يترقب المجتمع المصري، خروج مشروع قانون الأحوال الشخصية للنور، وينتظر عقد سلسلة من الحوارات المجتمعية قبل إقراره من البرلمان تلبية لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، لضمان خروجه بشكل مرضي ومتوازن بين كافة أطراف العلاقة دون انحياز لطرف على حساب آخر، خاصة وأن هذا التشريع يمثل أحد القضايا الشائكة والذي لابد من التدقيق في كافة نصوصه لضمان تحقيق المصلحة الأولى للطفل وعدم إهدار حقوق مختلف الأطراف.
وعقدت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، السبت، ورشة عمل وصالون حول ارتفاع نسب الطلاق وآليات مواجهة أسبابه، وذلك في إطار اهتمام التنسيقية ومناقشتها لأهم القضايا، التي تهم الشارع المصري.
وطرحت عدد من التوصيات التي من شأنها خفض نسب الطلاق ومواجهة أسبابه، مؤكدة على أهمية إعادة النظر في قانون الأحوال الشخصية، بما يساهم في التصدي لظاهرة الطلاق وإيجاد حلول لها بمختلف الشرائع الدينية، تعديل قانون إجراءات التقاضي رقم 10 لعام 2004 لإلزام الزوجين بحضور كافة إجراءات التقاضي، فضلا عن تشريع قانون بإلغاء الطلاق الشفهي والغيابي وفرض عقوبة على جريمة تزويج القاصرات.
كما طالبت الورشة، بتطوير المناهج الدراسية، وذلك بما يقضي على المفاهيم الذكورية ودعم المحتوي الأسري، وتشريع قانون موحد يناهض العنف ضد النساء، بجانب تأهيل العاملين في مكاتب التسويات والنزاعات الأسرية وتطوير دورهم، التركيز على دور القوى الناعمة والدراما المصرية في تسليط الضوء على نماذج التماسك الأسري في المجتمع، إضافة إلى عمل لقاءات توعوية لشباب الجامعات المصرية للتعريف بمسؤوليات الزواج وإنشاء لجنة للأسرة من دورها رصد واستقبال الشكاوي وربطها بالمكاتب المنوطة بالحل وإيجاد خط ساخن لاستقبال الشكاوى، وأكدت على أهمية تفعيل دور المجتمع المدني ولجان المرأة في الأحزاب السياسية لعمل جلسات توعوية للمرأة بعد الزواج، وقياس أثر المبادرات التي تم تنفيذها في ملف تنمية الأسرة والتماسك الأسري لتعميم التجارب الأكثر نجاحا، مشددة على أهمية إلزام الكشف الطبي الشامل والكشف النفسي وتحليل مخدرات لكافة المقبلين على الزواج.
وذكرت دراسة مسبقة للمركز المصري للفكر والدراسات، أن شريحة واسعة من المطلقات واجهن أزمة تهرب الطليق من النفقة ، علاوة على استغلاله للثغرات القانونية فى القانون القديم، بجانب صعوبة إثبات الدخل الفعلى للطليق ، وهو ما استدعى إجراء تعديل على المادة 293 من قانون العقوبات، لتغليظ عقوبة التهرب من دفع النفقة إلى الحبس مدة لا تزيد عن سنة وغرامة تصل إلى 5 آلاف جنيه، وتعليق استفادة المحكوم عليه من الخدمات العامة، وصادق الرئيس عبد الفتاح السيسى، على القانون رقم 6 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات فيما يختص بتلك القضية.
وقالت النائبة إيمان الألفي، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إن الكثير من الشباب يتخيل أن الحياة الزوجية تشبه الحياة الوردية على الانترنت، دون أن يعرف كل طرف من الطرفين مسئولياته الزوجية.
وأوضحت أن الحياة حاليا ترى من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ما يؤثر على استقرار الحياة الزوجية، خاصة وأن ظاهرة البلوجرز، ساهمت في زيادة نسب الطلاق، موضحة أن هذه المتاجرة أدت لزيادة نسب الطلاق، مطالبة بضرورة وجودة محتوى في المناهج التعليمية، يعكس طبيعة الأسرة المصرية ويساهم في الحفاظ عليها.
كما أكدت على ضرورة وجود أسباب حقيقة للطلاق، مشيرة إلى ضرورة الاتفاق على شكل العلاقة منذ البداية، مطالبة أنه لابد من تطويل فترة الخطوبة، وأن الاشتراط بقصر مدة الخطوبة، فكر خاطئ، مؤكدة على أن فترة الخطوبة تعكس وتظهر كل العيوب.
واعتبرت الدكتورة دينا هلالي، عضو لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي بمجلس الشيوخ، أن التشريع المنتظر يمثل أحدى الشواغل المهمة للأسرة المصرية، مشيرة إلى أن إنشاء صندوق لرعاية الأسرة والتي ستشارك الدولة فيه، يمثل خطوة مهمة نحو تأمين احتياجاتها بما يضمن الحفاظ على كيان تلك الأسرة وقوامها حال انفصال الزوجين و تجنيب الابناء آثار وتبعات طلاق الوالدين والتمكين من تلبية المتطلبات الحياتية اليومية دون ضرر بالأوقات الحرجة.
وأكدت على أهمية إجراءات الكشف الطبي للزواج، وسلامة الزوج والزوجة، ليكون إجباري وتأهيل الزوجين، وهو ما دعا إليه الرئيس السيسي مسبقا، للحفاظ على الترابط الأسري وضمان مستقبل الابناء للتربية بين والديهم بما يحجم من نسب الطلاق التي ارتفعت الفترة الأخيرة والتي تصل لـ254ألف حالة طبقا للاحصائيات الأخيرة لاسيما وأن 32% من حالات الطلاق تقع ما بين سن 18 إلى 20 عاما أي في السنوات الأولى للزواج.
وأضافت "هلالي"، أن ذلك يتسق مع ما دعت له مسبقا بأهمية التخطيط الجيد قبل الزواج، وتفعيل الكشف النفسي والذي يرتبط بسلامة العقل لوثيقه تعد من أغلظ المواثيق وهي الزواج، فضلاً عن كونه حلًا للحد من ظاهرة ارتفاع نسبة الطلاق في مصر، إضافة إلى النظر لأن يكون تأهيل المقبلين على الزواج إجباريًا وليس اختياريًا.
وذكرت النائبة هالة أبو السعد، وكيل لجنة المشروعات المتوسطة والصغيرة بمجلس النواب، أنها تقدمت بمشروع قانون يشترط إجراء تحليل المخدرات قبل الزواج، وذلك بعدما أثبت الواقع أن تعاطي المخدرات أحد الأسباب الرئيسية في ارتفاع نسب الطلاق، والتي تقتضي أن يكون هناك تحليل المخدرات ضمن الفحص الطبي والكشف عن تعاطي المخدرات وإعلام كل طرف بنتيجة هذا التحليل، حتى تكون الأمور على بينة واضحة.
وذكرت أبو السعد، أن قانون الخدمة المدنية ينص في المادة 31 على أنه يشترط لتوثيق عقد الزواج، أن يتم الفحص الطبي للراغبين في الزواج، للتحقق من خلوهما من الأمراض التي تؤثر على حياة أو صحة كل منهما أو على صحة نسلهمها، وإعلامهما بنتيجة هذا الفحص، على أن يصدر بتحديد تلك الأمراض وإجراءات الفحص وأنواعها والجهات المرخص لها بقرار من وزير الصحة، بالاتفاق مع وزير العدل، على أن يعاقب تأديبيا كل من وثق زواجًا بالمخالفة لأحكام تلك المادة.
ونوهت بأنه أمام تسبب تعاطي المخدرات في ارتفاع نسب الطلاق، جاء مشروع القانون بإضافة مادة رقم 31 مكرر أ و31 مكرر ب و31 مكرر ج، بالنصوص الآتية، حيث (تنص المادة (31 ) على أنه يشترط لتوثيق عقد زواج أمام المأذون أو جهة التوثيق إجراء تحليل مخدرات لكل من الزوجين، وذلك للتأكد من عدم تعاطى أى منهما لأى عقار مخدر لما فى ذلك من تأثير على الحياة الزوجية مستقبلا، ويكون التحليل بسبب تعاطى المخدرات بمعرفة أى من الجهات التابعة لوزارة الصحة والسكان أو وزارة التعليم العالى والبحث العلمى، وتنص (مادة 31 مكرر ب) على أنه فى حالة ثبوت إيجابية عينة تحليل المخدرات دون وجود مقتضى طبى لذلك عند أى من أحد الزوجين، وجب إخطار الطرف الأخر فورا بذلك ولا يجوز فى هذه الحالة للموثق إتمام إجراءات التوثيق إلا بعد إقرار الطرف الأخر بعلمه بذلك.
وأوضحت أن مشروع القانون جاء للإطمئنان على الحالة الصحية للزوجين وضمان خلوهما من أي أمراض وراثية قد تؤثر على مستقبل الأسرة، مضيفة أن قانون الأحوال الشخصية، منذ عام 1929، وتم تعديله عام 1985، موضحة أن المادة 11 موجودة داخل القانون تنص على أن القسيمة الموجودة بها أنه على الزوج أن يقر حالته الاجتماعية، واسم الزوجة وعنوانها، مشيرة إلى أنها تقترح في تعديل المادة 11 أنه يحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن 3 سنوات، وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه.
ولفتت إلى أن هناك مشكلات كثيرة في قانون الأحوال الشخصية، ومن بينها يكون حلها في الرقمنة، فالقيد العائلي يكون للزوج والزوجة، معتبرة أن المنتظر من مشروع القانون الجديد أن يسعى لتحقيق العدالة بين أفراد الأسرة بجانب تحقيق المصلحة الفضلى للطفل.
وأكد النائب إيهاب رمزى، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، من الحكومة، أنه لابد وأن يراعى مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، مصلحة الأسرة والمرأة المصرية ومصلحة الطفل الفضلى أمام عينيه بما يحقق العدل والعدالة للأسرة المصرية.
ولفت إلى أن التشريع الحالي تسبب فى مشكلات وأزمات مزمنة داخل الأسر المصرية خاصة فيما يتعلق بالارتفاع المفزع فى حالات الطلاق والرؤية وقلة الموارد المالية للصرف على الأطفال بسبب حالات الانفصال بين الزوجين، خاصة أن قوانين الأحوال الشخصية الآن نحو 6 تشريعات، والأمر يتطلب إصدار قانون موحد للأحوال الشخصية ليكون خطوة إيجابية وتتماشى مع وحدة التشريع.
وأكد الدكتور إيهاب رمزى، أن وجود قانون جديد وموحد للأحوال الشخصية سيحسم إشكاليات القانون الحالي ويحقق الإسراع فى حسم النزاعات والقضايا المنظورة أمام محاكم الأسرة، ويخدم إدارة العدالة ويحقق مصلحة الأسرة المصرية، خاصة أن كثيراً من الوقت والجهد يتم إهدارهم فى إجراءات التقاضى، و وضع نظام جديد يجمع منازعات كل أسرة أمام محكمة واحدة، فضلاً عن استحداث إجراءات للحد من الطلاق، وكذا الحفاظ على الذمة المالية لكل زوج ونصيب كلٍ منهم في الثروة المشتركة التي تكونت أثناء الزواج، مشيراً الى أهمية القانون الجديد فى توثيق الطلاق كما هو الحال في توثيق الزواج وعدم ترتيب أي التزامات على الزوجة إلا من تاريخ علمها به.
ووصف الدكتور إيهاب رمزى مشروع القانون المنتظر تتطلع ليكون متوازن وأن يحقق العدالة للزوج والزوجة والأطفال، ويقضى على ما كان يسمى بالمجتمع الذكورى، مؤكداً أن هذا التشريع ينتصر لجميع أطرافه ويضع الحلول الواقعية لمختلف المشكلات الأسرية .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة