أوضاع اقتصادية تبدو صعبة للغاية، تواجهها العديد من دول العالم، جراء الأزمات الراهنة، وعلى رأسها الأزمة الأوكرانية، والتي جاءت في أعقاب جائحة كورونا، وما تخللها من فترات توقف وإغلاق، أصابت الحياة بالشلل، والاقتصاد العالمي بالركود، وهو ما دفع نحو اهتزازات كبيرة، في قطاعات تبدو حيوية، وعلى رأسها الغذاء والطاقة، في ظل موجات عاتية من التضخم والغلاء، التي باتت تؤثر على حياة الشعوب بصورة مباشرة، بينما تكافح الحكومات لكبح جماح تلك الأوضاع، في ظل مخاوف جراء تداعياتها.
ولعل الأمر الملفت في هذا الإطار، يتجسد في المساواة بين كافة الدول، رغم اختلاف الإمكانات، وهو ما يبدو في اليابان، والتي تمثل أحد أهم اقتصادات العالم، ولكنها باتت، على ما يبدو، تدور في فلك المعاناة، على غرار محيطها العالمي، جراء الأزمات غير المسبوقة، خاصة مع انغماسها في الانفاق الهائل، في ظل جائحة كورونا، بينما امتد الأمر بعد ذلك مع اندلاع الأزمة الأوكرانية.
الحالة اليابانية، عبر عنها وزير المالية شونيتشي سوزوكي، والذي اعتبر أن "صحة" اليابان المالية تتدهور على نطاق غير مسبوق، وذلك في إطار حديثه أمام البرلمان، موضحا أن هذا الوضع يبقى نتيجة للإنفاق الهائل خلال أزمة كورونا وما بعدها.
وأشار سوزوكي إلى أن البيئة المحيطة بالاقتصاد الياباني أصبحت "قاسية بشكل متزايد" بسبب ارتفاع الأسعار والمخاوف من التباطؤ الاقتصادي العالمي الناجم عن تشديد السياسة النقدية، وقال للمشرعين في اليوم الأول من جلسة البرلمان العادية، إن الحكومة ستهدف إلى الإنعاش الاقتصادي قبل إعادة ضبط الأوضاع المالية.
ويبقى "التمويل العام" هو الحل من وجهة نظر المسؤول الياباني، باعتباره أساس الثقة الوطنية، لمنع تقويض مصداقية اليابان وسبل عيش شعبها في أوقات الأزمات.
وأفاد وزير المالية اليابانية بأنه "بعد اتخاذ خطوات لمواجهة جائحة فيروس كورونا ووضع ميزانيات تكميلية، نواجه وضعا ماليا يزداد حدته على مستوى غير مسبوق"، داعيا إلى إقرار سريع لميزانية قياسية تبلغ 114.38 تريليون ين (أي ما يعادل 885.3 مليار دولار) للسنة المالية 2023 التي تبدأ أبريل المقبل.
حديث المسؤول الياباني يأتي في أعقاب قرارات اتخذها رئيس الوزراء فوميو كيشيدا، من شأنها تحقيق إيرادات من الزيادات الضريبية، لتمويل جزء من الزيادة الكبيرة في الإنفاق الدفاعي لليابان خلال السنوات المقبلة.
وبحسب ما ذكرت صحيفة "الاكونومستا" الإسبانية، فتعتبر اليابان من أكثر الدول التي تسجل ديون في العالم ، حيث يبلغ دينها العام 9.2 تريليون دولار، وهو الذى يمثل 266% من ناتجها المحلى الإجمالى.
وأشارت الصحيفة إلى أن أحد الأسباب التي أدت الى هذا الرقم الكبير من الديون، هو أن الدولة أمضت عقودا في تعزيز الانفاق المحلى للحفاظ على استمرار اقتصادها، كما أن المواطنون والشركات الذين يلعبون دورًا رئيسيًا في النمو الاقتصادي، مترددون للغاية في الاستهلاك، وغالبًا ما تضطر الدولة إلى الإنفاق عليه.
الوضع في اليابان ربما لا يختلف كثيرا عن مناطق أخرى في العالم، وفي القلب منها أوروبا، والتي تواجه عاصفة من الديون وذلك وسط أزمة اقتصادية عميقة مع ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، ومع ارتفاع أسعار الفائدة وبدء البنك المركزي الأوروبي في خفض ميزانيته العمومية أصبح هناك آثار غير مرغوب فيها بالنسبة للبلدان ذات الديون المرتفعة بشكل خاص.
ففي فرنسا، على سبيل المثال، تخطت الديون الحكومية سقف الـ 3 تريليون يورو، وهو الأعلى في تاريخها على الإطلاق، وهو ما يمثل 114.5% من الناتج المحلى الإجمالى، وفقا لمعهد إحصاء إنسى، بينما تشير التوقعات إلى ارتفاع مديونية ألمانيا من 449 مليار دولار إلى 573 مليار دولار فى العام الجارى، وفقا للخطة التى نشرتها الوكالة المالية الألمانية وأصدرتها وكالة بلومبرج.
الوضع ربما لا يبدو مختلفا في الولايات المتحدة، حيث توقع اقتصاديون ارتفاع أسعار الفائدة ليصل الاقتصاد الأمريكى إلى الركود فى العام المقبل، وفقًا لآخر استطلاع ربع سنوى لصحيفة "وول ستريت".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة