لا تزال تعانى أوروبا من أزمة الطاقة بسبب وقف امدادات الغاز الطبيعى من روسيا كرد فعل على العقوبات الأوروبية المفروضة بسبب حرب أوكرانيا، مع استمرار تداعيات تلك الأزمة والخسائر التي تسببها خاصة في الصناعات الأوروبية، التي خفضت استخدام الغاز بنسبة تصل إلى 30% بسبب تقنين استخدامه لتوفيره للشتاء.
وخفضت الصناعات الأوروبية استخدام الغاز بشكل مكثف وصلت إلى نسبة 30% مقارنة بالعام الماضى، وقال رئيس شركة فرنسية، جان بيير كلامديو، إن "خفض استهلاك الغاز اخبار جيدة لتوفيره، ولكن أيضا أخبار سيئة للصناعة الأوروبية"، مشيرا إلى أن السبب هو أن بعض الشركات تشل نشاطها فى الوقت الحالى لأن أسعار الطاقة الحالية لا يمكن أن تجعله مربحا والبعض الآخر ينقله إلى أجزاء آخرى من العالم.
وحدد كلامديو أن خفض الاستهلاك من قبل الصناعيين ليس هو نفسه فى كل مكان، لأنه بينما فى فرنسا يبلغ حوالى 15%، وفى ألمانيا 25% وفى هولندا حوالى 40%.
فى حالة الأفراد، يتراوح الانخفاض بين 4 و5%، أولئك الذين قللوا من استهلاكهم أكثر من غيرهم هم أولئك الذين انتهت مدة عقدهم وتم تعديل شروطهم، مما يعنى زيادة فى الأسعار، مشيرا إلى أن العجز التجارى خمسة أضعاف حتى يوليو ويصل إلى 38.524 مليون يورو.
كان رئيس الشركة متفائلًا بشأن إمدادات الغاز فى الشتاء القادم، مع الأخذ فى الاعتبار أن الاحتياطيات تبلغ 95-96% فى فرنسا وحوالى 90% فى جميع أنحاء أوروبا، مشيرا إلى أن هذا ممكن لأن ما بين 30 و40 ناقلة ميثان تصل إلى محطات إعادة تحويل الغاز إلى غاز فى الأسبوع، عندما كان العدد الطبيعى فى السنوات الأخرى هو اثنى عشر.
تأثير نقص الغاز على الصناعات الأوروبية
وتأثرت العديد من القطاعات الأوروبية بنقص امدادات الغاز الروسى ، وعلى رأسها صناعة المعادن والزجاج، حيث اعترضت مصانع وشركات أوروبية مختلفة على تقنين الغاز واستخدام مصادر طاقة بديلة مثل الوقود أو الكهرباء بسبب عدم قدرة هذه البدائل على انتاج الحرارة الضرورية. ويستخدم الغاز في مجموعة واسعة من الصناعات مثل تشكيل الفولاذ وصناعة السيارات.
وقال مصنعو الزجاج في رسالة مشتركة، أن صناعة الزجاج والتى توظف حوالي 200 ألف عامل مهددة بشكل أساسي دون استخدام الغاز الطبيعي، وأضافت الرسالة أن نقص الغاز سيتسبب بأضرار طويلة الأمد للمصانع، تتمثل بإمكانية تلف المعدات خاصة التي تحتوى على معادن أو زجاج مصهور في حالة تخفيض درجات الحرارة.
كما ستأثر سلبا على سلاسل التوريد في قطاعات الأغذية والأدوية والسيارات والإنشاءات، وقال برتراند كازيس الأمين العام لشركة الزجاج الأوروبية (جلاس فور يوروب) أن تخفيض الغاز سيقضى على الصناعة بأكملها: "نحن بحاجة إلى أن تستمر صناعة الزجاج في إمداد قطاع الأغذية والمشروبات ونحتاج إلى المنتجات الزجاجية لتوفير الطاقة في المباني ولخلق المزيد من الطاقة المتجددة في الخلايا الكهروضوئية أو الرياح."
وأضاف : " لم نكتشف بعد وقودا يرفع درجات الحرارة المطلوبة لصناعة الزجاج كالغاز الطبيعي كما أن استخدام بدائل له كالهيدروجين يحتاج إلى مزيد من التجارب."
وقال المدير العام بمصنع "إف دابليو إتش شتالجوس" لمواد الصلب في ألمانيا ، لارس شتاينهايدر إن توقف إمدادات الغاز من روسيا ستدفع المصنع للتوقف عن العمل بشكل فورى، مضيفا أن توقف الغاز الروسي لن يؤثر على إنتاج مصانع الصلب وحسب، بل سيمتد إلى قطاعات مختلفة قد تكون بعيدة، إذ لن تتمكن المصانع من العمل على إنتاج توربينات إنتاج الطاقة من حركة الرياح، والتي تعتمد عليها البلاد بشكل كبير في التحول إلى إنتاج الكهرباء عبر المصادر المتجددة.
وأوضح أن عملية إنتاج وتصنيع الصلب تعتمد على مدخلات إنتاج أخرى يتم استيرادها من روسيا بغير الغاز، مشيرًا إلى أن ألمانيا تستورد مواد خام، مثل النيكل، والتي قد تتأثر إذا ما زادت وتيرة الخلافات بين روسيا وأوروبا، حسبما قالت صحيفة "البيريوديكو" الإسبانية.
كما أعلن مصانع الألمنيوم في فرنسا عن تجميد خططت واعدة كانت تهدف لزيادة الإنتاج ، كما أجبرت عن مصانع الإنتاج او العمل بشكل متقطع بهدف تقليل استهلاك الطاقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن أحد أكبر مصاهر الزنك في أوروبا سيتوقف عن الإنتاج، وأعلنت شركة "نيرستار" وقف تشغيل مصهر "بوديل" للزنك في هولندا بداية سبتمبر بسبب ارتفاع أسعار الطاقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة