إبداعات ولوحات فنية مبهجة بدأت فى الظهور داخل فعاليات ملتقى الأقصر للرسم والتصوير، والذى يشارك فيه 12 فنان من حول مصر بقلب مدينة الأقصر، حيث قامت الإدارة العامة للفنون التشكيلية والحرف البيئية برئاسة الفنانة فيفيان البتانونى، التابعة للإدارة المركزية للشئون الفنية برئاسة الفنان أحمد الشافعى باختيار بيئة الأقصر لإقامة "ملتقى الأقصر للرسم والتصوير" بالأقصر فى إقليم جنوب الصعيد الثقافى برئاسة عماد فتحى، وذلك تحت رعاية الدكتورة نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة، والفنان هشام عطوة رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، وفى إطار دور الهيئة فى تطوير الحراك الفنى فى مصر، واستهداف بيئات مصرية متنوعة واختيار مجموعة من الفنانين التشكيليين لمعايشة أهالى هذه البيئة.
ويشارك بفعاليات ملتقى الأقصر للرسم والتصوير، 12 من الفنانين التشكيليين وهم كل من:- (محمد إيهاب، هنا مجد، رانيا حسن، عربى عربى، محمد سيد، أسامة محمد، أحمد عيد، صالح محمد، محمود محمد سليمان، محمود محمد سنوسى، نهلة فتحى، أحمد مجدى، هانى كمال)، بالإضافة إلى الدكتور صالح محمد عبدالمعطى قوميسير عام المتلقى، وفى ختام الملتقى يقام معرض فنى تشكيلى بإنتاج الفنانين المشاركين، كما يتم تكريمهم بتسليمهم شهادات تقدير.
وعلى هامش فعاليات الملتقى قاموا الفنانين بزيارة إلى مجمع معابد الكرنك، معبد الأقصر، وادى الملوك ووادى الملكات بالبر الغربى، متحف الأقصر، الصوت والضوء، حيث أن المراسم الفنية بالأقصر فى الماضى كانت تقدم خدمة كبيرة لفنانى مصر للدراسة والتذوق والتشبع من منبع حضارة مصر الخالدة، حيث يعد الفنان عبد الغفار شديد من كبار الفنانين العاشقين للتراث المصرى القديم والمتعبد فى محراب الفن المصرى، وله لوحات مميزة للغاية قام بعملها فى مراسم الأقصر القديمة، والفنان عبد الغفار شديد ذهب فى منحة التفوق فى مرسم الأقصر فى الستينات لرسم أسرار الحضارة القديمة وجذورها من أرض طيبة.
ومن جانبه يقول الدكتور صالح محمد عبدالمعطى قوميسير عام ملتقى الأقصر للرسم والتصوير، أن الملتقيات التى تجمع نجوم الفن التشكيلى من حول مصر والعالم العربى ودول أوروبا، تحقق جزء من الحلم المأمول لدى نجوم الفن بالأقصر لإقامة مشروع "مراسم الأقصر الدولية"، وهو الحلم المميز لكافة أبناء ونجوم الفن التشكيلى بالأقصر، وذلك نظرًا للقيمة التاريخية والفنية لمدينة الأقصر، حيث أنه يجرى العمل على تدشين مشروع عملاق يهدف لإنشاء مراسم الأقصر الدولية بغرض تأصيل الفن المصرى المعاصر والخروج به إلى العالمية، وجاء قرار وزارة الثقافة بإقرار لائحة مراسم الأقصر الدولية بإنشاء مقر لتلك المراسم بالبر الغربى، وخصصت المحافظة قبيل ثورة يناير بعض منازل القرنة "قرنة مرعى" لتكون مراسم للفنانين، كما كان هناك تصميم عالمى لمساحة تسعة آلاف مترًا مربعًا يضم مراسم وستوديوهات وصالات عرض ومكتبة على طراز حسن فتحى المهندس المعمارى الأشهر فى تاريخ مصر والتصميم على غرار قريته بالبر الغربى، إلا أن المشروع توقف قبل أن يبدأ ومازال معطل حتى الآن.
ويضيف الدكتور صالح عبد المعطى، لـ"اليوم السابع"، أن محافظة الأقصر بطبيعتها هادئة مليئة بالمعالم الأثرية والتاريخية المصرية، والتى تترك أثرا فنيا فى نفوس الفنانين على عكس العيش فى القاهرة وسط الزحام وضغوط الحياة اليومية، مؤكدًا على أن مراسم الأقصر ستترك جانبًا معنويًا للفنانين، وسينعكس ذلك على أعمالهم الفنية التى بالطبع ستتغير بنسبة 180 درجة، مشددًا على أنه يجب أن يكون بالأقصر مراسم فنية تعين وتساعد نجوم الفن التشكيلى المصريين والعالميين فى العودة من جديد للمحافظة للنهوض بهذا الفن من جديد فى مصر والأقصر، حيث يحلم أيضًا جميع الفنانين بتدشين فرع لنقابة الفنانين التشكيليين بمحافظة الأقصر ليكون منارة ومنبر للفن التشكيلى بالصعيد بأكمله، لأن الأقصر تمتلك كافة المقومات التى تساعد فى تلك الخطوة الهامة وكذلك وجود كلية الفنون الجميلة بالمحافظة والتى تخدم المراسم بصورة مميزة للغاية فى الصعيد ومصر بأكملها.
وأوضح قوميسير عام ملتقى الأقصر للرسم والتصوير، أن الأقصر تحتضن أقدم "مرسم" فى العالم وأقدم تجمع للمبدعين فى مدينة خاصة للفنانين " مدينة العمال " وقد سجلت أسمائهم فى سجل التاريخ القديم وعلى شأنهم فيها آنذاك الأقصر، ولقد اكتشف الفنان محمد ناجى فى أوائل القرن العشرين فى أول زيارة له فنية له لآثار الأقصر، خلود تأثيرها كمرسم على الفنان القيام بها وكان الفنانين الأجانب والمستشرقين من يهيمون عشقا بالمدينة العريقة وآثارها الخالدة، وفى عام 1941 اقترح محمد ناجى على الأديب الكبير طه حسين وكان وزير للمعارف فى ذلك الوقت مرسم بالضفة الغربية فى منزل الشيخ على عبد الرسول " مكتشف خبيئة الأقصر " لأوائل خريجى المدرسة العليا للفنون الجميلة كبعثة فنية داخلية بعد أن أوقفت الحرب العالمية الثانية البعثات الفنية إلى أوروبا وعلى مدى ربع قرن تقريبا استمر مرسم الأقصر القديم يؤدى رسالته الجليلة فى بث الروح القومية لحضارة مصر العظيمة فى نفوس أبنائها من الفنانين الشباب رواد هذا المرسم فنى أقفل أبوابه عام 1964 م.
وصرح الدكتور صالح السنوسى أستاذ بكلية الفنون الجميلة وأحد المشاركين بالملتقى، أن والده المرحوم محمد سنوسى مدير الفنون التشكيلية بقصر ثقافة الأقصر، ومشرف مراسم الأقصر المركزية التابعة للهيئة العامة للقصور الثقافة الجماهيرية، قد كان قبل وفاته توجد قوة كبيرة ونجاح لمراسم الأقصر، حيث أنه أقيمت المراسم على غرار مراسم الشيخ عبد الرسول بالبر الغربى، باستضافة الفنانين باستراحة المراسم بقصر الثقافة المجاور لمعبد الأقصر وسط المدينة قبل نقله من مكانه الآن، حيث أن المراسم وقتها كانت بداية على الطريق الصحيح رغم قلة الإمكانيات المتاحة، وكانت خطوة لا يمكن تجاهلها فى سبيل الوصول إلى رفع مستوى التذوق الفنى والارتقاء بالبلاد، وأكبر خدمة لفنانى مصر العظام للدراسة والتذوق والتشبع من منبع حضارة مصر الخالدة، وكانت كل أمانيهم وقتها أن تدوم وتتطور وتدعم من كل الجهات حتى استمرت حتى وقت قريب من العقد الأول من الألفية الثالثة.
ومن الجدير بالذكر أنه شهدت مصر فى العقد الرابع من القرن العشرين موجة عارمة من البحث عن الذات والهوية المصرية والتنقيب عن الجذور المصرية فى شتى المجالات، وشهدت الحياة الإبداعية بمصر فى مجال الفنون، مشروعات لو كانت قد أحيطت بالرعاية الكافية لأثمرت ثمارًا طيبة وفتحت أفاق الإبداع أمام أجيال من المبدعين الشباب، ومن تلك المشروعات التى اندثرت مشروع مرسم الأقصر كمنحة لخريجى كلية الفنون الجميلة من المتميزين لمدة عام بحد أقصى ثلاث سنوات يتفرغ خلالها الخريج لمعايشة واستلهام بيئة الأقصر المهمة، وكان اختيار مدينة الأقصر موفقا لما تمثله من قيمة حضارية وتاريخية للمصرين، فهى المنبع الذى استقت منه فنون الحضارات فى العالم، تعد مدينة الأقصر فى جنوب مصر "طيبة القديمة" أكبر متحف مفتوح فى العالم لفنون مصر القديمة من عمارة ونحت ورسم وتصوير جدارى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة