تحركات انتخابية مكثفة يقودها الرئيس الأمريكى جو بايدن استعدادا لمعركة الانتخابات الرئاسية 2024، والتى يسعى خلالها بايدن للفوز بولاية رئاسية ثانية أمام غريمه الرئيس السابق دونالد ترامب الذى اعلن اعتزامه خوض المنافسة للعودة إلى البيت الأبيض.
وبعد سلسلة من الإخفاقات على صعيد الداخل والخارج فى ولاية بايدن الأولى، والتى بدأت بالانسحاب المرتبك من أفغانستان، وصولًا إلى ما صاحب الحرب الأوكرانية من آثار اقتصادية أربكت حسابات الفيدرالى الأمريكى وخلفت موجة تضخم وارتفاع فى الأسعار لم تسلم منها الأسواق الأمريكية، يحاول بايدن ترميم جبهته الداخلية وكسب المزيد من المؤيدين والكتل التصويتية استعدادًا لـ الانتخابات الأمريكية 2024 .
وبدأ الرئيس الأمريكى الطامح فى الفوز بولاية ثانية رحلته نحو انتخابات الرئاسة باختيار مديرة لحملته الانتخابية تمتلك تاريخ قوى فى أوساط الأمريكيين اللاتينيين، جولى شافيز رودريجيز، حفيدة الزعيم العمالى الشهير سيزار تشافيز الذى كانت احدى عباراته عنوانا لحملة الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما (yes we can) "نعم نستطيع".
جولى البالغة من العمر 45 عامًا، وصفها بايدن بـ"القيادة القوية"، حيث قال فى بيان إطلاق حملته الانتخابية وكشفه النقاب عن اسمها ونائبتها كوينتين فولكس: "للفوز فى هذه المعركة، نحتاج قيادة قوية يمكنها بناء وتوسيع تحالفنا الواسع والمتنوع اعتبارًا من عام 2020".
طفلة بدرجة "مناضل عمالي"
وتنحدر جولى من أسرة يسارية، وهى جدها هو الزعيم العمالى الشهير سيزار تشافيز وهو ناشط حقوق مدنى أمريكى مكسيكى، ناضل من أجل تحسين ظروف العمل والمعيشة لعمال المزارع فى الستينيات والسبعينيات، وهو رمز داخل الأوساط العمالية واليسارية.
وقالت صحيفة نيويورك بوست أن الرئيس جو بايدن لديه اعجاب كبير بجد مديرة حملته الانتخابية فمنذ اليوم الأول له فى البيت الابيض، عرض بفخر تمثال نصفى من البرونز لشافيز على مكتبه فى المكتب البيضاوي.
وفى مايو 1988 تم احتجاز جولى وكانت فى التاسعة من عمرها بجانب وشقيقتها أوليفيا ووالداها أرتورو رودريجيز وليندا شافيز، بتهمة اثارة الشغب، حيث انضمت الاسرة المنتقلة حديثا إلى نيوجيرسى لحملة مقاطعة لمزارع العنب التى يحصدها عمال غير نقابيين ولا يتمتعون بحقوق عمالية، وكان الجد يقود هذا النضال فى وجه ملاك المزارع.
وبعد أشهر، وبحسب ما ذكرته صحيفة The Bergen Record، أقدمت الطفلة جولى على مشاركة جدها اضرابًا عن الطعام، والتزمت بالفعل بتلك الخطوة الاحتجاجية لمدة 3 أيام، فيما امتد اضراب الجد 36 يومًا لتسليط الضوء على قضيته ومناصرته لحقوق عمال المزارع، ما كان له آثرًا طبيًا وسببًا فى وفاته عام 1993.
ترميم عاجل لجبهات ميامى وتكساس
وبحسب وسائل إعلام أمريكية، فإن أبرز مهام جولى وأهمها هو تعزيز الدعم اللاتينى للرئيس الأمريكى جو بايدن فى معركته الانتخابية أمام ترامب، فبرغم فوزه فى انتخابات 2020، إلا أن نتائج الانتخابات ومؤشرات التصويت كشفت أنه فقد دعم الأمريكيين ذوو الأصول اللاتينية فى ميامى وفلوريدا والشريط الحدودى لتكساس.
وعملت جولى مع بايدن منذ عام 2020 فى البداية كمستشار كبير للإشراف على توعية الناخبين اللاتينيين خلال حملته الرئاسية، ثم تم تعيينها مديرة لمكتب البيت الأبيض للشؤون الحكومية الدولية.
وقبل انتخابات التجديد النصفى 2022 تمت ترقيتها إلى منصب مستشارة أول للرئيس، ويأتى ذلك فى وقت أعرب فيه بعض الديمقراطيين عن قلقهم من أن الحزب يفقد دعمه للناخبين من أصل إسبانى فى عدة ولايات رئيسية.
والآن، سينظر إلى جولى أيضًا على أنها جسر لدعم النقابات، وهو أمر بالغ الأهمية لبايدن فى الولايات المتأرجحة بما فى ذلك بنسيلفانيا وويسكونسن وميشيجان التى ربما يكون انحيازها فى الوقت الحالى لصالح الحزب الجمهورى ومرشحه المحتمل دونالد ترامب.
ولم تبدأ مسيرة جولى مع البيت الأبيض فى عهد بايدن، وإنما كانت شريكًا للرئيس الأسبق باراك أوباما، فبعدما أسس جدها النقابة العمالية لعمال المزارع عام 1962، واطلق شعاره الشهير "نعم نستطيع" والذى اقتبسه أوباما فى حملته 2008، ترأست جولى مؤسسة تحمل الاسم نفسه، كما عملت لأول مرة فى وزارة الداخلية الأمريكية قبل أن ترقى من خلال مكتب المشاركة العامة فى البيت الأبيض ثم أصبحت لاحقًا مساعد خاص للرئيس أوباما.
وأوباما ليس الرئيس الديموقراطى الوحيد الذى عملت معه جولى، ففى أواخر عام 2016، أصبحت مديرة لحملة كامالا هاريس للمقعد المفتوح فى مجلس الشيوخ الأمريكى فى ولاية كاليفورنيا. وعندما أطلقت هاريس حملتها الانتخابية للترشح لمنصب الرئيس عام 2020، عملت كمديرة سياسية وطنية للحملة ولاحقًا كرئيسة موظفين متنقلة.
ورغم مسيرة جولى، والرهان الكبير على قدراتها، إلا أن مقربون من الرئيس الأمريكى وقيادات داخل الحزب الديمقراطى يرون أن اختيارها يحمل قدر من "المحسوبية"، حيث قالت السيناتور سيسيليا مونوز، لوكالة أسوشييتد برس أن جولى حصلت على الوظيفة لأنها ناشطة من الجيل الثالث تعود علاقاتها العائلية مع كبار الديمقراطيين إلى الستينيات
وينتقد البعض اختيار بايدن لجولى رودريجز ومنهم مايك جونزاليس زميل فى مؤسسة هيريتيج وهى مؤسسة فكرية أمريكية محافظة معنية بالسياسات العامة، حيث اتهم فريق بايدن بالعيش فى أسر أجيال سابقة.
وقال جونزاليس: "هذا ليس الشخص الذى يتحدث عن المستقبل هذا شخص يمثل الماضي. يبدو الأمر وكأنهم عالقون فى أواخر الستينيات"، مشيرا إلى أن اختيارها لا يعنى تحولًا كبيرا فى كيفية تخطيط الديمقراطيين لجذب المزيد من الناخبين من أصل إسباني.
وقال "إنه خيار محير فى رأيى.. أنه لا يجيب على أى من مخاوف الناخبين المكسيكيين الأمريكيين فى أجزاء من تكساس بشأن اتجاه الحزب الديمقراطى.. نحن عالقون فى الستينيات.. نحن عالقون مع سيزار تشافيز وسنقدم لكم المزيد منه".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة