"أنا ليا 40 سنة بخدم ستات إسنا ونزل على أيدي أكثر من 1000 طفل، ومعايا شهادة وكارنية يثب مهنتى حصلت عليه من مديرية الصحة بالأقصر، وطبعاً الولادة زمان كان حاجه ودولتقى حاجة تانية خالص"، بتلك الكلمات بدأت أشهر داية لتوليد الأطفال فى قرى ونجوع جنوب محافظة الأقصر، وهى الحاجة زينة محمود إبنة قرية الدير بمدينة إسنا والشهيرة بـ"أم أسامة"، والتى سردت تاريخها الكبير فى خدمة سيدات وأطفال جنوب الأقصر وتوليدهم.
وتقول الحاجة زينة محمود أحمد إسماعيل، البالغة من العمر 62 سنة وتعتببر أشهر داية بمدينة إسنا، أن زوجها الحاج يعمل مزارع ولديها منه ولدين وابنتين، وبدايتها في مهنة "الداية" كانت بعد نجاحها فى توليد نفسها بنفسها عندما كانت حامل فى إبنتيها "حنان وشيماء" فهي كانت تعلم كل أمور الولادة قديماً من مشاركتها فى ولادة أقاربها وجيرانها، وأخرجت إبنتيها بصحة جيدة من رحمها للحياة، وكانت تلك لحظة الإنطلاق فى مهنة الداية لتصبح أشهر داية فى قرى ونجوع جنوب الأقصر.
وتضيف الحاجة زينة أشهر داية بقرية الدير لـ"اليوم السابع"، أن عملية الولادة قديماً تختلف تماماً عن الوقت الحالى، حيث كانت تقوم الداية بعملية التوليد وقطع الحبل السري بالموس وتقوم بربطها بالخيط، وحالياً يتم العمل بالمشارط والمشبك ويجب استخدام الجوانتى خلال الولادة لحماية السيدات، ولدي وصول موعد الولادة تقوم بتجهيز المياه الدافئة بجانب الحامل لتنظيف مكان نزول الإفرازات من الحامل وبجانبها قطن لكي تمسح به كل شىء بعد خروج الإفرازات، كما تستخدم حالياً أكثر من جوانتى فى كل عملية فحص لكي يخرج الطفل بنظافة ودون تلوث، موضحةً أنها فى البداية تتلقى مرسال من أسرة الحامل وبخبرتها تعرف كم وقت متبقي للولادة يوم أو إثنين، فلو كانت الحالة قريبة منها تتوجه إليها وتبقي معها حتى الولادة، ولو كانت فى قرية بعيدة تستأذن زوجها في النظر على حالتها فى زيارة سريعة لحين معرفة كم متبقى على الولادة.
وأوضحت أشهر داية بقرى إسنا، أنه فى القديم كان يتم استدعاؤها لتوليد السيدات وكانت تظل بجوار الحامل يوم وإثنين لحين وصول المولود لمرحلة الولادة النهائية، وتجهز مياه دافئة لحماية الحامل من الإفرازات التي تخرج منها خلال الولادة، وخلال تواجدها بجوار الحامل تطلب من أسرتها أن يجهزوا لها البيض والبلح والقرفة، لكونها مهمة جداً للحامل حيث أن تلك الأكلات تساهم فى تحمية الطلق، كما تذهب بمعداتها الجديدة بالكامل ومعقمة تماماً، والتى كانت تشمل قديماً "موس جديد وخيط جديد"، وحالياً تشمل معدات وأدوات الولادة ما يلى: "جوانتى فحص – ملين - كحول - مشرط – مشبك – قطن – بيتادين محلول"، مؤكدةً على أنها قبل الولادة تطلب توفير ملابس جديدة ونظيفة للأم وللطفل بجانب فوطة جديدة وعليها كحول للأم والابن وهى من أهم وسائل الأمان والنظافة والتطهير خلال الولادة.
وعن تحديد موعد الولادة تقول الحاجة أم أسامة أقدم داية بمدينة إسنا، أنها تفحص الأم الحامل أكثر من مرة وتتابع حالة الرحم وتحدد بـ"قيراط أو قيراطين"، حيث أنه لدى اتساع الرحم لقيراطين توجه الأسرة بتحضير الأكلات التى تساهم فى سرعة الولادة، حتى يصل فتح الرحم لـ4 قراريط وهنا تبدأ الولادة وتقوم بتوسيع رحم الحامل حتى تستطيع سحب رأس الطفل فى البداية وبعدها يخرج المولد للدنيا بسلام، وتنتقل للخطوات التالية من التطهير والتنظيف وغيرها بغسل يديها بالمياه الساخنة والصابون لمنع التلوث للأم والطفل عقب خروجه بسلامة، مع توفير الملابس النظيفة لوضع الطفل داخلها ثم قطع الحبل السرى وتقوم بتنظيف الطفل بالمياه الدافئة لكي يرتدي ملابسه النظيفة الجديدة لأول مرة.
أما قصة بدايتها فى رحلة الداية والولادة، فتقول الحاجة زينة محمود إبنة قرية الدير لـ"اليوم السابع"، أن أول ولادة قامت بها بنفسها هي أولادها "شيماء وحنان"، حيث أنها شعرت بالولادة ولم يكن معها أحد وسحب رأس الطفلة الأولى وتحركت لجلب "جلباب" ووضعت فيه الطفلة، وبعدها الإبنة الثانية التى نزلت بنفسها دون سحب منها بعد خروج إبنتها الأولى، قائلةً:- "أنا داية ليا 40 سنة وابتديت بتجربة فى نفسي ومكانش معايا غير ربنا، والحمد لله بناتى الإثنين حالياً أمهات وعندهم أولاد وزي الفل".
وعن الولادة القيصرية تقول أقدم داية فى مدينة إسنا، أنها تشارك فى تلك الأمور مع الأطباء أيضاً، حيث يتواصل معها الطبيب ويعرف منها كل تفاصيل الولادة قبل توليد السيدة الحامل، وتبلغ الطبيب بموعد الولادة عبر تحديد اتساع الرحم بقيراط وإثنين لحين تحديد موعد الولادة، موضحةً أن جميع أطباء مدينة إسنا يعرفونها جيداً .
ومن الجدير بالذكر أنه تعتبر مهنة "الداية" أو "المولدة" واحدة من المهن المصرية تكاد تصبح فى طى النسيان، والتى كانت لها بصمة فى معظم البيوت المصرية حتى الآن، ولعل النساء كبيرات السن يعرفنها جيداً، يرتبط لقب "الداية" فى أذهاننا بصورة سيدة ريفية قوية تنادي بصوت عال طالبة الماء الساخن وتقف على فراش عليه امرأة تضع تتأوه وتصرخ من آلام المخاض، و"الداية" مهنة تطلق على سيدة تساعد النساء الحوامل وقت الإنجاب وتصف الأعشاب التي تعطى للمرأة بعد الولادة والاعتناء بصحة الوالدة والمولود، ورغم تاريخها العريق، إلا أنها تواجه الانقراض بفعل التطور الطبي الكبير، وأصبح وجودها منحصر فى بعض القرى الريفية الفقيرة.
ويعتقد الباحثون أن مهنة الداية من أقدم المهن التي مارستها السيدات فى مصر من فجر التاريخ، وكانت موجودة منذ العصور الفرعونية القديمة، حيث تسجل صفحات التاريخ الفرعونى القديم، المرأة الحامل تجلس القرفصاء، مع ثنى الركبتين ووضع اليدين على الفخذين، وتحت ركبتيها يوجد لبنه أو لبنتين، حتى يحدث الفراغ المناسب للجنين النازل.
وبحسب الجداريات ولوحات البردى، كانت إحدى النساء تسند المرأة الجالسة من الظهر، بينما تقف الأخرى أمامها تتقبل الوليد، فيما يعرف بـ"الجلوس على الأحجار"، ومع مرور الزمن، توارثت الأجيال كراسى الولادة كوسيلة مساعدة على إتمام الولادة، تقوم القابلة بدورها في إخراج الجنين من بطن أمه فى سهولة ويسر، وظل الكرسى محتفظًا بشكله البسيط منذ عصر قدماء المصريين، حتى اليوم، ذو فتحة فى المقعدة على هيئة حدوة الفرس، رغم ما حدث له من اختلاف وتفاوت فى الشكل والحجم والارتفاع.
كما يحتفظ متحف جاير أندرسون بالعديد من النماذج لكراسى الولادة، منها الشكل البسيط وهو عبارة عن كرسى من الخشب عبارة عن قاعدة مستطيلة يتوسطها فتحة على هيئة حدوة الفرس ويستند على رجلين ومؤرخ بالقرن (7هـ/13م)، ويحتفظ المتحف نفسه بكرسى مصنوع من الخشب له ظهر ومسندان، وله أربعة أرجل ويتوسط مقعدة فتحة على شكل حدوة الفرس.
أدوات الولادة الحديثة لدى أشهر داية بإسنا
استعراض ادوات الولادة للداية أم أسامة
الحاجة زينة أشهر وأقدم داية منذ 40 سنة فى قرى إسنا
الحاجة زينة أشهر وأقدم داية منذ 40 سنة فى قرى جنوب الأقصر
الحاجة زينة ساهمت فى ولادة أكثر من 1000 طفل حتى الآن
الحاجة زينة عندى كارنية وشهادة من الصحة بمزاولة المهنة وبساعد أطباء إسنا
الداية لا تشترط مبالغ معينة لتوليد السيدات وكل شخص حسب ظروفه المادية
أم أسامة الولادة زمان كانت حاجة تانية غير حالياً
لقاء أشهر داية بإسنا مع اليوم السابع
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة