كل الطرق تؤدى إلى البحث العلمى والابتكار، باعتبارهما من الثروات التى يمكن الاستثمار فيها، والواقع أن الدول التى تقدمت فعلت ذلك بالابتكارات والأفكار، ومصر ليست لديها ثروة أهم وأكبر من الثروة البشرية، والتعليم والبحث العلمى هما طريق التقدم، ونقول هذا بمناسبة مشهد ملهم فى سوهاج قبل أيام، أثناء وجود الرئيس فى سوهاج لافتتاح المستشفى الجامعى والمنطقة الصناعية بغرب جرجا، ومشروعات إسكان، ومحاور، استعرض عدد من شباب كليات «العلوم، والطب، والزراعة» عددا من المشروعات العلمية والابتكارات فى مختلف المجالات، وكل من الشباب تحدث باسم فريقه.
ومن هؤلاء محمد عبداللطيف، الطالب بكلية الطب جامعة سوهاج، والذى أكد أنه كان يواجه مجموعة من التحديات المتعلقة بصعوبة التعلم بالطرق التقليدية، وتشريح الجثث والحيوانات والتفاعلات الكيميائية الخطيرة، وتم التوصل إلى وحدة التكنولوجيا الطبية، والتى يتم من خلالها استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى، والواقع الافتراضى والمعزز، لإنشاء محتوى تعليمى تفاعلى لمساعدة الطلاب على توفير الوقت والجهد والمواد، والوصول لهذا المحتوى فى أى وقت ومكان وعدد لا نهائى من المرات، وتكلفة إنشاء الوحدة 500 ألف جنيه، تشمل الأجهزة وتطبيقات «السوفت وير» والدعم الفنى واللوجستى، ويمكن تعميم هذه التجربة فى جميع الجامعات المصرية.
واستعرضت ندى حسن، الطالبة بكلية العلوم جامعة سوهاج، جهازا استطاعوا تصميمه للكشف عن الإشعاع، وقياس الجرعات الإشعاعية بتكلفة أقل 50% من المستخدمة حاليا، وسهل الصيانة والتطوير، وتم تحميله بالفعل على «روبوت» ذاتى الحركة لتوسيع نطاق الكشف عن الإشعاع وحماية العنصر البشرى من خطر التعرض المباشر للإشعاع، والجهاز يمكن استخدامه فى الأماكن التى تتعامل مع الإشعاع والمواد المشعة، مثل المستشفيات والجامعات، وهيئة الطاقة الذرية، والمحطات النووية، وأماكن الحفر والتعدين، وهو ما يخفض الاستيراد بنسبة كبيرة.
واستعرضت الطالبة منار السيد، الطالبة بكلية العلوم جامعة سوهاج، تأسيس منصة «كلمنى إشارة» التجريبية، والتى تهدف لحل بعض المشكلات منها صعوبة التحصيل الدراسى للصم وضعاف السمع، وعدم توافر المناهج التعليمية والبرمجة، بالإضافة إلى توفير مهارات سوق العمل بلغة الإشارة.
أما هاجر أحمد، الطالبة بكلية الزراعة جامعة سوهاج، فتناولت ابتكارا لتجفيف الفاكهة بطريقة تجعلها خالية من المواد الحافظة والسكر الصناعى، ومع مبادرة «ابدأ» تم توفير مصنع ينتج من 50 إلى 60 طن فواكه مجففة شهريا، ما يفتح فرصا للتصدير.
واستعرض أيمن مراد، الطالب بكلية العلوم جامعة سوهاج، تطبيقات البلازما الفيزيائية «الحالة الرابعة للمادة وليست بلازما الدم»، واستخدام تقنية البلازما فى مجال الزراعة فى معالجة البذور الزراعية لزيادة نموها وإمكانية زراعتها فى الأماكن الصحراوية بإنتاجية عالية، وتقنية البلازما فى تنقية ومعالجة مياه الشرب، وإمكانية استخدامها فى معالجة ملوحة المياه وتحليتها، وأيضا فى ترميم الآثار، معربا عن أمله فى الانتقال من المجال البحثى إلى التطبيق.
أما صموئيل جرجس، بكلية الصيدلة جامعة 6 أكتوبر، وأحد أبناء محافظة سوهاج، فتحدث عن استخدام المخلفات الزراعية وتحويلها من مشكلة بيئية إلى مجال لزراعة عيش الغراب «المشروم المحارى» وهو منتج يستورد أمثاله، ومن الأكلات الصحية، مع إعادة تدوير مخلفات المشروم المحارى الزراعية، كأعلاف حيوانية وأسمدة زراعية، لأنها تحتوى على نسبة نيتروجين عالية.
الشباب بدأوا المشروع بتكلفة قليلة، وحاليا تتم إقامة صوبة زراعية مساحتها 60 مترا مربعا بطاقة إنتاجية نصف طن شهريا، باستعمال الزراعة العمودية، وتم التوصل إلى قطعة أرض بمساحة 5 أفدنة مع مبادرة «ابدأ» للمساعدة فى إنشاء مزرعة مشروم محارى، متكاملة، ملحق بها مصنع لمنتجات المشروم المحارى.
الرئيس من جانبه، أعلن دعم هؤلاء الباحثين الشباب، ودعم مشروعاتهم لتصل إلى إنتاج واستثمار من صندوق «تحيا مصر»، وقال: «لما ألاقى حلم عند شباب مصرى، الحلم ده ممكن يتعمل منه حاجة، حطوا أفكاركم فى ميزانيات ولجنة تشرف على ده ولكم ولغيركم من مشروعات شبابية، وإحنا إن شاء الله نوفر الدعم لكل المشروعات والأفكار»، قبل ذلك أثناء افتتاح مصنع منتجات الرمال السوداء قال الرئيس «ماعندناش ثروات، تمثل دخلا ريعيا، مافيش غير العمل، وتدور على الأفكار وتطورها وتشتغل عليها علشان تغير حياة الناس وتعظم دخولها».
والواقع أن هؤلاء الباحثين الشباب يقدمون نموذجا لاجتهاد علمى، ويمكن أن نجد أمثالهم فى جامعات ومراكز أبحاث، وهم بحاجة لتنمية مهاراتهم ودعم أبحاثهم، وربما تكون هناك حاجة إلى أن يتم توسيع مجال دعم الباحثين والمبتكرين فى الجامعات، ولو نظرنا إلى جامعات العالم، سنجد أن بها مراكز للأفكار وتطوير الأبحاث، وهذه المراكز تمول من شركات خاصة ومن موازنات الابتكار، ويجب أن تتحول هذه الأفكار إلى أسلوب، ويتم رفع ما يقدم للبحث العلمى، من الجامعات ومن المؤسسات الأهلية والخاصة، لتتحول الجامعات إلى مراكز بحث وتفكير وليس فقط تخريج شباب يبحث عن عمل، مع أهمية التوسع فى إنشاء مراكز لاحتضان وتشجيع الباحثين والمبتكرين، ليعود هذا على المجتمع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة