داخل حوش صغير ستجد المعلم والحرفى جالس على بسطته وأمامه قرمة صغيرة مر عليها عشرات السنين، يقطع عليها سعف النخيل لقطع صغيرة حتى يتمكن من تحويله إلى أقفاص تباع للتجار، فهنا فى ذلك المكان لا صوت يعلو فوق صوت دقات الجريد والتسامر بين الصناع وبعضهم البعض، ورغم مرور مئات السنين على تلك الصناعة اليدوية التاريخية بمحافظة قنا إلا أنها ما زالت تحتفظ بمكانتها ويعمل بها عدد ليس بالقليل من أبناء عائلة السرايرية جنوب المحافظة كمهنة متوارثة تحافظ على تحسين الدخل لعائلتهم.
للمرة الأولى التى سيتحدث فيها الحرفى معك ستعرف أنك أمام شخص مثقف وليس صانع جريد فقط، ثم يخبرك أنه درس اللغة العربية وعمل بالتوجيه بإدارة نقادة بالتوازى مع الحفاظ على صنعة الأجداد التى بدأها وهو فى الصف السادس الابتدائى ولم ينقطع عنها رغم الدراسة والعمل، كذلك علم تلك المهنة لأبنائها الذين التحقوا بعدد من المدارس المختلفة، قائلًا " حتى لو فى وظيفة الصنعة دى بتجرى فى دمنا ولازم نعلمها لأبنائنا" لتستمر الرحلة ويستمر العطاء وتتواجد الصنعة بتواجد صناعها فى أماكن مختلفة من محافظة قنا.
وقال عبد الحميد محمد إبراهيم، معلم لغة عربية وحرفى جريد، أن صناعة الجريد من الصناعات المتوارثة فى مدينة نقادة وعائلة السرايرية والتى تعتمد فى البداية على صناعة الأقفاص التى يحتاجها المزارعين فى مواسم الزراعات المختلفة مثل الباذنجان والجوافة والموز والطماطم وكذلك الأسرة والكراسى، فتعلم تلك الصنعة من والده منذ نعومة أظافره وحافظ عليها حتى التحق بوظيفة فى التربية والتعليم ولم ينقطع عن العمل فى تلك الصنعة بل ظل يعمل بعد انتهاء أوقات العمل الرسمية.
وأوضح إبراهيم، أنه بداية من شهر فبراير صناعة أقفاص المانجو والتى تستمر حتى شهر يونيو ثم صناعة أقفاص الباذنجان فى تلك الفترة ولذلك هى صنعة تعمل على مدار العمل لتعاقب المواسم المختلفة على مدار العام، ويعتمد الصناع على الجريد كمصدر أساسى والمادة الخام ويحصل عليها من المزارعين فى عدد من القرى القريبة، لافتًا أن العمل يحتاج إلى الجريد اللين حتى يصبح أكثر سهولة فى التشكيل والتصنيع والعمل أول بأول به، كما يستغرق القفص الواحد مدة زمنية صغيرة لا تزيد عن 10 دقائق للصانع الماهر و15 دقيقة للمبتدئ.
وأشار عبد الحميد، إلى أن الأدوات المستخدمة فى تلك الصنعة هى الهلال وماسورة العلام والقرمة وأخشاب للدق وآلة للتخريم مختلفة المقاسات بحسب طلب الزبائن ونوع القفص المطلوب أو الأسرة أو أشكال أخرى لوضع الطيور فيها أو الأوانى والأكل، ويحصل على الهلال من الفيوم والقاهرة والقرمة وخشب الدق من أحد التجار، كما يحافظ على وضع ماء بصفة مستمرة للقرمة حتى تصبح أكثر ليونة وتتحمل الدق عليها لفترات طويلة.
ولفت صانع الجريد، أنه ورث تلك المهنة لأبنائه رغم التحاقهم بالتعليم حتى تصبح صنعة ومهنة مساعدة لهم تعينهم على توفير المتطلبات اليومية للمنزل وتحسن من الدخل الخاص بهم، ورغم التطور إلا أنها ما زالت كما هى من الحرف اليدوية التى لم تستخدم فيها الآلة، مضيفًا أنه يحافظ على مشاهدة برامج التلفاز وتصفح الجرائد والمواقع الالكترونية حتى يصبح ملهم بما يدور حوله ويكتسب الثقافة من خلال من يقرأه.
صانع الجريد بقنا
العم عبد الحميد
أثناء العمل
تصنيع أقفاص للخضراوات
تصنيع-الأقفاص
تصنيع-الجريد-بقنا
صناعة-الجريد-بقنا
مراسل-اليوم-السابع-مع-الصانع
معلم-لغة-عربية-والدرجة-صانع-جريد
الصانع-أثناء-العمل
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة