هدى سلطان غنت إجريجى وإسماعيل ياسين خدها مشى من مصر الجديدة لشبرا.. محسن سرحان كان فى القاهرة صحى لقى نفسه فى دمنهور.. وعقيلة راتب احتفلت فى قصر العينى بسبب طبق «كسكسى»
صباح خادمة مطلوب القبض عليها.. لماذا كرهت سامية جمال ارتداء بدلة الرقص فى ليلة رأس السنة؟.. وكيف احتفل رواد الفن بالعام الجديد منذ 90 سنة؟
منذ زمن طويل، كان نجوم الفن يحتفلون بأعياد الكريسماس وليلة رأس السنة، ويستقبلون العام الجديد بالعديد من الاحتفالات والتجمعات، وكان لكل منهم طقوسه وطريقته الخاصة فى الاحتفال، كما كان لكل منها ذكريات مواقف لا ينساها فى هذه المناسبة.
وفى السطور التالية، نعود سنوات للوراء إلى زمن عمالقة الفن ورواده، لنعرف كيف كانوا يحتفلون بهذه المناسبة، وما هى أهم المواقف والذكريات التى ظلت عالقة بأذهانهم طوال حياتهم يستعيدونها مع نهاية عام واستقبال عام جديد.
رواد الفن "بابا وماما نويل"
تابعت مجلة الكواكب، منذ صدورها عام 1932، كيفية احتفال نجوم الفن ورواده الأوائل برأس السنة، ففى عددها الصادر بتاريخ 26 ديسمبر 1932 نشرت المجلة موضوعا عن احتفالات رأس السنة، وأوضحت كيف يحتفل النجوم بهذه المناسبة، منهم جورج أبيض ونجيب الريحانى وبشارة واكيم وبديعة مصابنى وعلوية جميل ودولت أبيض.
أشارت "الكواكب" إلى أن الراقصة الرشيقة بديعة مصابنى كانت تحتفل بهذه المناسبة بدعوة زملائها وزميلاتها الممثلات والمطربات والراقصات إلى منزلها لتناول الغداء، حيث كانت تقيم مائدة كبيرة عامرة تحوى ألذ المأكولات وأشهاها، فيطربون ويمرحون بين المائدة والحديقة الواسعة لساعات، كما كانت توزع على عمال صالتها أنواع الكعك والفطائر والبسكوت، وكانت تحتفل فى هذا العام «1932» مع زوجها نجيب الريحانى فى تونس بعيدا عن مصر، حيث كان هذا أول عيد يحتفلان به بعد صلحهما الأخير، وانتهزت «الكواكب» الفرصة لتبعث لهما أخلص التهانى والتبريكات والأمانى بأن يوفقهما الله فى رحلتهما ويعودا فى أتم سعادة.
أما الفنان الكبير جورج أبيض، فكان يمثل فى هذا اليوم دور سانتا كلوز، ويحمل الهدايا واللعب خلسة فى الظلام إلى وحيدته سعاد أو «سوسو»، ويحاول إيهامها بأن سانتا كلوز دخل من الشباك فى الليل، ووضع إلى جوارها هذه الهدايا لأنها «بنت كويسة»، لتصبح سوسو أكثر الأطفال ابتهاجا بهذا العيد، لأنها تحتفل به مرتين أولهما فى 25 ديسمبر، وثانيهما فى يوم عيد ميلاد أمها فى 7 يناير، إذ تحتفل به دولت أبيض مع الشرقيين لا كزوجها مع الغربيين، لهذا تكون المنافسة شديدة بين بابا نويل وماما نويل، ويحاول كل منهما الإجادة فى تمثيل دور سانتا كلوز، وأن تكون هديته لـ«سوسو» أفخم وأكبر من الآخر.
أما علوية جميل، فكان الاحتفال بهذا العيد يكلفها غاليا، لهذا كانت تحاول تسهية أطفالها بقطع ورقتين أو ثلاثة من النتيجة حتى لا يعرفوا موعد عيد الميلاد، فإذا فطن الأولاد للعبتها أرغموها على تمثيل دور ماما نويل، وعندها لا ترى مفرا من أن تشترى بعض الزمامير والطبلات والعرائس، التى توزعها عليهم أثناء يومهم، وتخص نفسها بعروسة كبيرة، لتؤكد لأولادها أن سانتا كلوز راض عنها أكثر منهم.
ليلة لم ينسها إسماعيل ياسين
ظل إسماعيل ياسين طوال حياته يتذكر تلك الليلة التى احتفل بها برأس السنة عام 1943، ووقتها كان فى بداياته يعانى من الفقر وضيق الحال، ودعاه صديق ثرى للاحتفال بليلة رأس السنة فى منزله بمصر الجديدة، فانتهز سمعة هذه الدعوة التى ستوفر له طعاما شهيا وسهرة ممتعة دون أن يدفع شيئا، وبالفعل ذهب إلى منزل صديقه وقضى السهرة مستمتعا بالطعام الشهى وصحبة عدد من الأصدقاء، وبعد أن دقت الثانية عشرة وإطفاء الأنوار والاحتفال بقدوم السنة الجديدة، استأذن للانصراف معتذرا لصديقه الذى ألح عليه أن يبقى معهم لأنه كان مرتبطا بعمل فى الصباح، ولأنه يعرف أن آخر قطار من قطارات المترو يغادر مصر الجديدة فى الساعة الواحدة والربع، طلب إسماعيل ياسين من صديقه أن يأمر سائقه بأن يأخذه إلى أقرب محطة مترو، وبالفعل وصل ليلحق بآخر قطار، وبمجرد أن ركب وجد الكمسارى يجمع ثمن التذاكر، فمد إسماعيل ياسين يده فى جيبه فلم يجد معه أى نقود، فارتبك واضطر للنزول من المترو قبل أن يتحرك حتى لا يقع فى حرج، إذا ما طالبه الكمسارى بثمن التذكرة، ووقف الفنان الكوميدى على المحطة فى البرد القارص لا يعرف كيف يتصرف، وكيف يصل من مصر الجديدة إلى حيث يسكن وقتها فى شبرا، ولم يجد حلا سوى أن يقطع هذه المسافة الكبيرة سيرا على الأقدام، وبالفعل بدأ فى السير حتى وصل إلى روكسى ثم إلى سراى القبة، وشارع الملكة ودير الملاك وشارع رمسيس، وأراد اختصار الطريق فمر ببعض المزارع التى كانت موجودة وقتها، وإذا بالطريق موحش يملأه صوت الضفادع والرياح الباردة التى شعر معها بأن جسده يكاد يتجمد، وسمع آذان الفجر وهو لا يزال بين هذه المزارع وقد أنهكه المشى، فجلس على الأرض وتكور على نفسه من شدة البرد ثم ظهر النهار، وواصل السير حتى وصل إلى بيته وهو يعرج وفى حالة يرثى لها من كثرة المشى، وبسبب هذه الليلة رقد مريضا لمدة أسبوع وأقسم من يومها ألا يقضى ليلة رأس السنة إلا فى بيته أو بجوار منزله.
الفراشة ترفض ارتداء بدلة الرقص فى رأس السنة
طوال حياتها لم تنس الفراشة سامية جمال أول ليلة أدت فيها رقصة صولو فى صالة بديعة مصابنى، وكانت توافق ليلة رأس السنة، وقالت سامية جمال فى حوار نادر: إن المقربين منها يعرفون أنها ترفض ارتداء بدلة الرقص ليلة رأس السنة، ولكنهم لا يعرفون السبب وراء ذلك، مشيرة إلى أنها فى بداية مشوارها الفنى وقبل شهرتها، حين كانت تعمل فى كازينو بديعة، حلت ليلة رأس السنة فى أحد الأعوام، وكان الملهى يفيض برواده الذين وقف بعضهم بسبب عدم وجود موائد كافية لكل هذا العدد، الذى تزاحم للاحتفال فى كازينو بديعة الشهير.
وقالت الفراشة: إنها كانت مع باقى زميلاتها الراقصات يضعن الماكياج واللمسات الأخيرة تأهبا لدخول المسرح، وكان دورها وقتها لا يزيد عن كونها راقصة ضمن المجموعة لا يشعر بها أحد، ولكن فى هذه الليلة أمرتها بديعة مصابنى بأن تؤدى رقصة وحدها مثل كبار الراقصات، وأعارتها بدلة رقص لأنها لم تكن تمتلك بدلة رقص خاصة بها.
وأضافت سامية جمال: إنها هابت الموقف وحين جاء دورها وسلطت عليها الأضواء لم تعجب بديعة برقصتها، وانتظرت حتى انتهت من الرقص وصرخت فى وجهها بغيظ قائلة: «لازم تتعلمى الرقص كويس»،وأكدت الفراشة أنه على الرغم من أن هذا الانفعال من بديعة مصابنى حدث خلف الكواليس وبعيدا عن الجمهور، فإنها شعرت بأن الجمهور كله يشاهد الموقف وعرف ما حدث، وحينها لم تتمالك نفسها من البكاء، ولم تتحدث عن هذا الموقف، ولكنها كرهت من يومها ارتداء بدلة الرقص ليلة رأس السنة، لأنها تذكرها بهذا الموقف.
محسن سرحان
وفى حوار أجراه الفنان محسن سرحان عام 1954 تحدث عن ذكرياته فى احتفالات الكريسماس، ومنها ما حدث معه فى أحد الأعوام التى لا ينساها، حين قرر أن يقضى ليلة رأس السنة فى أحد الملاهى الليلية بالقاهرة، واعترف الفنان الكبير بأنه شرب فى تلك الليلة حتى غاب عقله، لدرجة أنه لم يدرك كيف خرج من الملهى قبل منتصف الليل ولم يتذكر ما حدث له، إلا حين استيقظ فى ظهر اليوم التالى ليجد نفسه نائما على سرير فى غرفة متواضعة، وأخذ ينظر حوله حتى أدرك أنه فى أحد الفنادق البسيطة، ولكنه لم يكن يعرف أين هو وكيف جاء إلى هذه الغرفة، وأخذ ينادى «حد هنا»، حتى دخل عليه رجل أرمنى عجوز قائلا: «إزى خضرتك دلوقت»، فأجابه محسن سرحان بدهشة: «الحمد لله كويس، لكن أنا فين وجيت هنا إزاى؟»، واندهش الفنان الكبير حين أجابه الرجل بأنه فى لوكاندة خريستو بدمنهور، وعرف منه أنه وصل بتاكسى من القاهرة قبيل الفجر وأعطى السائق 4 جنيهات.
وأخذ محسن سرحان يفكر فيما حدث ويجهد ذاكرته ليبحث عن الدافع الذى جعله يأتى إلى دمنهور، حتى تذكر أنه قبل 10 سنوات من هذه الواقعة، كان يحب فتاة من القاهرة، ولكن فجأة انتقل والدها إلى دمنهور، فاصطحب أسرته معه وانقطعت أخبار هذه الفتاة، مشيرا إلى أنه فسر سفره لدمنهور دون أن يدرى بأن الحنين لهذه الفتاة قاد عقله الباطن للسفر إلى حيث ذهبت دون أن يدرى، واختتم الفنان الكبير قصته، مؤكدا أنه أقلع عن الشرب بعد هذه الواقعة.
صباح خادمة مطلوب القبض عليها
روت صباح فى حوار نادر عام 1958 أنها دعيت فى إحدى السنوات السابقة إلى حفلة تنكرية أقامتها إحدى صديقاتها فى رأس السنة، فقررت أن ترتدى ملابس خادمة فقيرة من بنات البلد، فارتدت ملابس خادمتها وأتقنت وضع المكياج واستعانت بضفائر حتى تخفى شخصيتها تماما، وعندما دخلت الاحتفال لم ينتبه أحد إلى أنها صباح، واعتقدوا أنها خادمة ضمن الخدم فى الحفل، حتى إن صاحبة الحفل لم تتعرف عليها، وظلت كذلك حتى قرب منتصف الليل، وفكرت أن تعود إلى منزلها لتغيير ملابسها وتزيل الماكياج وترتدى فستانا آخر، ولكنها عندما خرجت من منزل صديقتها فوجئت بالبواب يعترض طريقها، قائلا: «رايحة فين يا بت، أقفى عندك»، فارتبكت صباح مما آثار شكوك البواب، الذى أخذ يصرخ فيها وآثار صراخه سائقى سيارات المدعوين الموجودين أمام البيت فاجتمعوا حولها، واستدعوا الشاويش الذى جاء وأمسك بها، وقرر أن يصطحبها للقسم، وآثارت هذه الضجة المدعوين الذين التفوا ليعرفوا ما حدث، فوجدت صباح نفسها فى موقف محرج واضطرت أن تكشف عن شخصيتها، وما أن أعلنت عن نفسها حتى ضحك الجميع، وصفقوا لإتقانها شخصية الخادمة.
هدى سلطان تغنى إجريجى
حكت هدى سلطان موقفا طريفا حدث لها فى الخمسينيات فترة زواجها بوحش الشاشة فريد شوقى، حين حل عيد رأس السنة وكانت حينها مصابة بالأنفلونزا، فقرر زوجها ألا يخرج للاحتفال بهذه المناسبة ليبقى إلى جوارها، ولكنها صممت أن يخرج للاحتفال وتحاملت على نفسها، مؤكدة أنها تريد الخروج معه للاحتفال، وأصرت على ذلك وبالفعل ارتدت ملابس صوفية ثقيلة، وخرجت بصحبة وحش الشاشة يتجولان بالسيارة فى شارع الهرم، وفى الطريق اجتذبهم ضجة كبيرة بأحد الملاهى الذى اشتهر بكثرة رواده من أبناء الجالية اليونانية الذين كانوا يحتفلون برأس السنة، ولم تتوقع هدى سلطان أنهم يعرفونها، وما كادت تجلس هى وزوجها الفنان الكبير فريد شوقى حتى ارتفع هتاف أبناء الجالية اليونانية يحيونها باللغة العربية قائلين «تعيش هدى سلطان»، وتجمهروا حولهما يطلبون منها أن تغنى، وفشلت فى إقناعهم بأنها مريضة، واضطرت أمام إلحاحهم أن تغنى لهم، وفوجئت بتجاوبهم وحبهم للأغانى العربية، ثم لقنها قائد الأوركسترا اليونانى مطلع أغنية يونانية مشهورة، وما كادت تغنيها حتى ضجت الصالة بالتصفيق والهتاف، وأكدت الفنانة الكبيرة أنها لا تنسى هذه الليلة المميزة.
عقيلة راتب والكسكسى المسموم
أما الفنانة الكبيرة عقيلة راتب فظلت طوال حياتها لا تنسى تلك الليلة من رأس السنة فى الخمسينيات، التى قضتها هى وأصدقاؤها فى المستشفى بسبب أكلة «كسكسى».
قالت عقيلة راتب فى حوار أجرته أواخر الخمسينيات: إنها اتفقت مع عدد من صديقاتها فى أحد السنوات على أن يحتفلن برأس السنة بإعداد مائدة يتشاركن فيها وتعد كل منهن طبقا للعشاء، اجتمعت الصديقات واصطحبت كل واحدة منهن زوجها معها للاحتفال بهذه المناسبة، وأشارت الفنانة الكبيرة إلى أن إحدى صديقاتها أحضرت معها طبقا من الكسكسى، حاز إعجاب الجميع ماعدا عقيلة راتب وصديقتها صاحبة المنزل، اللتان لم تكونا تحبان هذه الأكلة، وما كاد العشاء ينتهى ويستأنف الحضور الاحتفال برأس السنة حتى بدأ الجميع يشعر بأعراض التسمم، والقيئ وتعالت الآهات ليتبين أن الكسكسى كان فاسدا، ولم ينج من هذا التسمم سوى عقيلة راتب وصديقتها صاحبة المنزل اللتان لم تأكلا منه، وبسرعة اتصالتا بالإسعاف التى جاءت ونقلت جميع من حضروا الاحتفال إلى مستشفى قصر العينى لتحمل المصابين، وقضت عقيلة راتب وجميع أصدقائها ليلة رأس السنة فى المستشفى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة