أكثر من 50 يومًا مرت على عملية "طوفان الأقصى"، التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية، واستهدفت المستوطنات الإسرائيلية فى غلاف غزة، الأمر الذى أدى إلى عملية عسكرية عنيفة وهمجية من جانب قوات جيش الدفاع الإسرائيلى، تسببت في استشهاد ما يزيد عن 20 ألف فلسطينى بينهم قرابة 6 آلاف طفل، في عملية أدانها العالم كله.
وفى ظل قسوة العمليات العسكرية وآلاف الشهداء الذين سقطوا خلال تلك الفترة القصيرة، وقفت الدولة المصرية منذ اليوم الأول إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين فى غزة، وأعلنت دعمها الكامل للقطاع وأبناءه، وأدانت العدوان الغاشم الإسرائيلى الذى يستهدف المدنيين وتحديدا الأطفال والنساء والشيوخ دون أى رحمة أو احترام للقوانين الدولية، إضافة إلى استهدافه المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس.
استطاعت مصر خلال هذه الحرب أن تفرض كلمتها، سواء بإدخال المساعدات بشكل يومى إلى قطاع غزة، واستقبال أصحاب الجنسيات العالقين عند معبر رفح ليكون محطتهم للعودة إلى أوطانهم، فضلًا عن استقبال المرضى والجرحى من الفلسطينيين في مستشفيات العريش وسيناء، كذلك قدمت مصر آلاف الأطنان من المساعدات الطبية والغذائية والوقود لتحل فى مقدمة دول العالم التى وجهت مساعدات إنسانية وإغاثية للقطاع، إلى جانب استقبال مطار العريش أطنان من المساعدات والاغاثات من دول العالم تمهيدًا لإدخالها من خلال معبر رفح إلى القطاع.
المساعدات
على المستوى الشعبى، كان ولازال الشعب المصرى من أكثر شعوب العالم دعمًا للشعب الفلسطيني، إيمانًا من المصريين أن القضية الفلسطينية هى قضيتهم بالأساس، حيث ضحى المصريون بآلاف الشهداء في الحروب التى خاضتها مصر قبل معاهدة السلام، حيث تم إطلاق دعوات المقاطعة لمنتجات الشركات الداعمة للكيان الصهيونى، كذلك خرج المصريون فى مظاهرات داعمه لفلسطين وقضية الأمة العربية والإسلامية، وتنديدًا بالعدوان الإسرائيلى، ورفضًا لأى سيناريوهات مقترحة بتهجير أهالى قطاع غزة عن أرضهم.
مسيرة مؤيدة
أما على المستوى الرسمي والدبلوماسى، قدمت مصر درسًا لدول العالم في كيفية الدعم والمساندة الإنسانية لشعب يعيش تحت ظلم وآلة حرب غاشمة لا تعرف الرحمة، وكيف يمكن لدولة أن تكون مؤثرة على المستوى الاقليمى والدولى.
ولا شك أن مصر استطاعت أن تكون محطة الزعماء لإعلاء قيم الإنسانية من خلال الزيارات المتكررة لمصر، ولقاءات الرؤساء والملوك والأمراء مع الرئيس عبد الفتاح السيسى، وهو ما تناقلته وسائل الإعلام العالمية يومًا بعد يوم، بل إن الأمر وصل إلى حدود مصر الشرقية تحديدًا عند معبر رفح الذى شهد زيارات هامة منذ بداية العملية العسكرية فى غزة، بدأت بزيارة أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الذى أكد أن مصر بلد ذات سيادة، وأن أهالي غزة بحاجة عاجلة إلى كل أنواع المساعدة.
وأكد جوتيرش، فى مؤتمر صحفي من معبر رفح، أن مصر هى عماد السلام والوحيدة القادرة على نزع فتيل العنف، ودعا جوتيريش لضرورة وقف إطلاق النار لإدخال المساعدات.
جوتيريش فى معبر رفح
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين هى أيضا كانت حاضرة من أمام معبر رفح، حيث قالت فى مؤتمر صحفى أمام بوابة المعبر: "أشيد بالدور المصرى المهم لإرسال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، متابعة: "نشكر مصر على استقبال المصابين الفلسطينيين القادمين من قطاع غزة".
رئيسة المفوضية الاوربية
ديرلاين قالت أيضا، إن "مصر شريك رئيسى فى جهود وقف التصعيد في قطاع غزة"، معربة عن امتنانها الشديد للرئيس السيسي لدعوتها للقدوم إلى مصر ومشاهدة عمليات المساعدات الإنسانية هنا في العريش ومعبر رفح الحدودى، وأن مصر قدمت بالفعل خط الحياة لغزة وأن الاتحاد الأوروبي يؤيد هذا الأمر للتعامل مع الاحتياجات الإنسانية في غزة، وأن الدولة المصرية من كبار المانحين للشعب الفلسطينى.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث زار المعبر أيضًا، كل من، بيدرو سانشيز رئيس وزراء إسبانيا، ألكسندر دى كرو، رئيس وزراء بلجيكا، حيث قال سانشيز، "شكرنا الرئيس السيسي على هذه الإنجازات التي فعلها، وساعدنا على وصول المساعدات الإنسانية والطبية إلى غزة"، مؤكدا أنه "بمساعدة الرئيس السيسي تم وصول المساعدات".
في حين أكد دي كرو، أن "الرئيس عبد الفتاح السيسي لعب دورا هاما في إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الفلسطيني، مقدما الشكر للرئيس السيسي على ضمان سلامة مواطني بلاده".
رئيسا وزراء اسبانيا وبلجيكا
المؤتمر الصحفى لرئيسى وزراء اسبانيا وبلجيكا، كان له تأثير كبير وفعال، خصوصًا لدى جانب الاحتلال الإسرائيلى، حيث أعلنت إسرائيل استدعاءها سفيرى إسبانيا وبلجيكا بعد تصريحات داعمة للفلسطينيين، وقال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين إن حكومة بنيامين نتنياهو منزعجة من كلماته، وأدانت "التصريحات الكاذبة لرئيسى حكومتي إسبانيا وبلجيكا، التي تدعم الإرهاب".
مصر لم تكتف بزيارات المسئولين الكبار لمعبر رفح لإلقاء كلمة، ولكنها كانت حريصة أيضا على إيضاح الصورة كاملة لزعماء العالم، حيث تغيرت لغة الخطاب السياسى الخاص بفرنسا، ففي الوقت الذى كان فيه التضامن مع فلسطين جريمة في فرنسا، تحول الخطاب إلى ضرورة وجود حل للأزمة والتوقف عن قتل المدنيين، ومطالبة إسرائيل بإيجاد "رد ملاءم" لمواجهة حماس.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جاء إلى مصر في 25 أكتوبر الماضى، أي بعد ما يقرب من 18 يوما على عملية طوفان الأقصى، مشيدا بدور الرئيس عبد الفتاح السيسى، قائلا: "فرنسا أقرت حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، ولكن الوضع الذى نراه اليوم يقود إلى التصعيد، وأشكركم وأحييى الجهود التى تبذلها قطر فى إطلاق سراح الرهائن".
وأضاف ماكرون، "أشكر الرئيس على التعاون الممتاز لحماية مواطنينا هناك 54 فرنسيا فى غزة، و170 موظفا في المعاهد والمؤسسات الفرنسية نود إخراجهم وحمايتهم".
الرئيس السيسي والرئيس ماكرون
أما العاهل الأردني الملك عبد الله الثانى بن الحسين، جاء إلى مصر فى أكثر من مناسبة أولهم كانت في 19 أكتوبر، ثم حضر لمصر مرة أخرى في قمة السلام، قبل أن يأتي مرة ثالثة، الأربعاء الماضى، حيث أكد أن الموقف الذي عبر عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتأكيده رفض مصر تهجير الأشقاء الفلسطينيين عن أرضهم باعتباره خطا أحمر، يجسد موقفا مشتركا لكل من مصر والأردن، مشدداً علي أن الأردن تقف "في خندق واحد" بجانب مصر.. نقف إلى جانب الشقيقة مصر في خندق واحد.. الموقف الذي عبر عنه اليوم أخي الرئيس عبدالفتاح السيسي بتأكيده رفض مصر تهجير الأشقاء الفلسطينيين عن أرضهم باعتباره خطا أحمر، يجسد موقفنا المشترك وسيخلده التاريخ في سجل مواقف مصر العروبية".
الرئيس السيسي والعاهل الأردني
كذلك استقبل الرئيس السيسى قبل أسبوعين، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر في مصر، وعقب الزيارة الرسمية، غرد أمير قطر: "مباحثاتي مع أخي عبد الفتاح السيسي تأتي في مرحلة حاسمة من تطور الأوضاع في غزة بسبب عدوان إسرائيل الغاشم وانتهاكها الصارخ للقانون الدولي الإنساني الذي لا يخدم تحقيق السلام الدائم والشامل في المنطقة".
رئيس وزراء ماليزيا
رئيس وزراء ماليزيا يؤكد دعمه للموقف المصرى
ومن بين الزيارات الهامة أيضًا التي شهدتها مصر بشأن القضية الفلسطينية، زيارة رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم، ولقاءه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث تم التباحث بين الطرفين بشأن تطورات الأوضاع فى المنطقة، لاسيما فى ظل التصعيد العسكرى الجارى بقطاع غزة، واستعرض الرئيس فى هذا الإطار النتائج التى انبثقت عن المناقشات خلال قمة القاهرة للسلام.
وتم التوافق بين مصر وماليزيا بخصوص ضرورة تنسيق الجهود لوقف التصعيد وتحقيق التهدئة، فضلًا عن توفير الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين، كما أكد الجانبان ضرورة الاستمرار فى توفير النفاذ الآمن والعاجل للمساعدات الإنسانية إلى أهالى القطاع، حيث أشاد رئيس الوزراء الماليزى بالجهود المصرية المكثفة فى هذا الصدد.
وعلى هامش الزيارة، قال رئيس وزراء ماليزيا فى حوار مع قناة "القاهرة الإخبارية": إنه "على قناعة كبيرة بأهمية العدالة والإنسانية"، مشيرًا إلى أنه تشاور مع القادة الذى يتعاملون مع ما يحدث فى فلسطين، وكان لديه محادثات مطولة مع الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسي.وأضاف "قبل ذلك، تناولت بعض الموضوعات مع رجب طيب أردوغان ومحمد بن سلمان ومحمد بن زايد وأمير قطر، ومن ثم، فإننى أشارك معهم المخاوف، وذكرت للرئيس عبد الفتاح السيسى أننا معه وكذلك مع الشعب المصرى".
وتابع رئيس وزراء ماليزيا: "نطالب بوقف إطلاق النار، أوقفوا قتل أرواح الأبرياء نساءً وأطفالا والشعب الفلسطينى بشكل عام، ولا بد من تقديم الدعم الإنسانى لهم، ولكن على المدى المتوسط يجب أن نكون قادرين على حل القضية الفلسطينية، وأنا هنا فى مصر لدعم كل الأصدقاء فى العالم العربى لأجل القيام بكل ما يلزم فى هذا الخصوص".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة