بات من الصعب على أي بلد أن يُغلق أبوابه في وجه العالم، أو يختار أن يكون على جانب موجة الاتصال والتجارة الضخمة بين أركان الأرض، بات الكوكب قرية صغيرة متصلة الأطراف، تتحرك في شرايينها يوميا ملايين الأطنان من السلع والمنتجات، ولا غنى عن الانخراط في تلك السوق من أجل امتلاك اقتصاد قوى وحيوي وشاب، هنا تتعاظم أهمية المنافذ والأبواب الشرعية، وفى القلب منها الموانئ التي تستقبل مئات الرحلات يوميا، بدءًا من رحلات سفر تقل سائحين وزوارا، وصولا إلى بضائع وسلع ومستلزمات إنتاج ضرورية، لذا تبرز الحاجة إلى تطوير وتحديث تلك المنافذ وضبطها وإحكام الرقابة عليها والوصول إلى أقصى حالة إيجابية من الأداء في أروقتها، وهو ما حققته مصر خلال السنوات الأخيرة بصورة بالغة الكفاءة والفاعلية، ويُمكن استكشاف هذا بنظرة سريعة على وضعية الموانئ، وهياكلها، وطاقتها البشرية، ومنظومة عملها، وأحدث الوسائل والأدوات المُعتمدة في إدارة حركتها اليومية الكثيفة، لتصبح هذه المساحة بابا واسعًا على العالم، يُدار بصورة منضبطة وفعّالة بفضل تطوّر الرؤية، وتحديث الأفكار، وتأهيل الكوادر، واعتماد التكنولوجيا ودوائر الأمن الحديثة مفتاحا للإدارة والرقابة وتسيير دولاب العمل.
منذ 30 يونيو اهتمت الدولة المصرية اهتمامًا شديدًا برفع قدرات الموانئ والمنافذ، وأنفقت على البنية التحتية مبالغ كبيرة تمثلت في توفير أحدث الأجهزة منها "البيو مترية"، وهى أجهزة التعرف على العاملين المسموح لهم بدخول المناطق الجمركية المعقمة حتى لا تصبح ثغرة أمنية للاختراق، وبشهادة دول العالم فتلك الإجراءات التي اتخذتها مصر كان لها مردود إيجابي وانعكاس على قرارات العديد من الدول برفع الحظر عن مصر بشأن رعاياها، آخرهم روسيا التي سمحت بإعادة الطيران، وكان لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي الدور الأكبر في تدعيم المنافذ والموانئ والمطارات بالعنصر البشرى النسائي ومدهم بملابس وتدريب وثقافة معينة تتناسب مع طبيعة عملهم، ليصبحوا واجهة حضارية، والتي لم تكن تتم بالصورة المطلوبة قبل 25 يناير، ولعل من أهم أشكال الدعم اللوجيستي تنفيذ مشروع إعادة هيكلة منظومة الكاميرات الرقمية والردارية "الحرارية"، خاصة داخل وخارج المطارات، وتم تنفيذ تلك المنظومة بمعظم المطارات والتي تعمل ليلا بدقة عالية، ويتم تأمين المنافذ الشرعية للبلاد من خلال مجموعة من النظم والدعامات والتدابير الأمنية الوقائية التي تتفق مع الضوابط وأساليب العمل الموصي بها من المنظمة الدولية للطيران المدني ICAO، والمنظمة البحرية الدولية IMO ، وإعداد خطط أمنية مستحدثة ومتطورة بالموانئ البحرية والمطارات تتواءم مع القواعد القياسية والمعايير الدولية المستحدثة في مجال النقل الجوي والبحري.
قطاع أمن المنافذ والإدارة العامة لأمن الموانئ وشرطة محور تأمين قناة السويس لعبوا أخطر دور خلال 8 سنوات مضت في التصدي لمنع وصول الدعم اللوجيستي من الأسلحة والمتفجرات وتجفيف منابع الدعم من الخارج للإرهاب، ومنع دخول أجهزة التجسس المتمثلة في الطائرات بدون طيار، وساعات اليد وأدوات مخصصة لأجهزة القنص وأجهزة اللاسلكي التي تستخدمها عناصر هذه الجماعة في الاتصالات بعيداً عن الرصد الأمني، فضلاً عن منع تهريب الأموال والمبالغ النقدية الأجنبية والمصرية والعملات الذهبية، وتم وضع ضوابط بشأن خروج الأموال والآثار باعتبار أمن المنافذ والمطارات أحد أهم محاور الأمن القومي المصري، وكان للتعاون المثمر بين وزارة الداخلية والقوات المسلحة ووزارتي الطيران والنقل دور إيجابي خاصة بعدما تم تشكيل لجنة عليا برئاسة مساعد الوزير للمنافذ، تتولى مكافحة التهريب على مستوى كل منافذ الجمهورية وموانيها.
ودعمت الجمهورية الجديدة 40 ميناءً جويًا وبحريًا وبريًا ونهريًا وتعدينيًا وبتروليًا وسياحيًا بخلاف 6 مناطق حرة عاملة للاستثمار، وتم تحديث خريطة إدارة أمن الموانئ وقطاع المنافذ على مستوى الجمهورية ودعمها بأجهزة معتمدة دوليا، وكان لإدارة المفرقعات والحماية المدنية بإدارة أمن الموانئ دور خفى في التفتيش بواسطة أحدث أجهزة العالمية التي دعمتها الدولة في الكشف على الأمتعة وحقائب الركاب الإكس راى وجهاز الأشعة المقطعية ctx، وأحدث أجهزة شم أبخرة المفرقعات "etd" والذى يُعد أحدث أجهزة العالم لتأمين الموانئ والمنافذ وجهاز بوابات تفتيش الأشخاص "body scan" الحديث، والذى لم يكن متواجدا من قبل ومهمته الكشف عن المفرقعات أسفل ملابس الراكب، بالإضافة إلى جميع معدات التعامل مع المفرقعات منها البدلة الواقية من الموجة الانفجارية وحاوية نقل القنابل والمفرقعات، وتم تعميم هذه الأجهزة وتسلمتها الموانئ والمطارات والمنافذ منذ 6 سنوات وتم تشغلها والعمل بها، بالإضافة إلى الكلاب البوليسية المدربة على كشف المتفجرات والمخدرات.
تأمين المنافذ الشرعية للبلاد يتم من خلال حزمة من الإجراءات ومجموعة من النظم والدعامات والتدابير الأمنية، وهناك نظام أمنى موحد بجميع المطارات والمنافذ يرتكز على اتباع أسلوب الدوائر الأمنية المتتابعة، ولعل من ضمن خطة التأمين الاهتمام بالعنصر البشرى الذى يعد أحد ركائز المنظومة الأمنية، وإعداد برامج تدريبية متكاملة للعاملين في مجال تأمين المطارات والمنافذ، وفقا للقواعد القياسية الدولية الصادرة عن المنظمة الدولية للطيران المدني ICAO، والمنظمة البحرية الدولية IMO، وتم تدريبهم على الأجهزة الحديثة وكل ما هو جديد في المنظومة الأمنية على أساليب البحث وجمع المعلومات والعمل بصفة مستمرة على اختراق النشاط الإجرامي المضاد، بالإضافة إلى أنه تم تحديث الخدمات والتنسيق بين الهيئات والإدارات المركزية للمطارات والمنافذ لتوفير الدعم اللوجستي بتلك المواقع، وتم استحداث إدارات لتقييم الأداء داخل كل مطار والتأكد من إلمام العاملين بواجبات وظيفتهم والخطوات الواجب اتباعها في الحالات المختلفة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة