قالت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية، إنه مع استعداد رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون لمغادرة داوننج ستريت، فإن الجدل سوف سيستمر حول العلامة التى تركها على حزبه المحافظين وعلى بلاده والعالم، وذلك لفترة طويلة بعد تركه منصبه فى سبتمبر المقبل، هذا لو كان سيبتعد حقا.
وقاد جونسون بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبى، وحقق فوزا ساحقا فى الانتخابات قبل أن تنهار حكومته بعد سلسلة من الفضائح الأخلاقية، وخلال ظهوره الأخير فى البرلمان كرئيس للوزراء، لخص سنوات الثلاث فى المنصب على النحو التالى: "لقد أنجزت المهمة إلى حد كبير".
إلا أن العديد من المؤرخين السياسيين يتبنون وجهة نظر أكثر قسوة، فيقول تيم بيل، أستاذ السياسة فى جامعة مارى كوين بلندن: لقد قال ونستون تشرشل أن التاريخ سيكون لطيفا معه لأنه ينوى كتابته، وأنا متأكد أن جونسون فعل ذلك أيضا، لكنه يشك فى أن التاريخ سيكون لطيفا معه مثلما كان مع بطله تشرشل.
وصحيح أن جونسون صقل صورة عامة له، إلا أن تأثيره كان خطيرا على البلاد. فهو يتحمل كثير من المسئولية أو اللوم على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، وهو قرار بالغ الأهمية ستستمر نتائجه لسنوات.
ويقول ستيفن فيلدنج، أستاذ التاريخ السياسى فى جامعة نوتنجهام، أن الشىء الوحيد المؤكد الذى يمكن قوله هو أن إرثه هو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، ولا يمكن أخذه منه، سواء كان شيئا جيدا أو سيئا.
وكان دعم جونسون لحملة بريكست فى عام 2016 حيويا لانتصارها، فقد كان لديه شعبية لم يحظى بها أحد غيره. كما قاد جونسون المحافظين لانتصار انتخابى ضخم عام 2019، وأخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى فى العام التالى. لكن الانفصال الطويل يبدو بعيدا عن أن يكون قد تم. فقد توترت العلاقات مع الاتحاد الأوروبى فى ظل خلافات لم يتم حلها حول قواعد التجارة لإيرلندا الشمالية.
كما أن العوائق الجمركية الجديدة والتنظيمية تعيق التجارة ودول الاتحاد الأوروبى الـ 27. ولم تتحقق بعد فوائد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى التى روج لها جونسون وأنصار آخرون، والتى من بينها فرصة تمزيق القواعد الأوروبية المرهقة، وخلق اقتصاد أكثر ديناميكية.
وكذلك لم تتحقق أيضا وعود جونسون بإعادة توزيع الاستثمارات والفرص للمناطق المهمشة فى بريطانيا. وسيرث خلفه، سواء كان وزيرة الخارجية ليز تروس أو وزير الخزانة السابق ريشى سوناك، اقتصادا منكمشا، وأزمة تكاليف المعيشة الناجمة عن عدة عوامل منها الغزو الروسى لأوكرانيا إلى جانب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقالت مارجريت ماكميلان، أستاذ التاريخ الدولى بجامعة أكسفورد، أن جونسون ترك بريطانيا ضعيفة اقتصاديا ودستوريا. فالاتحاد المكون لبريطانيا ضعيف، وهناك شكوك حول وضع إيرلندا الشمالية والعلاقات مع الاتحاد الأوروبى الذى لا يزال أكبر شريك تجارى لبريطانيا.
وكان الحدث الآخر الذى كان علامة فارقة فى حكم جونسون هو أزمة كورونا، التى أدخلته الرعاية المركزة فى إبريل 2020، وتركت أكثر من 180 ألف حالة وفاة فى بريطانيا.
وتردد جونسون قبل فرض إغلاق وطنى فى مارس 2020، وقال الخبراء لاحقا أن التحرك أسبوع مبكرا كان سينقذ آلاف الأرواح. ودخلت بريطانيا فى ثلاث إغلاقات، وتراجع اقتصادى وواحد من أعلى معدلات الوفاة فى أوروبا، إلا أن برنامج التطعيم الذى طبقته بريطانيا بقيادة فريق عمل من العلماء ورجال الأعمال كان يعتبر مصدر نجاح كبير.
وتقول فيكتوريا هانيمان، أستاذ مساعد السياسات البريطانية فى جامعة ليدز أن الحكم على سجل جونسون فى الوباء يتوقف على حسب الشخص. فأنصاره يجادلون بأن تحركاته كانت مفيدة ومبررة، بينما سيرى خصومه أنها كانت الحد الأدنى.
وبعيدا عن بريكست، كان القضية الدولية الأساسية لجونسون هى أوكرانيا. فقد كان واحدا من أبرز حلفاء رئيسها فولوديمير زيلينسكى وقدم مليارات من المساعدات الإنسانية والعسكرية، وهو ما جعل جونسون شخصية ذات شعبية فى أوكرانيا، وإن كان خصومه قد قالوا أن أى زعيم لبريطانيا كان سيفعل نفس الشئ.
على الصعيد الداخلى، كان إنجازات جونسون قليلة، بحسب ما تقول أسوشيتدبرس، فقد كانت إدارته فوضوية، وظلت فى وضع الأزمة، وشهدت الكثير من كسر القواعد. فقد أثار غضب الرأى العام من حفلات انتهاك قواعد الإغلاق فى داوننج سترتيت، وفرض عليه غرامة من قبل الشرطة. لكن تعيينه لسياسى متهم بسوء السلوك الجنسى فى منصب بارز كان فضيحة كبيرة بالنسبة للنواب المحافظين، الذين أجبروا جونسون على التنحي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة