المساعدات الإنسانية لغزة تعكس قوة تأثير الدبلوماسية المصرية.. القاهرة حشدت ضغوطا دولية على الاحتلال لإرغامه على مرور القوافل الإغاثية للقطاع.. وأثبتت انسجام رؤيتها السياسية مع البعد الإنسانى

الثلاثاء، 07 نوفمبر 2023 05:00 م
المساعدات الإنسانية لغزة تعكس قوة تأثير الدبلوماسية المصرية.. القاهرة حشدت ضغوطا دولية على الاحتلال لإرغامه على مرور القوافل الإغاثية للقطاع.. وأثبتت انسجام رؤيتها السياسية مع البعد الإنسانى
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بات الوجه الإنسانى للدبلوماسية المصرية، أحد أهم الأدوات التى اعتمدتها، فى السنوات الأخيرة لتعزيز دورها، انطلاقا من رؤية قائمة على تعزيز الاستقرار فى مناطقها الجغرافية، وليس على أساس نظريات "النفوذ" التقليدية، والقائمة على التدخل فى شؤون الدول الأخرى، وهو ما يبدو فى الكثير من المشاهد الإقليمية، بدءً من زلزالى سوريا وتركيا، مرورا بالصراع بين السودان، وحتى العدوان الوحشى الذى تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة، والذى طال المدنيين ومساكنهم ومستشفياتهم وصولا إلى دور العبادة فى انتهاكات تصل إلى مرتبة "جرائم الحرب".

 

وبالنظر إلى دبلوماسية مصر الإنسانية، فيما يتعلق بالمساعدات المقدمة لسوريا وتركيا، نجد أنها كانت إنسانية بحتة، تتلائم مع الحدث، بينما كانت نتائجها السياسية ملموسة حيث ساهمت فى تحقيق الاستقرار الإقليمى، حيث فتحت المجال أمام تعزيز الرؤية المصرية القائمة على ضرورة احتواء الخلافات بين القوى الرئيسية فى المنطقة، وتحويل بوصلتها نحو التعاون، وهو ما ساهم فى سلسلة من المصالحات بين أنقرة والدول العربية من جانب، بالإضافة إلى تجاور الخلافات العربية السورية، وعودة سوريا إلى مقعدها فى جامعة الدول العربية من جانب آخر، بينما حمل الصراع فى السودان وجها آخر تجسد فى دخول المساعدات من جانب، والمساعدة فى إجلاء السودانيين الفارين من نيران المعركة والأجانب المحاصرين هناك تمهيدا لنقلهم إلى دولهم، وهو ما يعكس محدودية التداخل السياسى على خط الأزمة، بحيث يقتصر على الدور الإغاثى، عبر المساعدات والإجلاء، إيمانًا بضرورة الخروج بحل من الداخل، وهو ما انعكس على محدودية القمة التى دعت لها مصر والتى اقتصرت على دول الجوار فقط.

 

أما دبلوماسية مصر الإنسانية فى غزة، حملت بعدًا ثالثًا، تداخلت فيه الجوانب السياسية بالإنسانية، لتسلط الضوء على قدرة الدولة المصرية فى إضفاء قدرا من الخشونة على سياساتها الإنسانية، وهو ما بدا فى العديد من المشاهد التى بدأت مع اندلاع الأزمة، فى ظل العديد من المعطيات، أولها الطبيعة الوحشية للعدوان ذات الطابع الانتقامى، بالإضافة إلى تاريخ الصراع طويل الأمد والذى تجاوز السبعة عقود من الزمان، بينما يبقى التداخل الدولى العميق فى جذور الصراع بعدا ثالثا، لا يمكن تجاهله، وهو ما يفسر الدعوة المصرية واسعة النطاق لعقد قمة دولية تحت عنوان "القاهرة للسلام"، والتى انعقدت بمشاركة عالمية واسعة فى العاصمة الإدارية الجديدة، فى 21 أكتوبر الماضي.

 

التداخل بين الدبلوماسية التقليدية، والجانب الإنسانى فى السياسة المصرية، بدا واضحا فى التزامن بين انعقاد القمة ودخول أول قافلة مساعدات لسكان غزة، رغم التعنت الإسرائيلى فى هذا الإطار، وهو ما يعكس نجاعة الضغوط السياسية المصرية، لتحقيق أهدافها الإنسانية، بينما حشدت توافقا دوليا، سواء خلال القمة، أو اللقاءات الثنائية التى عقدها الرئيس عبد الفتاح السيسى مع قادة وزعماء العالم، حول ضرورة دخول المساعدات، لل ونجاحها منقطع النظير فى الحصول على تعهدات من العديد من الدول الغربية لإرسال مساعدات إلى القطاع المحاصر بالقصف، مما يساهم فى تقويض أيه مخططات لاستهداف القوافل الإغاثية أو منع دخولها من قبل سلطات الاحتلال.

 

لم تتوقف الدبلوماسية المصرية، عن استخدام تأثيرها الدولى العميق لتعزيز الجانب الإنسانى على مجرد دخول المساعدات إلى القطاع أو منع استهدافها، وإنما مارست ضغوطا كبيرة على العالم لمنع قصف المستشفيات فى غزة، حيث اعتبرت أن مرور الأجانب ومزدوجى الجنسية يبقى مرهونا بالتوقف عن هذه الممارسات الوحشية، والتى تمثل انتهاكا صريحا للأعراف والقوانين الدولية، والتى تقع فى خانة "جرائم الحرب".

 

وهنا يمكن القول بأن المشهد الراهن فى قطاع غزة يمثل انعكاسا جديدا لحالة من الانسجام بين أهداف الدبلوماسية المصرية، وأدواتها الانسانية، حيث تهدف الأخيرة إلى المساهمة فى إضفاء الاستقرار، سواء فى صورته الإقليمية، على غرار سوريا وتركيا، أو على مستوى الداخل، كما هو الحال فى المشهد السودانى، أو فى حالات العدوان كما يبدو حاليا فى الأراضى الفلسطينية، بينما تبقى لكل حالة أدواتها التى تستخدمها الدولة المصرية لتعزيز أهدافها بحسب المعطيات والظروف المرتبطة بكل حالة.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة