سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 11 يناير 1995.. الحكم بإعدام إرهابيين فى محاولة اغتيال نجيب محفوظ ومؤبد وأشغال شاقة وسجن 11 متهما وبراءة ثلاثة

الأربعاء، 11 يناير 2023 11:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 11 يناير 1995.. الحكم بإعدام إرهابيين فى محاولة اغتيال نجيب محفوظ ومؤبد وأشغال شاقة وسجن 11 متهما وبراءة ثلاثة نجيب محفوظ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان أديب نوبل نجيب محفوظ يستعد، يوم الجمعة 14 أكتوبر 1994، للذهاب كعادته كل يوم جمعة إلى ندوته الأسبوعية فى كازينو قصر النيل، وكان ينتظره أمام منزله صديقه الطبيب البيطرى الدكتور فتحى هاشم لينقله إلى الكازينو بسيارته الفيات- ريجاتا، وبمجرد أن جلس نجيب فى المقعد الأمامى للسيارة، واستدار فتحى هشام ناحية الباب الآخر، اقترب أحد الأشخاص من أديب نوبل واستل مطواة وطعنه بها فى رقبته محدثا جرحا غائرا ولاذ بالفرار، وفقا لكتاب «صفحات من مذكرات نجيب محفوظ» للكاتب والناقد رجاء النقاش.
 
انتقل نجيب محفوظ إلى مستشفى الشرطة، واهتزت مصر للجريمة، وفى اليوم التالى نجحت مباحث أمن الدولة فى القبض على اثنين من الإرهابيين المشتبه فى ارتكابهما الجريمة، بينما لقى اثنان آخران مصرعيهما فى اشتباك مع الشرطة داخل وكر للإرهابيين بمنطقة عين شمس، وتوالت عمليات القبض، وتبين أن الجناة ينتمون إلى الجناح العسكرى فى «تنظيم الجماعة الإسلامية » المحظورة، وفى 18 أكتوبر 1994 تعرف الشاهد الرئيسى فى القضية الدكتور فتحى هاشم على صورة المتهم الأول محمد ناجى مصطفى ويعمل نقاشا.
 
توالت التحقيقات التى شملت 16 متهما، وأحيلوا إلى محكمة عسكرية بدأت جلساتها يوم 6 ديسمبر 1994، وفى 11 يناير، مثل هذا اليوم، 1995، قضت المحكمة بإعدام المتهم الأول محمد ناجى محمد مصطفى، والثالث محمد خضر أبوالفرج المحلاوى، وبالسجن المؤبد للمتهم الثانى عمرو محمد محمد إبراهيم، والمتهم الرابع حسين على بكر، وبالأشغال الشاقة لمدة 7 سنوات للمتهم العاشر ياسر أبوعطية، والثانى عشر عبدالحميد محمد أبوزيد، وبالسجن 5 سنوات على المتهم السادس على جمعة على، و3 سنوات على المتهم الثامن مصطفى عبدالباقى والتاسع أحمد حسن أحمد، والثالث عشر محمد معوض عبدالرحمن، والخامس عشر فيصل شحاتة محمد، وبراءة المتهم السابع عبدالناصر جمعة على، والرابع عشر على حسن سباق، والسادس عشر صلاح محمد محروس.
 
فى يوميات محاولة الاغتيال ومقدماتها التى يوردها رجاء النقاش، فى نهاية «صفحات من مذكرات نجيب محفوظ»، يستوقفنا حالة سيولة الفتاوى الإرهابية التى تحل سفك الدماء، والأرضية الخصبة التى نشطت فيها، ففى 22 فبراير 1989 صدرت صحيفة «النور » وشغلت قضية  سلمان رشدى وروايته «آيات شيطانية» المانشيت الرئيسى لها وأكثر من نصف العدد المكون من عشر صفحات من القطع الكبير للصحف، وربطت «النور » بين سلمان رشدى ونجيب محفوظ، واعتبرتهما وجهين لعملة واحدة، بل اعتبرت أن سلمان رشدى من تلاميذ رواية نجيب محفوظ «أولا حارتنا » الذين باعوا أنفسهم للشيطان على حد تعبير الصحيفة.
 
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تلقف أئمة التطرف الإشارة، وبدأت منابر المساجد التى كانوا يسيطرون عليها تبث سمومها، فعلى مدار العام 1989 ردد الإرهابى الدكتور عمر عبدالرحمن فى أكثر من خطبة له بمسجد فى الفيوم فتواه بأن نجيب محفوظ مرتد عن الإسلام، كما أدلى بحوار لجريدة الأنباء الكويتية فى إبريل 1989 جاء فيه:  «إنه من ناحية الحكم الإسلامى فسلمان رشدى ومثله نجيب محفوظ مرتدان، وكل من يتكلم عن الإسلام بسوء فهو مرتد، والحكم الشرعى أن يستتاب، فإن لم يتب قُتل، ولو نفذ هذا الحكم فى نجيب محفوظ عندما كتب «أولاد حارتنا » لتأدب سلمان رشدى».  
 
 يعلق «النقاش »:  «هكذا كانت الفتاوى جاهزة لإراقة دم الكاتب الكبير، ولا يبقى بعد ذلك أمام المتطرفين غير التنفيذ »، والمثير أن المنفذين لم يعرفوا شيئا عن رواية «أولاد حارتنا » ولا عن نجيب محفوظ، وهو ما يؤكده المتهم الأول محمد ناجى محمد مصطفى، فى حديث له نشرته الأهرام يوم 26 أكتوبر 1994، قائلا:  «لم نقرأ الرواية، ولكن تكليفا صدر إلينا بقتل مؤلفها بعد قيام الجماعة باغتيال فرج فودة ».. ويضيف أنه ليس نادما على ما فعل، ولو قدر له الخروج من السجن فسيعيد ارتكاب المحاولة، وفى اليوم التالى 27 أكتوبر نشرت الأهرام ردا على لسان أديب نوبل قال فيه:  «لا يجوز الحكم بالكفر غيابيا على الناس دون مناقشتهم، كما لا يجوز إصدار الأحكام من أشخاص غير مؤهلين للفتوى، ولا يفهمون دينهم الفهم الصحيح، ومازلت أكرر أن «أولاد حارتنا » مجرد عمل أدبى يجب النظر إليه بهذا المفهوم، وأنها رواية تنتهى بتأكيد أهمية الإيمان بوجود الذات الإلهية ».
 
هذا الضلال الذى تمكن من هذا الإرهابى الشاب وقاده إلى ارتكاب جريمته، وإصراره عليها، كان يقابله حسرة من نجيب محفوظ على ما وصل إليه هؤلاء، وعبر عن ذلك فى حوار نشرته الأهرام يوم 17 أكتوبر 1994، قال فيه:  «إن الشاب الذى رأيته يجرى، كان شابا يافعا فى ريعان العمر، كان من الممكن أن يكون بطلا رياضيا أو عالما أو واعظا دينيا، فلماذا اختار هذا السبيل؟.. لست أفهم.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة