى، وفى الموعد المحدد حضر «جارو» ليبادرنا بقوله: «قبل الحديث هتشربوا إيه؟ واعملوا حسابكم الحساب عندى وده شرطى لتكملة الجلسة»، ما يؤكد تشبعه بالروح المصرية والدلالة على وصفه المحبب لنفسه «مصرى أرمينى ابن حى عابدين».
وفى حواره، مع «اليوم السابع»، كشف روبير عن كثير من المفاجآت، منها المصادفة التى قادت إليه مذكرات نوبار باشا، وعلاقته بالدكتور يونان لبيب رزق الذى عمل معه آخر 8 سنوات فى حياته، ومواقفه وجلساته مع شبح نوبار، ورأى الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى المذكرات، ولماذا توقف نوبار عند فترة الخديو إسماعيل ولم يتضمنها فى المذكرات، والسؤال الذى تمنى توجيهه لنوبار لو كان قدر له الاجتماع به ورأيه الشخصى فى مذكرات الساسة ومنهم تشرشل رئيس وزراء بريطانيا السابق، والسياسى الذى يتمنى ترجمة مذكراته وإلى نص الحوار:
باعتبار أن عملك بالأساس كان فى الأعمال التجارية ثم الالتحاق ببعض الوظائف بعد ذلك.. كيف بدأت رحلتك مع الترجمة؟
عن طريق المصادفة البحتة رتب لى أحد زملاء العمل مقابلة مع المؤرخ الدكتور محمد رفعت الإمام، والذى كان يفكر فى منتصف فترة التسعينيات بالاستعانة بمترجم لمساعدته فى رسالتىّ الماجستير والدكتوراه الخاصة به عن تاريخ الأرمن فى مصر، ثم بدأت بعدها بالعمل فى ترجمة بعض الوثائق، وهو أيضا من شجعنى على ترجمة مذكرات «نوبار باشا» والتى كانت سببا فى التعارف على المؤرخ الكبير الدكتور يونان لبيب رزق. كيف؟
خلال عملى مع الدكتور «رفعت» أخبرته بامتلاكى وثائق لمذكرات نوبار باشا، فكاد أن يسقط من على كرسيه وأخذنى على الفور إلى الدكتور يونان لبيب رزق. كيف حصلت على هذه المذكرات؟
حصلت على هذه المذكرات التى كتب النص الأصلى لها باللغة الفرنسية عن طريق إهداء الصدفة من أحد أقربائى وكان يهوى جمع الطوابع النادرة والكتب النادرة.ما هو أول انطباع للدكتور يونان لبيب رزق عندما علم بوجود مذكرات نوبار باشا معك؟
فى البداية كان متشككا فى قدرتى على الترجمة وخروج هذه المذكرات بشكل سليم وطلب منى قبل بدء العمل مشاهدة بعض الأجزاء التى عملت عليها وبعد اطلاعه عليها كان جوابه: «هى خواجاتى بس تمام»، وكان حريصا على متابعة الأجزاء المترجمة بنفسه، وهناك أيضا الدكتورة لطيفة سالم أستاذ التاريخ المتفرغ بجامعة بنها، والدكتورة إلهام ذهنى أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر. كم المدة التى عملت فيها لإخراج مذكرات نوبار باشا إلى النور؟
8 سنوات وأنا عاكف على ترجمة مذكرات «نوبار باشا» وتحديدا من 2000 إلى 2008 .وجهت بعض اللوم فى افتتاحية الكتاب لبعض الأشخاص فمن المقصود؟ وما هو السبب؟
بشكل مباشر، كان المقصود باللوم، دائرة من المقربين حولى، لم يتحمسوا لعكوفى على ترجمة المذكرات لمدة 8 سنوات، والتى تسببت فى تركى لعملى «وظيفتى»، كمضيف أرضى، وكانوا يعتبرونها مضيعة للوقت، خاصة أنها كانت عملا بلا أى مقابل حينها، بالتزامن مع التزامات وأعباء منزلية لا بد من الوفاء بها.هل اكتفيت بالنص الفرنسى للمذكرات؟ أم عدت إلى مصادر أخرى تناول قصة حياة نوبار باشا والفترة التاريخية التى عاش بها؟
كان من الطبيعى أن أعود إلى مصادر عديدة لفهم طبيعة هذه المرحلة الغنية بالأحداث ومنها بالطبع مؤلفات أساتذتى الدكتور يونان لبيب رزق، والدكتورة لطيفة سالم، والدكتورة إلهام ذهنى، وهى أسماء لها مكانتها العلمية وكانت تتابع معى الترجمة أولا بأول. هل تمنيت خلال ترجمتك للمذكرات أن يكون نوبار باشا حيا لمراجعته فى بعض النقاط؟
كثير ما تمنيت ذلك فى عدد من النقاط وأصرخ فى حجرتى «فينك يا نوبار»، ولكنى كنت أستعيض عن ذلك بالرجوع للمصادر التاريخية المعاصرة لذات الفترة التاريخية، بجانب أننى خلال عملى فى المذكرات لم يفارقنى شبح نوبار باشا، كنا نجلس ونتناقش ونتبادل الآراء وهذا بسبب تركيزى وتعلقى الشديد بالمذكرات، وأيضا بسبب محاولة فهم المقصود.
برأيك.. لماذا توقف نوبار عن الكتابة بنهاية عصر إسماعيل؟
أظن أن «نوبار باشا» اكتفى وشعر أنه لم يقدم فى عصر توفيق وعباس حلمى ما يستحق الكتابة. وما تقييمك لذلك؟
غير موافق على هذا الرأى، لأنها فترة شهدت العديد من الأحداث التاريخية المهمة، خاصة فى عصرىّ توفيق وعباس حلمى الثانى، ومنها التقلبات السياسية التى كانت فى عصر توفيق ودَيْمُومة الصدام مع السلطة الإنجليزية فى مصر، أما فى عهد عباس حلمى الثانى كان الجميع فى دائرة الصراع مع السلطات الإنجليزية أو المعتمد البريطانى كما يقال، ولم يكن راضيا عن وجودهم فى مصر إطلاقا.من واقع المذكرات.. لماذا كان نوبار ناقما على إسماعيل رغم أن الأخير أتى به رئيسا للوزراء؟
أساس خلاف «نوبار» مع «إسماعيل» هو الإسراف الشديد الذى أنهك الميزانية، ومثل بابا خلفيا للتحكم الأجنبى فى مصر.البعض ينتقد عملية الترجمة من لغة لأخرى باعتبار أن الترجمة قد تضعف النص الأصلى أو توجهه إلى مناطق أخرى.. فهل ذلك النقد صحيح من وجهة نظرك؟
إذا تم ذلك لا تكون ترجمة ولكن تأليف، ومن يخرج عن النص الذى أمامه يتحول لمؤلف.هناك دراسات تناولت شخصية نوبار باشا.. ومنها ما كتبه الدكتور نبيل زكى، والدكتورأحمد عبدالرحيم مصطفى فى كتابه «عصر حككيان»، ما الفارق بين ترجمتك والكتابات التى تعرضت لنوبار باشا؟
لم تظهر ترجمة كاملة لحياة نوبار قبل ظهور هذه المذكرات التى حرصت على نقلها للعربية بعد ظهورها فى بيروت باللغة الفرنسية عام 1983، وأعمال الدكتور نبيل زكى ترجمة لبعض الأسطر التى قرأها عليه أحدهم، أما أعمال الدكتور أحمد عبدالرحيم فهى مجرد عرض أو إشارة للمذكرات.فى الغالب يتعرض المترجم لبعض الملاحظات أو النقد خاصة إذا أقدم على ترجمة عمل تاريخى كهذا. فهل حدث ذلك معك؟
لم يحدث مطلقا رغم خروج كتاب مذكرات نوبار باشا منذ 10 سنوات، لأنه تم بموضوعية شديدة وتحت إشراف لجنة علمية رفيعة المستوى.هناك اتهامات معينة توجه لكتابة المذكرات خاصة للسياسيين بأنها عبارة عن غسيل سمعة أو تبرير لبعض المواقف.. ما رأيك؟
أكدت اللجنة العلمية المشرفة على الترجمة والمراجعة لهذه المذكرات والمكونة من الدكاترة يونان لبيب رزق، ولطيفة سالم، وإلهام ذهنى، على مصداقية الأحداث داخل المذكرات. ولكن هناك اتهامات قوية لـ«نوبار باشا» تحديدا بأنه كان صديقا للسلطات الأجنبية؟
غير صحيح بدليل دخوله فى صدامات عديدة مع القوى الأجنبية «فرنسا وإنجلترا» وأنه كان معارضا بشدة لسياستهما ومحاولات تدخلهما فى الشؤون الداخلية لمصر.هناك فارق بين زمنى كبير بين المدة التى كتبت بها المذكرات وبين وقت ظهورها.. هل تم التلاعب بها سواء بالحذف أو بالإضافة طبقا لمجريات الأحداث خاصة أنها كنت فى حوزة عائلة «بطرس باشا» التى لعبت دورا فى الحياة التاريخية؟
كتب نوبار باشا هذه المذكرات ما بين عامى 1890 و 1896 وكانت المذكرات طوال هذه المدة فى حوزة بطرس غالى الجد وكان سكرتيرا لنوبار فى أواخر حياته، ثم انتقلت إلى أحفاده وفروعه بعد ذلك، وعدم خروجها للنور طوال هذه الفترة بسبب رغبة «نوبار» بألا تنشر إلا بعد فترة طويلة من وفاته، وهو ما يفسر عدم ظهورها إلا بعد مرور 100 سنة على وفاته.يتضح من المذكرات أن «نوبار باشا» كان يكرر جملة «على ما أتذكر» خلال سرد الأحداث، بجانب سرد روايتين للموقف الواحد.. هل ذلك من المآخذ التى يمكن أخذها على المذكرات؟
حرصا على الأمانة فى كتابته، فالمذكرات غنية بالكثير من المواقف التاريخية ومن غير المعقول أن يكون «نوبار» شاهدا على جميع ما ورد بها، لذلك كان حريصا على ذكر الروايات التى قيلت فى كل المواقف طبقا لما وصل إليه من شهود عيان لهذه الحوادث. هل ترى أن نوبار باشا واجه ظلما تاريخيا؟
لا يوجد سياسى يخلو من الاتهامات أو الانتقادات بين محبيه ومعارضيه، لكن نوبار باشا حصل على المكانة اللائقة بعمله وجهده.هل عوملت المذكرات وتمالاحتفاء بها بالشكل اللائق خاصة بين النخبة؟
أقيم حفل توقيع للكتاب فى مكتبة الإسكندرية فى 2009 – 2010 فى حضور وزيرة المهجر الأرمينية، والسفير الأرمينى السابق، ورئيس مكتبة الإسكندرية، ولفيف من الشخصيات العامة، وفى نفس القاعة كان سيتم عقد ندوة عن المذكرات ولكن ما حدث من أحداث فى مصر فى تلك الفترة حال دون حدوث ذلك، وبعد ذلك كانت الثقافة والنشر متوقفين فى مصر حتى 2015 وأنا حاليا بصدد توقيع عقد جديد مع» الشروق» لأن العقد القديم انتهى.
ولكن فى كل الأحوال أرى أن النخبة المصرية لم تتعامل مع الكتاب كما يجب، وقد يكون مرجع ذلك لانشغالها بأمور أخرى.
برأيك.. هل استقبلت تعليقات أو علمت أن هناك شخصيات كبرى تأثرت بالكتاب بعد طرحه؟
أذكر أنه تواصلت معى مديرة مكتب الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، وأبلغتنى أنه قرأ المذكرات، وعلق على الكتاب بقوله «من لم يقرأ عصر إسماعيل فى مذكرات نوبار، كأنه لم يقرأ تاريخ مصر».
جاء فى المذكرات أن إبراهيم باشا كما درسنا كان ينهض مفزوعا من النوم.. بالمخالفة لما كان يقال عنه بأنه كان شخصية قوية وغير ذلك.. لماذا ذلك؟
هذا كان نتيجة تأثير الشامبانيا التى كان يشربها، هو كان مفرطا فى شرب الشامبانيا وفى حالات السكر كان يقوم بأشياء غريبة، و«إبراهيم» كان يرى أن والده محمد على باشا شديد الاستبداد وكان بينهما صراع كبير على الحكم .
هناك من المفاهيم الجديدة التى كشفت عنها المذكرات منها علاقة محمد على بابنه الأكبر وكيف أنها كانت قائمة على الندية والصراع على الحكم بجانب مشاهدة الفزع لإبراهيم خلال نومه.. فهل نحن بحاجة لإعادة قراءة الكتاب بشكل جديد ومن منظور مختلف؟
نعم، ويجب الرجوع لما قدمه الدكتور يونان لبيب رزق بمثابة سلسلة لإعادة كتابة تاريخ مصر، وقطع شوطا كبيرا فى كتابته عن تاريخ مصر، بجانب مؤلفات الدكتورة لطيفة سالم، خاصة فيما يتعلق بالأسرة العلوية وتاريخها. ذكرت لنا أنك صدقت شخصية نوبار باشا.. ما معيار صدقك له؟
أنا صدقته لأنه أرمينى، والأرمن لا يكذبون تقريبا، وما يميز الأرمن الصدق والأمانة وإتقان العمل بإخلاص، وهذا ليس تحيزا عرقيا على الرغم من عدم مهاراتهم السياسية.كيف ترى الأعمال الدرامية التى تناولت الأسرة العلوية؟
فى رأيى أنها غير موثقة، وكتبها مؤلفو أدب، وصارت دراما، ولم تستند على نص تاريخى.ما الفارق بين ترجمة المذكرات والروايات الأدبية وبين الوثائق والنصوص التاريخية؟ وأيهما أشق على المترجم؟
النصوص التاريخية وثائق، وهذه أسهل ما يكون، وليست هناك صعوبة فى ترجمتها على الإطلاق، فلا خلاف عليها، أما الروايات الأدبية فهى شىء من الأحاسيس وترجمتها لا بد أن تكون مصاحبة للحس الأدبى ودراسة تاريخ وفلسفة الأدب للمساعدة فى ترجمة المطلوب وفهم اللغة، لأن لغة شكسبير تختلف عن لغة عبدالباسط حمودة.هل تتمنى كتابة مذكرات لشخصية تاريخية على غرار نوبار باشا؟
أتمنى ترجمة مذكرات اللورد ساليسبرى رئيس وزراء بريطانيا فى حقبة الخمسينيات والستينيات لأنه كان من ضمن النبلاء فى السياسة. تقول إن الأرمن ليسوا سياسيين، إذن بماذا يتميز الأرمن؟
الأرمن يتميزون بأى عمل بعيدا عن السياسة.. فهم ليسوا سياسيين، وهم سبب رئيسى فى ضياع القضية الأرمينية بمنتهى الأمانة وهذه أسباب يطول شرحها، أما بالنسبة لنوبار باشا فكان استثنائيا فى عصره، ولم يخرج أحد بقيمة نوبار من الأرمن فى السياسة مرة أخرى، وأنا إذا كنت سأفتخر بأحد سوف أفتخر بالجانب الفنى والأدبى والعلمى بما يقدمه الأرمن، ومع احترامى الكامل «لنيلى وفيروز وغيرهما» ذوات الجذور الأرمينية، لا أفتخر بهم، لكننى أفتخر مثلا بـ«يعقوب آرتين باشا شركيان، الذى جاب قرى مصر والسودان وكان ملازما لعلى باشا مبارك صاحب النهضة العلمية فى مصر الحديثة».ذكرت لنا أنك تملك أوراقا عن تاريخ الإمبراطورية المصرية فى أفريقيا.. حدثنا عنها؟
أعكف فى الوقت الحالى على ترجمة مجلد ضخم يمكن تقسيمه إلى 6 أجزاء عن الإمبراطورية المصرية فى أفريقيا مدعوما بالوثائق والمستندات توضح أنه كيف كانت مصر تبسط سيادتها على مساحات شاسعة من قلب القارة الأفريقية حيث كانت تضم فيما يعرف بالعصر الحديث الدول الأتية السودان بالكامل، وإثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتى وأجزاء من أوغندا، والحبشة، وصولا إلى حدود إثيوبيا.هل سبق لأحد أن تناول هذه الأوراق بالكتابة أو النشر عنها؟
من خلال التقصى والبحث لم أجد إلا بعض الدراسات التى أشارت فقط إلى التواجد المصرى فى السودان فى حقبة محمد على فقط، لكن لم تكن هناك أى دراسات معمقة والتأريخ والتوثيق عن الإمبراطورية المصرية فى أفريقيا فى عهد إسماعيل إلا فى هذه الوثائق التى أعكف على دراستها وترجمتها.وكيف حصلت على هذه الأوراق؟
كانت هذه الوثائق فى حوزة باحث ألمانى يستخدمها فى عمل دراسة عن عن تاريخ الموظفين المصريين فى السودان وحصلت على نسخة منها نظير أجرى فى ترجمتها.وما حجم هذه الوثائق؟
تتخطى 6000 صفحة وهى عبارة عن 4 أجزاء عن تاريخ الإمبراطورية المصرية فى أفريقيا، وهى مكتوبة باللغة الفرنسية ومصداقية هذه الأوراق فى المراجع المقتنية منها، حيث إن كل معلومة مكتوبة مرفقة باسم المرجع.وماذا عن مؤلف الكتاب؟
الكاتب «دوين» كان يعمل ضابطا بالقوات الفرنسية، وكاتبا ومؤرخا، وحصل على هذه الأوراق من أرشيف قصر عابدين، بجانب المراسلات والوثائق الموجودة لدى وزارة الخارجية الفرنسية، فضلا عن علاقته بكل من قناصل الدول الآتية فرنسا فى الخرطوم، وإثيوبيا الذين عملوا على إمداده بوثائق أخرى.
ولكن كان هناك خلاف بين إنجلترا وفرنسا.. فكيف سمحتا للخديو إسماعيل بالتوسع فى أفريقيا؟
بسبب تغير موازين القوى والمصالح ما بين فترة محمد على وخلفائه الأوضاع من حيث تعدد القوى التى تحاول أن تكتشف أفريقيا وتستغل ثرواتها، لهذا كانت هناك تحالفات فرنسية وبريطانية وعلاقات مصالح مع مصر، فمصر كان لها ثقل إقليمى فى أفريقيا ليس بسيطا، وإنجلترا وفرنسا كانتا تحاولان استغلال التواجد المصرى فى السودان لمصالحهما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة