لا حديث يعلو فوق الحديث عن آثار التغيرات المناخية فى عام 2023 ، لا سيما بعد أن طال تأثيرها مناطق مختلفة فى العالم، وفى أفريقيا تحديدا ضربت آثارها بشراسة عددا من دول القارة الأفريقية التى تعد ضحية لانبعاثات الدول الصناعية الكبري، فرغم ان القارة السمراء تساهم بـ 4% فقط من الانبعاثات الكربونية التي تنتج عن الدول المتقدمة إلا أنها تواجه آثار التغير المناخي التي تعيق جهود التنمية والحياة بشكل كبير حيث أدت التغيرات هذا العام لموجات ارتفاع الحرارة وتصحر وجفاف وفيضانات ضرب أراضي أفريقية ومحاصيلها ومواشيها وبنيتها التحتية.
وخلال عام 2023، تعرضت عددا من الدول الأفريقية لموجات متكررة من الجفاف، وفى بعض الأحيان تساقطت أمطار سيلية تحولت إلى فيضان مدمر، كما تعرضت دول الساحل والقرن الإفريقي لموجة جفاف شديدة، وكذلك تعرضت دول منابع نهر النيل من جفاف متواصل في العقد الثاني من القرن العشرين أعقبه سيول. بالإضافة إلى حرائق تعرضت لها بلاد المغرب العربي بسبب ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض، وتدمير الشعاب المرجانية، وتغيير هجرة بعض الطيور أو اختفائها، وأيضا اختفاء بعض أنواع النباتات الطبيعية.
حرائق الغابات جحيم فى شمال أفريقيا
كان صيف 2023 تاريخياً، حيث تعاقبت خلاله 3 أشهر هي الأكثر سخونة في التاريخ المسجّل، فقد واجهت دولة تونس والجزائر موجة حرارة شديدة أدت لإشعال الحرائق، في ظل جفاف غير مسبوق وطقس متطرف فاقت درجة حرارته الـ 40 درجة مأوية، أدت لخسائر بشرية ومادية في أحد مظاهر تداعيات التغير المناخي الناجم عن الاحتباس الحراري.
ففي الجزائر، أعلنت السلطات مصرع وإصابة العشرات جراء حرائق الغابات المستعرة في أكثر من 11 ولاية، وإجلاء أكثر من 2000 شخص ، وقالت السلطات الجزائرية أن موجة الحرائق التي تتعرض لها البلاد أتلفت 288 هكتارا من الغابات عبر عدة ولايات، وتم تسجيل 80 حريقا على مستوى 23 ولاية جزائرية. وتضررت غابات ومحاصيل زراعية ، ونشرت السلطات الجزائرية أكثر من 8000 من رجال الإطفاء سعياً للسيطرة على النيران.
أما تونس، فإن عاصمتها وبعض مدنها تسجل درجات حرارة بلغت 48 درجة مئوية خلال موجة وأجلت السلطات ما يزيد على 300 شخص من قرية ملولا الساحلية عبر القوارب، بينما كافح رجال الإطفاء من أجل السيطرة على الحرائق في المناطق الـ3 شمال غرب البلاد: بنزرت وسليانة وبجا.
اعصار"دانيال" فى ليبيا
وفي سبتمبر، شهِدت بلدان شمال إفريقيا هطولات مطرية مبكرة، كان أخطرها في ليبيا، حيث وصل عدد الوفيات إلى 20 ألف شخص نتيجة الفيضانات والسيول التي خلّفها إعصار "دانيال" في شرق البلاد، وطالت العاصفة المتوسطية العنيفة مدناً ساحلية عدّة أدّت إلى انهيار سدود وجرف أحياء بأكملها، لا سيما في مدينة درنة التي أُعلنت منطقةً منكوبةً.
وتسببت الأمطار الغزيرة في انهيار سدين، مما أدى إلى موجة كاسحة من المياه المندفعة نحو درنة، لتدمر أحياء بأكملها وتجرف المنازل بمن فيها إلى البحر المتوسط.
فيضانات تغرق الصومال
وفى الصومال شهدت سوأ كارثة إنسانية فى البلاد منذ عقود، حيث شردت الفيضانات مئات الآلاف من السكان والبلدان المجاورة فى شرق أفريقيا بعد موسم جفاف قياسى، وصفت بفيضانات القرن، لأنها بحسب وصف الأمم المتحدة "حدث لا يقع إلا مرة فى القرن". واجتاحت الأمطار الغزيرة الناتجة من ظاهرة «ال نينيو» شرق أفريقيا فى نوفمبر 2023، تسببت الأمطار الغزيرة فى الصومال وكينيا واثيوبيا المجاورتين بحدوث انزلاقات أرضية وغمر قرى ومزارع بالمياه.
وقدّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فى بيان تضرر نحو 1.6 مليون شخص فى البلاد من الأمطار الغزيرة الموسمية، التى تفاقمت بسبب التأثير المشترك لكل من الظاهرتين المناخيتين، «النينيو»، و«ثنائى القطب» فى المحيط الهندى.وكانت المناطق الأكثر تضررا فى جنوب غرب الدولة الواقعة فى القرن الافريقى والتى تعانى من الاضطرابات ويبلغ عدد سكانها 17 مليون نسمة.
وأدت الفيضانات لمصرع أكثر من عشرين شخصا وتشريد مئات الآلاف لإنقاذ 2400 شخص محاصرين بسبب مياه الفيضانات فى بلدة لوق، على الطريق الذى يربط الحدود الصومالية الاثيوبية مع بيدوا.ورجّح المكتب الأممى، استمرار النزوح بشكل واسع النطاق، مع زيادة الاحتياجات الإنسانية، وتدمير المزيد من الممتلكات، وسط احتمالات تدمير نحو 3.7 ملايين فدان زراعى.
طقس متطرف يضرب جنوب أفريقيا
وفى مارس 2023 ضرب إعصار فريدي، الأطول مدة في التاريخ، جنوب القارة، ففى جنوب إفريقيا علنت السلطات حالة الكارثة الوطنية بعدما أسفرت فيضانات نجمت عن هطول أمطار غزيرة عن سقوط ضحايا وعدد من المفقودين. كما تسبب مد قوي ورياح عاتية في حدوث أمواج ضخمة وصل ارتفاعها إلى 4 أمتار في المتوسط، على السواحل السياحية القريبة من مدينة كيب تاون في جنوب إفريقيا. تجاوزت المياه السدود البحرية، لتغمر شوارع ومنازل في بعض الأماكن.
وفى ملاوى راح ضحية الاعصار أكثر من 190 قتيل على الأقل وإصابة المئات وفقدان العشرات، وفي موزمبيق، أفادت السلطات بأن حصيلة الضحايا بلغت 20 قتيلا و24 جريحا.. ولاتزال التغيرات المناخية تتسبب فى المزيد من الكوارث الطبيعية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة