قدم تلفزيون اليوم السابع تغطية خاصة حول التغيرات المناخية والجفاف الذى يحاصر أوروبا.
فى الوقت الذى تتصاعد فيه وتيرة التغيرات المناخية، طال أوروبا نصيب وافر من تلك التداعيات فالقارة العجوز التى تعانى من نزاعات سياسية واقتصادية فى خضم الحرب الروسية الأوكرانية تعيش أسوأ موجة جفاف منذ 500 عام، ما أدى إلى انخفاض مستوى المياه فى عدد من البحيرات والأنهار بوتيرة تهدد إمدادات الغذاء والطاقة نظرًا لتهديد الجفاف لمنسوبات مياه الرى والشرب والشحن النهرى، وصولًا إلى جفاف الأراضى الزراعية وتهديد أمن مواطنيها العذائي.
وتهدد موجة الجفاف كذلك حركة التجارة عبر بعض الأنهار التى تعد عنصرا بالغ الأهمية للنقل بين الدول الأوروبية؛ والتى تسهم بنحو 80 مليار دولار فى اقتصاد منطقة اليورو، بحسب بيانات هيئة «يوروستات»، وهو مبلغ قد تفقده ميزانية دول الاتحاد الأوروبى توقفت حركة النقل عبر الأنهار والقنوات المائية بالمنطقة.
ويهدد الارتفاع المضطرد لدرجات الحرارة نهر الراين، الألمانى الذى تستخدم مياهه فى نقل الشحن والرى والتصنيع وتوليد الطاقة والشرب مما يشكل خطرًا اقتصاديا داهما، ويعد النهر خطا ملاحيا بحريا بالغ الأهمية؛ إذ يتدفق نهر الراين من جبال الألب السويسرية، ويمر أيضًا بالحدود الفرنسية الألمانية، وتحديد منطقة راينلاند الألمانية، ثم بعد ذلك يمر فى هولندا قبل الوصول إلى بحر الشمال، ويعد نهر الراين جزء غاية فى الأهمية من قارة أوروبا.
ووفقًا لصحيفة «ذا جارديان» البريطانية، فإن جفاف نهر الراين يهدد طرق الشحن فى ألمانيا تحديدًا وفقا للمعهد الفيدرالى الألمانى للهيدرولوجيا (BfG) فإن مستوى نهر الراين، الذى تستخدم مياهه فى نقل الشحن والرى والتصنيع وتوليد الطاقة والشرب من المفترض أن يستمر فى الانخفاض حتى بداية الأسبوع المقبل على الأقل، ونتيجة هذا الانخفاض أعلنت العديد من شركات الشحن إيقاف عدد كبير من السفن التى تحمل الفحم لمحطات الطاقة والمواد الخام الحيوية للمصانع عن العمل، كذلك أيضًا تسبب انخفاض مستوى النهر فى مشاكل عدة لأصحاب القوارب المنزلية فى الفروع الخاصة به.
وفقًا لصحيفة «يورو نيوز» عن خبراء بريطانيين الأسبوع الماضى، فإن بريطانيا تشهد موجة جفاف لم تشهدها منذ يوليو عام 1935، ورغم ذلك لم يتم الإعلان رسميًا عن الجفاف فى إنجلترا حتى الآن.
ووفقًا للخبراء فإن منابع نهر التيمز معرضة للجفاف للمرة الأولى. ولنهر التيمز أهمية كبيرة؛ إذ يقع فى جنوب إنجلترا فى المملكة المتحدة ويبلغ طوله 346 كم ويعد أطول نهر فى إنجلترا وثانى أطول نهر فى المملكة المتحدة. وينبع من منطقة كيمبل فى إنجلترا ويمر بمدن بريطانية عديدة مثل أكسفورد وريدينج وسلاو ولندن، قبل أن يصب فى بحر الشمال إلى جهة الشرق من مدينة لندن.
ويتحرك نهر التيمز لمسافة تزيد عن خمسة أميال فى اتجاه مجرى النهر من نقطة انطلاقه الأصلية فى جلوسيسترشاير، ويوفر النهر المياه لأجزاء كبيرة من جنوب شرق إنجلترا، وبسبب انخفاضه دفعت العديد من شركات المرافق للإعلان عن حظر استخدام خراطيم المياه.
ويهدد ارتفاع درجات حرارة المياه النظام الإيكولوجى فى نهر الدانوب- ثانى أطول أنهار أوروبا- الأمر الذى أثار قلق الخبراء.
وانخفض منسوب مياه نهر الدانوب بمقدار 1.5 متر، بالقرب من بودابست، فى الأسابيع الثلاثة الماضية، وكما أن خبراء الأرصاد يتوقعون عدم هطول أمطار فى أى وقت قريب.
وفى النرويج التى تعتمد على الطاقة الكهرومائية فى توليد نحو 90% من الكهرباء باتت المستويات المنخفضة لمستويات خزانات المياه مصدر قلق اقتصادى، مما قد يجبر النرويج على الحد من صادرات الطاقة.
فى إيطاليا، باتت بعض السلع الاستراتيجية مهددة جراء انخفاض تدفق المياه فى البو الجاف، أطول نهر فى إيطاليا.
وانخفض تدفق البو إلى عُشر معدله المعتاد، وباتت مستويات المياه أقل من المعدل الطبيعى بمقدار 2 مترًا، وذلك مع عدم استمرار هطول الأمطار فى المنطقة منذ نوفمبر، ما تسبب فى وقوع ضرر كبير على إنتاج الذرة وبعض أنواع الأرز.
ووفقًا للجارديان يمثل وادى بو ما بين 30% و40% من الإنتاج الزراعى الإيطالى، وحذر مزارعو الأرز ذروا من أنهم قد يفقدون كميات كبيرة من محصولهم، خاصة لأن النهر يوفر الرى لما يقرب من ثلث الإنتاج الزراعى فى إيطاليا، ووفقا لحديث العديد من المزارعين فإن مستقبل الحصاد بات غير مؤكد.
وفى إسبانيا ضربت موجة جفاف نهر جواديانا، بعد الموجة الحارة التى شهدتها البلاد فى يوليو الماضي- أكثر الشهور سخونة فى إسبانيا منذ بدء التسجيل فى عام 1961- وقد أظهرت البيانات الرسمية أن هذه الظروف القاسية تركت متوسط سعة الخزانات الإسبانية يقتصر على 40 فى المائة فى أوائل أغسطس، فى مقابل 60 بالمائة متوسط فى العشر سنوات ىالماضية. كما أن مياه الشرب باتت تتوافر فى بعض القرى الريفية فى شمال شرق البلاد لمدة أربع ساعات فقط فى اليوم.
وألقت موجة الجفاف الإسبانية على نهر لوار الفرنسي. ويعد اللوار أحد الأنهار المنخفضة والتى يمكن عبورها سيرًا على الأقدام فى أماكن معينة، لكن مع انطلاق الموجة الحارة والجفاف غير المسبوقة فى إسبانيا، وصل قاع لوار إلى مستوى أقل من المعتاد تأثرًا بدرجات الحرارة المرتفعة.
وتعانى ثلثا البلاد من أزمة جفاف، جراء أربع موجات احترار شهدتها فى الآونة الأخيرة فضلًا عن استمرار اندلاع الحرائق بالغابات لأسابيع. وقالت الحكومة الفرنسية الأسبوع الماضى، إن نحو 100 قرية فى جميع أنحاء فرنسا باتت تفتقر إلى مياه الصنبور الآمنة للشرب والصالحة للاستهلاك الآدمي.
وتأتى أزمة الجفاف، فى وقت كانت أوروبا تعتزم الاعتماد على الممرات المائية كجزء من جهودها لمكافحة التغير المناخى وتقليل انبعاثات الغازات، إذ كانت تستهدف المفوضية الأوروبية زيادة النقل عبر الممرات المائية بنحو 25 بالمئة بحلول 2030، وفق الخبراء فإن جفاف الأنهار قد يكبد الاقتصاد الأوروبى 80 مليار دولار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة