تزايدت احداث اطلاق النار في الولايات المتحدة على الرغم من المحاولات المستمرة من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والكونجرس للسيطرة على حيازة الأسلحة، وسط تحذيرات خبراء وأطباء نفسيون إلى أن سبب رئيسي في الكثير من الحوادث التي شهدتها البلاد مؤخراً هو الوحدة ، والتي انتشرت بشكل مخيف خلال فترة اغلاقات وباء كورونا قبل سنوات.
وبحسب تقرير نشرته شبكة اية بي اس الأمريكية ، فإن أعمال العنف في ولاية كاليفورنيا ترتبط بما اسمته الشبكة بـ"وباء الوحدة"، حيث تبين أن الجاني يعاني علامات واضحة من العزلة الاجتماعية وميل إلى السلوكيات العنيفة.
وفي الحادث الأول في مونتيري بارك ، كشفت وثائق الشرطة أن المشتبه به في اطلاق النار الذي اسفر عن مقتل 11 شخص واصابة 9 اخرين يبلغ من العمر 72 عام ويعيش بمفرده منذ عام 2006 بعد الطلاق من زوجته وعاش في منطقة هيميت النائية، وكان دائما يشعر بالغضب والانزعاج.
وقال مستأجر سابق من معارف مطلق النار إنه يحب الرقص ولكن لم يكن لديه العديد من الأصدقاء في أي من استوديوهات الرقص التي زُعم أنه قصدها، وقال آخر إن المشتبه به "لا يثق بالجميع" ، مضيفًا: "لن أقول إنه كان عدوانيًا ، لكنه لم يستطع الانسجام مع الناس".
وفي الحادث الثاني في مقاطعة سان ماتيو كان للرجل المتهم بقتل سبعة من عمال المزارع تاريخ في توجيه التهديدات بعد فقدان وظيفته في أحد المطاعم، ووفقًا لوثائق المحكمة، قدم زميل عمل وزميل سابق شكاوي ضد الجاني به أن هددهما بالقتل ويُزعم أن الجاني حاول خنق أحد زملائه بوضع وسادة على وجهه إذا لم يساعده في استعادة وظيفته.
وقالت السلطات أن ظروف إلقاء القبض عليه كانت "سلسة"، حيث تم العثور علي، تشاو تشونلي، 67 عاما، من في سيارته بموقف للسيارات في محطة فرعية تابعة لمكتب الشريف، وأوضحت السلطات أن المشتبه به اعتقل "دون وقوع حوادث"، وأنه تم العثور على سلاح نصف آلي في سيارته. وأشارت إلى أنه كان "يتعاون بشكل كامل"، ومن المرجح انه تصرف في جرائمه بمفرده.
وأشار الخبراء إنه على الرغم من عدم وجود الكثير من الأبحاث حول العزلة ، يبدو أن هناك صلة بين الوحدة والعنف، حيث قال الدكتور إدوين فيشر ، عالم النفس بجامعة نورث كارولينا ، لشبكة ABC News: "من الواضح أن العزلة والوحدة تلعب دورًا في الكثير من أعمال العنف"، وأشار انها تعتبر "اعلام حمراء" للتعرف ومساعدة الأشخاص المعرضين للعنف.
وقال فيشر إن هناك العديد من أنواع العنف التي ترتبط بها العزلة الاجتماعية والوحدة ، بما في ذلك الإغراء الجنسي للقصر عبر الإنترنت ، وعنف الشريك او الزوج ، والتنمر عبر الإنترنت والقتل.
وقال "التظلم وتصور الذات كضحية ، أعتقد أن كلاهما موجود في جرائم القتل الجماعي في كاليفورنيا في الأيام القليلة الماضية لذا ، بالإضافة إلى الشعور بالعزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة ، والشعور بالظلم مشاعر قد تكون سبباً في ارتكاب جرائم".
وباء الوحدة
وبحسب التقرير، قد تؤثر الوحدة التي تقود إلى العنف على الرجال الأمريكيين أكثر من النساء بسبب معاناة الذكور من "ركود الصداقة"، وفقًا لبيانات من مركز الحياة الأمريكية التابع لمعهد American Enterprise حيث انخفضت النسبة المئوية للرجال الذين اكدوا تمتعهم بستة أصدقاء مقربين على الأقل بمقدار النصف من 55% في عام 1990 إلى 27% في عام 2021.
وارتفعت نسبة الرجال الذين أبلغوا عن عدم وجود أصدقاء مقربين بمقدار خمسة أضعاف من 3% في عام 1990 إلى 15% في عام 2021، والأكثر من ذلك يقول واحد من كل خمسة رجال غير متزوجين أنه ليس لديهم أي أصدقاء مقربين.
من ناحية أخرى ، وجد الاستطلاع أن النساء أكثر تمتعاً بوجود أصدقاء مقربين والاعتماد على هؤلاء الأصدقاء للحصول على الدعم العاطفي والنفسي بشكل طبيعي.
وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها ، كان معدل الانتحار لدى الرجال أعلى بأربع مرات من النساء في عام 2020. ويشكل الرجال 49% من سكان الولايات المتحدة ولكن ما يقرب من 80% من حالات الانتحار ، وفقًا لبيانات مركز السيطرة على الأمراض.
وقال الدكتور ناثانيال جلاسر ، زميل أبحاث في جامعة شيكاغو للطب: "يمكن للمرء أن يتكهن بأن هناك شيئًا يربط بين عزلة الذكور والعنف في المواقف التي يشعرون بالوحدة فيها ، فإنهم في كثير من الأحيان يلجأو إلى آليات العنف للتصالح أو التعامل مع وحدتهم أو التعامل معها بطريقة أخرى".
وأشار جلاسر إلى إعلانات من صانع سلاح ناري لبندقية هجومية، كتب في إحداها "اعتبر اعتماد انك رجل اعيد إصداره"، وأضاف: "هذه هي بالضبط اللغة التي يستخدمها بعض صانعي الأسلحة - أو استخدموها - للتحدث إلى الرجال ، قائلين إن الأسلحة هي وسيلة للذكور الذين يحاولون استعادة نوع من صورة الذكورية للقيام بذلك".
العنف يؤدي الى الوحدة
وقالت الدكتورة إليزابيث تونج ، عالمة الأوبئة الاجتماعية وأستاذة الطب المساعدة في جامعة شيكاغو، إن العكس يمكن أن يكون صحيحًا أيضًا ، بمعنى أن التعرض للعنف يمكن أن يؤدي أيضًا إلى الشعور بالوحدة.
ووجدت دراسة شاركت في تأليفها في عام 2019 أن البالغين الذين يعيشون في أحياء شيكاغو التي ترتفع فيها معدلات جرائم العنف هم أكثر عرضة للوحدة من المواطن الأمريكي العادي.
وقالت خبراء لشبكة ABC News: "وجدنا أن هناك علاقة قوية حقًا بين أي نوع من التعرض للعنف ، سواء كان ذلك عنفًا مباشرًا أو غير مباشر من قبل الشرطة ، والعنف المجتمعي ، وأن تكون أكثر عزلة ، فضلاً عن كونها أكثر وحدة"، وأوضحت ان حالة العزلة والوحدة في الولايات المتحدة اعلى بكثير الان مما كانت علية قبل 50 عام.
سهولة الحصول على سلاح
قال الخبراء إن كل هذا يقترن بإمكانية الوصول إلى الأسلحة على نطاق واسع في الولايات المتحدة، ووجد استطلاع أجراه مركز بيو أن أربعة من كل 10 بالغين في الولايات المتحدة يعيشون في منزل به مسدس ، بينما قال 30% إنهم يمتلكون مسدسًا وهذا منذ عامين مما يعني ان الأرقام قد تكون زادت وسط فوضي السلاح.
وتشير البيانات الفيدرالية إلى ارتفاع مبيعات الأسلحة ، خاصة خلال فترة اغلاقات كورونا، بالإضافة الى ذلك تتطلب 21 ولاية فقط ومقاطعة كولومبيا فحوصات خلفية عن مبيعات بعض أو كل أنواع الأسلحة النارية.
وقال إدوين فيشر ، عالم النفس بجامعة نورث كارولينا إنه يكتب حاليًا فصلًا عن العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة لجمعية علم النفس الأمريكية ، وأظهرت إحدى النتائج عجز السيطرة على السلاح، وقال: "إحدى نتائج هذا الفصل هي كيف أن البحث العالمي عبارة عن دراسات من آسيا وإفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية ، من جميع أنحاء العالم ، والعزلة الاجتماعية والوحدة هي مشاكل يعاني منها الجميع الا انها فقط في الولايات المتحدة تقود إلى العديد من جرائم القتل الجماعي".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة