"نوبة ملى سلام".. بهذه الكلمات النوبية يعبر أهل الجنوب عن مجتمعات بلادهم التى يعيشون فيها بسلام وطمأنينة ووسط أجواء من الترابط والتلاحم المجتمعى فيما بينهم، ويكثر هذا المعنى فى شهر رمضان المبارك، الذى يحرص أبناء النوبة فيه على التجمع والإفطار سوياً من أول أيام الشهر حتى أواخره.
وفى جولة لـ"اليوم السابع" داخل القرى النوبية فى محافظة أسوان، نرصد أجواء الإفطار الجماعى لأهل النوبة والذى يستمر على مدار الشهر كاملاً يجتمع فيه أبناء النوبة على مائدة واحدة كل يوم فى مكان من الأماكن التى يعيش فيها أهل النوبة بأسوان، ويؤكدون على المعانى النوبية الجميلة التى توارثوها من الأجداد ولا يزالون يحافظون عليها.
بدأ المشهد على الجزيرة النوبية قبل موعد الإفطار بساعات، وانتشر السكان فى كل مكان وبدأت التجهيزات للإفطار الجماعى واستقبال الضيوف من شتى الأنحاء المتفرقة، وبدأت الساحات الواسعة فى الشوارع تتحول إلى أماكن ضيافة لوضع مائدة الطعام عليها بعد نظافتها وتزينها بالألوان الزاهية المعروفة لدى أبناء النوبة، وتحولت الجزيرة المطلة على النيل مباشرة إلى مكان أشبه باللوحة الفنية لجماله الربانى مع روعة ما يفعله أصحاب البشرة السمراء والقلوب البيضاء من تجمع مبهج خلال الشهر الكريم.
وقال ياسر محمد مُركب، أحد أبناء النوبة بأسوان، أن الإفطار الجماعى لأبناء النوبة لم يكن وليد الوقت الحالى أو خلال هذا الشهر، ولكن هذا التجمع يمتد تاريخه لما يزيد عن 70 سنة تقريباً، وفكرته قائمة على تجمع أبناء النوبة فى مكان واحد وعلى مائدة إفطار واحدة وهنا يحدث التلاقى والألفة ولم الشمل بين النوبيين بعضهم البعض، وكان يقيمه آبائهم وأجدادهم سنوياً خلال شهر رمضان، وبعد وفاتهم حرص الأبناء على إحياء هذه العادة والتمسك بالتجمع النوبى طوال شهر الصيام، مشيراً إلى أنه فى الآونة الأخيرة، توسع أهل النوبة فى الإفطار ويتم حالياً استضافة قيادات طبيعية ومسئولين من أهل أسوان وعدم اقتصاره على أبناء النوبة فقط.
وأضاف عبد الفتاح حسن عبد الحافظ، أحد أبناء النوبة بأسوان، أن المعنى الحقيقى لهذا التجمع النوبى والذى يضم أطياف أخرى من أسوان أيضاً، هدفه هو غرس معانى الترابط والتلاحم وبث روح المحبة والألفة بين أبناء الجنوب وفرصة لتلاقى العائلات ونبذ الخلافات والتعصب فيما بينهم، وهو ما يعكس رسم السعادة والسرور على وجوه أبناء النوبة عند التلاقى فى مثل هذه التجمعات والتى ترتبط أكثر بشهر رمضان المبارك والتجمع على مائدة واحدة كبيرة والاستمتاع بالليالى الرمضانية والأجواء الروحانية التى تغمر بلاد النوبة ذات الموقع الساحر على النيل فى أسوان.
وأوضح أحمد عبد النور، من أبناء النوبة بأسوان، أن التجمع فى هذا اليوم يبدأ التجهيز له مبكراً ومن ساعات الصباح الأولى تبدأ السيدات فى شراء مستلزمات الطعام استعداداً لطهيه وإعداد الأطباق المختلفة والمتنوعة على مائدة الإفطار، بجانب إعداد العصائر والمشروبات أيضاً، ومن أبرز هذه الأطعمة والمشروبات هى "الفتة" و"الأبريه" ويتم وضعها على صوانى نحاسية يتم رصها بجانب بعضها البعض فى شكل جمالى ومنظم فى المكان المخصص للإفطار، وغالباً ما يكون مطل على النيل مباشرة كعادة سكان الجزر النوبية فى أسوان ومنها جزيرة "هيسا".
وأشار سمير حمدى، من أبناء النوبة بأسوان، إلى أن الجميع يشارك فى هذا الإفطار الجماعى لأبناء النوبة فالسيدات يعددن الطعام والمشروبات والشباب ينظفون ويهيئون المكان المخصص للإفطار والأطفال يساعدون الكبار فى ذلك، ويبدأ استقبال الضيوف من بعد العصر وقبل الإفطار بوقت كاف، وتستمر الليلة إلى ما بعد الإفطار وأداء صلاة التراويح بالمكان وإلقاء موعظة دينية وإقامة تواشيح وإنشاد دينى وإحياء الليلة حتى منتصف الليل تقريباً، وسط أجواء اجتماعية رائعة تجمع المواطنين على حب وإخاء.
النوبيون يواصلون الإفطار الجماعى طوال شهر الصيام (1)
النوبيون يواصلون الإفطار الجماعى طوال شهر الصيام (2)
النوبيون يواصلون الإفطار الجماعى طوال شهر الصيام (3)
النوبيون يواصلون الإفطار الجماعى طوال شهر الصيام (4)
النوبيون يواصلون الإفطار الجماعى طوال شهر الصيام (5)
النوبيون يواصلون الإفطار الجماعى طوال شهر الصيام (6)
النوبيون يواصلون الإفطار الجماعى طوال شهر الصيام (7)
النوبيون يواصلون الإفطار الجماعى طوال شهر الصيام (8)
النوبيون يواصلون الإفطار الجماعى طوال شهر الصيام (9)
النوبيون يواصلون الإفطار الجماعى طوال شهر الصيام (10)
النوبيون يواصلون الإفطار الجماعى طوال شهر الصيام (11)
النوبيون يواصلون الإفطار الجماعى طوال شهر الصيام (12)
النوبيون يواصلون الإفطار الجماعى طوال شهر الصيام (13)
النوبيون يواصلون الإفطار الجماعى طوال شهر الصيام (14)
النوبيون يواصلون الإفطار الجماعى طوال شهر الصيام (15)
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة