عقب جولته اليوم بعدد من مشروعات المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتى استغرقت أكثر من 6 ساعات، أدلى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، بتصريحات تليفزيونية عبر خلالها عن ترحيبه بتواجده اليوم فى هذه الجولة التى وصفها بأنها استغرقت وقتا طويلا برفقة عدد من الوزراء والمسئولين، والتى شملت تفقد مجموعة كبيرة من المشروعات التى تم تنفيذها خلال الفترة الماضية التى تراوحت بين عامين إلى ثلاثة أعوام.
وقال رئيس مجلس الوزراء، إن هذه الجولة تأتى فى إطار رؤية الدولة لتنمية الصناعة، معبرا عن سعادته البالغة اليوم لأننا رأينا نتائج جهود الدولة المصرية لجذب استثمارات خارجية، وكذلك لتعظيم العائد من قطاع الصناعة، لافتا إلى تشريف الرئيس عبد الفتاح السيسى، أمس أثناء افتتاح مجمع المرحلة الجديدة من مجمع الأسمدة الآزوتية، مشيرا كذلك إلى مداخلات الرئيس خلال هذه الفعاليات والتى تناول خلالها سيادته ما كان يثار حول عدم تركيز الدولة على قطاعى الصناعة والزراعة، وفى هذا الصدد، أكد رئيس الوزراء أنه على العكس مما أثير تماما؛ فهذان القطاعان كانا على قمة أولويات الدولة طوال الفترة الماضية، مستدركا بقوله: أن أى مشروع يحتاج إلى فترة قد تمتد بين ثلاث إلى أربع سنوات حتى يبدأ مرحلة العمل الفعلى والإنتاج، وكما اعتدنا فنحن لا نتحدث عن أى مشروعات تكون فى طور الإعداد ومرحلة التجهيز حتى تصبح واقعا ملموسا على أرض الواقع، ونبدأ حينها فى كشفها أمام المواطنين.
وفى السياق نفسه، أشار رئيس مجلس الوزراء إلى ما قاله أمس الرئيس عن مشروع الأسمدة الآزوتية وحجمه والجهد الذى تم بذله حتى تم الإعلان عن إطلاق هذا المجمع العملاق، وقال: على الرغم من مرور عدد لا بأس به من السنوات وتخللها ضغط شديد فى العمل، والذى يعتبر سمة وطبيعة الإنتاج الصناعيّ.. إلا أننا اليوم نستطيع أن نؤكد حرص الدولة المصرية الشديد جدا على تشجيع القطاع الخاص وأنها تدعم القطاع الخاص فى مشروعات الصناعة.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي: هناك نوعية من الصناعات الاستراتيجية تدرك الدولة أن القطاع الخاص لا يمكنه الدخول إليها، لذا فهى تركز فى هذه القطاعات بعينها، ضاربا المثال بمشروع الأسمدة الآزوتية، بينما المشروعات التى تم تفقدها اليوم فى المنطقة الاقتصادية والتى تصل إلى عشرة مشروعات، بينها ثمانية متخصصة فى إنتاج منتج دقيق جدا وهو الألياف الضوئية أو "الفايبر أوبتك" والذى كنا نستورده بالكامل من الخارج قبل إقامة هذه المصانع، متسائلا عن أسباب تشجيع هذه المصانع للدخول إلى السوق المصرية والاستثمار فى مصر، قائلا: كل مشروع ينتج جزءا لتغطية احتياجات السوق المحلية وجزءا آخر للتصدير، ولذا فكل مسئولى الشركات والمصانع تحدثوا اليوم أثناء الجولة بكل فخر عن أنهم أصبحوا يقومون بتوريد منتجاتهم لمشروع المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" لتطوير الريف المصري.
وأوضح رئيس الوزراء فى السياق نفسه أن جميع القرى التى تقوم الدولة المصرية بتطويرها ضمن هذه المبادرة أصبح يتوافر لديها الألياف الضوئية، مشيرا إلى أنه كان هناك حديث خلال الفترة الماضية يدور حول ضرورة قيامنا بالتركيز على جذب الصناعات أو المصانع التى بدأت تغلق أبوابها فى بعض دول العالم، وتبحث عن مكان آخر لنقل استثماراتها، مؤكدا أن عددا من المصانع التى قمنا بتفقدها اليوم هى بالفعل نتاج لجهود الدولة المصرية فى تشجيع الاستثمارات الخارجية والتفاوض وإقناع أصحاب هذه المصانع بنقل مصانعهم أو افتتاح فروع جديدة فى مصر، وتحديدا فى هذه المنطقة، وكذلك فى باقى مناطق الجمهورية.
وضرب رئيس الوزراء مثالا بافتتاح الخط الرابع من أحد المصانع اليوم المتخصصة فى إنتاج " الفايبر جلاس"، والذى أصبح مع الخط الرابع واحدا من أكبر خمسة مصانع على مستوى العالم، بالإضافة إلى مصنع المحاليل الطبية، والذى أسهم فى سد الفجوة المتبقية التى كنا نقوم باستيرادها، وبالتالى فالدولة تعمل بدأب شديد على نقطة مهمة للغاية وهى سد الفجوة لكل عنصر كنا نستورده، مع تعظيم المكون المحلى والتصنيع داخل مصر، وتوفير فرص أيضا للتصدير.
وكشف رئيس مجلس الوزراء عن أنه فى أثناء زيارته للمنطقة الخاصة بالشركة الصينية المصرية، كان رئيس الشركة حريصا على تبادل الحديث حول عدد من الأمور، مشيرا إلى أنه خلال اللقاء أكد رئيس الشركة أن 7 شركات صينية تعتبر من أكبر الشركات فى العالم أبدت اهتماما شديدا بالدخول إلى السوق المصرية والاستثمار بها؛ سواء من خلال نقل مصانعها أو إقامة توسعات لها فى مصر بحجم استثمارات تبلغ 5 مليارات دولار فى غضون السنوات الثلاث المقبلة، وقال: مع اكتمال هذه المصانع سيصبح إنتاجها بقيمة 8 مليارات دولار سنويا، مشيرا إلى أن ذلك كان يتم من خلال التفاوض مع المنطقة الاقتصادية، وقال مدبولي: أبلغت رئيس المنطقة الاقتصادية أننى سألتقى برؤساء الشركات السبع، الذين سيأتون إلينا ابتداء من الأسبوع المقبل للتفاوض حول الاتفاقيات النهائية.
وخلال حديثه، أكد رئيس الوزراء أننا كدولة نعمل بدأب شديد للغاية على ملف الصناعة، من حيث الحوافز والإعفاءات المقدمة لهذا القطاع، وكذا إجراءات تيسير للحصول على الأراضى والرخص، وخاصة الرخصة الذهبية، وكل ذلك من أجل تحقيق هدف كبير تضعه الدولة نصب عينيها وهو " تكسير" فاتورة الاستيراد، وزيادة الصادرات المصرية، وتعظيم العائد، إلا أن المشكلة الحقيقية فى قطاع الصناعة تتمثل فى عنصر الوقت، ولذا فلابد أن نتحلى بالصبر حتى نرى المصانع وقد أصبحت واقعا ملموسا على أرض الواقع كحقيقة مجسدة.
وانتقل رئيس الوزراء إلى نقطة أخرى، وقد تحدث عنها الرئيس أمس، خلال تعقيبه على العرض المقدم من وزير الزراعة واستصلاح الأراضى على حجم أراضى الاستصلاح الجديدة، التى تقوم مصر حاليا بتنفيذها ولا سيما مشروع الدلتا الجديدة، وكذلك مشروع سيناء وتوشكى، وهنا نتحدث عن مساحات من الأراضى تصل إلى 3.5 مليون فدان، واختص الدكتور مدبولى مشروع الدلتا الجديدة بالحديث، وقال إن الرئيس أشار إلى أن محطة المعالجة والمشروع نفسه والخطوط الناقلة ومحطات الرفع التى نقوم بتنفيذها تمثل مشروعا هندسيا كبيرا.
وقال رئيس الوزراء فى هذا الصدد: "بحكم تخصصى فى مجال الهندسة وأيضا مع تواجد وزير النقل المتخصص فى هذا المجال أيضا ولدينا خبرة هندسية واسعة، أستطيع أن أؤكد مشروع محطة معالجة المياه الخاصة بالدلتا الجديدة فقط مع الروافع مع كل مشروعات البنية الأساسية الخاصة به يمثل ثلاثة أضعاف السد العالى، من الناحية الهندسية فقط وليس التمويل، لافتا إلى أن السد العالى تم تنفيذه على مدار 10 سنوات كمشروع للدولة المصرية من 1960 – 1970، حيث تمت تعبئة موارد الدولة من أجل تشييده، أما المشروع الذى نحن بصدده ننفذه على مدار ثلاث سنوات فقط، أى بمثابة إقامة 3 سدود من السد العالي".
وأكد رئيس الوزراء أن ما يذكره فى سياق هذه التفاصيل يأتى فقط لتوضيح الجهود التى تبذلها الدولة فى مختلف المجالات، وخاصة فى قطاعى الزراعة والصناعة، وقال: قد يتساءل البعض عن سبب السرعة التى تنفذ بها الدولة هذه المشروعات، مشيرا إلى أن الرئيس لمس أيضا هذه النقطة وتحدث عنها أمس، ولتوضيح ذلك أشار رئيس الوزراء إلى أننا إذا قمنا بتجميع حجم المياه التى يتم معالجتها فى محطه بحر البقر، والتى كانت قد تم افتتاحها فى وقت سابق يصل إلى 5.6 مليون م3، بالإضافة إلى المياه فى محطة المعالجة التى سنقوم بتنفيذها لمشروع الدلتا الجديدة والتى تصل إلى 6.5 مليون م3، إذن نحن سيتوافر لدينا 12 مليون م3 يوميا من المياه المعالجة، فإذا أضيف إليها مليون م3 من محطة سرابيوم يكون قد اصبح لدينا 13 مليون م3 يوميا فإذا تم احتساب هذه الكمية فى 365 يوما سنكون قد اقتربنا من معالجة 5 مليارات م3 فى السنة، أى بمثابة ما يتراوح بين 9 – 10 % من حصة مصر من المياه الواردة إلينا من نهر النيل سنويا، وهو ما يعنى إعادة إحياء 10% من حصة مصر.
وأوضح الدكتور مصطفى مدبولى أن نسبة الـ 10% لم تكن تضيع هباء بل كانت تستخدم فى الرى على مستوى الجمهورية من آلاف السنين، حيث يتم استخدامها فى الرى ويعاد استخدامها عدة مرات حتى ينتهى الأمر بها فى المصارف وتُلقى فى خليج السويس أو بحيرات مثل بحيرة التمساح، أو بحيرة المنزلة، أو تصل إلى البحر مباشرة، لكن توجيهات الرئيس ورؤيتنا كدولة أننا لن نفرط فى نقطة مياه واحدة حتى إذا كانت قد استخدمت من قبل أكثر من مرة ونعيد الاستفادة منها، ولذا فالعمل الهندسى الذى يتم تنفيذه يفوق الخيال؛ حيث نقوم بتجميعها من جميع المصارف ونحدد لها مسارا، ثم نقوم بإقامة محطة معالجة كبيرة جدا وعملاقة لهذا الغرض.
وقال رئيس الوزراء إن الرئيس تحدث عن أننا بالفعل نسابق الزمن، فالأمر المؤكد أننا لا نقوم بذلك من أجل أن يقال تم إقامة أكبر مشروع فى العالم، أو أسرع مشروع فى العالم، بل لأن كل وقت يضيع منا فنحن بذلك نفقد فرصة، فمثلا نحن نستهدف إضافة 3 ملايين فدان جديدة، فإذا فرضنا نظريا أننا نقوم بزراعتها بمحصول القمح وإذا بلغ متوسط إنتاج الأرض 2.5 طن للفدان من محصول واحد كالقمح، إذن يتوافر لدينا 7.5 مليون طن سيتم توفراها بدلا من استيرادها بتكلفة تصل إلى أكثر من 2.5 مليار دولار سنويا، ولذا فإذا تأخرت الدولة عن تنفيذ مشروع من هذه المشروعات فمعناه أنه كان يتوافر لدينا فرصة لتوفير 2.5 مليار دولار لاستيراد القمح فقط، وهو ما يفسر لماذا نسارع الزمن، مؤكدا أن أى عمل تنفذه الدولة يقوم على التخطيط، ولدينا إصرار على العمل ليلا ونهارا لكى نوفر وقتا للدولة.
وانتقل رئيس الوزراء لنقطة أخرى تدور حول أن عدد السكان فى مصر منذ 40 عاما كان أقل من 45 مليون نسمة، وحاليا أصبح 105 ملايين نسمة، أى زيادة تصل إلى أكثر من 60 مليون نسمة، ولذا فهذا يفسر سبب أن الدولة تسارع الزمن، ومن هنا كانت رؤية الدولة من خلال هذه المشروعات مثلما أشار الرئيس إلى أننا كدولة نشجع الفلاح على زراعة المحاصيل الاستراتيجية، ولذا فقد أدخلنا الزراعة التعاقدية وسلعا استراتيجية حقيقية، وقد بدأنا بالقطن ثم القمح والذرة وفول الصويا، وعباد الشمس، وهى خمسة محاصيل رئيسية استراتيجية حاليا، وسنقوم بإدخال باقى المحاصيل الرئيسية فى هذه المنظومة لتشجيع فلاحينا على زراعتها.
وقال رئيس الوزراء، إن هذه رؤية الدولة نحو تعظيم العائد من قطاعات الصناعة والزراعة، منتقلا إلى قطاع السياحة، وفى هذا الصدد أشار إلى الاجتماع الذى عقده أمس مع وزير السياحة لمتابعة موقف حركه السياحة الوافدة، مشيرا إلى جهود الدولة فى هذا القطاع، لافتا إلى أن عام 2022 شهد إقبال 11.7 مليون سائح، وفى عام 2019 الذى يعتبر أفضل السنوات فى تاريخ مصر قبل حدوث جائحة كورونا كان لدينا 13 مليون سائح، لكن الحقيقة أن العائد المادى الذى توافر لدينا العام الماضى من معدل السياحة وهو 11.7 مليون سائح كان الأعلى فى تاريخ مصر، ومن المستهدف خلال هذا العام زيادة بنسبة 28%، أى بمعدل 15 مليون سائح، وهذا نتاج للجهود التى قامت بها الدولة فى هذا المجال، من حيث رفع كفاءة المطارات والبنية الأساسية، حيث قمنا بإحداث نقلة كبيرة فى المطارات؛ مشيرا إلى إنشاء مطارات جديدة مثل مطار العلمين وسفنكس الدولى، ومطارات أخرى، كما نقوم بفتح مناطق جديدة لهذه التوسعات، وفى الوقت نفسه نعمل على رفع كفاءة جميع مطاراتنا مثل شرم الشيخ والغردقة ومناطق أخرى، بالإضافة إلى أن كلا من مطارى القاهرة والأقصر تحت التطوير حاليا لرفع كفاءتهما، لافتا إلى أن المتحكم فى حركة السياحة الوافدة إلينا هم المشغلون العالميون، وكذا خطوط الطيران التى تنقل حركة السياحة إلينا، ولذا قمنا بالتوسع فى عدد الطائرات بالتنسيق مع وزيرى الطيران والسياحة، وكذلك من خلال الخطوط ذات التكلفة الأقل، عن طريق أحد أذرع الشركة الوطنية للطيران، وهو ما أسفر عن نجاحنا فى الوصول بهذا المعدل من حركة السياحة، وكذا ما هو مستهدف هذا العام، جنبا إلى جنب زيادة الطاقة الاستيعابية للغرف الفندقية، من خلال التعاون مع القطاع الخاص، فعدد الغرف الفندقية المتوافرة لدينا 230 ألفا، ولكى نصل إلى معدل السياحة المستهدف نحتاج إلى مضاعفة عدد الغرف، وبالتالى لدينا فرصة مواتية فى هذا المجال، كما أن الحكومة تساند وتدعم القطاع الخاص؛ من أجل الوصول إلى هذا العدد فى أقرب وقت ممكن.
وقال رئيس الوزراء، إن هذه ملامح الجهود المبذولة فى القطاعات الاقتصادية التى نركز عليها، إلا أننا هذا الأسبوع قمنا باستعراض ملامح الموازنة العامة الجديدة للدولة، والتى يشغل فيها ملف الحماية الاجتماعية الجانب الأكبر فله الأولوية الأولى، من خلال الحزمة التى أطلقها الرئيس والتى قامت الحكومة بدورها بترجمتها إلى مجموعة من القوانين والتى تتكلف 150 مليار جنيه إضافية سنويا، مختتما حديثه بالتأكيد أننا كدولة نعمل بالتوازى فى خضم كل التحديات القائمة والأزمات المتلاحقة والتى كان آخرها ما رأيناه على مدار اليومين الماضيين على مستوى العالم والاهتزاز الشديد ووقوع بعض الأزمات فى البنوك، لكننا نقوم بالتعامل مع تلك الأزمات ونرى تداعياتها على الاقتصاد المصرى ونضع نصب أعيننا خطتنا الخاصة بنا، مجددا التأكيد على حرص الدولة المصرية على دعم القطاع الخاص فى أن يكون قائدا ورائدا فى كل مجالات التنمية خلال المرحلة القادمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة