أجهضت الولايات المتحدة الأمريكية مساعى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار على قطاع غزة، من خلال استخدام حق النقض "الفيتو" ضد قرار يطالب بوقف إطلاق النار رغم استمرار المجازر الإسرائيلية فى قطاع غزة، فى تعنت أمريكى واضح وتجاهل للانتهاكات الإسرائيلية ودعوة جديدة لارتكاب المزيد من المجازر الإسرائيلية، وهى المرة الثانية التى تستخدم فيها الولايات المتحدة الفيتو، بعد تصديها لتمرير مشروع قرار روسى يطالب بوقف إطلاق النار فى قطاع غزة خلال جلسة طارئة عُقدت فى 18 أكتوبر الماضى.
وهو ما فسره عدد من النواب والخبراء بأنه ضوء أخضر من جانب الولايات المتحدة الأمريكية لاستمرار الجرائم الإسرائيلية ضد سكان قطاع غزة.
وفى هذا السياق أبدى الدكتور أيمن محسب، وكيل لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب، استياءه من عرقلة الولايات المتحدة الأمريكية مشروع قرار بمجلس الأمن الدولى لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، مشيرا إلى أن 13 دولة من الدول الـ 15 الأعضاء فى المجلس صوتت لصالح مشروع القرار، فى مقابل معارضة الولايات المتحدة وامتناع المملكة المتحدة عن التصويت.
وتساءل "محسب"، ماذا تنتظر الولايات المتحدة لكى يتحرك من أجل وقف إطلاق النار على المدنيين العُزل داخل قطاع غزة، مشيرا إلى أن العدوان الإسرائيلى الغاشم نجح فى تحويل القطاع إلى منطقة شديدة الخطورة لا يمكن العيش فيها، لافتا إلى أن القصف الإسرائيلى أدى إلى سقوط 17400 قتيل، بالإضافة إلى أكثر من 37 ألف مصاب وألاف المفقودين.
وأكد عضو مجلس النواب، أن المجتمع الدولى لازال غير قادر على اتخاذ موقف سياسى أخلاقى تجاه العدوان الجنونى على سكان قطاع غزة، مؤكدا أن الولايات المتحدة الأمريكية تضع الأهداف الإسرائيلية على رأس أولوياتها وتتبناها بقوة حتى لو كان ذلك على حساب الشعب الفلسطينى، وحقوقه المشروعة فى أن يحيا فى وطن مستقر كباقى شعوب العالم، وهو ما يساهم فى هدم القيم الإنسانية ومبادئ القانون الدولى.
وشدد النائب أيمن محسب، على أن إصرار الولايات المتحدة الأمريكية والغرب على الكيل بمكيالين فى القضايا والأزمات الدولية، سيدفع العالم نحو الهاوية، وسيرسخ لشريعة الغاب التى ستحل محل القانون الدولى، ليصبح عنوان العقود القادمة هو البقاء للأقوى، وسيعكس لدى الأجيال الصغيرة أن العالم لم يتخلص بعد من عنصريته.
وأشار "محسب"، إلى أن استمرار دولة الاحتلال فى حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطينى، ودفعهم نحو التهجير القسرى من أجل تصفية القضية الفلسطينية سيكون له أثار شديدة الخطورة على أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط وهو ما سينعكس على الأمن العالم خاصة فى ظل تأكيد مصر على رفض مخطط التهجير والتصدى له، لافتا إلى أن المجازر الدموية التى ترتكبها إسرائيل يوميا داخل الأراضى الفلسطينية ستخلق جيلا من المتطرفين والإرهابيين.
فيما قال ناجى الشهابى، رئيس حزب الجيل الديمقراطى، أن فشل مجلس الأمن للمرة السادسة فى وقف الحرب الوحشية التى تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلى على الأهالى فى غزة يؤكد، إصرار الولايات المتحدة الأمريكية فى الوقوف ضد العرب وأنها شريكة للحكومة الإسرائيلية المتطرفة فى كل المذابح الدموية والوحشية التى ارتكبتها منذ السابع من أكتوبر الماضى.
وأضاف "الشهابي" أن موافقة 13 عضو من مجموع 15عضوا بالمجلس الدولى على مشروع القرار بوقف الحرب فى غزة الذى أجهضته امريكا باستخدام حق الفيتو وامتناع بريطانيا عن التصويت يعنى استمرارها فى الاستهتار بالأمة العربية والإسلامية وقتل المزيد من الأهالى فى فلسطين.
وطالب رئيس حزب الجيل، الدول العربية باتخاذ موقف حاسم وقوى ضد أمريكا التى يدعون أموالهم فى الخزانة الأمريكية أى هم الذين يدافعون نفقات هذه الحرب الباهظة بل القواعد العسكرية الأمريكية على الأرض العربية هى التى تمد قوات الاحتلال الإسرائيلى بكل ما تحتاجه لاستمراها فى قتل اهلنا فى غزة مؤكد أن التاريخ لن يرحم أحدا.
ندد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولى العام وخبير النزاعات، بأشد العبارات الفشل المتكرر وغير المبرر لمجلس الأمن فى اتخاذ أى إجراءات فعلية لوقف الحرب الإسرائيلية البربرية على قطاع غزة المحاصر مستنكراً بشدة إعاقة الولايات المتحدة لمشروع القرار الإماراتى بشأن وقف إطلاق النار فى غزة، فى تأكيد قاطع على الدعم اللامحدود وغير الأخلاقى لواشنطن لجرائم الاحتلال الإسرائيلى بحق شعبنا الفلسطينى الأعزل.
وقال الدكتور مهران فى تصريحات صحفية "إن صمت مجلس الأمن وتخاذله أمام سفك دماء الآلاف من الشهداء والجرحى وتدمير البنى التحتية المدنية فى غزة، يمثل انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة والتزامات المجلس بالمحافظة على السلم والأمن الدوليين وفق الفصل السابع، متابعاً: "أن حجة استخدام الولايات المتحدة للفيتو لحماية إسرائيل لم تعد مقبولة على الإطلاق، ويجب محاسبة كل من تواطأ مع هذه الجرائم أو غض الطرف عنها أمام المحكمة الجنائية الدولية".
وأضاف أن الولايات المتحدة ظلت طيلة العقود الماضية تستخدم حق النقض "الفيتو" لحماية إسرائيل من أية عقوبات دولية رغم ارتكابها أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطينى الأعزل، مشيرًا إلى أن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يخوّل مجلس الأمن سلطة اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين بما فى ذلك توجيه توصيات أو قرارات بشن عمليات عسكرية لوقف العدوان.
واسترسل "مهران"، فى وصف الإخفاق التاريخى وغير المسبوق لمجلس الأمن فى التصدى للعدوان الإسرائيلى على غزة بالقول:"للمرة الخامسة على التوالى تعمد الولايات المتحدة لاستخدام حق النقض "الفيتو" لإسقاط مشروع قرار عربى يدعو لوقف إطلاق النار وحماية المدنيين فى غزة، فى إهانة صارخة للضمير الإنسانى وتأكيد قاطع على تواطؤ واشنطن مع جرائم الاحتلال".
وشدد على أن هذا الموقف الأمريكى غير الأخلاقى بحسب وصفه، يُخل بالتزامات المجلس ويُعرض مصداقيته ودوره فى حفظ السلم والأمن الدوليين للإنهيار والسقوط، فى الوقت الذى يواجه فيه المدنيون فى غزة أبشع صنوف القتل والتشريد على مرأى ومسمع العالم داعيًا إلى ضرورة إصلاح هيكلية مجلس الأمن بشكل جذرى لمنع تكرار مثل هذه الكوارث والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولى والإنسانى دون رادع، خاصة فى ظل تحذيرات الأمين العام غوتيريش من وقوع كوارث إنسانية فى غزة نتيجة للهجمات الإسرائيلية غير المتناسبة.
وأشار الدكتور مهران إلى محاولات الاحتلال الإسرائيلى تهجير آلاف المدنيين من شمال قطاع غزة نحو جنوب القطاع باتجاه الحدود المصرية، مؤكداً أن محاولة ترحيل المدنيين الفلسطينيين قسراً نحو معبر رفح على الحدود مع مصر، تمثل جريمة حرب بموجب اتفاقيات جنيف وتستوجب ملاحقة مرتكبيها، محذراً من أن هذه السياسة الإجرامية تهدف فى المقام الأول إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال تفريغ شمال القطاع من السكان لتسهيل اجتياحه وتوطين المستوطنين فيه، إلى جانب الضغط على مصر من خلال إغراق سيناء باللاجئين مما يهدد أمنها القومى.
وأكد أن هذه المحاولات تمثل اعتداءً صارخاً على سيادة مصر وأمنها القومى، موضحاً أن إغراق سيناء باللاجئين من شأنه زعزعة الاستقرار هناك وخلق بؤر توتر جديدة، مضيفًا أن ما تقوم به إسرائيل يرقى إلى مستوى إعلان الحرب على مصر والادرن، ويستدعى رداً عربياً قوياً على كافة الأصعدة لردع هذه السياسة العدوانية التى تتعدى حدود قطاع غزة.
وأوضح الدكتور مهران أن القانون الدولى لا يمنع الدول من اتخاذ إجراءات من تلقاء نفسها دون الرجوع لمجلس الأمن، للتصدى لاى اعتداء عليها ولانتهاكات حقوق الإنسان وغيرها من الجرائم الدولية حيث يؤكد على استطاعة الدول وفقاً للاعراف وقواعد القانون الدولى ولميثاق الأمم المتحدة بشأن اتخاذ تدابير فردية أو جماعية تراها ضرورية لصون السلم والأمن الدوليين بمقتضى حق الدفاع الشرعى فى المادة 51.
ولفت إلى ما أن يدعم ذلك وجود العديد من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التى تؤكد على انتهاك اسرائيل للقانون الدولى وارتكاب جرائم حرب وضد الانسانية، ما يستوجب اتخاذ إجراءات صارمة ضد الكيان الصهيونى المنتهك للقانون الدولى، داعياً جميع دول العالم لتفعيل هذا الحق المشروع فى فرض عقوبات اقتصادية وسياسية، ووقف تصدير النفط وسحب السفراء وتخفيض التمثيل الدبلوماسى مع إسرائيل، لإنهاء حصانتها ووقف حربها الإجرامية على شعبنا الفلسطينى.
كما طالب أستاذ القانون الدولى بضرورة تحرك المجتمع الدولى لوقف هذه الجرائم البشعة التى ترتكب بحق آلاف المدنيين فى غزة والدول المجاورة وتقديم مرتكبيها للعدالة الدولية فوراً، مشدداً على ضرورة التحرك العاجل لكافة الدول العربية على كافة الأصعدة وفرض عقوبات على الكيان الصهيونى ووقف أى دعم لكل من يؤيده، والاتصال بكافة دول العالم لحشد الدعم اللازم لممارسة ضغوط دولية متعددة الجوانب على إسرائيل لوقف حربها المجنونة على غزة ورفع الحصار عنها فورًا، محذراً من أن مستقبل المنطقة بأسره على المحك.
وختم بقوله "حان وقت الحسم.. على المجتمع الدولى اتخاذ موقف حازم للضغط بكل السبل على إسرائيل لوقف آلتها الحربية الجهنمية.. وإلا فلن يغفر له التاريخ مطلقاً دماء الأبرياء التى سالت وما زالت تسيل على أرض فلسطين".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة