فى محل صغير بقلب شارع السوق القديم فى مدينة نقادة جنوب قنا تطالع عيناك كل ما هو قديم، فأمامك مكواة يرجع تاريخها إلى عشرات السنين ومن حولك قطع خشبية عاصرت أجيال وتعاقب عليها الجد والأب والابن، فالسناج الذى يملأ سقف المحل شاهدًا على هبو النيران التى اشتعلت من أجل تسخين المكواة فى كل مرة يأتى أحد الزبائن لكى ملابسه، ورغم تطور المهنة وصناعة مكواة بالبخار وأخرى بالكهرباء إلا أن الرجل الذى قارب على السبعين مازال محتفظ ومتمسك بكل ما هو قديم وبإرثه الوحيد فى هذه الحياة وهو تعلم صنعة والده.
العم-مأمون-داخل-المحل
بابتسامة رقيقة وحفاوة يستقل العم عبد النور حنا الزبائن الراغبين فى كى ملابسهم والذين تربطه بهم علاقة ممتدة عبر سنوات سابقة ولاسيما كبار السن الذين يفضلون الذهاب إليه، ويبدأ فى عمله وهو تسخين المكواة على النار ثم البدء فى الكى على المنضدة القديمة المصنوعة من الخشب ممسكا فى يده قطعة من القماش تحميه من حرارة المكواة أو تعرضه للسلع، ليعود فى نهاية اليوم حاملًا فى قلبه الرضا وراضيًا برزقه الذى كتبه الله له، ثم يعود فى الصباح مع إشراقة شمس اليوم الجديد.
العم-مأمون-رمزي
وقال مأمون رمزى، مكوجى بقنا، أن تلك المهنة هى وراثة فى العائلة فالجد علمها للأب والأب علمها له وعلى مدار سنوات عديدة تخطت الـ 40 عاما حافظ على تلك المهنة واستمر فى تواجده بالمحل يستقبل زبائنه من كبار السن وكذلك من الشباب الذى يفضلون الكى بالتسخين أو مكوة الرجل عن البخار، لافتًا أن ذلك المحل عمره يمتد لأكثر من 100 عاما ولم يمتهن مهنة أخرى إلا الكى طوال حياته حيث أصبحت مصدر رزق رئيسى له.
قصة-مكوة-الرجل-والسخان
وأوضح رمزى، أن المحل ما زال محتفظا بطبيعته القديمة فمنذ تأسيسه لم يتم التعديل فيه والجدران شاهدة على القديم، وأيضًا السقف مليء بالسناج الذى تكون نتيجة الأدخنة المتصاعدة من لهيب النار على موقد البوتاجاز أو كما كان فى السابق موقد الحطب أيام الأب والجد، ويستخدم مكواة مصنوعة من مادة صلبة تجع قدرتها على التسخين عالية كما أن وزن القطعة الحديدة يجعل علمية الكى أكثر سهولة لاسيما فى الملابس الصوفية التى تحتاج إلى تلك المكواة.
مكواة-تعمل-عن-طريق-التسخين
وأشار مأمون رمزى، إلى أن سعر القطعة فى السابق كان لا يتعدى جنيهًا واحد ورغم صناعة أنواع عديدة من المكاوٍ إلى أنه فضل الحفاظ على تلك المكواة واستخدامها فى المحل لأنها توفر الكهرباء وكذلك قدرتها على الكى أكثر من الأنواع الثانية، وهى بالنسبة له تراث وإرث يجب الحفاظ عليه على مدار الزمن، مضيفًا أنه لم يعلم المهنة لأشخاص من بعده ولكنه يتمنى أن يحافظ الجميع على التراث والأشياء القديمة والاحتفاظ بمعالمها دون إجراء تغيرات جذرية على المبانى أو العدد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة