أكد اللواء محمد إبراهيم الدويرى، نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، أن الأكاذيب الإسرائيلية لم ولن تتوقف للتشكيك فى النصر العظيم الذى حققته مصر على إسرائيل فى حرب أكتوبر 1973، مشيرا إلى أن جميع الادعاءات التى مازالت تروج لها إسرائيل على مستويات مختلفة، سواء كانت قيادات سياسية أو عسكرية أو أمنية حالية أو سابقة لن تنفى الحقيقة الساطعة كسطوع الشمس التى تشير إلى أن إسرائيل تعرضت إلى هزيمة نكراء فى أكتوبر 73، وأن مصر نجحت بامتياز فى تجاوز نكسة يونيو 67 وتصديرها بكل جوانبها إلى إسرئيل
وقال الدويرى فى مقاله المنشور اليوم بصحيفة الأهرام تحت عنوان "نصر أكتوبر رغماً عن أنف إسرائيل"، "وفى هذا المجال لن أتجه إلى إعادة تكرار مانشرته صحافة إسرائيل نفسها على لسان العديد من قياداتهم التى أكدت هزيمة إسرائيل فى حرب أكتوبر، وأطلقت عليها العديد من التوصيفات مثل الزلزال والصفعة، ولكننى سوف أسوق هنا مثالاً واحداً يدلل على عمق هذه الهزيمة وهو تقرير لجنة إجرانات، تلك اللجنة القضائية التى تشكلت فى 21 نوفمبر 1973 أى عقب انتهاء الحرب بأسابيع قليلة، وتمثل جوهر عملها فى بحث أسباب فشل الجيش الإسرائيلى خلال الحرب مع استجواب القيادات السياسية والعسكرية الرئيسية وأهمهم رئيسة الوزراء جولدا مائير، ووزير الدفاع موشيه ديان، وهو الأمر الذى يعنى بكل وضوح أن تشكيل هذه اللجنة كان انعكاساً وترجمة صادقة لحقيقة هزيمة إسرائيل، كما أنه يجب الوقوف عند القرارات التى اتخذتها لجنة إجرانات وأهمها إقالة كل من رئيس الأركان ومدير المخابرات العسكرية وقائد الجبهة الجنوبية، والعديد من القيادات الأخرى، بل يمكن القول إن الزخم الذى أحاط بهذه القرارات وتأثيرها الصادم على الرأى العام الإسرائيلى أدى فى النهاية إلى التأثير على صورة إسرائيل الداخلية والخارجية ودحض مقولة الجيش الذى لايقهر، ومع توالى ردود الفعل السلبية لم تجد «جولدا مائير وديان» مفراً من الاستقالة ارتباطاً بتأثيرات الهزيمة".
واشار اللواء محمد إبراهيم الدويرى، نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية فى مقاله إلى أهم الوسائل الزائفة التى تحاول إسرائيل استخدامها بشكل متكرر كل عام مايتعلق ب"أشرف مروان"، حيث تسعى إلى إستثمار هذا الموضوع من أجل التأثير على قيمة انتصار أكتوبر، والإدعاء بأن مروان كان عميلاً لها وأنه هو الشخص الذى أبلغها بموعد الحرب، وقد تحركت إسرائيل بحرية كاملة فى هذا المسار وأفردت له مساحات واسعة من الأكاذيب من خلال ما أصدرته من كتب وأفلام توضح أن مروان قدم لها العديد من المعلومات السرية، وهو الأمر الذى ينافى الحقيقة، نظراً لأن صراع الأجهزة الأمنية والعسكرية، ومحاولة كل قائد إلقاء تبعات الهزيمة على الآخر كان واضحاً تماماً.
وقال الدويرى: ولعل الكثير من الكتابات والاجتهادت قد أشارت إلى أن أشرف مروان كان عميلاً مزدوجاً، أو أنه كان جزءاً من عملية خداع إستراتيجى كبرى صاغتها القيادة السياسية المصرية بدقة من أجل أن تبتلع إسرائيل الطعم بالنسبة لتوقيت الحرب، ومدى ارتباط ذلك بقدرتها على عملية التعبئة العسكرية اللازمة لمواجهة الجيشين المصرى والسورى، وارتباطاً بطبيعة الدور الذى قام به أشرف مروان فلن أخوض فى تفاصيل هذا الموضوع، ولكن من واجبى الوطنى أن أعيد تأكيد ما أشار إليه الرئيس الراحل حسنى مبارك فى أول يوليو 2007 بأن مانشر عن أشرف مروان وإبلاغه إسرائيل بموعد الحرب لا أساس له من الصحة وأن هذا الرجل كان مخلصاً لوطنه وقام بأعمال وطنية، كما أن الرئيس الراحل أنور السادات منحه وسام الجمهورية تقديراً لما قام به من جهود خلال حرب أكتوبر".
ولفت نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية إلى نقطة شديدة الأهمية كانت غائبة تماماً عن إسرائيل عقب هزيمة 67 بسبب غرورها، حيث أنها لم تدرك جوهر وقيمة الشعب المصرى صاحب حضارة السبعة آلاف عامً، بل إنها رأت أن مصر لن تقوم لها قائمة بعد النكسة وتناست أن مصر قيادة وجيشاً وشعباً قرروا منذ اليوم الأول بعد الهزيمة أنه لامجال أمامهم سوى تحرير الأرض بالقوة العسكرية وإستعادة سيناء كاملة من المحتل الإسرائيلى مهما بلغت التضحيات، معربا عن رأيه بأن إسرائيل لم تبتلع خطة الخداع الإستراتيجى فقط، بل إنها قد خدعت نفسها عندما لم تدرك الأعمال البطولية الخارقة التى قام بها الجيش المصرى عقب هزيمة يونيو سواء معركة رأس العش فى أول يوليو 1967، أو إغراق المدمرة إيلات فى 21 أكتوبر 67 أو حرب الاستنزاف التى بدأت فى يونيو 68 واستمرت لمدة عامين متواصلين، وكلها كانت عمليات ورسالة مصرية قاطعة بأن تحرير الأرض هو المسار الوحيد الذى سوف تسلكه الدولة المصرية.
وقال اللواء محمد إبراهيم الدويرى إن نصر أكتوبر الذى يتم تدريس جوانبه العسكرية فى أهم المؤسسات الدولية المتخصصة فى العالم سوف يظل علامة فارقة فى تاريخ مصر الحديث تفخر به الأجيال الحالية والقادمة، ومهما تعددت الادعاءات الإسرائيلية لتشويه هذا الانتصار العظيم فإن ذلك لن ينفى الحقائق التى تعلمها إسرائيل جيداً - مهما أنكرتها علناً - بأن مصر قد لقنتها درساً لن تنساه مهما مرت السنوات، وأن الهزيمة التى تلقتها سوف تظل شاهدة على عظمة مصر التى تمتلك القدرة على تحقيق كل أهدافها وطموحاتها، مؤكدا: "وإذا كنا نحتفل اليوم بمرور خمسين عاماً على انتصار أكتوبر العظيم، فإن ذلك يجب أن يكون مدخلاً لتأكيد أن مصر قادرة على تحقيق الإنجازات والمعجزات فى كل الأوقات مهما تكن صعوبتها، وأن الإنسان المصرى هو البطل الحقيقى القادر بإذن الله على قهر الصعاب ومواجهة التحديات، ولنا فى قطار التنمية المتسارع الذى تنفذه القيادة السياسية المصرية الحالية خير مثال على مدى نجاح منظومة العمل المتكاملة التى تجمع بين الإرادة الصلبة والإدارة الرشيدة، وتلك هى معادلة النجاح والإنجاز فى كل عمل".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة