صدر الجزء الأول من «الشوقيات» فى ربيع 1926 يشمل شعر أحمد شوقى فى السياسة والتاريخ والاجتماع، فكانت مناسبة لتتويجه «أميرا للشعراء» من أهل الفكر والأدب والشعر فى أرجاء الوطن العربى، وذلك فى مؤتمر كبير استمر أسبوعا، وبدأ فى 29 إبريل «مثل هذا اليوم» عام 1927.
حدث ذلك بالرغم من أن لقب «أمير الشعراء» سبق وأن أطلقته «الأهرام» على «شوقى» وفقا لتأكيد الدكتور يونان لبيب رزق فى مقال بعنوان «رحلة أحمد شوقى من شاعر الأمير إلى أمير الشعراء»، المنشور فى «الأهرام 11 أكتوبر 2001»، مشيرا إلى أن «الأهرام» كتبت يوم 9 مايو 1926: «لماذا لُقب شوقى بأمير الشعراء؟ وأكد كاتب المقال أن «الأهرام» صاحبة الفضل فى إضفاء اللقب على «شوقى أفندى» قبل نحو ربع قرن، وأنها سعت طوال الوقت لترويجه، فأقره الشعراء ذاتهم ومن ورائهم الجمهور، وما كان ذلك تبرعا لأحمد شوقى وشعره، ولكنه كان حقا يؤدى لصاحبه، والسبب: أن شوقى وصل من الشعر إلى ذروته حتى صار أميره»، يؤكد «رزق»: «كأنما كان هذا المقال إشارة البدء فى تتويج الأمير، فاللقب لم يكن جديدا، وإنما كان مطلوبا أن يقره المعنيون وبشكل يتناسب مع جلاله».
فى هذا المناخ، قام أحمد شفيق باشا، الذى كان رئيسا لديوان الخديوى عباس الثانى قبل خلعه، وأحد كبار الأعيان، ورجل علم وأدب بدعوة لاجتماع فى داره للاحتفاء بمناسبة صدور «الشوقيات»، وتنظيم «أسبوع شوقى، الذى سينصب شوقى أميرا للشعراء بعد أن كان «شاعر الأمير» الذى يفخر بلقبه فى عهد راعيه وصديقه الخديو عباس حلمى الثانى»، وفقا للدكتور جابر عصفور فى كتابه «فى محبة الشعر».
يذكر «شفيق باشا» فى «الحولية الثالثة 1926» من «حوليات مصر السياسية»، أن الاجتماع اختار لجنة تشرف على «أسبوع شوقى»، على أن يكون لجموع الشعوب الناطقة بالضاد فى العالم ممثلون فيه، ومندوبون للجمعيات العلمية والأدبية، وأعلنت اللجنة أنها تتلقى بحوثا أدبية، وإن تعذر حضور أصحابها أو الإنابة عنهم يرسل بحث فى شوقى وشعره، أو فى اللغة والشعر العربى بوجه عام، وحددت شهر يناير آخر موعد لتلقيها الأعمال المشاركة، وكان أعضاؤها «أحمد شفيق باشا» رئيسا، والسكرتير أحمد حافظ عوض بك صاحب جريدة كوكب الشرق وعضو مجلس النواب، والأعضاء هم: عثمان مرتضى باشا، رئيس ديوان خديوى سابقا، وجعفر والى باشا، وزير سابق، وأمين بك واصف، مدير سابق، والشيخ رشيد رضا «صاحب المنار»، وأمين بك الرافعى، صاحب جريدة الأخبار، وسيد كامل بك، مدير إدراة بنك مصر، ومحمد على دولار بك، وعبدالعزيز البشرى سكرتير برلمانى لوزير المعارف، وجورج طنوس محرر بكوكب الشرق.
إلى جانب الأسماء السابقة يؤكد «رزق»، أن اللجنة ضمت ثلاثة من كبار الاقتصاديين هم: فؤاد بك سلطان، ومحمد بك طلعت حرب، ونجيب باشا منصور شكور، وعددا من كبار الأعيان، ويضيف: «لفترة غير قصيرة ظلت اللجنة تقبل فى عضويتها أعدادا متزايدة من المثقفين، حتى أنها ضمت أسماء كبيرة بين هؤلاء يندر أن يجتمعوا فى مكان واحد، أحمد لطفى السيد أستاذ الجيل، عبدالحميد بدوى القانونى الشهير، طه حسين الأستاذ بكلية الآداب، أحمد أمين الأستاذ بكلية الآداب أيضا، نجيب الهلالى سكرتير عام وزارة المعارف، الدكتور على إبراهيم، الجراح المعروف، محمد حسين هيكل، رئيس تحرير السياسة، كما ضمت الآنسة مى زيادة.
يذكر «رزق»، استنادا إلى «الأهرام»، أن أول رد فعل لدعوة اللجنة جاء من لبنان، حيث اجتمعت نقابة الصحافة فى بيروت ودعت أبناء الجبل للاجتماع وانتخاب من يمثلهم فى الحفلة العظمى، وجاءت الأخبار بعدئذ أن لبنان سيمثله كل من شبلى ملاط بك وإلياس بك فياض، وهناك رهط من الأدباء الذين ينوون زيارة وادى النيل لحضور هذه الحفلة الخالدة التى ستكون أشبه بسوق عكاظ.
قبل أن يبدأ المهرجان بعثت «الأهرام» بالصحفى محمود أبوالفتح أشهر محرريها، ليجرى حديثا طويلا مع شوقى بك، الذى كشف فيه أن أول عهده بالشعر كان بعد أن استرد أحد جيرانه كتابا كان قد استعاره منه، وتعلق به، فحزن كثيرا وكتب أول بيتين فى حياته، ورغم ما فيهما من خطأ، قوبل البيتان بإعجاب زملائه فى المدرسة وتناقلتهما الألسن من مندرة إلى مندرة، ويعترف شوقى أنه كان فى مستهل حياته «شاعر الأمير» قبل أن يصبح «أمير الشعراء»، وأن أول ما قرضه كان مديحا فى الخديوى توفيق، الأمر الذى لفت نظر «ولى النعم» حتى كان يسأل عنه دائما إلى أن تفضل وعينه فى السراى.
يؤكد «شفيق باشا» فى «الحولية الرابعة، 1927» أن اللجنة بدأت برنامج حفلها عصر الجمعة 29 إبريل 1927 بدار الأوبرا، بكلمة ترحيب للضيوف من صاحب الدولة الرئيس الجليل سعد زغلول باشا، ولمرضه ألقاها نيابة عنه ابن أخته الوزير فتح الله بركات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة