احتفى قطاع الفنون التشكيلية، برئاسة الدكتور وليد قانوش، بالفنان الكبير عصمت داوستاشى بتنظيم معرض استعيادى فنى له بعنوان "توهج 80 عاما" ويعرض الفنان مائة وسبعين عملًا فنيًا فى مجال التصوير الزيتى والرسم منذ البدايات الفنية له حتى أحدث أعماله، ولهذه المناسبة أجرى اليوم السابع حوارا مع الفنان القدير لنتساءل عن معرضه الاستيعادى وعن حال الفن التشكيلى فى الوقت الراهن..
بعد مشوار طويل من الإسكندرية إلى القاهرة لإقامة هذا المعرض.. ماذا يمثل لك هذا المعرض الاستيعادى؟
يمثل هذا المعرض مرحلة فارقة فى حياتى، فهو نهاية مرحلة وبداية مرحلة، وعلى القول أن عملية التواجد على الساحة الفنية تحتاج إلى جهد وصحة، ولهذا كلفت ابنى عبد الله داوستاشى بتظيم المعرض، وعندما تم فرز الأعمال الفنية وجد أعمالا فنية لم تعرض من قبل ترجع إلى فترة الخمسينيات أيام كنت أبلغ من العمر 10 سنوات، وأعمال من فترة الستينيات، فهذا المعرض الاستيعادى فلسفتة قائمة على إظهار عدد من الأعمال الفنية التى لم تر من قبل، والعجيب أن زوار المعرض أعجبوا بالأعمال القديمة عن الجديدة وذلك لأنها فطرية وبسيطة، لأنى كنت أتنقل بين الموضوعات بحرية، وهذا بالطبع عكس عملى الجديد الذى يوجد فيه إلى حد ما وعى وعقلانية وترتيب للأمور، ولذلك عبد الله تمكن من الجمع بين عملى القديم والجديد، ولابد من الإشادة بدور قطاع الفنون التشكيلية فى بذل مجهود كبير لإخراج المعرض بشكل متميز بعد مشوارى الفنى بعد 80 عاما.
لديك مواهب فنية متعددة.. هذا المعرض يعرض فقط تصوير ورسم لماذا؟
لأنى لدى عدد لا يحصى من الأعمال التصويرية والرسم، ولكنى على مدار مشوارى الفنى قمت بأعمال نحتية وجرافيك كثيرة أيضا، ولكن كل أرجوه أن يستمتع الناس بالمعرض وخاصة الشباب.
لماذا اعتمد عصمت داوستاشى على الكف فى أغلبية أعماله الفنية؟
بداياتى فى مجال الفن، كنت أرسم بالفطرة لمدة عشر سنوات، وكنت أتنقل بين المدارس الفنية المختلفة، وقمت بتقليد الفنانين الكبار واستوحيت منهم، وفى ذلك الوقت لم تكن لى شخصية محددة فى الفن، حتى قمت برسم الكف فى بداية السبعينيات ومنها ظهرت لدى شخصية فنية ومن هنا انطلقت نحو الموروث الشعبى والثقافة، وبدأت أقوم برسم الكف، لكنه فى كل معرض يرمز إلى شىء معين منها السهم والعديد من الرموز الأخرى، وأهم شىء لدى أى فنان أن تكون لديه شخصيته التى تميزه عن غيره وإلا ماذا ستكون الفائدة لو فلان شبه فلان وامتداد له، وعلينا أن ندرك أن الشخصية الفنية لم تأت مرة واحدة ولكنها تأتى من الشغل والجهد.
ما الموضوعات التى اعتمد عليها داوستاشى أثناء رسم لوحاته الفنية؟
اعتمدت فى لوحاتى على 4 عناصر اجتماعية، أولها مرتبطة بالشعب المصرى، فكل قضية عبرت عنها بالرسم محورها "الحرية" فكل إنسان منذ ولادته حر فى الدنيا، ثانيا قمت بتمجيد المرأة فهى مصدر كل شىء ودورها كبير وشمولى فى حياة البشر، وثالثا رسمت الأسرة فكنت أرغب فى توضيح أن لابد من استمراريتها وتواصلها الذى به يتم تعمير الأرض، رابعا عنصر خفى إلى حد ما يعتمد على ذاتى أى شخصيتى الفنية التى أعبر عنها خلال أعمالى الفنية.
هل تأخر حصولك على جوائز الدولة يزعجك؟
مجرد أن جهة ما أو مؤسسة فنية تتدرج اسمى للحصول على جائزة من جوائز الدولة، كأنى حصلت عليها، ففنى هو جائزتى وما قدمته طوال حياتى الفنية يمثل جائزة كبرى، وهذا ليس المقصود به أنى متعالٍ على الجوائز التى تمنح للمبدعين لا بالعكس فهى ضرورية ومهمة وقد يكونون هم على واعى أكثر منى فى أن يمنحوها لفنان آخر، لأن ليس لديه ما أملك، ممكن، والجهات والجمعيات هى التى ترشحنى وأنا لم أطلبها، ولكن فى النهاية أن تمنحك الدولة جائزة هذا أمر فى غاية السعادة وله طعم خاص، فتلاميذى حصلوا على جوائز الدولة التقديرية وانا لم أحصدها حتى الآن وهذا أمر يحزن أكيد لكن لم أقف عليه بل لابد من التجاوز.
ما رسالتك اتجاه الفنانين الشباب؟
أن يفعلوا ما يرغبون فى أن يقدموه، وأنا متابع جيد لما يقدمونه وأرى أن الفن التشكيلى حاليا لا يزال بخير، ورسالتى لهم بالاستمراية وبالبحث عن الذات، ولا تقوم بالرسم لإرضاء فئة معينة فى المجتمع ولا سياسية ولا اجتماعية ولا رجال أعمال، ارسم حتى ترضى نفسك، وإضافة أشياء جديدة.
ما رأيك فى الكتابات النقدية الخاصة بالفن التشكيلى فى الوقت الراهن؟
المشكلة التى تواجهنا حاليا فى المساحات التى نقدمها، فمنذ وقت طويل فقدنا نقادا كبارا مثل بيكار ومختار العطار، كان كل واحد فيهما لديه صفحات فى الجرائد والمجلات وفى أبواب النقد، حاليا لم يعد لدينا غير مؤسسة فاروق حسنى وجاليرى ضى وفى بعض المؤسسات الأهلية ولكن هذا ليس كافيًا، فنحن لدينا ناقد كبير حاليا مثل الدكتور عز الدين نجيب وهو يكتفى بالكتابة على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك".
فى الأونة الأخيرة ظهرت على السوسيل الميديا شهادات فنية تثير الجدل خاصة بتوقيعات داوستاشى على الأعمال الفنية لرواد الفن التشكيلى.. ما هى حكايات هذه الشهادات؟
ما حدث هو رأى شخصى ولم يكن رأيا علميا، وهذه اجتهادات شخصية، ولدى أدلة على اجتهاداتى، ولكن لا يؤخد بها، والذى يؤخد به الفحص العلمى فقط، وأنا خبير عالمى فى الأعمال الفنية، وفى أواخر القرن الماضى قدمت مشروعا عن الاحتفال بمئوية الفنانين الكبار، وقررت أقدم مشروعا احتفالا بمئوية محمود سعيد، من خلال طبع كتاب شامل عنه وعمل فيلم وثائقى وتقديم مستنسخاته وبوسترات حتى نتمكن من إقامة معارض فنية، وقدمت المشروع لفاروق حسنى وزير الثقافة آنذاك ووافق عليه، نزل الكتب شاملا وفيه لوحاته بالترتيب وأصبح الكتاب مرجعية فى مصر وفى العالم خاصة فى المزادات العالمية فى كريستيز وسوثبى، ومن هنا بدأت أسعار لوحات محمود سعيد فى الزيادة وطلبوا شهادات من توقيعى، وأصدرتها فترة لكن بعد ذلك طلبت بوقف هذه الشهادات وطالبت أن تكون الشهادات من نقابة الفنانين التشكيليين أو من قطاع الفنون التشكيلية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة