على الرغم من الدعم العسكرى الهائل الذى تقدمه الولايات المتحدة لكل من إسرائيل وأوكرانيا، إلا البيت الأبيض أدرك محدودية تأثيره على القرارات العسكرية التي يتم اتخاذها فى كلا البلدين فى ظل الحرب التي تشنها الأولى فى غزة والصراع الذى تخوضه الثانية مع روسيا.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن الرئيس جو بايدن يواجه حدود نفوذه فى اثنين من الصراعات الدولية، اللذين يحددان رئاسته، وهما حربا إسرائيل على غزة وأوكرانيا وروسيا.
فعلى مدار 10 أيام، ظلت إدارة بايدن تحث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على السماح بتوقفات إنسانية للقصف على غزة، أملا فى أن تحمل المساعدات الأمنية السنوية التي تقدمها واشنطن لتل أبيب، والتي تقدر بـ 3.8 مليار دولار، نفوذا كافيا على أساليب رئيس الحكومة الإسرائيلية. لكن هذا لم يحدث. ورفض نتنياهو ضغط بايدن من أجل جهود أكبر لتجنب الخسائر بين المدنيين فى اتصال هاتفى بينهما يوم الاثنين، بل وتحدث عن الانتقام القوى من هجوم السابع من أكتوبر باستخدام قنابل ضخمة لهدم شبكة الأنفاق، حتى لو كانت ستدمر أحياء كاملة فى غزة.
وفي أوكرانيا، تحدث أرفع مسئول عسكرى بالبلاد الجنرال فاليرى زالوزنهى، بالكلمة التي ظل المسئولون الأمريكيون يتجنبونها بحرص على مدار عام، وهى الجمود. ويتفق العديد من مساعدى بايدن على أن كلا من روسيا وأوكرانيا عالقتين، وغير قادرتين على نقل الخطوط الأمامية للمعركة فى أي اتجاه مؤثر.
إلا أنهم يخشون أن ما قاله الجنرال الأوكرانى سيجعل من الصعب على الجمهوريين أن يوافقوا على أي مساعدات كبيرة لأوكرانيا، وربما يشجع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين على المضي قدما أملا فى أن يتم انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب أو أي جمهورى يحمل أفكارا مشابهة العام المقبل، ويسحب الدعم الأمريكى لأوكرانيا.
وفى كلا الحالتين، فإن نفوذ بايدن حول تنفيذ حلفائه للحرب يبدو أكثر تقييدا مما كان متوقعا، نظرا لدوره المحورى كمورد للأسلحة والمعلومات الاستخباراتية. لكن نظرا الولايات المتحدة مرتبطة للغاية بالصراعين، باعتبارها أقوى حليف لإسرائيل، وأفضل أمل لأوكرانيا للبقاء كدولة حرة مستقلة، فإن إرث الرئيس مرتبط بالكيفية التي ستتصرف بها كلنا الدولتين، وكيف ستنتهى الحربان بهما.
ونقلت نيويورك تايمز عن النائب سيث مولتون، الذى خدم أربع مرات فى العراق كجندى مارينز، إن هناك تاريخ طويل لإدراك الرؤساء الأمريكيين إنهم لا يملكون نفوذا كبيرا على إسرائيل كما يعتقدون، وينطبق الأمر نفسه على أوكرانيا، فهى معركتهم بالأساس، حتى لو كان هناك الكثير على المحك لأمريكا فى نتيجة الصراع.
وتتابع الصحيفة قائلة : رغم أن التاريخ والجغرافيا والمصالح القومية الامريكية تفصل هذين الصراعين المختلفين، إلا أن بايدن نفسه هو من جمعهما فى خطاب للأمريكيين قبل أسبوعين بعد عودته من زيارة إسرائيل، عندما قال إن حماس وبوتين يمثلان تهديدين مختلفين، لكن هناك قاسم مشترك يجمعهما، فكلاهما يدمر جارا ديمقراطيا تماما.
ويقول مساعدو بايدن إن صلته بالصراعين تعود إلى الفترة التي تولى فيها رئاسة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، وعندما كان نائبا للرئيس، حيث يعتقد أن التاريخ سيتذكره بالكيفية التي "دافع بها عن الديمقراطية ضد قوى الفوضى والإرهاب والاستبداد"، على حد قولهم.
وفى نفس الوقت، فإن الرئيس طرف حذر. وفى كلا الحربين، قال إن القوات الامريكية لن تدخل المعركة مباشرة طالما ان القوات الامريكية فى الشرق الأوسط أو دول الناتو لم تتعرض لهجوم. وكان بايدن قد دخل السياسة عندما كانت أمريكا غارقة فى حرب فيتنام، وهى تجربة صعبة له، وأمضى طوال فترة رئاسة أوباما يدعو دون نجاح إلى انسحاب أمريكى أسرع من أفغانستان.
وهو عازم على عدم إغراق أمريكا فى قتال مباشر مع روسيا المسلحة نوويا، وأمضى أول عامين من رئاسته يحاول الانسحاب من الشرق الأوسط ويركز بشكل أكبر على العلاقات مع دول المحيطين الهادى والهندى.
لذلك، فى حين أن الأسلحة والاستخبارات الامريكية أساسيين فى حربى أوكرانيا وإسرائيل، فإن بايدن يعيش واقع أن القرارات العسكرية يجب أن يتم اتخاذها فى أوكرانيا وإسرائيل وليس الولايات المتحدة، وهو ما يترك واشنطن أحيانا فى موقف معارض لكنها تنأى بنفسها عن القرارات وما يتلوها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة