نجحت مصر فى استرداد 16 قطعة أثرية مصرية من الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بالتعاون بين وزارة السياحة والآثار ومكتب المدعى العام بنيويورك، وبالتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية والجهات المعنية المختلفة بالدولة، الأمر الذى يأتى فى إطار الأولوية القصوى التى توليها الدولة المصرية للملف الخاص باسترداد الآثار المصرية المهربة وإعادتها إلى أرض الوطن.
وأوضح شعبان عبد الجواد المشرف العام على إدارة الآثار المستردة بالمجلس الأعلى للآثار أن القطع التى تم استردادها كان قد تم تهريبها من البلاد بطريقة غير شرعية وهو ما أثبتته التحقيقات التى تمت بالولايات المتحدة الأمريكية فى ثلاث قضايا مختلفة.
وأضاف أنه يأتى من بين القطع المستردة 6 قطع أثرية من متحف المتروبوليتان تم مصادرتها من قبل مكتب المدعى الأمريكى فى مدينة منهاتن بنيويورك فى القضية الكبرى التى شملت تهريب عدد من القطع الأثرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ومازالت التحقيقات مستمرة بها فى فرنسا، وتضمنت القطع جزء من تابوت خشبى مغطى بطبقة من الجص الملون يصور وجه سيدة، ولوحة من الحجر الجيرى عليها نقوش من الكتابة الهيروغليفية ومنظر لتقدمة القرابين، وقطعة من من الكتان مزينة برسومات ملونة تحكى قصة عبور البحر الأحمر من سفر الخروج مقسمة إلى خمسة قطع صغيرة، وتمثال من البرونز لرجل راكع على ركبتيه، ومقصورة من الحجر الجيرى المزين بنقوش ملونة لشخص يدعى "كيميس" والذى كان يحمل لقب كبير الموسيقيين، ولوحة جنائزية من بورتريهات الفيوم تصور سيدة من العصر الروماني.
كما يأتى من بين القطع المستردة 9 قطع أثرية نادرة كانت بحوزة أحد رجال الأعمال الأمريكيين والتى أثبتت التحقيقات أنه تم حيازتها بطريقة غير شرعية، بالإضافة إلى قطعة عملة من الذهب ترجع للعصر البطلمي.
ومن المقرر أن يتم تسليم القطع إلى القنصلية المصرية العامة فى نيويورك خلال الأيام القليلة القادمة تمهيدا لعودتها إلى أرض الوطن فى أقرب وقت ممكن.
ويعكس دستور 2014 يعكس أيضًا مدى الاهتمام الفائق الذى توليه مصر بآثارها وتراثها الحضارى والثقافى، حيث تم تناول ذلك فى عدد من مواد الدستور للتأكيد على اعتبار تراث مصر الحضارى الثقافى، المادى والمعنوى، بجميع تنوعاته ثروة قومية وإنسانية، وعلى التزام الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها، وصيانتها، واسترداد ما استُولى عليه منها، وكذلك حظر إهداء أو مبادلة أى شيء منها، واعتبار الاعتداء عليها والإتجار فيها جريمة لا تسقط بالتقادم.
وشرَّعت الدولة القوانين التى من شأنها تعمل على حماية الآثار وصيانتها والحفاظ عليها، مشيرًا إلى أن القانون المعمول به حاليًا وهو قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983، الذى حظر لأول مرة الإتجار فى الآثار من تاريخ العمل بالقانون، وتعديلاته خلال أعوام 1991، 2010، 2018، 2020، مشيرًا إلى أبرز التعديلات التى طرأت على القانون فى السنوات القليلة الماضية منها تشديد العقوبات على من تثبت إدانته بارتكاب الجرائم المنصوص عليها بالقانون، استحداث نماذج إجرامية جديدة لسد جميع الثغرات التى أسفر عنها تطبيق القانون، فرض عقوبات كبيرة وغرامات مالية كبيرة على كل من حاز أو أحرز أو باع أثرًا أو جزء من أثر خارج جمهورية مصر العربية، ما لم يكن بحوزته مستند رسمى يفيد خروجه من مصر بطريقة مشروعة.
ووقعت الدولة المصرية على معظم الاتفاقيات الدولية ذات الصلة منها اتفاقية لاهاى لحماية الملكية الثقافية فى حالة نشوب نزاع مسلح وبروتوكوليها (1954، 1999)، واتفاقية اليونسكو بشأن التدابير الواجب اتخاذها لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية والتى مر عليها 50 عاما، واتفاقية اليونسكو لحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى، الاتفاقية المعتمدة من اليونسكو بشأن حماية التراث الثقافى غير المادى، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد عام 2003.
وقامت مصر بتوقيع عددٍ كبير من الاتفاقيات الثنائية ومذكرات التفاهم مع كثير من دول الاتحاد الأوروبى، ودول عربية ودول من أمريكا الشمالية واللاتينية فى مجال مكافحة تهريب الآثار واستردادها، بالإضافة إلى تشكيل اللجنة القومية لاسترداد الآثار المهربة أو التى خرجت بطرق غير مشروعة، بالتنسيق بين الجهات المعنية والنيابة العامة المصرية بهذا الشأن.
ونجحت الدولة على مدار السنوات الأخيرة من استرداد آلاف القطع الأثرية والعملات المعدنية من دول للاتحاد الأوروبى مثل إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وإنجلترا وألمانيا وسويسرا وبلجيكا وهولندا والنمسا والدنمارك وقبرص، ومن دول عربية مثل لبنان والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت، ودول من الأمريكتين ووكندا والمكسيك والولايات المتحدة الأمريكية.
ولعل من أبرز النماذج هو نجاح مصر بالتعاون مع جهات إنفاذ القانون بالولايات المتحدة الأمريكية فى استرداد تابوت نجم عنخ المذهب الذى كان قد تم شراؤه بأوراق ثبوتية مزورة، والذى يشهد هذا المتحف عرض هذه التحفة الفنية، داعيًا الحضور بالتوجه إلى القاعة الرئيسية ومشاهدته.
جدير بالذكر أن مصر نجحت فى استرداد العديد من القطع الأثرية التى خرجت منها بطريقة غير شرعية، فخلال عام 2021 تم استعادة 5000 قطعة من الولايات المتحدة الأمريكية، 115 قطعة من فرنسا، و36 قطعة من دولة إسبانيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة